"المساء" تسلط الضوء على عالم التجارة الإلكترونية

تحايل.. سلع مغشوشة والمتسوق ضحية إشهار كاذب

تحايل.. سلع مغشوشة والمتسوق ضحية إشهار كاذب
  • القراءات: 1978
هدى. ن هدى. ن

❊ 1974 تاجر إلكتروني منذ صدور قانون سنة 2018

دخل نشاط التجارة الإلكترونية إلى بلادنا، في إطار غير قانوني، إلى غاية ماي 2018، تاريخ صدور أول نص قنوني منظم له، وتم اعتبارا من 2019، إدراج هذا النشاط في مدونة النشاطات الاقتصادية، وحسب الإحصائيات الصادرة عن المركز الوطني للسجل التجاري، فقد بلغ عدد التجار الإلكترونيين المسجلين إلى غاية منتصف فيفري الجاري؛ 1974 تاجر، فيما بدأت هذه التجارة تخطو أولى خطواتها المقننة، والتي يصفها ممثل جمعية حماية المستهلك بالفوضوية، حيث تستدعي حسبه وحسب رئيس الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين الجزائريين، الحاج الطاهر بولنوار، اعتماد الدفع الإلكتروني في المعاملات التجارية المرتبطة بها، وفي ظل ما هو مطروح، تبقى ثقة المستهلك في الموردين الحلقة المفقودة. 

ترتبط التجارة الإلكترونية بالتطورات الحاصلة في مجال تكنولوجيات الإعلام والاتصال، وتحولت الرقمنة في عالم التجارة، إلى آلية لتسهيل المعاملات التجارية بين المتعاملين الاقتصادين فيما بينهم، من جهة، وبين المنتجين والمستهلكين، من جهة أخرى. بات المستهلك يلجأ إلى التسوق في الفضاء الافتراضي، من خلال المتاجر الإلكترونية التي تتخذ من المنصات الرقمية بوابة، تسمح له بولوج فضاءاتها لطلب كل ما يحتاج إليه، وهو في بيته، دون أن يتكبد عناء التنقل إلى المتاجر والمحلات. وقد ساعدت هذه الآلية العديد من الأسر في مختلف دول العالم، ومنها الجزائر في فترة انتشار جائحة (كورونا) "كوفيد 19"، على تلبية احتياجاتها من مختلف السلع والخدمات، مما أدى إلى تسجيل ارتفاع كبير في رقم أعمال ومداخيل الشركات العالمية التي لها باع لا بأس به في هذا المجال.

بداية المعاملات التجارية الإلكترونية في الجزائر

تميزت أول انطلاقة للتجارة الإلكترونية في بلادنا، بممارسات ومعاملات "تسويقية" فردية، ولج من خلالها أشخاص يعرضون مواد معينة وأغراضا خاصة للبيع عن طريق الأنترنت، وعرفت هذه الظاهرة انتشارا مع توسع استعمالات منصات التواصل الاجتماعي، فدخل بذلك المستهلك الجزائري مجال هذا العالم الافتراضي، لكنه خرج منه بنتيجة تؤكد له أن هذا العالم لا يمكن الوثوق فيه، لأسباب مختلفة تكشف عنها ـ حسب ما وقفنا عليه - تجارب الذين اعتادوا التسوق عن طريق الاتصالات الإلكترونية. كما يلجأ بعض المنتجين، إلى عرض منتوجاتهم على مواقعهم الإلكترونية، للتعريف بها، وبات الفضاء الافتراضي يوفر عليهم الأعباء المالية الإضافية المرتبطة بتكاليف التسويق، وكل ماله علاقة بالإشهار، وتبقى هذه الممارسات بعيدة عن كونها تجارة إلكترونية منظمة ومقننة.

على جانب أوسع من هذا النطاق، خطت التجارة الإلكترونية في بلادنا في شقها المرتبط بالتسوق، أول ممارسة تخص عرض وبيع واقتناء السلع، بظهور مواقع قد نصفها بالمتخصصة، بحكم  نشاطها التجاري والخدمات التي تقدمها عن طريق الأنترنت، وكان ذلك بطبيعة الحال، في إطار نشاط لا يحتكم إلى أي تنظيم قانوني. وحسب ما توصلت إليه "المساء"، من خلال البحث في هذا الموضوع، فإن أول ظهور لتطبيقات التسوق الإلكتروني في الجزائر، كان مع مطلع 2010، وهذ بالطبع، قبل صدور القانون المنظم لهذه التجارة بفارق ثماني سنوات. حسب ما وقفت عليه "المساء"، من خلال تصفح إعلانات أصحاب هذه المواقع، يتضح وجود ارتفاع ملحوظ في عدد محلات التسوق الإلكتروني، يقابله إقبال محتشم للمتسوقين الإلكترونيين الذين كثيرا ما يطرحون غياب الثقة في أصحاب المحلات الإلكترونية، بعد أن خاض عدد منهم تجارب أثبتت عدم التزام أصحاب هذه المحلات بتقديم ما يروجون له افتراضيا.

المتسوقون عبر الفضاء الأزرق: لا ثقة في العالم الافتراضي

كثيرا ما يطرح المستهلك غياب الثقة في المتاجر الإلكترونية في الجزائر، وهذا لا يعني على الإطلاق بأن هذه الثقة المفقودة عندنا، متوفرة في الدول التي سبقتنا إلى هذا المجال، خاصة المتقدمة منها، فعلى سبيل المثال، أكد لنا عدد من المقيمين في الدول ذات الاقتصاديات الكبرى، والتي تحقق فيها التجارة الإلكترونية مداخيل سنوية بملايير الدولارات، وقوعهم ضحايا نصب وتلاعبات، وفي كثير من الأحيان، يجد الزبون الإلكتروني نفسه أمام منتوج تغيب فيه المواصفات المعروضة، ومنهم من يصله منتوج مغشوش، ولا نخص بالذكر هنا المتاجر التي لها صيت، وتحرص على كسب ثقة المتسوقين عبر العالم. حسب ما لمسناه من خلال سبر آراء البعض من المواطنين، فإن رأي أغلبية المستهلكين الإلكترونيين، يؤكد وقوع البعض من الذين خاضوا تجربة هذا النوع من التسوق ضحايا لحيل وتلاعبات عديدة، في حين لا يجد البعض الآخر تخوفا من اقتناء السلع عن طريق المواقع والمحلات الإلكترونية. 

يؤكد موظف اعتاد التسوق عن طريق الأنترنت، بأنه لم يصادف خلال تعامله مع أصحاب هذه الوسيلة التكنولوجية، أي تلاعب أو غش، ولا يمكنه على هذا الأساس الحكم على مثل هذه المعاملات التجارية بالسلب. حسب السيدة لطيفة، موظفة بإحدى المؤسسات العمومية، فقد خاضت تجربة اقتناء منتوج معين عن طريق الأنترنت، ووجدته مطابقا لما كان موضحا في الإعلان، وكثيرا ما ترتكز في اقتنائها لأي منتوج من موقع معين، مراجعة تعليقات متصفحي صفحاته،  وغالبا ما تأخذ برأي الأغلبية حول المنتوج الذي تريد اقتناءه، حتى لا تقع ضحية للنصب أو الاحتيال.

تؤكد السيدة أسماء، أنها لم يسبق لها أن اقتنت منتوجا عن طريق الأنترنت، لكنها اضطرت إلى معاينة الإشهارات الخاصة بمنتوج معين هي بحاجة إليه، وما يجعلها تفكر في اقتنائه هو ما يطرحه  صاحب الإعلان من ضمانات، منها تسديد الثمن عند الاستلام، وهو ما يعني ـ حسبها ـ معاينة المنتوج قبل الدفع، بالإضافة إلى عرض الموقع إمكانية تعويض الزبون واسترجاع المنتوج، في حال عدم مطابقته للمواصفات المعروضة. وتضيف المتحدثة، أنها على علم بأن الأمر مرتبط بوسائل التسويق والترويج، لكنها تفكر في اقتناء المنتوج فعلا.   

يرى شاب آخر، أن كل مواقع التسوق غير موثوق فيها، باستثناء أحد المواقع - ذكر لنا عنوانه الإلكتروني-  وهو يقتني منه ما يحتاج إليه دون غيره. تؤكد السيدة زهية، أنها غير معتادة على التسوق عن طريق الأنترنت، لكن ابنها المراهق متعود على شراء بعض الألبسة الرياضية من مواقع التسوق، ورغم أنها تقف بشكل واضح على عدم مطابقة ما يقتنيه مع ما هو محدد من مواصفات، إلا أن ابنها يواصل التعامل مع هذه الوسيلة التجارية.

قانون "05.18" .. أدق التفاصيل لحماية المستهلك الإلكتروني

صدر في ماي 2018، أول نص قانوني يحدد القواعد العامة المتعلقة بالتجارة الإلكترونية للسلع والخدمات في الجزائر. وحسب ما وقفنا عليه، حدد القانون أدق التفاصيل في المعاملات التجارة الإلكترونية، مما يزيل في حالة التعاقد كل اللبس الذي قد يعتري هذا النوع من المعاملات التجارية، وهو ما من شأنه افتراضا  تبديد كل المخاوف التي لطالما يطرحها المستهلك، وسد الثغرات القانونية المحتملة التي قد تخل بالتعاقد الإلكتروني بين طرفي المعاملة التجارية الإلكترونية. 

لخص القانون، شروط ممارسة هذه التجارة في وجوب تمتع أحد أطراف العقد الإلكتروني بالجنسية الجزائرية، أو أنه مقيم إقامة شرعية في الجزائر أو أنه شخص معنوي خاضع للقانون الجزائري، أو أن يكون العقد محل إبرام أو تنفيذ في الجزائر. كما وضع وحدد قائمة للمواد الممنوعة في التجارة الإلكترونية في بلادنا، وتتمثل في لعب القمار والرهان واليانصيب، والمشروبات الكحولية، والتبغ، والمنتجات الصيدلانية، والمنتجات التي تمس بحقوق الملكية الفكرية أو الصناعية أو التجارية. كل سلعة أو خدمة محظورة بموجب التشريع المعمول به، وكل سلعة أو خدمة تستوجب إعداد عقد رسمي، بالإضافة إلى العتاد والتجهيزات والمنتجات الحساسة المحددة عن طريق التنظيم المعمول به، وكل المنتجات أو الخدمات الأخرى، التي من شأنها المساس بمصالح الدفاع الوطني، والنظام العام، والأمن الوطني. تتطلب المعاملات التجارية، إبرام عقد إلكتروني بين المورد والمستهلك عن بعد، عن طريق الاتصالات الإلكترونية، ويلتزم المورد الإلكتروني بإرسال نسخة منه إلى المستهلك الإلكتروني.

يتضمن هذا العقد، المعلومات المرتبطة بالخصائص التفصيلية للسلع أو الخدمات، وشروط وكيفيات التسليم وشروط الضمان وخدمات ما بعد البيع، وكيفيات الدفع وكيفية إعادة المنتوج  ومعالجة الشكاوى. في مجال المعاملات التجارية العابرة للحدود، تعفى من إجراءات مراقبة التجارة الخارجية والصرف، كل من المعاملات التي تخص  بيع سلعة أو خدمة عن طريق الاتصالات الإلكترونية من قبل مورد إلكتروني مقيم لمستهلك إلكتروني موجود في بلد أجنبي، وتلك التي تخص شراء السلع أو الخدمات الرقمية الموجهة حصريا للاستعمال الشخصي من قبل مستهلك إلكتروني مقيم في الجزائر، لدى مورد إلكتروني موجود في بلد أجنبي، وهذا عندما لا تتجاوز قيمة هذه السلع أو الخدمات ما يعادلها بالدينار الجزائري، الحد المنصوص عليه في التشريع والتنظيم المعمول يه. يمكن الإشارة هنا، إلى أن المشرع ركز في هذا الجانب على دعم الإنتاج الوطني، ويمكن أن نربط ذلك بالشروط المحددة لممارسة التجارة الإلكترونية في الجزائر، وهوما لقي انتقادات من قبل الأجانب الذين يريدون الاستثمار في هذا المجال، وقد نفسر هذا الانتقاد، على أنه رغبة منهم في فتح نافذة للاستيراد.

القيد في السجل التجاري أو الصناعات التقليدية

يخضع نشاط التجارة الإلكترونية للتسجيل في السجل التجاري، أو سجل الصناعات التقليدية والحرفية، بالإضافة إلى توفر النطاق الذي يحب أن يكون بامتداد COM.DZ، وهو بمثابة عنوان إلكتروني يتم الحصول عليه من مركز البحث في لإعلام العلمي والتقني سيريست، والذي يتم إيداعه على مستوى المركز الوطني للسجل التجاري، ويقر القانون بضرورة إنشاء بطاقية وطنية للموردين الإلكترونيين لدى المركز الوطني للسجل التجاري، تضم المسجلين في هذا الأخير، أو في سجل الصناعات التقليدية والحرفية، على أن تنشر البطاقية عن طريق الاتصالات الإلكترونية، وتكون في متناول المستهلك الإلكتروني.

ذهب المشرع في تحديده لالتزامات المورد الإلكتروني اتجاه المستهلك، والشروط الواجب توفرها لممارسة هذا النشاط التجاري، إلى تحديد أدق التفاصيل المرتبطة بالعلاقة التعاقدية بين الطرفين، ويتم وجوبا وضع شروط التعاقد في متناول المستهلك، والتي من شأنها حمايته خلال المعاملة التجارية، ويفرض القانون على المورد حماية البيانات الشخصية للمستهلك. وفي الجانب المرتبط بالعقوبات، تتلخص هذه الأخيرة في ما قد يترتب عن مخالفة أحكام القانون، وفقا لمواده، فمنها الغرامات المالية ومضاعفة هذه الأخيرة في حالة تكرار نفس الجريمة خلال 12 شهرا، كما يمكن للقاضي في مواد أخرى، اللجوء إلى غلق الموقع الإلكتروني، أو شطب صاحبه من السجل التجاري، والتعليق الفوري للتسجيل في أسماء النطاق لأي شخص معنوي أو طبيعي  يقترح توفير سلع أو خدمات عن طريق الاتصالات الإلكترونية، من دون التسجيل المسبق في السجل التجاري.

607074 متعامل جديد في مدونة النشاطات الاقتصادية

بعد صدور القانون المؤطر للتجارة الإلكترونية في 2018، حسب السيدة نجاة عولمي، مديرة التعاون والاتصال بالمركز الوطني للسجل التجاري، في تصريح لـ"المساء"، تم إدراج نشاط جديد في مدونة النشاطات الاقتصادية الخاضعة للقيد في السجل التجاري، خاص بالتجارة الإلكترونية، تحت رقم 074 607، ويتم وضع هذا الرمز في السجل التجاري للمورد الإلكتروني الذي يمارس نشاط التجارة الإلكترونية كنشاط رئيسي، دون الموردين الذين يمارسون عدة نشاطات تجارية تكون فيها التجارة الإلكترونية نشاطا ملحفا  من أجل ترويج سلع أو تقديم خدمات. وحسب محدثتنا، أصدر المركز الوطني للسجل التجاري، دليلا  توضيحيا حول إجراءات القيد في السجل التجاري لممارسة التجارة الإلكترونية، ويتضمن التعريف بالتجارة الإلكترونية وشرح مفهوم رمز النشاط الخاص بهذه التجارة والمواد الممنوعة من المعاملات، فضلا عن العقوبات المترتبة عن مخالفة أحكام القانون المؤطرة لهذه لتجارة. 

حسب السيدة عولمي، يتم الحصول على اسم النطاق من مركز البحث في الإعلام العلمي والتقتي، وبعد الحصول عليه، يتم إيداعه على مستوى الفروع المحلية للمركز الوطني للسجل التجاري. تضيف المتحدثة، أن المركز وضع عدة تسهيلات، من بينها اشتراط اسم النطاق لا غير، عندما يكون الراغب في ممارسة التجارة الإلكترونية يحوز مسبقا على سجل تجاري، وتضيف أن اسم النطاق ضروري عند إنشاء موقع الويب لممارسة هذا النشاط،  ويحب أن يكون بامتداد COM.DZ. كما تم حسب نفس المسؤولة، وضع تسهيلات على مستوى الفروع المحلية للمركز لصالح الراغبين في ممارسة هذا النوع من التجارة، منها تخفيض ما نسبته 20 بالمائة في تسعيرة الخدمة، عندما يكون التسديد عن طريق الدفع الإلكتروني. 

1974 تاجر إلكتروني مسجل إلى غاية 14 فيفري الجاري

عرف عدد التجار المسجلين في مجال التجارة الإلكترونية، المعنويين والطبيعيين، منحى تصاعديا بين سنوات 2019 إلى غاية منتصف شهر فيفري الجاري، حيث انتقل العدد، حسب ما تم تسجيله إلى غاية آخر كل سنة، على التوالي من 393 إلى 1082 إلى 1868، ثم إلى 1974، ويأتي هذا الارتفاع بعد صدور القانون المؤطر لهذا النشاط التجاري في ماي 2018. حسب الإحصائيات التي أفادنا بها المركز الوطني للسجل التجاري، والمرتبطة بتوزيع التجار الناشطين في مجال التجارة الإلكترونية من المسجلين في السجل التجاري حسب الولايات، تتصدر العاصمة بفارق كبير، قائمة التجار الإلكترونيين المسجلين، مقارنة بالولايات الأخرى، حيث انتقل عددهم من 197 تاجر إلكترونيا ناشط من المسجلين حتى أواخر 2019، إلى 575 مسجل حتى أواخر  2020، ثم إلى 1061 إلى أواخر 2021، وإلى 1128 حتى منتصف فيفري الجاري.

من مجموع 363 تاجر مسجل حتى أواخر 2019، تأتي ولاية وهران بعد العاصمة، في قائمة المسجلين بـ27 تاجرا، ثم البليدة بـ 16 تاجرا، وقسنطينة بـ 15 تاجرا.  لغ إجمالي التجار المسجلين إلى أواخر 2020، عدد 1082 تاجرا، منهم 575 بالعاصمة، 60 بولاية وهران و50 تاجرا بولاية قسنطينة، ثم البليدة بـ 43 تاجرا، ويكاد هذا النوع من النشاط التجاري يغيب في الولايات الجنوبية. حسب نفس المصدر، بلغ مجموع المسجلين إلى أواخر 2021، ما يعادل 1868 تاجر ناشطا مسجلا، منهم 898 طبيعي، و1039 معنوي، 1081 منهم بالعاصمة، 97 بوهران، 93 في قسنطينة  و48 ببومرداس. تم إلى غاية 14. 02. 2022، تسجيل 1974 تاجر بين تجار طبيعيين ومعنويين، منهم 1128 بالعاصمة، و102 بولاية قسنطينة، تليها سطيف بـ 84 تاجرا. تشهد الولايات الأخرى للوطن، إقبالا ضعيفا على هذا النوع من التجارة، وإذا كان للأمر مبرراته بالنسبة للولايات التي تعرف تدفقا ضعيفا للأنترنت، فإن التساؤل يبقى مطروحا بالنسبة للولايات الغربية والشرقية والوسطى من الوطن.

جمعية التجار: نحن على اعتماد الرقمنة في مجال التجارة

يؤكد رئيس الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين الجزائريين، السيد الحاج الطاهر بولنوار، في تصريح لـ«المساء، أن التجارة الإلكترونية حديثة النشأة في الجزائر، وحتى القانون المؤطر لها صدر منذ سنتين أو أكثر فقط، لكنها عرفت انتغاشا مع انتشار جائحة كوفيد 19”، بسبب غلق المحلات التجارية والمتاجر، وقد أدى ذلك ببعض التجار إلى اللجوء لشبكات التواصل الاجتماعي، وتسجيل البعض الآخر سلعهم في المواقع الإلكترونية للترويج لها. ويضيف المتحدث، أن ما يشجع البعض على اعتماد التجارة الإلكترونية، هو ارتفاع أسعار المحلات التي تكبد التجار والحرفيين أموالا طائلة.    

وحسبه، فإن الحرفيين كانوا يستعينون بأولادهم لتسويق منتوجاتهم عن طريق الأنترنت، لكنهم تمكنوا من التحكم في هذه الآلية، وما كان مسجلا في الماضي القريب، هو تخوف المستهلك من المنتوج المعروض في المواقع الإلكترونية. فكثيرون، حسبه، هم التجار الذين ينشطون في هذا المجال، ولا يحوزون سجلات تجارية، كما يوجد أصحاب مصانع وورشات يملكون مواقع للتسوق، ويضيف المتحدث، أن الجمعية تعمل على إرساء ثقافة الرقمنة، وتشجيع الدفع الإلكتروني في جميع النشاطات التجارية والحرفية والإلكترونية، كونها تعمل على توفير الوقت وتخفيض تكاليف النقل والترويج للسلع.

جمعية حماية المستهلك: التجارة الإلكترونية لا تزال فوضوية

يؤكد رئيس الجمعية الوطنية لحماية المستهلك، مصطفى زبدي، في تصريح لـ"المساء"، أن التجارة الإلكترونية ما تزال فوضوية،  ويتضح ذلك من خلال الشكاوى التي تصل إلى الجمعية يوميا. ويرجع المتحدث ذلك، إلى نقص الاحترافية في هذا المجال، مضيفا أن التجارة الإلكترونية لا تقتصر على عملية اقتناء المنتوج فحسب، إنما يجب تطوير الدفع الإلكتروني الذي لا يزال دون المستوى المطلوب. يضيف رئيس الجمعية، أن الكثير من الصفحات الإلكترونية التي تروج للسلع غير معتمدة، وكل من هب ودب يدخل هذا المجال، كما أن المسؤولية تقع على عاتق المستهلك، لأن من واجبه التحري والتأكد من صلاحية المواقع حتى لا يقع في حالات الغش. وتخص جملة الشكاوى التي تتلقاها الجمعية، في عدم مطابقة المنتوجات التي يتم اقتناؤها مع ما هو محدد في العرض، كما أن هناك حالات تخص اكتشاف المستهلك لارتفاع الأسعار مقارنة بالأسواق الحقيقية.  يطرح محدثنا في هذا الإطار، ضرورة وضع بطاقية تمكن المستهلك الإلكتروني من التعامل مع تاجر معتمد، ومن حماية نفسه. وهي مطالب أدرجها وحددها القانون المنظم لهذا النوع من التجارة.