المنتجة سميرة حاج جيلاني لـ’’المساء":
السينما أيضا مسؤولية المخرجين والمنتجين

- 585

تتطرق المنتجة سميرة حاج جيلاني في هذا اللقاء مع "المساء" إلى عدة مسائل تتعلق بالفن السابع منها ضرورة تحلي المنتجين والمخرجين الجزائريين بمزيد من الوعي لإنعاش هذا القطاع الذي لا تعد الدولة المسؤولة الوحيدة عنه، كما تناولت أيضا قضية تأسيس صناعة سينمائية وكذا العراقيل التي تخطتها في مسيرتها المهنية.
صُرفت الكثير من الأموال لصالح قطاع السينما في التظاهرات الثقافية الكبرى التي نظمتها الجزائر ولكن نتائج هذه العملية تبقى متباينة، ما رأيك في ذلك وما هو تقييمك لواقع السينما الحالي؟
أنا ضد المشاريع المرتبطة بالمناسبات. يجب أن تفكر الدولة في المشاريع السينمائية والتلفزيونية على الدوام، خاصة وأننا نعيش زمن الصورة التي تعتبر سلاحا أشد تأثيرا وفتكا من الطائرة أو الدبابة، لهذا يجب أن تعتبر الدولة السينما والتلفزيون من أساسيات إستراتيجيتها. بالمقابل أرى أن الكثير من الأموال صرفت في التظاهرات الكبرى التي نظمتها الجزائر، بدون نتيجة مرضية بسبب ضعف في وضع إستراتيجية مجدية، مثلا لا يمكن أن نموّل فيلما ومن ثم لا نهتم إطلاقا بتوزيعه ولا حتى بعرضه لهذا يجب أن نبدأ من الصفر، وأدعو في هذا السياق إلى تنظيم لقاء يجمع بين المهنيين والوزارة لوضع إستراتجية محكمة حول هذا الموضوع. كما يمكن مثلا أن نبث أفلاما عبر أسطوانات وهذا لا يتطلب توفير قاعات عرض أفلام بتقنية 35 ملم. أما عن مسألة التوزيع فلا أفهم أبدا مشاركة الجزائر في مهرجان "كان السينمائي الدولي" بدون أي فيلم يذكر، كما أنها غائبة بأفلامها أيضا في المهرجانات السينمائية الكبرى. ولا أعتقد أيضا أنه بإمكاننا التحليق في عالم الفن السابع، بدون لوبيات، وتنظيمنا لمهرجانات دولية مثل مهرجان الفيلم العربي بوهران يجب أن يكون فوق شروط محددة، مثل استضافة مهنيين يقدمون خبراتهم من خلال مشاورات ولقاءات، وليس دعوة شخصيات لا تهتم إلا بالمأكل والمشرب والمبيت في الفندق بدون أي فائدة، لهذا لا يمكن أن ننظم مهرجانا ونخسر أموالا، بل يجب أن تكون لدينا عقلية الربح ولو تلميع صورتنا فقط وكذا محاسبة منظمي مثل هذه التظاهرات الذين يجب أن يعملوا وفق دفتر شروط محدد.
هل قضية السينما قضية دولة وكفى؟
الدولة تضخ الأموال لصالح قطاع الفن السابع فهي تساعد في تنمية هذا المجال الحساس، ولكن للمنتجين والمخرجين دورهم أيضا في هذا المجال، لهذا أدعوهم إلى التحلي بالمزيد من الوعي. كما أرفض ملء الجيوب بالمال، وفي هذا السياق، أطالب بدفتر شروط لكل منتج ومخرج يريد أن يقدم عملا يتضمن عدة نقاط من بينها صنع فيلم بمعايير دولية. نعم يجب أن نحاسب كل من يأخذ المال فوزيرة الثقافة السابقة ضخت الكثير من المال في تنظيم مناسبات ثقافية كبرى، صحيح أنه تم تأسيس منشآت ولكن لا يمكن أن نستفيد منها من دون تكوين عمالها. أيضا أتساءل ماذا فعلت وزارة الثقافة بكل الأجهزة التي اقتنتها خلال تنظيم الجزائر للمهرجان الإفريقي الثقافي الثاني؟ لم نر لها أثرا.
لماذا يصعب على الجزائر تأسيس صناعة سينمائية، هل هي قضية متعلقة فقط بإرادة الدولة؟
لا أعتقد ذلك فلا يجب أن نحّمل الدولة كل شيء خاصة أنها قدمت الكثير من المال لقطاع السينما، وإنما غياب الإرادة نجده عند من كُلِف بتسيير هذه الأموال الذي استغله لصالح معارفه، وكذا لدى بعض المخرجين والمنتجين الذين يهتمون فقط بملء جيوبهم. بالمقابل وجدت مساعدة كاملة من مؤسسات الدولة مثل الجيش والشرطة والدرك والحماية المدنية في تصوير أعمالها، لهذا لا يجب أن نكتفي بالسلبيات وأتساءل: ماذا فعلنا كمنتجين؟ إذن لنكن واقعيين وكفانا أنانية.
ولكن الجزائر لا تملك مخابر واستوديوهات صالحة لتصوير الأفلام حتى أن كل مخرج يضطر إلى التنقل للخارج لإنهاء فيلمه، ما رأيك؟
أوافقك القول وسبق أن أعربت في وسائل الإعلام عن أسفي الشديد لغياب أستوديو تصوير فالجزائر رغم مساحتها الكبيرة ومناظرها الطبيعية الخلابة، لا تملك مثل هذه المنشآت مثل المغرب وتونس حتى لا نتكلم عن الدول الأخرى. نعم عيب أن لا يمكننا إنشاء "وزازات" في الجزائر. هذه المنطقة في المغرب التي تضم الكثير من الاستوديوهات وتوفر مناصب الشغل لمواطنيها ومالا وفيرا جدا للمملكة. كما يحصد مهرجان "كان السينمائي" أكثر من 200مليون دولار في مدة عشرة أيام، أما عن السينما في الهند وكوريا الجنوبية وإيران وغيرها، فحدث ولا حرج. في حين ندور نحن في حلقة مفرغة.
كيف تخطت المنتجة سميرة حاج جيلاني كل العراقيل في مسيرتها المهنية؟
لا يخلو أي مجال من المتاعب خاصة بالنسبة للمرأة، ولكنني استطعت تخطيها بالعمل، نعم يجب أن يثبت الإنسان نفسه من خلال ما يقدمه لمجتمعه. فأنا مثلا أنتجت مسلسل "عيسات ايدير" الذي يعد المسلسل الوحيد الذي باعته الجزائر إلى دول عربية، وفكرت كثيرا في رسائل العمل التي أود أن تصل إلى الجمهور فمثلا قررت أن يكون مسلسلي باللغة العربية الفصحى رغم انتقاد البعض وهذا لتصديره إلى العالم العربي. صحيح أنه في بداية مسارك تتم عرقلتك ولكن بعدها ستحترم لا محالة وأضيف أن الإدارة الجزائرية هي المعرقلة فيمكن لوزير الثقافة أن يتفهم حالتك ولكن الأمور ستتوقف حينما توشك بالتحرك على مستوى الإدارة. أما عن القطاع الخاص فلا يهتم قطعا بالمجال الثقافي وفي هذا السياق، قام وزير الثقافة مؤخرا بلقاءات مع خواص لتحفيزهم للاستثمار في هذا المجال.
هل تنجزين أفلاما على قدر الميزانية التي تقدم لك من طرف الدولة؟
شخصيا لا يمكن أن أنجز عملا بدون ميزانية ملائمة، وفي هذا السياق، رفضت أكثر من عمل لأنني أحافظ على اسمي واسم شركتي. وأؤكد للقراء بأن 40 مليار سنتيم لا تكفي لانجاز فيلم بمعايير دولية ويمكن لي أن أبرهن على ذلك عمليا، من خلال تنظيم لقاء بين المنتجين والإعلاميين ومستعدة أن أصعد إلى المنصة وأشرح بالتفصيل ما يتطلبه إنجاز فيلم من الناحية المادية.
هل من مشروع إنجاز مسلسل أو فيلم؟
نعم فأنا الآن مع تحضيرات إنجاز فيلم عن "احمد باي" الذي اعتبره مؤسس المقاومة الشعبية الجزائرية، وكان من أشد المقاومين الجزائريين وهو من أب تركي وأم جزائرية. والفيلم من إخراج المخرج العالمي شوقي الماجري وكتابة رابح ظريف، وسيتم التصوير بقسنطينة وبوسعادة والجزائر العاصمة.