رؤساء يتحدثون لـ«المساء» عن متاعب التسيير في:

بلديات لبست «ثوب» ولايات بدون.. ميزانيات

بلديات لبست «ثوب» ولايات بدون.. ميزانيات
  • القراءات: 4337
زهية.ش/منصور حليتيم/زبير.ز /سعيد.م       زهية.ش/منصور حليتيم/زبير.ز /سعيد.م

تواصل جريدة «المساء» في هذا الملف الذي يرتكز أساسا على تحسس تحديات ورهانات رؤساء بلديات ومتاعبهم في التسيير لبلديات «كبرت» بشكل ملفت ومرهق في نفس الوقت. صحافيو ومراسلو الجريدة (في الوسط والغرب والشرق) رصدوا واختاروا بعض البلديات كأمثلة ونماذج عما نذكر من عديد البلديات التي تنامت بشكل متسارع. هي بلديات عرفت نموا ديموغرافيا مشهودا فاق أحيانا 400 ألف ساكن (مثل بلدية الخروب / قسنطينة) أو مثل بلدية العلمة (سطيف) التي توظف 13 ألف مستخدم. أو بلدية بئر الجير (وهران) ... وغيرها من البلديات التي كبرت عديدة. هذا النمو الديموغرافي رافقه توسع عمراني غير مسبوق نجم أيضا عن سنوات الجنون وما خلفته الأزمة الأمنية من نزوح وتشرد ساهم في قيام «مدن» وأحياء برمتها من الأكواخ والقصدير وبيوت الصفيح. هذه المعطيات والتحولات والمخلفات شكلت تحديات وطنية رئيسية في برامج الرئيس بوتفليقة ورهاناته منذ اعتلائه سدة الحكم بالرهان على مليوني سكن في البداية قبل أن ترتفع وتيرة الإنجاز تدريجيا وسنويا إلى ملايين أخرى إضافية. مدن جديدة نبتت. وأحياء سكنية فوضوية بالآلاف اختفت. من ذلك أن توجت الجزائر عاصمة دون قصدير بشهادة وتتويج الأمم المتحدة. مدن كاملة أنجزت بكامل المواصفات والمرافق.لكن هذه المدن ظلت «مدرجة» في ميزانيات بلدياتها الأصلية وتحت وصايتها. هو أمر بات يشكل هاجسا يوميا لرؤساء البلديات ومتاعب إضافية للمنتخبين والإداريين على حد السواء. حيث استلزمت عملية الإسكان والترحيل والقضاء على أحياء القصدير إيجاد وإنجاز المرافق الضرورية التابعة لحياة المواطنين وضرورياتهم اليومية. لذلك - كما يوضح – رؤساء البلديات الذين شملهم هذا التواصل مع «المساء» أن «ميزانياتهم» لم تعد تكفي جميع السكان والانشغالات المتزايدة للأسباب المذكورة سلفا. بعضهم طالب بضخ الإمكانيات ورفع الميزانيات. واكتفى آخرون بمطلب تجزئة البلديات لتقاسم الأعباء. في حين اختار رؤساء بلديات أقصر الطرق وطالبوا بتقسيم جديد يرفع رتبة البلدية إلى ولاية أو دائرة ربما يرفع ذلك الميزانية والمداخيل وييسر التسيير وتكفل أفضل بمواطني بلدياتهم ومن ثمة الخروج من الفقر ومن أثقال إدارة بلديات «حملت» أوزار وأثقال ولايات لكن ظلت بميزانية كشك متعدد الخدمات وسط مدينة تكتظ بالزبائن.                                                                                                                            

فيما يطالب المجلس الولائي بقانون جديد لتنظيم العاصمة  .... رؤساء يتحدثون عن متاعب التسيير في بلديات مثقلة بالسكان

يطالب بعض رؤساء بلديات العاصمة، السلطات المعنية وعلى رأسها وزارة الداخلية والجماعات المحلية، باستحداث تقسيم إداري جديد، نظرا للكثافة السكانية المرتفعة والمساحة الشاسعة التي تميز عددا من البلديات. معطيات ومتاعب صعبّت مهمة تسيير «الأميار» لشؤون مواطنيهم، في ظل التغيرات سالفة الذكر، إضافة إلى تزايد مطالب وحاجيات السكان تماشيا ووتيرة النمو الديموغرافي المتسارع الذي تشهده الجزائر عموما والعاصمة وعديد البلديات بسبب النزوح الريفي خلال أزمة التسعينات. العاصمة هي الأخرى بحاجة إلى خارطة جديدة فيما يبدو، كما بات يطالب بها العديد من المسؤولين لاسيما رؤساء البلديات الذين يواجهون متاعب التسيير اليومي وبوابة المواطنين. هل تحتاج البلديات فعلا إلى تقسيم إداري جديد؟ أم إلى تعجيل وتعميم عصرنة التسيير لتحقيق التنمية وتلبية انشغالات سكانها؟. 

استعجل بعض رؤساء البلديات في تصريحهم لـ«المساء» تقسيما إداريا جديدا. واعتبروه أكثر من ضرورة بالنسبة لبلدياتهم التي أصبحت بحجم ولاية أو دائرة إدارية، من حيث عدد السكان والمساحة. لقد تضاعفت متاعب وتعقيدات التسيير. وبات حل المشاكل يقف حجر عثرة في وجه التنمية، خاصة على مستوى تلك التي لا يتماشى عدد سكانها مع ميزانيتها الضعيفة. لكن البعض الآخر من رؤساء البلديات يرى أن المشكل لا يكمن في تقسيم إداري جديد، بل في اعتماد صيغ تسيير وإجراءات أخرى تخدم المواطن والمسؤول على حد سواء.

❊ بوقرة: تسيير بلدية بـ180 ألف نسمة.. مسألة صعبة

أكد رئيس بلدية جسر قسنطينة عز الدين بوقرة لـ«المساء»، على ضرورة إخضاع بعض بلديات العاصمة لتقسيم إداري جديد، بالنظر لشساعة مساحتها وارتفاع كثافة سكانها، على غرار البلدية التي يسيّرها والتي يتجاوز عدد سكانها 180 ألف نسمة.. كثافة تتطلب إمكانيات مالية كبيرة للتكفل بانشغالاتها وتسييرها، وهو أمر ومعطيات لا تتوفر في بلديته التي تعاني من ضعف المداخيل بميزانية لا تكفي لتلبية مختلف انشغالات السكان المتزايدة. مشيرا إلى أن جسر قسنطينة تعتبر بلدية بحجم ولاية، وتتطلب إمكانيات كبيرة لتسييرها، حيث يمكن تجزئتها إلى بلديات أخرى لاقتسام الأعباء. كأن تقسم إلى بلديتين مثلا وذلك يمكن أن يكون حلا، وهي تضم حي المالحة وعين النعجة القديمة، وبلدية أخرى تضم حي السمار وباقي الأحياء.

وفي هذا الصدد، ذكر المتحدث أن عملية إعادة الإسكان، غيّرت خارطة توزيع السكان في العديد من البلديات التي استقبلت آلاف العائلات وارتفع عدد سكانها أكثر، على غرار بلديته التي تضم ثلاثة أحياء كبيرة، منها عين النعجة التي يعتقد الكثير من المواطنين أنها بلدية مستقلة بذاتها، في حين هي تابعة لبلدية جسر قسنطينة كذلك حي السمار وحي المالحة الذي استقبل سكانا جددا من المرحّلين والمستفيدين من سكنات البيع بالإيجار والاجتماعي التساهمي، وهو ما يتطلب ـ حسب المتحدث ـ مرافق وهياكل ضرورية إضافية تقع على عاتق البلدية.

من جهة أخرى، أشار المسؤول الأول عن بلدية جسر قسنطينة، إلى وجود عدد كبير من السكان غير محصيين بأحياء وتعاونيات واقعة بإقليم البلدية التي يتطلب تسييرها ميزانية أخرى. وأضاف أنه من الصعب تسيير بلدية عدد سكانها 180 ألف نسمة بالإمكانيات المتوفرة حاليا. التقسيم الإداري الحالي لولاية الجزائر (كما يرى) لا يحقق تنمية متوازنة بين البلديات التي ارتفعت كثافتها السكانية بصفة ملفتة للانتباه في السنوات الأخيرة، لذلك فإن تقسيما إداريا جديدا بات أمرا حتميا، بل لا مفر منه. 

 حداد: تقسيم برج الكيفان  إلى بلديتين هو الحل

أكد رئيس بلدية برج الكيفان قدور حداد لـ«المساء» على أهمية قيام السلطات المعنية بتقسيم إداري جديد، على مستوى البلديات ذات الكثافة السكانية المرتفعة والمساحة الشاسعة، على غرار بلديته التي أصبحت بحاجة لاستحداث ثلاث بلديات، أو على الأقل بلديتين، يتم مثلا من خلال فصل الأحياء الكبيرة، كدرقانة، حرّاقة، فايزي ودوار بن زيان عن البلدية الأم برج الكيفان، مؤكدا أنه من غير المعقول تسيير بلدية عدد سكانها يفوق 200 ألف نسمة بميزانية لم تتجاوز خلال السنة الماضية 62 مليار سنتيم.

ذات المسؤول أكد أن منطقة درقانة والعديد من الأحياء المتفرعة عنها، تضم كثافة سكانية عالية تصل إلى 70 ألف نسمة، بالإضافة إلى السكان الجدد الذين تم استقبالهم من عملية إعادة الإسكان التي تقوم بها مصالح ولاية الجزائر، ما ضاعف مشاكل هذا الحي ومختلف الأحياء الكبيرة والبعيدة عن مركز المدينة، وهي النقاط التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، لتجسيد مشروع بلديات جديدة مستقلة عن البلديات الأم، بالنسبة لبعض البلديات الأخرى.

 ويشر: التقسيم ضروري  لكل مائة ألف نسمة

رئيس بلدية الكاليتوس عبد الغاني ويشر فأوضح لـ«المساء» أن التقسيم الإداري الجديد، يفترض أن يمس كل بلدية يفوق عدد سكانها مائة ألف نسمة. صحيح أن الأمر ليس بالسهولة التي يمكن أن نتحدث بها. فالمطلب يستلزم استصدار قانون وموارد وإمكانيات كبيرة، مشيرا إلى أن هذا المشروع موجود على طاولة الوزير الأول منذ فترة. لكن الأزمة ألقت بأثقالها وبات الأمر مستعصيا حاليا بسبب التقشف وتراجع مداخيل الدولة. ونحن نتفهم الأمر ـ كما قال ـ وترشيد النفقات ملزم للجميع. 

على خلاف ذلك، اقترح رئيس بلدية سيدي موسى بوثلجة علال لـ«المساء»  التخلي عن الدوائر الإدارية التي لا تقدم أي خدمة، وتوزيع إطاراتها على البلديات بالشكل الذي يجعلها أحسن تأطيرا وأكبر حضورا في الميدان، وذلك عن طريق ملحقات إدارية تتدخل لتحسين الإطار المعيشي للمواطن والتكفل بالخدمات القاعدية. كما أكد على ضرورة جعل العلاقة مباشرة بين البلدية والولاية، وتقوية البلديات بالإطارات والإمكانيات «لأنه بدون ذلك سوف لن تتحقق التنمية في البلدية».

 صافي: العاصمة بحاجة إلى قانون جديد وليس لتقسيم إداري 

أوضح رئيس لجنة السكن والتعمير بالمجلس الشعبي الولائي، الدكتور عبد القادر صافي لـ«المساء» أن التقسيم الإداري القديم لسنة 1984 حمل عدة أخطاء، منها تحويل بعض المناطق الصغيرة من حيث المساحة وعدد السكان إلى بلديات بالعاصمة على غرار وادي قريش والمقرية والمرسى والمدنية وبني مسوس وغيرها دون الاستناد إلى دراسة نجاعة ومعرفة مدى توفرها على الإمكانيات، لذلك ظلت مثقلة بالانشغالات وتتخبط في ضعف المداخيل المؤدية إلى تصنيفها ضمن البلديات الفقيرة. لهذا لم تتمكن من تنمية مستديمة، وكان من المفروض ضم هذه البلديات الصغيرة لبلديات أخرى، وليس جعلها بلديات مستقلة إداريا وضعيفة من حيث الجباية والإمكانيات المالية.

حسب صافي فإن مشاكل البلدية غير مرتبطة بالكثافة السكانية لكن بأمور أخرى، منها ضعف التأطير والهيكلة الإدارية على مستوى مصالح هذه الأخيرة. أو لعدم وجود انسجام داخل بعض المجالس الكثيرة العدد (33 عضوا) كما هو حاصل في مجلس برج الكيفان مثلا، كاشفا في هذا الصدد عن أن المجلس الشعبي الولائي لولاية الجزائر، طالب بوضع قانون جديد لتنظيم العاصمة، وحل المشاكل الكبيرة التي هي في واقع الأمر موروثة عن مراحل سابقة. 

أعضاء المجلس يطالبون بهيئة عليا مستقلة للاستشراف ومتابعة المشاريع، وتفادي أخطاء الإنجاز وتحقيق التوسع العمراني المنسجم، وتحقيق العدالة الاجتماعية من حيث توزيع المشاريع بالعاصمة التي عرفت كثافة سكانية رهيبة في السنوات الأخيرة.

رئيس بلدية  العلمة للمساء: استقلالية التسيير المالي هو الحل

 العلمة (25 كلم، شرق عاصمة الولاية سطيف): بلدية لبست «ثوب وحجم» ولاية مبكرا، فاق عدد سكانها عدد سكان بعض الولايات. تجاوز عدد موظفيها 13 ألف مستخدم في مجلس يضم 33 عضوا. هي من كبريات البلديات على المستوى الوطني، لاسيما من ناحية الكثافة السكانية، حيث تحصي اليوم قرابة الربع مليون نسمة ـ حسب آخر الإحصائيات ـ تعتبر أيضا رافدا اقتصاديا وتجاريا حقيقيا ليس فقط بالنسبة لولاية سطيف ولكن بالنسبة لإسهاماتها التنموية الشاملة في الاقتصاد الوطني عموما. لقد تخطت شهرة سوقها اليومي «سوق دبي» حدود الوطن. السوق يشهد أكبر سيولة مالية في الأسواق الجزائرية على العموم. يضاف إلى ما سبق، توسع عمراني متزايد من يوم إلى آخر. عوامل أخرى كثيرة جعلت القائمين على تسييرها يفكرون في إيجاد استراتيجية من شأنها ضمان التسيير الحسن لهذه البلدية التي كانت بالأمس القريب مصنفة ضمن كبريات المدن المؤهلة لأن ترقى إلى مصاف ولاية منتدبة.

مخطئ من يختصر مدينة العلمة في سوقها اليومي، شارع دبي، الذي أصبح مع مرور السنوات مقصدا ومحجا لكبار التجار من مختلف الولايات الجزائرية وحتى من خارج حدود الوطن. ومخطئ من يختصر العلمة في سوقها الأسبوعي للمواشي التي تعد أكبر الأسواق على المستوى الوطني، أو شركة العدادات 

«أ - أم - سي» المصنع الوحيد على مستوى القارة الإفريقية.

العلمة هي المدينة التي احتضنت أحد عمالقة الطب الجزائري المرحوم الدكتور محمد لمين دباغين. وأنجبت أحد كبار رجال المخابرات الجزائرية إبان الحقبة الاستعمارية المرحوم رشيد كازا أو مسعود زوغار، الذي استطاع بفضل حنكته وخبرته المخابراتية ولوج ومعرفة أسرار الكونغرس الأمريكي، وربط علاقات وطيدة مع كبار رجال البيت الأبيض، مكّنته من فرض مكانته على الساحة التجارية العالمية، وانتزاع صفقات كبيرة في مجال الأسلحة، جعلت من ابن مدينة سانت آرنو خلال السبعينات والثمانينات أن يصبح من أكبر الشخصيات ورجال المال والأعمال على مستوى المعمورة.

العلمة (أو سانت أرنو / سابقا) هي اليوم من أكبر البلديات على المستوى الوطني، تحصي أزيد من 200 ألف نسمة. هي قطب اقتصادي وتجاري بامتياز. العلمة كما سبقت الإشارة إليها تصنف ضمن أكبر البلديات مساحة وكثافة سكانية، بلدية بحجم ولاية كما يقال. أعباء التسيير تتعدى طابع وخصوصية بلدية عادية، يكفي أن نذكر أن مجلسها البلدي المنتخب يضم 33 عضوا. إلا أن ذلك غير كاف بشكل يسمح لمنتخبيها المحليين بأداء مهام التسيير بأريحية (طبعا من حيث ضعف العدد مقارنة مع تزايد أعباء التسيير ). هذه العوامل وأخرى، دفعت بالكثير من المسؤولين الذين تعاقبوا على تسييرها للتفكير في إيجاد ميكانيزمات جديدة تساعد على تسيير بلدية تفوق الميزانية السنوية بمختلف مصالحها 240 مليار سنتيم، حسبما أكده رئيس المجلس الشعبي السيد سليم لكحل، الذي يشرف على تسيير هذه البلدية منذ قرابة الخمس سنوات، شهدت فيها ـ حسبه ـ تغييرات في مختلف الميادين منها ما هو منجز ومنها ما يحتاج إلى معالجة وتحسين.

أكد رئيس البلدية السيد سليم لكحل، أن التسيير الحسن لبلدية بحجم العلمة يتطلب شروطا ومقاييس مغايرة عن باقي البلديات. في مقدمتها الصلاحيات واستقلالية التسيير المالي. متسائلا عن الفائدة من فتح فروع إضافية عبر أكبر التجمعات السكانية وضمها إلى مصالح البلدية الأم ؟!. إذ تتوفر العلمة على سبعة فروع بلدية يشرف عليها مندوبون منتخبون يقومون بمهام بإمكان أي موظف إداري تأديتها. وأضاف: تقتصر مهامهم في تسيير مصالح الحالة المدنية بتوقيع عقود الميلاد لا أكثر. وعليه، بات لزاما ـ يضيف السيد لكحل ـ إعادة النظر في العديد من قوانين البلدية مع إعطاء صلاحيات أكثر للمندوبين، ونوع من الاستقلالية في التسيير وتدعيم هذه الفروع بجميع الإمكانيات المادية والبشرية، من عتاد وحظائر وفروع لمختلف المصالح التقنية، للتخفيف من العبء الكبير الذي تشهده البلدية الأم.

عن كيفية تسييره لهذه البلدية ومصالح المواطنين، أكد السيد سليم لكحل أنه ليس بالسهل تسيير مصالح بلدية بحجم العلمة التي تحصي أزيد من 13 ألف موظف. إنه يواجه على الدوام صعوبات جمة منذ بداية عهدته، خصوصا من الجانب التأطيري الذي لم يتعد 2 %  وكان لزاما عليه مواصلة المسيرة ورفع التحدي، في ظل انعدام وجود هيكل تنظيمي يسمح له بمعية أعضاء مجلسه ترتيب البيت والانطلاق في رحلة البناء والتشييد. في أول خطوة للمجلس، تم إعادة هيكلة الإدارة بفصل المصالح عن بعضها البعض، خصوصا المصلحة التقنية ومصلحة الصفقات العمومية اللتين تعدان العمود الفقري للبلدية، مع إنشاء لجنة فتح وتقييم الصفقات والاستشارات، وكذا فتح مناصب مالية جديدة لتغطية العجز، وهو عمل تطلب قرابة السنة ونصف، سمحت بإعادة ترتيب بعض الأمور وإعادة القاطرة إلى سكتها السليمة.    بخصوص مطالبة بعض نواب المجلس الشعبي الوطني، بإعادة الهيكلة وتقسيم جديد لبلدية العلمة، أوضح السيد سليم لكحل، رئيس المجلس الشعبي البلدي، أن هذه الفكرة طرحت في كذا من مرة، لكن تجسيدها يبقى مرتبطا بقرارات من السلطات العليا، على ألاّ تكون مشابهة أو نسخة كربونية من قرارات إنشاء الولايات المنتدبة. في اعتقاده يجب إعطاء استقلالية كاملة للبلديات الجديدة من جميع الجوانب، خاصة فيما يتعلق بالتسيير المالي والبشري لتفادي الوقوع في نفس الأخطاء التي حالت دون الارتقاء والتسيير الحسن لهذه البلديات.

عبد الحميد أبركان لـ «المساء»:الخروب تحتاج إلى إمكانيات أكبر   

اعتبر السيد عبد الحميد أبركان، رئيس بلدية الخروب بقسنطينة، أن عمليات الترحيل الكبيرة التي شهدتها ولاية قسنطينة في السنوات الفارطة، ساهمت بشكل كبير في تغيير الخارطة السكانية بعاصمة الشرق الجزائري، وخفّضت من عدد السكان بالبلدية الأم. وفي المقابل رفعت عدد السكان ببلدية الخروب، التي تسير مدينتين جديدتين، هما ماسينيسا وعلي منجلي فيما يقارب 400 ألف نسمة.

البروفيسور أبركان أكد أن الخروب تسيّر اليوم مدينتين جديدتين، وإن كان الأمر ليس بالمستحيل أو الصعب فهو مع ذلك، يتطلب إمكانيات بشرية ومادية أكبر، أضحت بلدية الخروب لا تملكها، مضيفا أن المجلس الشعبي البلدي المشكّل من 5 أحزاب سياسية، يعمل في توافق وانسجام من أجل مجابهة المشاكل والاستجابة لانشغالات المواطنين. وقال إن البلدية أصبح حجمها يكبر من وقت لآخر بفضل المشاريع الكبيرة التي برمجتها الدولة، وعلى رأسها المشاريع السكنية، ولكن هذه التوسعات التي كانت قد أفرحت المواطن البسيط، حسب رأي مير الخروب، لم يرافقها، في المقابل، زيادة في الإمكانيات المادية للبلدية لمجابهة هذا التطور السكاني.

واعتبر رئيس بلدية الخروب والوزير السابق للصحة، أن الحل الوحيد في القضاء على هذا المشكل، هو قانون جديد لتسيير البلدية، وإيجاد ميكانيزمات جديدة لتسيير مثل هذه التجمعات السكانية الكبرى، مثل المدينة الجديدة علي منجلي. وهناك تفكير في هذا الصدد مطروح على مستوى وزارة الداخلية والجماعات المحلية من أجل التكفل بهذه النقطة وإيجاد لها الطرق المناسبة لتطبيقها على أرض الواقع.

رئيس المجلس الشعبي البلدي بالخروب أبرز أن موارد البلدية أضحت في انخفاض من سنة إلى أخرى، على عكس ما يعتقد البعض بأن الخروب بلدية غنية، مضيفا أن مداخيل البلدية تقلصت بحوالي 47 مليار سنتيم السنة الفارطة بسبب توقيف إعانات الدولة من جهة. ومن جهة أخرى فإن العديد من المداخيل والإتاوات التي كانت تحصّلها البلدية تحولت إلى بلديات أخرى، على غرار منطقة النشاطات الطرف، التي تحولت مداخيلها إلى بلدية ابن باديس، ومؤسسة نافطال التي تحوّل تحصيل ضرائبها وأموال تأجير أرضيتها إلى بلدية أولاد رحمون. كما أن مداخيل منطقة النشاطات بواد الحميم انخفضت هي الأخرى بنسبة 50 %، يضيف مير الخروب.

وقال السيد عبد الحميد أبركان إن بلدية الخروب لجأت إلى إنشاء العديد من المؤسسات العمومية البلدية في شتى المجالات، على غرار النظافة، المساحات الخضراء، الإنارة العمومية، الصيانة والتكفل بالمدارس الابتدائية، بهدف خلق مصادر جديدة للدخل، تمكن المجلس من الحصول على أموال إضافية لتسيير شؤون البلدية بأريحية. لكن تبقى هذه الإجراءات غير كافية في ظل تسيير الوصايا المشاريع، وبقاء المصادقة على مشاريع هذه المؤسسات البلدية رهينة قرار الولاية والمراقب المالي وأمين الخزينة، وكلها إجراءات تعرقل عمل هذه المؤسسات. 

بلدية بئر الجير  نتخبون ومواطنون: حجم البلدية لم يعد يكفينا 

تشهد بلدية بئر الجير توسعا ونموا على العديد من المستويات. لقد سعت بلدية بئر الجير التي تشكل امتدادا للجهة الشرقية لمدينة وهران، إلى إضفاء شيء من الانسجام على توسعها السكاني، من خلال التجمعات السكانية التي احتضنتها على غرار بلقايد، أحياء الياسمين والنور وسيدي البشير، وهي التجمعات التي بقدر ما رفعت من  كثافتها السكانية ارتفعت معها أصوات مطالبة بمنح هذه البلدية وضعا إداريا أفضل، يليق بها من حيث أنها أضحت قطبا عمرانيا بامتياز، بفضل التجمعات الحضرية والتجزئات التابعة لها، صاحبه آخر جامعي بتواجد جامعة بلقايد وجامعة العلوم والتكنولوجيا «محمد بوضياف»، وثلاث إقامات جامعية، ومنطقة صناعية حديثة النشأة، وقطب رياضي قادم بثبات يجسده المركب الأولمبي ببلقايد، الذي سيكون مفخرة الرياضيين ببلدية بئر الجير وولاية وهران ككل، وغير ذلك من المشاريع والأقطاب التي تتلاحق بقدر غنى البلدية وإشعاعها... 

المنتخبون المحليون لبلدية بئر الجير كقاطنيها، يرون أن الوقت قد حان حتى تتغير النظرة تجاه بلديتهم، وأن تتبوأ مكانا هاما في أي تقسيم إداري يشمل ولاية وهران، وفي مقدمة هؤلاء المنتخبين السيد بن سعيد العيد نائب رئيس مكلف بالشؤون الاجتماعية، الذي يؤكد على ضرورة استفادة بلدية بئر الجير من وضعية ولاية منتدبة للحاجة التي يمليها الواقع المعاش. وقال عن ذلك:

«ما تسمى بوهران الشرقية عرفت توسعا عمرانيا لافتا إلى غاية حي سيدي البشير، الذي توسع  بشكل خاص خلال العشرية السوداء، حيث انتقل  عدد سكانه من 20 ألفا إلى 150 ألفا حاليا، ومؤخرا أحصينا ما يقارب 1600 عائلة تسكن البيوت القصديرية بهذا الحي، الذي يعرف أيضا نشاطا تجاريا شرعيا وموازيا كثيفا، بالإضافة إلى منطقة صناعية واعدة. كما يمكن تحصيل أموال هامة من خلال عقود السجلات التجارية بهذا الحي، فقط يلزم شيء من التنظيم، لذلك باشرت السلطات المحلية توزيع عقود الاستفادة التي ستصل إلى 2600 في حي سيدي البشير لوحده، وستتواصل العملية بانتظام»، مضيفا: «كل المشاريع الكبرى لرئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة موجودة، ويتجسد الواحد تلو الآخر في بلدية بئر الجير؛ من مجمعات سكنية، وقطب جامعي ومركب رياضي، وقرية متوسطية بإمكانها استضافة ضيوف مدينة وهران من المشاركين في ألعاب البحر الأبيض المتوسط 2021 بكل أريحية، ومايرافق كل ذلك من حتمية تحديث لوسائل النقل، بما يقضي على الزحمة المرورية، وبالتالي تخفيف المعاناة اليومية للمواطن. حتى قطاع التعليم سجل تطورا وارتفاعا، وأصبح معه إيلاء بلدية بئر الجير مكانة خاصة بها، فالطور الابتدائي مثلا، سجل خلال الدخول المدرسي 2016- 2017، 60 مدرسة ابتدائية، في حين كان العدد 27 مدرسة سنة 2002، وعدد المتوسطات ارتفع إلى 25 متوسطة، والثانويات إلى 3، وحي سيدي البشير لوحده يضم حاليا 13 مدرسة ابتدائية، 5 متوسطات وثانويتين (2)». نفس الرأي وجدناه عند زميله السيد علي عباس نائب رئيس مكلف بالمالية والاقتصاد والاستثمار، غير أنه ركز على ما وصفها بحرية المبادرة التي تبقى أسيرة الوصاية بحسبه، خاصة أن الظرف الحالي يتطلب من البلديات ومسيريها تدبير أمورهم بأنفسهم، والبحث عن مصادر مالية ذاتية تغنيهم عن طرق أبواب خزينة الوصاية. وتابع مشددا: «البلدية ليست لها صلاحيات كافية، بل يقتصر دورها على مداولة فقط، وتنتظر الرد عليها من الدائرة أو الولاية إما بالقبول أو الرفض. الآن مع الأزمة الاقتصادية فُتح لنا مجال ضيق للاقتراحات، فمثلا أضحينا نعتمد على الكراء عن طريق المزايدة لتحصيل بعض الأموال، كما فعلنا مع محطات برية وحظائر، جلبت لنا أموالا تساعد البلدية في تسيير يومياتها، فمثلا محطة المرشد تلقينا مقابلا ماليا عن كرائها بـ 520 مليون سنتيم، ومحطة «إيسطو» بـ 450 مليون سنتيم، وحظيرة الشاحنات لبئر الجير بـ 350 مليون سنتيم، والمحطتان الأخيرتان تنتظران مصادقة المداولة، في انتظار تجسيد اقتراحات هامة أخرى، كل هذا يجعلني أرى أن الأفضل لبلدية بئر الجير استفادتها من وضعية ولاية منتدبة، فذلك سيطورها أكثر للإمكانيات الكبيرة التي تتوفر عليها في العديد من المجالات والقطاعات».

أما السيد عبد القادر جمال نائب رئيس مكلف بالشؤون الرياضية والثقافية والجمعيات، فيؤكد من جانبه، على أن انفراد بلدية بئر الجير بوضعية ولاية منتدبة في أي تقسيم إداري مستقبلي، سيكون تتويجا مستحقا لها، لأنها حاضنة كبرى المشاريع في ولاية وهران بحسبه، مشدّدا بالقول: «أؤكد أن خيرا كبيرا يوجد فوق تراب بلدية بئر الجير، وبصفة ولاية منتدبة ستتضح الكثير من الأمور، وتضبط بما يفيد بلديتنا ماليا، وحل الكثير من المشاكل التي تعاني منها، والتي تراكمت لسنوات، لكن ذلك لم يمنع من بذل جهود استفادت منها ساكنتها في الوقت الحالي، كالمجال الرياضي، فأحياء البلدية كلها مجهزة بملاعب جوارية، ساهمت كثيرا في انتشال الشباب من الآفات الاجتماعية، بالإضافة إلى منشآت رياضية قاعدية أخرى، تكسب حيزا هاما في الإنجاز كالمركب الرياضي، والقاعة متعددة الرياضات، والمسبح شبه الأولمبي وغيرها. أتمنى أن يصاحب هذا الجهد رقيٌّ إداري لبلدية بئر الجير».