الدكتورة حورية آيت قاسي:

المساعدات الإنسانية قد تكون سلاحا ذا حدين

المساعدات الإنسانية قد تكون سلاحا ذا حدين
  • القراءات: 941
❊أ.م ❊أ.م

أكدت الدكتورة حورية آيت قاسي، من جامعة "مولود معمري" بتيزي وزو،  مختصة في القانون الدولي، أن الأطفال يشكلون أكثر من نصف عدد اللاجئين في العالم، وهم الأكثر عرضة لانتهاك حقوقهم، موضحة أن حدوث النزاعات وما يترتب عنها من تمزق هياكل الأسر وانفصال الأطفال عن ذويهم، من شأنه أن يؤثر عليهم نفسيا وبدنيا، فيكونوا أول ضحايا العنف والاستغلال المصاحب لنزوح السكان وتدفق اللاجئين.

أشارت الأخصائية القانونية إلى أن حصول الأطفال على اللجوء لا يؤدي إلى انتهاء معاناتهم، حيث يتم إشراكهم في العمليات العسكرية. كما أن  المساعدات الإنسانية التي تقدم لهم قد تكون سلاحا ذا حدين، لأن علاقات القوة غير المتكافئة بين أفراد الوكالات الإنسانية والأطفال ضحايا النزاعات المسلحة، تشكل عاملا مساهما في تعرضهم لشكل جديد من العنف والاستغلال من طرف هذه الوكالات. وعليه، فإن أكبر تحد تواجهه الحماية الدولية للأطفال اللاجئين؛ صور الانتهاكات من قوات حفظ السلام  والمنظمات الإنسانية التي يفترض أنها مسؤولة عن تأمين الحماية والمساعدة لهم، أي حمايتهم ممن يفترض أنهم حماتهم، تقول المختصة "إن المساعدات الإنسانية قد تكون سلاحا ذا حدين بالنسبة للأطفال، لأن  علاقات القوة غير المتكافئة بين أفراد الوكالات الإنسانية، التي أُنشئت بهدف مساعدة الشعوب المتضررة جراء الأزمات والحروب، وبين الأطفال ضحايا النزاعات المسلحة، تعرضهم إلى شكل جديد من العنف والاستغلال من طرف أفراد هذه الوكالات الإنسانية، حيث كشفت تقارير صادرة عن منظمة الأمم المتحدة نفسها عن فضائح أخلاقية، تستهدف أطفالا فقدوا كل  شيء بسبب النزاعات المسلحة، وهم اليوم يتعرضون للاستغلال من طرف أولئك الذين كلفتهم المجموعة الدولية بحمايتهم وتقديم المساعدة لهم".

تضيف أن مثل هذه الممارسات تشكل تعسفا في استخدام السلطة، وهو بالتأكيد أكثر أشكال الاستغلال همجية، وهي انتهاك واضح وصريح لأخلاقيات الوظيفة، فضلا عن مساسها الخطير بحقوق الإنسان. من بين الوكالات التي نسبت إليها مثل هذه الانتهاكات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، المنظمة الدولية للصليب الأحمر، برنامج الأغذية العالمي، برنامج متطوعي الأمم المتحدة، وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى، إدارة عمليات حفظ السلام...الخ، ما كشفته وتكشفه الأحداث والتقارير حول انتشار الاستغلال الجنسي للأطفال اللاجئين من قبل موظفي الوكالات الإنسانية والأمم المتحدة، أن بعض الموظفين في منظمات إنسانية، كانوا بصدد التحقيق في مزاعم استغلال الأطفال جنسيا، قبل أن ينخرطوا في اعتداءات جنسية بحق هؤلاء الأطفال.

مع ذلك، فإن هذه المشكلة ليست جديدة، لقد أفسدت الفضائح الجنسية قطاع المساعدات الإنسانية الدولية لأكثر من عشرين عاما، وتم الإبلاغ عن الاستغلال والانتهاك الجنسي، تقريبا في كل المناطق التي تعمل فيها الأمم المتحدة. تؤكد الدكتورة آيت قاسي بالقول "لقد دقّت المفوضية ناقوس الخطر منذ سنوات، من خلال توجيهاتها بشأن العنف الجنسي واللاجئين، حيث أقرت صراحة بتورط عاملين في المخيمات الدولية في العنف الجنسي ضد اللاجئين". مشيرة إلى أن خدمات جنسية كانت تفرض مقابل المساعدة أو حتى الحصول على مركز اللاجئ، غير أن مسألة حماية اللاجئين من تهديدات العاملين في المجال الإنساني لم تنل الاهتمام إلا بعد نشر تقرير مشترك لمفوضية اللاجئين، واتحاد إنقاذ الأطفال في بريطانيا عن الاستغلال الجنسي للأطفال اللاجئين في غربي إفريقيا.

أضافت الدكتورة "كشف التقرير عن فضائح تورط مؤسسات تحظى باحترام في المجتمع، بما في ذلك رجال الدين وإدارات مدارس، وقوات حفظ السلام الذين تبين أنهم يقايضون الجنس مع أطفال من اللاجئين مقابل تلبية حاجتهم، ووثّق التقرير المزاعم ضد العديد من الوكالات الإنسانية، وكانت الأرقام في حد ذاتها صادمة. فقد أحدثت إدراكا مفاجئا في أوساط الوكالات التي ربما كانت تحاول معالجة هذه المسائل بصمت منذ سنوات، بأن هذه مشكلة جماعية ذات أبعاد كبيرة، لا مشكلة فردية على نطاق ضيق. فقد أظهر التقرير أن الاستغلال الجنسي ظاهرة متوطنة في مخيمات اللاجئين بغرب إفريقيا، وظهرت هذه الممارسة بشكل بارز في برامج المساعدة لغينيا وليبيريا وسيراليون.. وما يدعو إلى الأسف، أن هذه الظاهرة أصبحت متكررة".

تشرح بالقول "تؤكد ذلك عدة تقارير لاحقة تدين عدة وكالات إنسانية، من خلال القيام بأعمال الاستغلال الجنسي للأطفال اللاجئين، مثل منظمة "أوكسفام" البريطانية، التي كشفت عن انتشار الاستغلال الجنسي، بعد زلزال هايتي في 2010، خصوصا في حق الأطفال، واتهام نحو 120 موظفا باعتداءات وانتهاكات جنسية. يعتقد على نطاق واسع، أن  الاعتداءات أوسع مما توصلت إليه التحقيقات الأولية. وكذلك اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي اعترفت أن 21 من موظفيها، إما فُصلوا أو استقالوا منذ عام 2015، بسبب الاستغلال الجنسي للأطفال اللاجئين. كما أعلنت منظمة أطباء بلا حدود عام 2017، عن أنها تلقت 40 شكوى تتعلق بالتحرش والاعتداء الجنسي، قام بها موظفون تابعون لها.

كما لفت المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان الانتباه إلى الدراسة التي صدرت عن صندوق الأمم المتحدة، بعنوان "أصوات من سوريا 2018"، أكدت أن مقايضة الجنس مقابل المساعدات الإنسانية، هي ممارسة متبعة في مختلف المحافظات السورية، وبصورة أكثر انتشارا في جنوب سوريا.

أضافت الدكتورة قائلة بأن منظمة الأمم المتحدة نفسها انخرطت في فضائح، على مدى السنوات الماضية. تقول "أشارت التقارير إلى اعتداءات جنسية في حق الأطفال، خصوصا في المجتمعات المحلية الضعيفة نتيجة الفقر والحروب، على غرار البوسنة والهرسك، كوسوفو، كمبوديا، تيمور الشرقية، غرب أفريقيا، جمهورية الكونغو، هايتي، ليبيريا وجنوب السودان. والأفظع في قضايا الاستغلال التي مارسها بعض جنود وموظفي البعثات الأممية في حق أطفال في أفريقيا، تستر الأمم المتحدة على تلك الفضائح والممارسات البشعة إلى غاية أكتوبر 2017، حيث اعترفت من خلال تقارير رسمية، بأن موظفي الأمم المتحدة الميدانيين متورطون في عدة قضايا استغلال جنسي للأطفال".

 

أ.م