المنتخب الوطني: خمس مباريات رسمية دون فوز

- 860

يمر المنتخب الوطني بفترة صعبة جدا. تحتاج إلى وقفة دعم بالتأكيد لكن أيضا إلى محطة لتقييم وتشريح الأسباب والمؤديات إلى هذه الوضعية التي زرعت اليأس وحتى الغضب لدى غالبية الجزائريين وأنصار الخضر تحديدا وكرة القدم. نحن ننطلق من المباريات الخمس الأخيرة للمنتخب الجزائري الذي كان أكبر المرشحين ليس فقط لخوض الأدوار الأولى ولكن للتتويج. بل وللتتويج بأريحية حتى لا نقول بسهولة تامة. الخضر لم يفوزوا ولو بمقابلة واحدة من الخمس مقابلات الرسمية الأخيرة مخيبين الآمال ومكسرين النفوس والمعنويات. حقائق اعتبرها البعض مفاجئة. ولم تفاجئ آخرين الذين دقوا أجراس اليأس والخيبة مبكرا. بل حذروا من ثقل العواقب والنتائج قبل الوقت، داعين إلى مراجعة الأمور وإبعاد الفريق عن الغرور.
تدهور وتراجع الخضر في مراتب تصنيف الفيفا لم يحرك القائمين على كرة القدم عموما والإشراف على المنتخب الوطني خصوصا إلى التحرك في الوقت المناسب. مؤسف أن يتدهور المنتخب من الرتبة 15 في مرحلة حاليلوزيتش إلى الرتبة 39 والمرشحة إلى ما فوق ال 40 بعد نهاية فعاليات كأس إفريقيا. هو بمثابة السقوط من القمة. «الخضر» عجزوا عن تحقيق الفوز في خرجاتهم الخمس الأخيرة ؟!. تعادلوا مع الكاميرون في الجزائر، ثم تلقوا هزيمة ثقيلة أمام المنتخب النيجيري، تبعها تعادلان وهزيمة في كأس إفريقيا. تعتبر هذه الحصيلة مؤسفة للغاية وإن كانت كرة القدم في نهاية المطاف هي لعبة رياضية لا تخضع لمنطق العلوم الدقيقة والحسابات الرياضية ( بمنطق الرياضيات). المرحلة الحالية تذكرنا بمرحلة سابقة مشابهة لمرحلة المنتخب الوطني خلال وبعد كاس العالم 2010. حيث فشل «الخضر» في تحقيق الفوز في ست مباريات متتالية، بداية من هزيمة سلوفينيا، حتى الهزيمة أمام منتخب إفريقيا الوسطى.
موازاة للنتائج المخيبة والهزيلة فإن الهجوم الذي هو ميزة المنتخب الجزائري تراجع بشكل مذهل ومفجع. «الخضر» لم يتمكنوا سوى من تسجيل 7 أهداف فقط. في وقت سابق كانت هذه حصيلة الهجوم في مقابلة واحدة. «أزمة الدفاع» طالت والمنتخب إلى غاية هذه «الكان» لم يجد الجدار الدفاعي الأمثل. حيث تلقى المنتخب 10 أهداف كاملة، أي بمعدل هدفين في كل لقاء، وهو دليل واضح على الوضعية الكارثية لهذا الخط.
الصربي راييفاتس كان رحل دون تحقيق الفوز. وذلك بعد لقاءين رسميين فقط،. خليفته البلجيكي ليكانس، أنهي تجربته القصيرة مع «الخضر» دون تذوق طعم الفوز في مباراة رسمية. وضعية تؤكد الحالة الكارثية التي بلغها المنتخب الوطني، والتي تدعو إلى دق ناقوس الخطر، وتفادي ضياع جيل، كان في الأمس القريب يقدم مستويات خرافية، جعلته يخطف الأضواء خلال كأس العالم بالبرازيل 2014.
الهواري بلخطوات (لاعب دولي سابق): «الخضر» افتقدوا ذهنية قوية فكان الإقصاء المر
قال الهواري بلخطوات إن إقصاء الفريق الوطني من منافسات إفريقيا الجارية بالغابون، هو تحصيل حاصل لبدايته المتعثرة أمام زيمبابوي، فكل شيء كان مقرونا بأول طلة، بحسب المتحدث، الذي قال أيضا: «منافسات كأس إفريقيا صعبة، لها ظروفها الخاصة بها، تتطلب ذهنية قوية وحاضرة وبذل مجهودات كبيرة، وذلك ما لم نشاهده، للأسف، في أداء منتخبنا الوطني، بدليل أن المنتخب التونسي حاربنا بسلاحنا وبطريقة لعبنا، فانتصر علينا بالأداء والنتيجة، ومن ثم لم يكن محبذا أن تجعل مصيرك بين أيدي خصومك».
ورفض بلخطوات اعتبار التحضيرات الناقصة للفريق الوطني، سببا مباشرا في إقصائه، حيث قال عن ذلك: «نحن نملك لاعبين محترفين قدموا لهذه المنافسة، وبمباريات كثيرة في أرجلهم، فقط لم نملك منتخبا قويا بعمق فني، وليكانس له الحق في أنه لم يتفوه، وحدد هدفا بعينه في الغابون، لقد كان منطقيا في تصريحاته في رأيي».
وأبدى بلخطوات استغرابه هشاشة خط دفاع الفريق الوطني؛ «غاب دور خط الوسط، فافتقدنا المبادرة، بل وعجزنا عن الدفاع عن منطقتنا، وذلك أمر غير مقبول في كرة القدم. طبعة الغابون لكأس إفريقيا للأمم أظهرت لنا بجلاء، أنه لا يوجد منتخب صغير وآخر كبير، فالجميع يعمل لمصلحة بلده وتطوره كرويا».
وشدّد اللاعب السابق لفريق الرجاء البيضاوي المغربي، على ضرورة العناية بكرة القدم المحلية؛ من خلال إنشاء مراكز تدريب شبيهة بالمركز التقني لسيدي موسى في كل جهة من الجهات الأربع للجزائر (الغرب، الوسط، الشرق والشمال) والتي يعتبرها محدثنا القاعدة الأساسية لكرتنا حتى تعود إلى سابق بريقها، ويمكنها تخريج لاعبين متميزين لمصلحة الفريق الوطني والدفاع عن الألوان الوطنية بكل قوة واستماتة.
ناصر حدادة (المدرب السابق للفريق الوطني داخل القاعة): تعاقب المدربين أضعف «الخضر» وإقصاؤهم منطقيّ
قال ناصر حدادة المدرب السابق للفريق الوطني داخل القاعة، إنه كان يتوقع إقصاء الفريق الوطني من الدور الأول لمنافسة كأس إفريقيا للأمم بالغابون لعدة اعتبارات، قال عنها: «بالإضافة إلى الظروف المناخية من حرارة ورطوبة، هناك إقصاء الثنائي فيغولي ومجاني، الذي كان بإمكانه إفادة الفريق الوطني بخبرته، خاصة مجاني في خط الدفاع مادام أن ثمانية لاعبين من القائمة، لم يشاركوا ولو دقيقة واحدة من اللقاءات الثلاثة، كما أنني مذهول لضعف الخط الخلفي لفريقنا الوطني، وعجز المدربين المتعاقبين على إيجاد حل نهائي له، فما أراه أنه منذ رحيل وحيد حليلوزيتش، ضاعت العديد من المكاسب الهامة مثل الانضباط الذي كان ساهرا عليه، ولا يتهاون فيه، والعمق الفني، وطريقة اللعب الواضحة، فجاء الفرنسي غوركوف الذي ضيّع عامين من أجل تطبيق خطته 4-4-2، ولم ينجح، فحلت الكارثة بعد ذلك بتعاقب المدربين رايفاتس وليكانس».
أكد محدثنا أنه لم يراهن ولو بنسبة ضئيلة على نجاح الفريق الوطني تحت إمرة المدرب البلجيكي جورج ليكانس. وتأكد من ذلك بحسبه، مع مرور المباريات في الغابون. وأضاف يقول: «أرى أن المدرب ليكانس محدود، فأنا تعجبت لما قام بتغيير في الدقيقة 92 بإدخال وسط ميدان دفاعي، ومنتخبنا الوطني منهزم في النتيجة، وحتى التغييرات في حد ذاتها خاب فيها. صحيح لا نلوم كثيرا المدرب لنقص الفترة التي درب فيها الفريق الوطني، لكن ألومه على ضعفه في تسيير أطوار المباراة، وكذلك على اللقطات غير الانضباطية لبعض اللاعبين كبراهيمي، والمناوشات التي حدثت بين سليماني وكادامورو».
قمري محمد رضوان (اللاعب الدولي السابق): أُقصينا بسبب غياب الإرادة والحرارة في اللعب عن لاعبينا
يرى قمري محمد رضوان أن الفريق الوطني أضحى بحاجة ماسة إلى مدرب كبير، باستطاعته إعادة الفريق الوطني فوق السكة الصحيحة، بعدما زاغ قطاره عنها في نهائيات كأس إفريقيا بالغابون، مؤكدا أنه لم يكن يتوقع ذلك الأداء الباهت من «الخضر» أمام منتخبات كانت في متناوله، بحسبه. وأضاف قائلا: «تفاجأت كثيرا لغياب الإرادة والحرارة في اللعب عن لاعبينا، كما عوّدونا على ذلك سنتي 2010 و2014. وفي الحقيقة، لم أفهم السبب في ذلك، فنحن نملك لاعبين كانت تتمنى المنتخبات التي واجهناها اللعب ضدها كمنتخب تونس، واصطادت المنتخب الوطني بسهولة، مما جعلني في حيرة الآن». وشدّد اللاعب الدولي السابق لسبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، على ضرورة جلب مدرب صاحب باع كبير في التدريب، يتمتع بشخصية قوية. وتابع في هذا الشأن: «نملك لاعبين محترفين على أعلى المستوى، يلزمهم بالتالي مدرب كبير لا يهادن في مسألة الانضباط، فنحن لا نعرف بالضبط ماذا حصل داخل غرف تبديل الملابس، لكن نقص الانضباط ظهر للعيان، ومنذ المقابلة الأولى ضد زيمبابوي، ظهر أن الأمور ليست على ما يرام، وللأسف حصدنا إقصاء مرا».
الحبيب بن ميمون (اللاعب الدولي السابق): كنت أفضّل خبرة سعدان مكان ليكانس
قال الحبيب بن ميمون اللاعب الدولي السابق، إن العديد من الأسباب وراء إقصاء المنتخب الوطني ومغادرته مبكرا نهائيات كأس إفريقيا للأمم الجارية وقائعها بالغابون، فصلها فيما يلي: «تغيير المدربين كان الخطأ الأساس الذي ارتكبه المشرفون على الفريق الوطني، إذ لم يتح لأي مدرب من المدربين الذين تعاقبوا على تدريب الفريق الوطني، فرض فلسفتهم، خاصة الأخيرين رايفاتس وليكانس، إضافة إلى التحضير المتذبذب، وقائمة اللاعبين التي فاجأتنا عموما، لأنه لم يمنح الوقت الكافي لبعضهم، في حين أن كأس إفريقيا يلزمها منتخب وطني جاهز من كافة النواحي، وتحضير جيد وبأهداف واضحة»، مضيفا: «لقد ساهم غياب الاستقرار عن مستوى العارضة الفنية في التراجع الكبير لمستوى الفريق الوطني. والمدرب الحالي ليكانس رغم إقراري أنه لا يصلح للفريق الوطني، إلا أنه وأي مدرب آخر في مكانه، لا يمكنه فعل معجزات في ثلاثة أشهر، كما ثمة لاعبون لم يقحموا في مناصبهم الأصلية كماندي، فخسرنا منصبين للظهير الأيمن، ومدافعا محوريا. وفي هذه المنافسة الإفريقية أرى أن الاعتماد كان على مدرب محلي أفضل كسعدان مثلا، صاحب الخبرة والدراية الكبيرتين بأدغال إفريقيا».
وختم قلب الهجوم السابق لفريق مولودية وهران قائلا: «لا أريد أن يُفهم من كلامي أنني ضد لاعبينا الحاليين، على العكس نحن نمتلك عناصر كبيرة، فقط لم يُجلب لهم مدرب في مستواهم، باستطاعته أن يجعل منهم مجموعة قوية مهابة الجانب. علينا بالعمل، فهذه مرحلة ستمر بكل سلبياتها وإيجابياتها، ويجب التعلم والاستفادة منها لكي نبني المستقبل».
احميدة تاسفاوت (اللاعب الدولي السابق): لاعبونا لم يقدّموا كل ما بجعبتهم
قال احميدة تاسفاوت اللاعب الدولي السابق، إنه حان الوقت لقول الحقيقة وتحديد المتسببين في سقوط الفريق الوطني وخروجه المخزي من نهائيات كأس إفريقيا للأمم بالغابون؛ «أنا أحمّل رئيس الاتحادية الجزائرية لكرة القدم محمد روراوة، مسؤولية إقصاء الفريق الوطني بتغييره العديد من المدربين في وقت كان يلزمنا مدرب كبير وقوي الشخصية، خاصة أن الفريق الوطني يمتلك لاعبين محترفين كبارا، فالمنطقي أن يقودهم مدرب كبير يفرض منطقه وشخصيته عليهم، درءا لاختلالات انضباطية قد تقع كما حصل في الغابون». وتابع الجناح الطائر لجمعية وهران يقول: «المعروف أن المشاكل التقنية تحل من قبل المديرية التقنية لا إدارة الاتحادية الجزائرية لكرة القدم، وهذا هو بداية الخلط والخطأ، ثم ظهر لي أمر لم أفهمه حقيقة، وهو أن لاعبينا لم يقدّموا كل ما بجعبتهم 100 في المائة خشية الإصابة، ربما بتحذير من فرقهم، فأنا لم أشاهد أنهم كسبوا ثنائيات كثيرة، وتحاشوا الالتحام مع منافسيهم، فقط قديورة من رأيته يفعل ذلك بسبب ضعفه التقني الذي عوّضه بالصراع البدني، عكس المنتخبات الأخرى التي فقدت أحسن لاعبيها لاندفاعهم الكبير فوق المستطيل الأخضر، وعليه أدعو إلى التحضير من الآن للمواعيد الدولية القادمة، خاصة إذا ما لم نتأهل لنهائيات كأس العالم 2018 بروسيا، وببعض اللاعبين من الجيل الحالي».