اليوم العالمي للعيش معًا في سلام

المصالحة الوطنية رصيد إضافي لقيم السلم

المصالحة الوطنية رصيد إضافي لقيم السلم
  • القراءات: 2064
مليكة.خ مليكة.خ

استوقفت تجربة الجزائر في مجال تكريس السلم والمصالحة الوطنية التي حقنت نزيف الدم استمر طيلة عشرية كاملة، أكثر من دولة، وأكثر من هيئة قارية أو دولية أشادت بمساعي الجزائر لحل النزاعات سلميا بالحوار والتفاوض بعيدا عن الحلول العسكرية المسلحة، لأن التجارب أثبتت أن المقاربات العسكرية جاءت دائما بنتائج عكسية.   وها هي جهود الجزائر المبذولة إقليميا وقاريا ودوليا تتوج باعتماد منظمة الأمم المتحدة لمقترحها باتخاذ يوم 16 ماي من كل سنة «يوما عالميا للعيش معًا في سلام» اعتبارا من هذا العام.

الاحتفال بالطبعة الأولى لهذا اليوم، يكتسي أهمية خاصة كونه يفتح الطريق لاستكشاف معاني شعار هذه المناسبة «العيش معًا في سلام» والمغزى من اعتماده، الأهداف المتوخاة منه، وأيضا خلفياته، في راهن عالمي مثخن بالضغائن والأحقاد والحروب التي كثيرا ما تغذيها النزاعات المتفشية هنا وهناك.

مبادرة «العيش معًا في سلام» التي تحسب على الجزائر التي لم تأل جهدا في التحسيس عبر المنتديات العالمية بترقية قيم السلم والمصالحة الوطنية انطلاقا من تجربتها التي أثبتت نجاحها في الميدان، لم تنطلق من فراغ، بل تحمل الكثير من الدلالات والرسائل السلمية لكافة دول المعمورة من أجل تفادي تكرار الأخطاء السابقة وفق مبدأ أن العنف لن يولد سوى العنف، وأن التسامح يبقى النهج الوحيد الذي لا يمكن للإنسانية أن تحيد عنه.

ولم يكن تعيين الجمعية العامة للأمم المتحدة، لليونيسكو كهيئة دولية مكلفة بتسهيل عملية إحياء هذا اليوم العالمي بالتعاون مع الهيئات الأخرى المختصة، سوى خطوة لتعميم هذه المعاني في المجتمعات العالمية، من خلال دعوتها للاستفادة من تجارب رائدة في هذا المجال، على غرار تجربة الجزائر في مجال المصالحة الوطنية.

ويمكن القول أن اعتماد هذا اليوم، يعد حقا ثمرة انتصارات الجزائر لأن ميثاق المصالحة الوطنية الذي زكاه الشعب بأغلبية ساحقة خرج من طابعه المحلي إلى العالمي، ليجسد بذلك حقا الأهداف المتوخاة من السياسة الخارجية للجزائر كبلد مصدر للسلم والأمن، ليس على المستوى الجهوي فحسب، وإنما على المستوى الدولي أيضا.

كما أن مبادرة الجزائر التي وافقت عليها 172 دولة، تؤكد لا محالة بأن عالم اليوم المثقل كاهله بالحروب والنزاعات ومظاهر الكراهية ورفض الآخر، أضحى ينزع إلى السلم والأمن والاستقرار، تجنبا للوقوع في مستنقعات الماضي وسنوات الدم والدموع، وخير دليل على ذلك اهتمام العديد من الدول بالتجربة الجزائرية في مجال المصالحة والرغبة في الاستفادة منها.

إن ما يضفي العالمية على مقاربة الجزائر في هذا المجال هو مواقفها المسجلة عبر المنتديات العالمية، فهي لم تتردد في الدعوة إلى ضرورة استبعاد العنف في حل النزاعات الدولية، وفق نظرة استشرافية طويلة الأمد، كما أنها ترجمت أقوالها إلى أفعال، من خلال مساهماتها في رأب الصدع بين الأطراف المتنازعة عبر وساطات قادتها بامتياز، كما هو الشأن في النزاع الإثيوبي-الإيريتري، علاوة على أزمة مالي، حيث احتضنت على أراضيها مفاوضات شاقة  بهدف لمّ شمل الأشقاء، أفضت في النهاية إلى إبرام اتفاق السلم والمصالحة الوطنية، في حين مازالت جهودها متواصلة لإيجاد حل للأزمة الليبية وفق حل يقرره أهل البلد أنفسهم.