تكريسا لمفهوم الدولة الاجتماعية

المجتمع المدني.. من العمل الجواري إلى تنفيذ البرامج التنموية

المجتمع المدني.. من العمل الجواري إلى تنفيذ البرامج التنموية
  • القراءات: 921
رشيدة بلال رشيدة بلال

عرفت فعاليات المجتمع المدني بعد قرار رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون إنشاء المرصد الوطني للمجتمع المدني كهيئة استشارية مهمتها الاقتراح والتحليل والاستشراف والمساهمة في تفعيل البرامج التنموية، عودة قويّة من خلال المشاركة الفاعلة في مختلف البرامج التنموية والمبادرة إلى طرح الأفكار المبتكرة، وهو الأمر الذي جعلها تتحوّل من مجرّد هياكل تضامنية موسمية إلى مؤسّسات وتنظيمات يعوّل عليها لتحقيق التنمية المحلية وإيصال صوت المواطن وانشغالاته.

كان لفعاليات المجتمع المدني خلال جائحة "كورونا" دور كبير في دعم مؤسّسات الدولة، ما دفع برئيس الجمهورية عبد المجيد تبون إلى الإعلان عن تأسيس مرصد وطني للمجتمع المدني، وتثمينا منه للدور الفعّال الذي يلعبه المجتمع المدني في تحقيق التنمية الاجتماعية على مختلف الأصعدة الاجتماعية والصحية والخيرية، وكان من أثار التأسيس لهذا المرصد الذي يعد بمثابة الهيئة الاستشارية، إعطاء شرعية أكبر لوجود المجتمع المدني في الميدان وكان من نتائجه مسارعة بعض الفاعلين في المجتمع إلى تنظيم أنفسهم في شكل جمعيات مثل "منتدى الأمن الصحي البحث والتنمية" الذي يضمّ ثلة من المختصين والباحثين في المجال الطبي للمساهمة من خلال برامجهم المسطرة في مختلف المشاريع التنموية لدعم جهود مؤسّسات الدولة في الميدان.

تحقيق مفهوم الدولة الاجتماعية

ظهرت جهود المجتمع المدني بشكل فعّال في الحملة الوطنية للنظافة التي أطلقت مطلع أكتوبر المنصرم وكان له دور كبير في نجاحها بالأحياء والمدن، من خلال الالتفاف حول مؤسّسات الدولة والمشاركة في تنظيف المحيط، فضلا عن دوره البارز في تفعيل مختلف البرامج التنمية، كما برز تواجده الفعّال عقب الحرائق التي شهدها الشرق الجزائري وتحديدا في كل من الطارف والقالة وسوق أهراس، حيث أطّر هبات تضامنية وسارع إلى تنظيم قوافل الإغاثة للمتضررين، والمشاركة في التكفّل بالجانب النفسي للعائلات، كما امتد عمل الحركة الجمعوية ذات الطابع الصحي إلى المساهمة في تفعيل برامج وزارة الصحة من خلال مبادرتها الدورية في شكل قوافل أو أيام تحسيسية وتوعية لفائدة المواطنين ضدّ عدد من الأمراض المزمنة التي تكلّف خزينة الدولة ميزانية كبيرة، على غرار سرطان الثدي والايدز والسكري، سعيا منها لدعم مؤسّسات الدولة الصحية لمحاربة هذه الأمراض، وكذا حثّ المواطنين على التلقيح ضدّ الأنفلونزا الموسمية ومنها المشاركة في تأمين المناعة المجتمعية من مختلف الفيروسات، وغيرها من النشاطات الجوارية التي تهدف إلى دعم الفئات الهشّة بمناطق الظلّ خلال موسم البرد عبر حملات "القلوب الدافئة" وغيرها، وكلّ هذه المجهودات التطوعية جعلت المجتمع المدني يتحوّل في مهامه من مجرّد ناشط جواري إلى مرافق لسياسة الدولة في تطبيق مختلف برامجها التنموية ومنه تحقيق مفهوم الدولة الاجتماعية.

الجلسات ..خطوة للمّ الشمل

في هذا السياق، ذكر عضو المرصد الوطني للمجتمع المدني علي شعواطي(ممثلا عن ولاية البليدة) لـ"المساء" أنّ "المرصد تمكّن في أولى خرجاته بعد التأسيس إلى تنظيم لقاءات مع عدد من الهيئات والوزارات لتفعيل الشراكة بين المجتمع المدني ومؤسّسات الدولة، وفتح الباب لاستقبال عدد كبير من الجمعيات الراغبة في التعاون مع المرصد فضلا عن تنظيم الجلسات على مستوى 58 ولاية، حيث تم مناقشة عدد من المحاور الهامة مع فعاليات المجتمع المدني، ممثّلة في الديمقراطية التشاركية، أخلقة عمل الجمعيات وكذا ترقية نشاط حركات المجتمع المدني وكيفية تسييره حتى تكون مساهمته فعالة في الميدان، مشيرا إلى أنّ الجلسات الوطنية كان لها أثر كبير في جمع المجتمع المدني ومناقشة عدد من الانشغالات ورفعها في شكل توصيات، مؤكدا في السياق أنّ المساعي جارية من أجل إعداد قاعدة بيانات لجمع كلّ الجمعيات الناشطة في إطار منظّم وقانوني لتكون فعالة في البرامج التنموية ذات نوعية .

من جهة أخرى، أكّد المتحدث "أنّ أهم نشاط قام به المرصد منذ تأسيسه والذي يعكس دوره في المجال التنموي والاعتراف به كهيئة استشارية هو مناقشة وإثراء قانون الجمعيات الجديد، حيث كان للمرصد مقترحات بمعية الأعضاء ونقلا على الجمعيات المنضوية تحت لواء المرصد الوطني، مشيرا إلى أنّ المرصد كان له دور فعّال بعد التأسيس من خلال المشاركات المختلفة في تسيير شتى الأزمات التي لحقت بالجزائر والتي كان أهمها الحرائق التي اندلعت وكذا الحملات الخاصة بنظافة المحيط وأكّد أنّ الطابع الاستشاري للمرصد جعله بمثابة همزة الوصل بين الجهات الرسمية وحركات المجتمع المدني للمساهمة الفعالة في التنمية المستدامة.

تفعيل لجنة التطوّع دعما للجهود التنموية

من بين التنظيمات التي كان لها أثر كبير في إحداث التغيير على الصعيد المحلي، التأسيس للمجلس الأعلى للشباب بموجب المرسوم الرئاسي المؤرخ في أكتوبر 2021 كهيئة استشارية تهتمّ بنقل حاجات الشباب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والرياضية والمساهمة في رفع الحس التضامني ومتابعة وتقييم المخطّط الوطني للشباب. وحسب أيمن رافع عضو المجلس الأعلى للشباب "فإنّ أوّل عمل قام به المجلس هو التأسيس لنظامه الداخلي للعمل في إطار قانوني، وكأولى نشاطاته الميدانية، حتى قبل صدور النظام الداخلي، عقد أوّل اجتماع متمثل في ندوة شبابية بتبسة لمناقشة إشكالية "الشباب والتمكين السياسي".

وفي ذكرى أوّل نوفمبر نظّمت تظاهرة شبابية أخرى جمعت كلّ الشباب الموهوب والمبدع والمبتكر من خلال معارض أبرزوا خلالها قدراتهم الإبداعية والفكرية، مشيرا إلى أنّ المجلس الأعلى للشباب تمكّن من جمع كلّ الشباب المؤطر في جمعيات أو اتحادات طلابية إلى جانب تنظيم ندوة افتراضية لعدد كبير من الشباب للتعريف بالمجلس ودوره في إحداث التغيير. من جهة أخرى، أوضح محدّث المساء أنّ المجلس الأعلى للشباب يضمّ سبع لجان من بينها لجنة التطوّع التي بادر المجلس تطبيقا لتعليمات رئيسه إلى تفعيلها للمشاركة في مختلف البرامج التنموية على غرار تنظيم معارض وطنية لترسيخ الذاكرة الوطنية، والمشاركة في حملة التشجير تطبيقا لبرنامج رئيس الجمهورية القاضي بغرس 40  مليون شجرة، وكذا المشاركة مع بعض مؤسّسات الدولة في حملات النظافة الوطنية، مشيرا إلى أنّ المجلس قام في أولى خرجاته بتفعيل دور اللجنة التطوعية في انتظار النظام الداخلي للبدء في تسطير البرامج الخاصة به، وحسبه، فإنّ المجلس مكسب يعوّل عليه لتمكين الشباب من المشاركة الفعلية ودخول عالم المال والأعمال وتقلّد مناصب قيادية في الدولة .