السيدة شهيرة قروابي لـ "لمساء":
المرأة في صراع كي تثبت وجودها

- 2746

في حياتنا الكثير من المحطات والمرامي التي نحاول تحقيقها، سواء إرضاء للذات أوتحقيقا لأمنية، وفي كلّ مرة نحاول تجاوز الكثير من الصعاب والمثبطات، متحلين في ذلك بالصبر والإصرار على الوصول نحو الآفاق البعيدة، والسيدة شهيرة قروابي من النساء الجزائريات اللواتي تسلحن بالعزيمة والقوّة لنيل المقاصد ورفع راية الفن الأصيل ومتابعة مسار عملاق من عمالقة الجزائر، رسّخ اسمه في تاريخها الموسيقي والفني، وأسس لمدرسة في أغنية الشعبي .. إنه زوجها الراحل الهاشمي قروابي. "المساء"، وهي تحتفي بشقائق الرجال في يومهن العالمي، طرحت بعض الأسئلة على السيدة شهيرة قروابي التي وافقت برحابة صدر على الرد عليها.
❊❊ تترأسين جمعية ثقافية ناشطة تعنى بالحفاظ على جزء من ذاكرتنا الثقافية، كيف ترين الدور الذي تقومين به؟
— يجب التذكير أوّلا بأنّ الجمعية الثقافية "الهاشمي قروابي" أُنشئت بأمنية من المرحوم الهاشمي قروابي، التي أرادها من أعماق قلبه قبل وفاته، ولم ينس أن يذكّرني بها أياّما قبل وفاته، فعملت بكلّ ما أوتيت من قوّة كي أحقّق له هذه الأمنية حتى وإن لم يعد من هذا العالم.. وفي هذا السياق، يجب أن أشكر كلّ محبيه وأصدقائه وكثير من الفنانين الذين وقفوا ومازالوا واقفين إلى جانبي منذ طرح فكرة الإنشاء إلى يومنا هذا.
هذه الجمعية ليست جمعية شهيرة قروابي، أرملة الفنان الراحل قروابي، بل هي جمعية مفتوحة لكلّ الجزائريين بدون استثناء، ولكلّ محبي المرحوم.. والجمعية في حضورها المناسباتي وكلّ أنشطتها الثقافية والفنيّة والاجتماعية تسعى لأن تكون فاعلة في المشهد الثقافي الجزائري. وبالمناسبة، وإحياء لذكرى وتراث أحد أعمدة الفنّ في الجزائر. دوري ليس بأكثر أهمّية من دور كلّ أعضاء الجمعية الذين كرّموني بشرف تسييرها تقديرا واحتراما للهاشمي قروابي.
❊❊ في نظرك لو أسندت للمرأة المسؤولية كلّ في مجالها، هل ستخلق التميّز؟
— هذا لا يثير أدنى شكّ أبدا، المرأة قادرة على تحمّل المسؤولية مثلها مثل الرجل، وأعتقد أنّها في كثير من المجالات هي قادرة أكثر من الرجل، وليس المجال اليوم أن تطلب المرأة إسناد المسؤولية لأنّها استطاعت أن تقتطع لنفسها بإمكاناتها وملكاتها، مسؤوليات عديدة في المجتمع، سواء في الجزائر أوعبر العالم.. الإشكال في من يسند لها هذه المسؤولية، إن كان الأمر بيد الرجل، فمعنى هذا أنّها مازالت تعتبر قاصرة أمامه، أن تصل المرأة إلى المسؤوليات، فهذا يجب أن يكون بجهدها وقدراتها وليس بقرار وقبول من الرجل، أضيف أنّ المرأة لها ملكة خلق التميّز.
❊❊ وما هي حسبك العراقيل التي يمكن أن تعيق هذا التميز؟
— العراقيل هي النظرة القاصرة للرجل تجاه المرأة، ولكن هي أيضا نظرة المرأة إلى نفسها، في الجزائر هناك أيضا نظرة الأسرة والمحيط الاجتماعي، هناك كذلك الأفكار المسبقة والفكر المغلق وحتى النظرة الإزدرائية للمرأة المسؤولة، أولنقل للمرأة المثقّفة والمتحرّرة من عقد الأفكار البالية..المجتمع يتطوّر ويرقى بالرجل وبالمرأة وليس بأحدهما فقط.
❊❊ تعتبرين امرأة ناشطة وفاعلة في المجتمع، كيف تخطيت النظرة الذكورية للمجتمع؟
— أنا لم أتخطّ شيئا..أنا كما أنا، وأتعامل مع هذه النظرة الذكورية للمجتمع بالنشاط والعمل، لست من الصنف الذي يتحدّى الرجل، بل أعتقد أنّ الرجل والمرأة متساويان، متكاملان. إلاّ أنّني أرفض نظرات الاحتقار عند الرجل أو وسط المجتمع، وكثيرا ما أستعمل هذه العبارة في نقاشاتي…"المرأة هي الجدّة، الأمّ، الأخت، الزوجة والبنت".
❊❊ عشت لسنوات طويلة مع شيخنا الراحل الحاج الهاشمي قروابي، لو طلب منك وصف هذه العشرة، ماذا تقولين؟
— هي حياة عامرة وهادئة، حياة غنيّة بالأحاسيس القويّة والجميلة، حياة جمعت العائلة بالفن، لكن كنّا نعيش الحياتين دون تأثير الواحدة على الأخرى، كان بيننا حب كبير وثقة كبيرة، قمت أنا بدوري كزوجة فنّان وكامرأة.. كان زوجا شاعريا وأبا حنونا.
❊❊ كيف ترين المرأة الجزائرية وما حقّقته في شتى المجالات ؟
— لست في مقام يمكّنني من رصد كلّ المجالات، لكن الأمس لا يشبه اليوم، فالمرأة الجزائرية كان من المفترض أن ترقى إلى أكثر من هذا لولا ما عرفته من محن عبر التاريخ القريب جدّا، لقد عانت ويلات الاستعمار أكثر من الرجل، ثمّ عانت في نضالها من أجل مكانة مميّزة في المجتمع، كما أنّها كانت الضحيّة الأولى خلال سنوات الإرهاب، وهي اليوم في صراع من أجل أن تثبت وجودها، وبعض الأسماء عندما أذكرها، أقول إنّ كلّ هذه الهموم والمحن والتضحيات، لم تذهب سدى، فأسماء، على سبيل الذكر لا الحصر، كجميلة بوحيرد، أحلام مستغانمي، سعاد ماسي وغيرهنّ كثيرات، تجعلنا فخورات بكوننا جزائريات.