5 ضحايا في أقل من 24 ساعة بخنشلة

المدافىء المغشوشة قنابل موقوتة

المدافىء المغشوشة قنابل موقوتة
  • القراءات: 2266
ع.ز/بوجمعة ذيب ع.ز/بوجمعة ذيب

مع بداية كلّ فصل شتاء، يتعرّض مواطنو ولاية خنشلة لحوادث مأساوية وحالات إنسانية مؤلمة تسبّب الأسى والحزن لدى الكثيرين، وأصبحت مسائل تقلق الرأي العام المحلي، رغم الحملات التحسيسية والتوعوية التي تقوم بها مديرية الحماية المدنية عبر مختلف بلديات الولاية، حيث تم خلال الأسبوع الماضي إحصاء وفاة 5 أشخاص اختناقا بالغاز وإنقاذ 20 آخرين من الموت المحقّق بعد استنشاقهم غاز أحادي أكسيد الكربون.

في هذا السياق، تمّ في المناطق الريفية والتجمّعات السكنية الثانوية تسجيل حالات اختناق ناجمة عن المدافئ التقليدية المشتغلة بمادة المازوت والحطب لغياب غاز المدينة، ولم يتوقّف الأمر هنا، بل تعدى إلى المؤسّسات التربوية خاصة المدارس الابتدائية منها، التي تعاني من غياب كلي لظروف التمدرس، لاسيما وسائل التدفئة، ولم تحرّك السلطات المحلية عبر العديد من البلديات ساكنا لتجديد هذه المدافئ التي أضحت اليوم قنابل موقوقة تهدّد سلامة التلاميذ والمعلمين، حيث تمّ خلال الاضطراب الجوي الأخير إحصاء انفجار مدفأتين داخل مؤسستين تربويتين ببلديتي خنشلة والحامة.

5 وفيات وإسعاف 20 آخرين خلال 24 ساعة 

سجّلت مصالح الحماية المدنية لولاية خنشلة في أقل من 24 ساعة خلال الاضطراب الجوي الذي عرفته الولاية، وفاة 6 أشخاص اختناقا بالغاز، وإسعاف ما يزيد عن 20 آخرين، تعرّضوا لاستنشاق غاز أحادي أكسيد الكربون، وهي حصيلة ثقيلة جدا مقارنة بالسنوات الماضية، وذهبت بعض المصادر لتؤكّد أنّ هذه الحصيلة المسجّلة في أقل من 24 ساعة، تعادل الحصيلة المسجّلة في السنوات الماضية، رغم الحملات التحسيسية من مخاطر تسرّبات الغاز التي أطلقتها مديرية الحماية المدنية لولاية خنشلة، ومختلف الفاعلين على مستوى كلّ بلديات الولاية، بهدف شرح وتقديم النصائح حول كيفية استعمال أجهزة الغاز داخل المنازل للتقليص من مخاطر تسرب غاز أحادي أكسيد الكربون، وإعطاء توضيحات مبسّطة حول خصائص الغاز والقواعد الواجب اتّباعها عند استعمال المدفئات، وضرورة إجراء صيانة لتلك الأجهزة وتخصيص نظام التهوية.

هذه الأيام التحسيسية جابت أيضا مختلف المعاهد والمؤسسات التربوية بتقديم النصائح والتوجيهات الضرورية للتلاميذ والمتربّصين لتفادي مختلف الحوادث المنزلية، خاصة ما تعلّق بتسرّبات الغاز، كما تمّ تخصيص أجنحة عبر كلّ وحدات الحماية المدنية بمختلف دوائر خنشلة، خاصة بمبادئ الإسعافات الأولية من خلال إعطاء تمارين تطبيقية لنشر الثقافة الوقائية.

على الرغم من كلّ هذا، لا زال الكثير من الخنشليين بحاجة أكثر لحملات أخرى، لزيادة الوعي وإدراك مخاطر الغاز التي أصبحت نقمة لدى البعض، حيث وجب أيضا رغم مجهودات مصالح الحماية المدنية إعداد مخطّط وطني تشارك في وضعه العديد من القطاعات، على غرار الشؤون الدينية، التجارة، السكن ومختلف القطاعات الأخرى المعنية بالأمر، وما يؤكّد صعوبة الوضع هو خطر الاختناقات بأحادي أكسيد الكربون الناجم عن المدافىء التقليدية، في غياب الغاز الطبيعي.

أمام التقلّبات الجوية التي اتّسمت خلال الفترة الماضية بتساقط كميات معتبرة من الثلوج، وموجة الصقيع والجليد، لاسيما بالمناطق الجبلية لولاية خنشلة، على غرار بلديات دوائر بوحمامة، قايس، الحامة، أولاد رشاش وكذا عين الطويلة، اضطر السكان لاستعمال الحطب أو المواقد للتدفئة، وهو ما ينجم عنه أخطار مضاعفة لاسيما في غياب التهوية، وعدم مراعاة شروط السلامة، حيث سجّلت مصالح الحماية المدنية خلال فترة قصيرة تعرّض 20 شخصا للاختناق، ولحسن الحظ تم إسعافهم بعد التدخّل السريع لمصالح الحماية المدنية.

تسرّب الغاز بسبب اهتراء الوسائل

أخطار تسرّب الغاز انتشرت أيضا في المؤسّسات التربوية خاصة المدارس الابتدائية من خلال تسجيل حادثتين خطيرتين في أقلّ من أسبوع خلال الاضطرابات الجوية، تمثل في انفجار مدفأة داخل مؤسستين تربويتين ببلديتي خنشلة والحامة، حيث تدخلت مصالح الحماية المدنية لولاية خنشلة لإخماد حريقين دون تسجيل خسائر بشرية، الحريق الأوّل نجم على إثر انفجار مدفأة داخل قسم بالمدرسة الابتدائية  «الطيب محمد» بحي طريق العيزار في مدينة خنشلة، ولحسن الحظ تزامنت الحادثة مع وجود التلاميذ خارج المؤسسة التربوية، مما جنب تسجيل خسائر بشرية حسب المكلف بالإعلام بمديرية الحماية المدنية بخنشلة، السيد محمد يزيد مرغاد.

الحريق الثاني نجم أيضا عن انفجار مدفأة تشتغل بالمازوت بمدرسة «عبد القادر بوهلالة» ببلدية الحامة.

لعلّ أهم سبب في بروز هذه الحوادث داخل المؤسّسات التربوية في الطور الابتدائي، يعود إلى كونها تعاني في معظمها من اهتراء وقدم جميع وسائل التدفئة داخل الأقسام، باعتبار أنّها تحت إشراف وتسيير البلديات التي كثيرا ما تتماطل في عملية تجديدها لأسباب مختلفة، فبعض البلديات تعاني من عجز مالي وشحّ في الموارد المالية، وهو ما يدفعها إلى التخلي عن واجباتها في تهيئة وإعادة الاعتبار وتحسين ظروف التمدرس داخل المؤسسات التربوية.

احتجاجات بسبب غياب التدفئة

تعاني مدارس أخرى خاصة بالمناطق الريفية والمعزولة، من غياب كلي لوسائل التدفئة على غرار بلديات يابوس، طامزة، بوحمامة، شليا، بابار، أولاد رشاش وغيرها، وهو ما دفع أولياء التلاميذ للاحتجاج ومنع أبنائهم من الدراسة، في مناسبات عديدة، خاصة أثناء فترة تساقط الثلوج والتقلّبات الجوية، وشملت أيضا هذه الحركات الاحتجاجية بعض مؤسّسات الطور الثانوي.

في هذا السياق، نظّم تلاميذ ثانوية «إبراهيم مازوزي» ببلدية يابوس حركة احتجاجية أمام مقر المؤسّسة، مع الدخول في اعتصام مفتوح بسبب غياب ظروف التمدرس، خاصة ما تعلّق بالتدفئة، حيث اضطر التلاميذ إلى مقاطعة الدراسة لأكثر من أسبوع بعد الاضطرابات الجوية وتساقط الثلوج وانخفاض في درجات الحرارة التي شهدتها المنطقة الجبلية المعروفة ببرودتها الشديدة.

وطالب التلاميذ بتوفير وسائل التدفئة داخل الأقسام، وكذا إعادة فتح المطعم المدرسي الذي أغلق لأسباب تبقى مجهولة، في ظلّ نقص اليد العاملة والمشرفين على التغذية المدرسية ببلدية يابوس، وهو ما يحرم الثانويين من الوجبات الساخنة في عزّ أيام الشتاء، لاسيما القادمين من مختلف المناطق الريفية والمعزولة.

وناشد أولياء التلاميذ السيد والي الولاية التدخّل العاجل لإنقاذ أبنائهم من شبح التسرّب المدرسي، كما احتج عشرات أولياء تلاميذ ابتدائية «الشهيد الشاذلي مرابط» ببلدية متوسة في وقت سابق، رافضين التحاق أبنائهم بمقاعد الدراسة، ودعوا إلى تدخّل السلطات الوصية العاجل، بعد الأوضاع الكارثية التي آلت إليها المؤسسة التي تعتبر من أقدم المدارس بالبلدية، ومع عجز السلطات المحلية ممثلة في المجالس البلدية عن توفير ضروريات التمدرس الجيد للتلاميذ، تبقى المؤسسات التربوية المجهزة بالمدافئ التقليدية قنابل موقوتة تهدد حياة التلاميذ والمعلمين.   

غياب ثقافة الصيانة وراء الاختناقات بالغاز

تباينت آراء المواطنين بخنشلة، حول أهم الأسباب الاختناق بغاز أوّل أكسيد الكربون، حيث أكّد بعض من التقتهم «المساء» غياب الثقافة الوقائية لدى المواطنين، بينما يرى بعضهم أنّ النوعية غير الأصلية لوسائل التدفئة هي أيضا من بين أسباب هذه الاختناقات، فتزامنا مع الفترة الشتوية، عادة ما يتوجّه المواطنون إلى شراء أجهزة التدفئة، ومع قلة وعي بعض المستهلكين، يشترون مدافئ معاد تصنيعها، رغم وفرة الإنتاج المحلي والأجنبي بعلامات مختلفة.

تلقى المدافئ المعاد تصنيعها رواجا كبيرا في الأسواق بسبب أسعارها المنخفضة، رغم النداءات المتكرّرة لمختلف المصالح، بضرورة تجنّب مثل هذه الأنواع التي تشكّل خطرا على سلامة المواطنين، حيث تعتبر من أهم أسباب نشوب الحرائق والحوادث المنزلية.

في هذا الشأن، أكّد العديد من التجار أنّ منتوجاتهم تباع وفقا لشروط السلامة، ويسعون إلى تقديم النصائح والتوجيهات للمستهلكين الذين يرغبون في اقتناء مختلف الوسائل الكهرومنزلية، بينما ترى مصالح الحماية المدنية أنّ السبب الرئيسي لمختلف الحوادث المنزلية خاصة الاختناقات بغاز أول أكسيد الكربون، يعود بالدرجة الأولى إلى غياب الثقافة الوقائية لدى المواطنين، رغم ما تمّ تنظيمه من حملات تحسيسية دورية ومتواصلة قبل وأثناء الفترة الشتوية.وأشار المكلف بالإعلام محمد يزيد مرغاد إلى وجود خطوات عملية بسيطة، لو تمّ فعلا العمل بها لن تكون هناك ضحايا ولا اختناقات، حيث وجب على المواطنين قبل استعمال وسائل التدفئة، عرضها على المختصين من أجل مراقبتها، لصيانتها، وتحديد مدة صلاحيتها، مع ضرورة تركيبها من قبل أشخاص مؤهلين، مؤكدا على ضرورة التأكّد من إبعاد المدافئ عن المواد القابلة للاشتعال، على غرار الأفرشة والمنتوجات الصوفية، مع إلزامية ترك أماكن التهوية والتأكّد من سلامة التوصيلات التي يجب أن تكون طبقا للمواصفات الآمنة.

تكثيف عمليات المراقبة 

من جهتها، شرعت مديرية التجارة بعد انتشار حالات الاختناق الناجمة عن تسربات الغاز على مستوى ولاية خنشلة، في تكثيف عمليات المراقبة للمحلات التجارية الخاصة بالأجهزة الكهرومنزلية، وفقا للبرنامج الذي سطّرته وزارة التجارة، حيث شملت هذه العملية مختلف نقاط بيع أجهزة التدفئة والتسخين، بالكشف عن شهادة ضمان المنتوج ومطابقته لشروط السلامة، وتم إحصاء ما يقارب 174 تدخلا عبر مختلف دوائر الولاية، تم على إثرها اكتشاف 8 حالات غير مطابقة لشهادة الضمان خاصة بسخانات المياه، و10مخالفات تتعلق بعدم مطابقة المنتوج حول علامات مغشوشة لأجهزة التدفئة، أما بالنسبة لأنابيب الغاز والتوصيل فقد تم اقتطاع 12 عينة من مختلف العلامات، وبعد التحقيقات والتحاليل تبيّن أنّ 3 منها غير مطابقة لشروط السلامة التي تحمي المواطنين من الحوادث المنزلية، لتبقى الثقافة الوقائية الرهان الأساسي للوصول إلى شتاء دافئ وآمن بولاية خنشلة. 

سكيكدة  ....نقص التدفئة المدرسية يثير استياء الأولياء

ما تزال العديد من المؤسسات التربوية المتواجدة بولاية سكيكدة، والتابعة للأطوار الثلاثة بالخصوص تلك المتواجدة بالمناطق الداخلية، تعاني من نقص فادح في التدفئة المدرسية بسبب عدم تزويدها بالوقود من جهة، ومن جهة أخرى لتعرّضها للأعطاب، فيما تبقى بعض المؤسسات التربوية دون مدافئ، حيث كشفت رداءة الأحوال الجوية التي اجتاحت وما تزال الولاية، خاصة المناطق الجبلية، سواء تلك المتواجدة بالناحية الغربية أو الشرقية أو حتى الجنوبية من الولاية بما في ذلك عاصمة الولاية المستور.

يتجلى ذلك من خلال إقدام عدد من الأولياء، نهاية الأسبوع الأخير، على تنظيم وقفات احتجاجية أمام بعض المؤسّسات التربوية، للتعبير عن استيائهم لعدم توفّر التدفئة المدرسية، كما هو الحال بمدرسة «محمد الصالح صايفي» بعزابة، كما منع الأولياء أبناءهم من الالتحاق بمدرسة «بير الفرينة» بنواحي عزابة بسبب غياب التدفئة، ونفس الشيء وقع على مستوى المدرسة الواقعة بالمكان المعروف باسم «33» ببلدية حمادي كرومة، حيث عبر الأولياء عن استيائهم لغياب غاز المدينة بالمؤسسة التعليمية.

وبمرتفعات بوعباز بمدينة سكيكدة،، تجمع الأولياء أمام المتوسطة للتنديد بغياب التدفئة داخل الأقسام، فيما تعاني بعض المؤسسات من نفس المشكل، بسبب تأخّر عملية صيانة وتجديد أنظمة التدفئة المدرسية، في حين أنّ المدارس المتواجدة بالجهة الغربية من الولاية، لاسيما الجبلية منها، تعاني هي الأخرى من نفس المشكل، بسبب نقص في الصيانة، وكذا ربط المدارس بالتدفئة المركزية التي فرضتها سياسة ترشيد النفقات، بالرغم من التعليمات التي توليها السلطات الولائية فيما يخصّ إعطاء الأولوية للنقل المدرسي وتزويد المؤسّسات بالتدفئة التي تبقى ناقصة بسبب نقص عملية الصيانة والتجديد.

رئيس بلدية خناق مايون المتواجدة بالمصيف القلي، أكد من جهته لـ«المساء» أنّ بلديته لا تعاني في الوقت من مشكل التدفئة المدرسية، على أساس أنها زودت المدارس الثلاث التابعة لها بالتدفئة المركزية، زيادة على الاحتياط الذي اتّخذته فيما يخصّ توفير مادة المازوت بكميات كبيرة، فيما أكّد مصدر آخر من المجلس الشعبي الولائي، بأنّ مشكل التدفئة ليس مطروحا  بالشكل الذي يروّج له وإن وجد فهو مشكل استثنائي، خاصة أنّ الولاية ترصد كلّ سنة موارد مالية جدّ معتبرة، لتزويد المؤسّسات التربوية، خاصة المدارس المتواجدة بالمناطق النائية بالتدفئة.للإشارة، حاولت «المساء» الاتصال أمس بالمكلف بالإعلام على مستوى المديرية لتزويدها بالمعلومات حول موضوع التدفئة المدرسية، لكنّها لم تتمكّن من ذلك.

للتذكير، أعطيت تعليمات صارمة لكلّ مديري المؤسسات التربوية بالولاية للأطوار الثلاثة، العمل من أجل التقيّد بالتعليمات المتعلّقة بترشيد النفقات بالخصوص الجانب المتعلق بالتجهيز، مع التأكيد على ضرورة الحرص على الحفاظ على ما هو موجود من التلف.