الدكتور زيان سعيد لـ "المساء":

المختطف غير متزن اجتماعيا ونفسيا

المختطف غير متزن اجتماعيا ونفسيا
  • 1460
أحلام محي الدين أحلام محي الدين

أكد الدكتور زيان سعيد من جامعة الجزائر 2، قسم علوم التربية وعلم النفس وعضو بالوحدة الوطنية للبحث في العلوم العصبية المعرفية، أن "بسيكوز" الاختطاف قد ألقى بظلاله على المجتمع ككل؛ لما لها من تأثيرات سلبية اجتماعية ونفسية على الأطراف؛ سواء المتضررة أو المتأثرة بالحالة من بعيد، على غرار محيط المختطَف، كالحي والمدرسة وزملاء الدراسة، الذين يتأثرون بدورهم سلبا، ويُحرَمون من تحصيل علمي جيد. يقول المختص في علم النفس زيان في تشريح الظاهرة: "اختطاف الأطفال أصبح ظاهرة اجتماعية نفسية بالمفهوم السوسيولوجي للكلمة، ولها تأثيرها النفسي والاجتماعي على المختطَف أو الضحية وعلى أسرته ومحيطه الجواري، أو الحي الذي يقطن به، وهو ما يفسر وقوف الأولياء عند أبواب المدارس، وأحيانا حتى الإخوة، وقيامهم بدور الحراسة؛ مما يؤكد أن الظاهرة أصبحت بسيكوز؛ أي مرضا نفسيا وهاجسا يعيشه الأولياء، وبالتالي نرى أن آثارها كبيرة، تمتد إلى نوعية حياة الأفراد؛ حيث يصبح الخوف والقلق ملازمين للناس. 

وفيما يخص نفسية الطفل الضحية وعائلته قال المختص: "من الناحية النفسية يحدث له ما يسمى بالانهيار العصبي والنفسي؛ كون الطفل لا يفهم ما حدث معه وأسباب حدوث الفعل معه، لأنه لم يصل بعد إلى تحليل ما حدث له بطريقة موضوعية؛ فهو يرى أن الأسرة قد تخلت عنه وأنها غير قادرة على حمايته، وبالتالي يحدث معه قلق الانفصال الناتج عن الظاهرة. أما من ناحية الأولياء، فبمجرد اختطاف الطفل فكل أفراد الأسرة الصغيرة والعائلة الكبيرة يصبحون في حالة رعب نفسي، فالكل يبحثون عن الطفل، والكل يعيشون حالة ترقب وخوف في انتظار عودته". ويشرح الدكتور زيان الحالة بقوله: "الأسرة تجد نفسها غير قادرة على حماية طفلها، فتعجز نفسيا، وهذا يؤثر على العلاقة بين أفرادها، فتوجَّه كلمات اللوم للأم، التي تحمَّل مسؤولية ما حدث بسبب طبيعة المجتمع الذي يُرجع كل شيء إيجابي إلى الأب، والسلبي، للأسف، يلقيه على الأم، التي تتحمل بدورها اللوم والألم النفسي والعذاب بفعل اختطاف فلذة كبدها. كما تشعر الأسرة ككل بأنها غير محمية أمنيا، وهنا تتزعزع الثقة بين الأسرة والمؤسسات الأمنية والاجتماعية والإدارية، وهو ما يفسر مرافقة الأولياء الأبناء إلى المدرسة، كما لا يبرحون المكان إلا بعدما يتأكدون من دخولهم الأقسام". 

وفيما يخص التأثيرات النفسية على المحيط الاجتماعي قال محدثنا: "هناك خوف من الوصول إلى المدرسة وعدم إيجاد الطفل بها، فيعيش الجميع فوبيا علائقية بسبب الخوف من الاختطاف، لأن المحيط لا يحقق له الحماية، وهنا يتخلخل الاتزان النفسي للطفل، فتصبح المدرسة هاجسا رغم أنها منبع الأمان والعلم والتفوق، حيث يقضي الطفل بفعل ما يسمعه وما يعيشه، وقته في التفكير؛ هل سيجد والديه أمام الباب وقت الخروج؟ وبسبب هذه المخاوف لا يستطيع الطفل التركيز في الدراسة، ومنه يكون تحصيله العلمي ضعيفا". وأضاف محدثنا: "حتى المعلمين ومدير المدرسة تؤثر فيهم الفعلة، كما يتأثر معهم بقية أفراد القسم". 

المختطِف حيوان متوحش

وأشار المختص إلى أن المختطِف شخص غير متزن نفسيا ولا اجتماعيا ولا ماديا، لأن الإنسان السوي لا يتصور اختطاف طفله، علما أن أغلب حالات الاختطاف تحدث من باب الابتزاز أو الانتقام في بعض الحالات بين الأقارب، مضيفا أن من يقوم بالاختطاف غائب الضمير؛ لأنه حتى لو كان يعاني احتياجات مادية لا يستخدم الطفل كوسيلة ضغط وبأسلوب حيواني.