ملفات ثقيلة ومهمة وطنية تنتظر المنتخبين الجدد

بناء الجزائر الجديدة يكون محليا أيضا

بناء الجزائر الجديدة يكون محليا أيضا
  • القراءات: 1284
أسماء منور أسماء منور

❊محاربة الفساد و”الحقرة” وخلق الثروة لتحقيق التنمية

ملفات ثقيلة تنتظر المنتخبين الجدد للمجالس الشعبية الذين دخلوا المعترك الانتخابي الجاري اليوم عبر مختلف ربوع الوطن، ومنه إلى معركة تفعيل التنمية المحلية التي تراهن عليها الدولة في إطار بناء الجزائر الجديدة، من خلال خلق مصادر للثروة لتمكين البلدية التكفل الأمثل بانشغالات مواطنيها، خاصة تلك المتعلقة بالجانب الاجتماعي والتي بقيت عالقة بحجة انعدام الصلاحيات وعدم توفر الأغلفة المالية .

لعل أبرز وأهم وأثقل هذه الملفات برأي مراقبين، ملف السكن الاجتماعي الذي بقي يشكل عقدة تواجه كل مسؤول محلي يجد نفسه في مواجهة مباشرة مع المواطنين، مضطرا إلى السعي لاستمالة صبرهم وتفهمهم كلما تم الإعلان عن قائمة مستفيدين. لهذا الغرض، طالب العديد من رؤساء المجالس المحلية السابقة ومختلف التشكيلات السياسية التي خاضت وتخوض اليوم سباق المحليات بتمكين الأميار من صلاحيات أوسع، في إطار التعديلات المرتقبة لقانوني البلدية والولاية، لاسيما فيما يتعلق بتسيير الملفات الاجتماعية، على غرار ملف السكن الذي يعد الإشكال الأكبر الذي يواجه المنتخبين والمواطنين على حد سواء، نتيجة لكثرة الطلب وقلة العرض والتلاعبات التي تشهدها بعض عمليات التوزيع ”أحيانا على حساب المواطن البسيط وأبناء البلدية الأصليين”، ما يضع العديد من المسؤولين المحليين أمام خيارات صعبة.

كما سيجد الأميار الجدد أنفسهم أمام رهان كسب امتحان الصيغة السكنية الجديدة الترقوي المدعم LPA، الصيغة التي عرفت طلبا كبيرا مقارنة بعدد الحصص السكنية المتاحة على مستوى الجماعات المحلية.

و بذلك سيواجه المنتخبون الجدد 3 معضلات كبرى منها شح الحصص المتوفرة، ومعالجة الملفات المتراكمة التي تخص الصيغ القديمة، بالإضافة إلى كيفية تسيير الطلبات التي تتهاطل عليها.

محاربة الفساد والمحسوبية لتحقيق التنمية

في ظل النقائص المسجلة على مستوى عديد البلديات في مجال إمكانيات تسيير المؤهلات البادية للعيان، من المؤكد أنه مباشرة بعد تنصيب المجالس الشعبية البلدية ستبرز بإلحاح المطالب والانشغالات التي طرحها المواطنون سابقا ولم تر طريقا لتجسيدها بحجة قلة الصلاحيات التي يتمتع بها المنتخبون. وتزامنا مع الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعيشها البلاد، فإن جسامة المسؤولية المناطة بالمنتخبين الجدد تتجلى أساسا في ”واجب العمل” على تحسين الظروف المعيشية للمواطن ومعالجة مشاكله التي يتخبط فيها بطريقة آنية، لاسيما ما تعلق بإصلاح الطرق المهترئة ومشاكل الإنارة العمومية والنقل وتحسين ظروف تمدرس  التلاميذ والإطعام المدرسي، خاصة بمناطق الظل التي يولي لها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون أهمية بالغة. كما يعد تحقيق نهضة تنموية في شتى المناطق والمجالات رهان يتعين على المنتخبين كسبه. ولن يكون ذلك إلا من خلال الاستماع لانشغالات المواطنين واقتراحاتهم، خاصة في المجالات الاقتصادية، لا سيما ما تعلق بإنشاء المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، التي من شأنها الإسهام في توفير مناصب الشغل وتشكيل عائدات مالية للبلدية بعيدا عن إعانات الدولة، إضافة إلى الدخول في شراكات واستغلال القدرات المادية والبشرية، حتى تصبح البلدية خالقة للثروة وتساهم في الدفع بعجلة التنمية المحلية من جهة، وتطوير الاقتصاد الوطني من جهة أخرى، عوض أن تبقى مهامها محصورة فقط في رفع القمامة وإمضاء الوثائق والتكفل ببعض الخدمات المعتادة كالإنارة العمومية وغيرها من الأمور البسيطة .

ويعتبر كثيرون أن توسيع صلاحيات المجالس المنتخبة حتمية لتحقيق التنمية وخلق الثروة، ولهذا الغرض طالب رؤساء الأحزاب السياسية بضرورة بعث الدور التنموي

لرئيس البلدية وكذا للمنتخبين وتحديد العلاقة بينهم وبين السلطة التنفيذية على المستوى المحلي الممثلة في الوالي ورئيس الدائرة، وإنهاء مركزية القرار وبيروقراطية الإدارة التي تعتبر من أبرز العراقيل التي تواجه التنمية المحلية، من خلال إعادة النظر في الدوائر وتقليص صلاحيات رؤسائها، باعتبارها تشكل، حسب السياسيين، المعرقل الحقيقي لمهام رئيس البلدية، الذي يجد نفسه بين مطرقة الإدارة المركزية والإجراءات البيروقراطية وسندان المواطن وانشغالاته المتعددة.

ويرى المتتبعون للشأن السياسي أن الدفع بالاستثمار المحلي لتحقيق التنمية المرغوبة لن يكون إلا بعد تطهير المجالس من كل أنواع الفساد والرشوة التي تفشت في الفترات السابقة، وأنهت مسار الكثير من المسؤولين المحليين في أروقة العدالة، بتهم  تتعلق بالتلاعبات في ابرام الصفقات وتبديد أموال عمومية وسوء استغلال الوظيفة وغيرها من القضايا التي تتصدر جداول قضايا محاكم الاختصاص. منتخبون كانوا في قلب فضيحة  التلاعب بقفة رمضان وسكنات ”الزوالية” نهاية عهد الفساد والرداءة وأميار ”البزنسة”


منتخبون كانوا في قلب فضيحة  التلاعب بقفة رمضان وسكنات "الزوالية"

نهاية عهد الفساد والرداءة وأميار "البزنسة"

❊ أزيد من 350 ”مير” ومنتخب متابعون قضائيا   

❊ أموات وأغنياء ضمن قوائم المستفيدين من سكنات وقفة ”الفقراء”

سرقة قفة رمضان، تلاعب في قوائم المستفيدين من السكنات، نهب للمال العام، ورداءة في الأداء، تجاوزات لم يسلم منها حتى الأموات، فتجدهم تارة في سجلات الناخبين وتارة أخرى في سجلات المستفيدين من قفة رمضان، ليدفع المواطن البسيط ثمن فساد ”رؤساء مجالس شعبية”، علّق عليهم آمالا كبيرة لتغيير حياته نحو الأفضل، إلا أن مهام البعض منهم تحولت إلى ”بزنسة” محلية مبدأها الرداءة وهدفها الفساد.

هذه التجاوزات التي ميزت العهد السابق من حياة الجزائريين، دفعت القاضي الأول للبلاد السيد عبد المجيد تبون، للضرب بيد من حديد كل من تسوّل له نفسه التلاعب بالمال العام، أو عرقلة مسار بناء الجزائر الجديدة، حيث تأسف في إحدى لقاءاته الدورية مع ممثلي وسائل الإعلام الوطنية لكون ” بعض البلديات ”الله لا يسامحهم”، تركت أطفالا يمشون في الأوحال للذهاب إلى المدرسة ونحن في 2020”.

نتيجة لذلك قام رئيس الجمهورية، في مرحلة أولى بإنهاء مهام رؤساء عدة بلديات ودوائر على خلفية التلاعب في إنجاز مشاريع مناطق الظل، ليستدعي بعدها بسنة واحدة، الهيئة الناخبة تحسبا لانتخابات محلية مسبقة، لاستكمال بناء الجزائر الجديدة ومسارها الديمقراطي التي تعتبر ”آخر لبنة” في مخطط التنمية.

وسيسمح استكمال المسار الانتخابي من خلال تجديد المجالس البلدية، باستعادة الثقة بين المواطنين وممثليهم، وتصحيح الاختلالات المسجلة في المجالس المحلية خلال السنوات الأخيرة بسبب ”أميار” فاسدين، أطلقوا خلال حملاتهم  الكثير من الوعود الكاذبة لهدف واحد هو اعتلاء كرسي رئاسة البلدية، وتمكينهم من تحقيق مكاسب مادية هامة على حساب الصالح العام.

مقصلة المادة 43 تطيح بأزيد من 350 منتخب محلي فاسد

كشف وزير الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية كمال بلجود، في تصريحات سابقة، أن عدد المنتخبين المحليين الموقوفين عن العمل خلال العهدة الحالية بلغ 386 منتخب متابع قضائيا بتهم الفساد.

وقررت الحكومة عزل واستبعاد جميع المنتخبين والمسؤولين المحليين المتابعين قضائيا واستبعادهم مباشرة بمجرد الشروع في مقاضاتهم، وشرع في تطبيق هذا  القرار من خلال برقية لوزارة الداخلية، تتضمن وضع حيز التنفيذ أحكام المادة 43 من قانون البلدية 11-10، القاضية بتوقيف المنتخبين المتابعين قضائيا الصادرة في حقهم أحكام قضائية.

"أميار” في قلب فضيحة  التلاعب بـ"قفة رمضان” وسكنات ”الزوالية”

شهدت قفة رمضان وكذا السكنات الاجتماعية فضائح بالجملة، إذ لا تكاد تمر سنة إلا ويتم فيها تسجيل كوراث وفضائح أبطالها ”أميار” ومنتخبون محليون، جرتهم تلاعباتهم بها إلى أروقة المحاكم. فقفة الفقراء شهدت تزاحم الأغنياء وحتى الأموات أدرجت أسماؤهم ضمن قوائم المستفيدين، حيث كشفت تحقيقات الفرق الاقتصادية في مختلف ولايات الوطن، أن الملفات التي يفترض أن تنجز للمستفيدين من القفة لا يتم توثيقها، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل وصل إلى درجة سرقة مؤونة القفة من المستودعات بطرق غريبة، وفي حال وصلت ”القفة” فالمستفيد غالبا ما يكون أمام وضعيتين الأولى أن تكون القفة منقوصة، والثانية أن تكون تحتوي على مواد منتهية الصلاحية.

أما السكنات الاجتماعية فلم تسلم هي الأخرى من أطماع بعض الأميار الذين منحوا ”سكنات الزوالية” لمقاولين وموظفين وأساتذة وإطارات، أغلبهم من ميسوري الحال وأجورهم تفوق 24 ألف دينار فيما تم إقصاء المستفيدين الفعليين. وبسبب التلاعب الخطير بقوت وسكنات الجزائريين قام رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، بإقالة عدد كبير من المسؤولين المحليين وإحالتهم على التحقيق بسبب خيانتهم  للأمانة خاصة في مناطق الظل الفقيرة.

"الرشوة” أقصر طريق لتحقيق الثراء

كما شهدت السنوات الماضية، تكرار وقائع القبض على عدد من الأميار في معظم ولايات الوطن بتهمة الرشوة، والمثير في الأمر هو أن هذه الفئة حولت شعار البلدية ”من الشعب إلى الشعب” إلى ”من الشعب إلى الجيب”، حيث شهدت أروقة المحاكم أكثر من قضية رشوة تخص ”أميارا” فاسدين خانوا الأمانة لتحقيق الثراء على حساب مصلحة المواطنين الملزمين بخدمتهم.

وتعد رخص تجديد البناء أو كراء محلات وحتى بيع ”البيوت الفوضوية، إحدى أقصر الطرق للربح من خلال مزاولة وظيفة ”مير” أو منتخب محلي، حيث تم في العديد من المرات القبض على الفاسدين منهم بالجرم المشهود في حال تلبس.

من أبرز هذه القضايا تلك التي سجلتها العاصمة، عندما أقدم أحد ”الأميار” على طلب رشوة مقدرة بـ800 ألف دينار لتجديد رخصة البناء لأحدهم، والأدهى في القضية هو أن المتضرر كان إطارا بإحدى الصناديق العقارية.

"طابلة” في السوق مقابل 80 مليونا لـ"المير” وحاشيته

وفي واقعة أخرى من جرائم الرشوة التي ارتكبها ”أميار” فاسدون رفقة حاشيتهم تلك التي وقعت في غرب العاصمة، حيث تعرض تاجر للمساومة من قبل رئيس مجلس شعبي، من أجل الحصول على محل في السوق الجوارية غير أن المسؤولين بالبلدية طلبوا منه رشوة بقيمة 80 مليون سنتيم، وبعد سلسلة تحقيقات معمقة تم الإيقاع بهم، من خلال نصب كمين للمير، ليتبين في نهاية الامر تورط نائبين آخرين بالمجلس ورئيس المصلحة التقنية. وفي الشهر الماضي، تعرض مواطن للمساومة من قبل نائب رئيس بلدية ”امخادمة” في بسكرة ورئيس لجنة الفلاحة وشخص آخر مقابل التسوية الإدارية لقطعة أرض فلاحية تقارب مساحتها 5 هكتارات، حيث تم ايداعهم الحبس المؤقت بعد تقديمهم أمام قاضي التحقيق بمحكمة طولڤة، على خلفية متابعتهم في قضية رشوة.