مراسم الزواج..بين الأمس واليوم

اندثار عادات أصيلة ومنافسة للتفاخر والمغالاة

اندثار عادات أصيلة ومنافسة للتفاخر والمغالاة
  • القراءات: 642
حنان.س حنان.س

بين العادات والتكاليف اختلفت المقاييس، وبين الأمس واليوم فرق شاسع يشمل كل مناحي إحياء مراسم الزواج ماديا ومعنويا.. اختلاف كبير يتأسف له الكثيرون خاصة ممن عايشوا حقبة أصيلة من الزمن الجميل حينما كانت التقاليد تتحكم في مجريات مناسبات الأفراد، ورغم الإقرار بكون التطور لابد منه بكل ما يحمله من تغيرات وعصرنة، إلا أن التحسر كانت السمة المشتركة بين كثيرات حدثننا عن زواج الأمس واليوم، هذا الأخير الذي أصبحت المغالاة والمفاخرة سمته الطاغية.

أصبح الزواج اليوم تفاخرا بالمظاهر والشكليات وأكثر كلفة عمّا كان عليه في الماضي من بساطة، حيث أصبحت الكثير من الشكليات ضروريات لابد منها، ولعل التطور التكنولوجي وهيمنة الأنترنت على الكثير من شباب اليوم، حتى أصبحت الشابات يتطلعن على تقاليد مجتمعات أخرى في اللباس وتسريحات الشعر والحلويات وغيرها، وهذا ما جعل عادات الأمس تحيد عن الطريق، إن صح التعبير، شيئا فشيئا حتى صارت إقامة حفلة زفاف يُحسب لها ألف حساب.

في السياق، تحدثنا الحاجة شلالي من سوسطارة، بقلب العاصمة، قائلة بأن أعراس اليوم مبالغ فيها كثيرا لدرجة أن المثل الشعبي ‘عرس ليلة تدبارو عام’ لا ينطبق على عرسان اليوم، فبالنسبة إليها عرس اليوم يتطلب ‘تحويشة’ سنوات طوال، تقول: "زمان كانت الأمهات يبدأن بتحضير جهاز بناتهن منذ صغر سنهن، من أجل التخفيف من تكاليف المناسبة باقترابها، لكن اليوم أصبحن يتشرطن أكثر فأكثر، مما صعب من مهمة التحضير لإتمام حفلات الزواج".

ومن أهم ما تغيّر بالنسبة للمتحدثة، إقامة الحفل في قاعات خاصة وهو ما قضى على ‘نكهة’ أعراس زمان التي كانت، تضيف المتحدثة، تقام وسط الدار أو على السطوح، مما يجعل نساء العائلة وحتى الجارات يتدخلن بالمساعدة، أما حاليا فإن هذه المهمة تعهد لصاحب قاعة الحفلات الذي يوظف فتيات خصيصا لأداء مهمة تضييف المعازيم.

كذلك، هناك الكثير من التفاصيل التي تغيرت في أعراس اليوم ومعها تراجعت ‘بنة زمان’ التي كانت تظهر في مدى تمسك العائلات بتقاليدها، وطبعا كل حسب الجهة التي ينتمي إليها، تقول الحاجة فاطمة الزهراء من بلدية الحراش، مضيفة أن الأعراس اليوم أصبحت هجينا بين عادات المغاربة والمشارقة، متسائلة عن سبب التفاخر الكبير الذي أضحى عاملا مشتركا بين عائلات كثيرة، تقول: "لماذا أصبحت تكلفة العرس تفوق الخمسين مليون سنتيم؟ هذا بغض النظر عن لباس العروس وجهازها، أجيب في هذا المقام بالقول في كلمة واحدة "الزوخ" لا غير، يعني أصبحت العائلات اليوم تتكالب من أجل إقامة أعراس في أكبر الصالات وإقامة مأدبة عشاء متنوعة الأطباق،  متخلية عن تقليد الكسكسي الأصيل، لقد زوجنا أولادنا ‘بالحرمة’ في وسط الدار والأكثر من ذلك شاركنا الجيران في فرحتنا بفتح أبواب منازلهم لاستقبال ضيوفنا، وطبعا اليوم لنا وغدا لهم وهكذا.. اليوم؛ تسابق للمغالاة حتى يقال ‘عرس فلان خير من فلان’.

من جهتها قالت الخالة صليحة، من الدار البيضاء، بأنها كثيرا ما تساءلت مع نفسها عن السبب الذي جعل عادات الزواج تتغير لتصبح ثقلا كبيرا على كاهل الطرفين سواء الشاب أو الشابة وعائلتيهما، تقول: "لا وجود لحل لهذه الحلقة المفرغة.. الحلوى اليوم أصبحت من 4 إلى 8 أنواع، وأضيفت إليها الحلويات الجافة، مثل "حلوة الطابع" وكذا العجائن التي توزع مثل "الخفاف" و«المسمّن"! لماذا كل هذا؟ طبعا للمغالاة والتفاخر، لذلك أبناؤنا اختاروا العزوبية وبناتنا عنسّن". فيما اختارت سامية ربة بيت من الأبيار أن تجيب في جملة مقتضبة تلخص امتعاضها من تراجع اهتمام الأسر اليوم بالعادات الأصيلة من الزمن الجميل بقولها: "أعراس 100 مليون فأكثر مجرد تبذير للتفاخر، وإلا كيف تفسرون إقدام إحداهن على ترصيع "الكاراكو" بحبات "الويز"؟ وأخرى تستأجر قاعة حفلات بـ50 مليون سنتيم، أليس هذا من مظاهر التبذير؟!