مديرية الاتصال والوقاية بالمندوبية الوطنية لأمن الطرق فاطمة خلاف، لـ"المساء":

الحكومة تبنّت استراتيجية محكمة للحدّ من "إرهاب الطرقات"

الحكومة تبنّت استراتيجية محكمة للحدّ من "إرهاب الطرقات"
  • القراءات: 1494
أحلام محي الدين أحلام محي الدين

تناولت "المساء" في اللقاء الذي جمعها بالمكلفة بالاتصال والوقاية، بالمندوبية الوطنية للأمن في الطرق، فاطمة خلاف، الاستراتيجية التي تبنتها الحكومة من أجل الحد من كوارث الطرق، التي تخلّف، يوميا، خسائر بشرية ومادية معتبرة. وقد أسهبت المسؤولة في هذا الصدد، في شرح أبعاد وأسباب المآسي التي تشهدها الطرق في الجزائر، إلى جانب الآليات التي استحدثتها مختلف الهيئات لمحاربة الظاهرة، التي تشعبت، وامتدت تأثيراتها على الإنسان قبل الاقتصاد الوطني.

تطرقت المسؤولة في هذا السياق، للأسباب الكامنة وراء حوادث المرور، حيث أكدت أن للعامل البشري حصة الأسد فيها، مشيرة إلى أن الإحصائيات التي أعدتها المندوبية خلال 7 أشهر الأولى من سنة 2021، أوضحت أن هذا العامل يمثل 96.81 ٪ في إرهاب الطرق. وفي تفصيل ذلك، خلّف الإفراط في السرعة 2224 حادث؛ أي 15.23 ٪ من مجموع الحوادث المسجلة في نفس الفترة، إلى جانب عدم انتباه السائق داخل الأحياء، والذي تَسبب في 283 حادث؛ أي 14.27 ٪، إلى جانب عدم أخذ الحيطة من طرف المشاة، والذي تسبب في 978 حادث؛ أي 6.70 ٪. ولمجابهة هذه المعضلة الجسيمة تحدثت خلاف عن مهام المندوبية الوطنية للأمن في الطرق، واستراتيجية الدولة في مجال الأمن المروي، على غرار عصرنة منظومة التكوين والتدريب على السياقة.

هيئة رائدة في مجال السلامة والأمن  المروري

قالت المكلفة بمديرية الاتصال والوقاية فاطمة خلاف، في شرحها لمساعي الدولة لتفعيل دور مختلف الهيئات في المديان، إن المندوبية الوطنية لأمن الطرق التي أنشئت نهاية سنة 2019، تم من خلالها دمج مركزين سابقين؛ المركز الوطني لرخص السياقة، الذي كانت مهمته الأساسية تكوين السائقين، أما المركز الوطني للوقاية والأمن عبر الطرق، فقد كانت مهمته الوقاية من حوادث الطرقات. وأوضحت المتحدثة أن الهدف من إنشاء هذه الهيئة هو جعلها رائدة في مجال الأمن المروري، والسلامة المرورية في الجزائر؛ بغية توحيد الجهود وكل الإمكانيات، لمجابهة معضلة اللاأمن المروري، هذا من جهة، ومن جهة ثانية، جاء استجابة لتوصيات هيئة الأمم المتحدة بالنسبة للدول الأعضاء، التي حثت على ضرورة إنشاء هيئة رائدة في مجال السلامة والأمن المروري؛ بهدف تحسين ظروف السلامة عبر الطرقات، وحماية الأرواح وممتلكات المواطنين.

وفي ما يخص المهام الرئيسة لهذه المندوبية، أشارت المتحدثة إلى أنها تكمن في تنفيذ استراتيجية الدولة في مجال الأمن المروري. وحيال من يسطر هذه الاستراتيجية قالت خلاف إنه يتم تسطيرها من طرف المجلس التشاوري ما بين القطاعات، الذي يترأسه الوزير الأول؛ بحيث يتم من خلال هذا المجلس، رسم معالم الاستراتيجية والسياسية الوطنية للأمن في الطرق، ثم تأتي عملية التنفيذ التي تقوم بها المندوبية الوطنية للأمن في الطرق؛ كجهاز تنفيذي، وآلية لتجسيد هذه الاستراتيجية عن طريق التنسيق مع كل الهيئات المتدخلة في هذا المجال، مشيرة إلى أن كل الوزرات لها صلة بهذا المجال، بالإضافة إلى المجتمع المدني والخبراء في السلامة المرورية، وكل شخص يمكن أن يضيف شيئا إيجابيا لهذا المجال؛ من أجل إيجاد حلول ناجعة للأمن في الطرق، موضحة أن المندوبية الوطنية تقترح تدابير للوقاية، وتنفيذ استراتيجية وسياسة الدولة في السلامة المرورية، وتقوم بالتنسيق بين كل القطاعات المتدخلة في هذا المجال، ولديها صلاحيات واسعة سواء في مجال الوقاية، أو التشريع، أو التخطيط، أو تسيير البطاقية الوطنية لرخص السياقة، وكذا البطاقية الوطنية للمخالفات والمركبات، وكل ما يتعلق بمجال الأمن في الطرق.

الحملات التحسيسية متواصلة على مدار السنة

وبخصوص تقييم الإنجازات التي تم تحقيقها من قبل المندوبية قالت المتحدثة: "نحن اليوم في مرحلة انتقالية فترتها 36 شهرا، ولا يمكننا التوقف عن النشاط. واصلنا عملنا بالمراكز بصفة عادية إلى غاية الدمج الكلي للمركزين، خاصة خلال هذه الفترة". أما ما أُنجز من الجانب الوقائي، فأشارت إلى القيام بأربع حملات تحسيسية تنفذها المندوبية خلال فصل الشتاء، وشهر رمضان، وموسم الاصطياف والدخول المدرسي، بالإضافة إلى العمل الاتصالي، وكل ما يتعلق بعمليات التوعية والتحسيس؛ سواء عبر وسائل الإعلام المسموعة والمرئية ومواقع التواصل الاجتماعي والصحافة المكتوبة، إلى جانب بث الفواصل وومضات التوعية عبر القنوات التلفزيونية والإذاعية"؛ إذ تم في هذا الصدد، حسب نفس المتحدثة، إنشاء وإعداد أركان في القنوات والإذاعة، إلى جانب تنشيط حصص تخص الأمن المروري والعمل الاتصالي.

وفي ما يخص العمل الجواري قالت: "نزلنا إلى الميدان؛ إذ قمنا بحملات تحسيسية في الفضاءات العمومية عن طريق وضع حظيرة السياقة البيداغوجية للأطفال، ووضع ورشة رسم للأطفال، مع تنصيب فضاء للسياقة الافتراضية للشباب مزودة بأجهزة محاكات السياقة؛ أي أننا خرجنا إلى الميدان في عدة مرات، آخرها خلال موسم اصطياف 2021"، مشيرة إلى أن هذا النشاط كان يتوقف عندما تتأزم الوضعية الوبائية".

تنصيب المندوبيات الولائية واحترام خصوصية كل منطقة

من الجانب الإداري قالت المكلفة بالاتصال: "نحن في إطار تنصيب المندوبيات الولائية كي نضمن انتشار المندوبية على مستوى 58 ولاية، من أجل تطبيق وتنفيذ برنامج الوقاية، والتحسيس والأمن في الطرق على المستوى المحلي"، معتبرة أن "من المهم جدا أن يكون هناك تمثيل محلي للمندوبية والبرنامج المسطر"، ومضيفة: "لا بد أن يحترم في ذلك خصوصية كل ولاية؛ إذ الصحراوية ليست كالهضاب، وهذه الأخيرة ليست كالساحلية، والفصول تختلف حسب كل ولاية، وبالتالي المندوبات الولائية ستساهم بنسبة كبيرة في برنامج السلامة والأمن في الطرق على المستوى المحلي"، مواصلة: "اليوم تركيزنا الأساس هو الانتشار على المستوى الوطني؛ من خلال المندوبيات الولائية، وهذا يسهل العمل ونجاعة التدابير المتخذة في الأمن الوطني، وسهولة تنفيذها". وفي ما يخص الاستراتيجية المتخذة في مجال أمن الطرق قالت السيدة خلاف: "نحن نعمل كمندوبية وطنية للأمن في الطرق، في إطار برنامج عمل مخطط الحكومة؛ أي أنها تسطر برنامج العمل في شتى المجالات، من بينها أمن الطرق الذي تشرف عليه المندوبية الوطنية للأمن.

وحول مخططات الدولة في مجال أمن الطرقات، أكدت المسؤولة بقولها: "إن استراتيجية الدولة تتمحور حول ثلاثة عوامل رئيسة متسببة في حوادث المرور، وهي الإنسان، والطريق والمركبة"، موضحة أنه وفق الإحصائيات التي تم إنجازها خلال 7 أشهر الأولى من سنة 2021، فإن العامل البشري تسبب في 96.81 ٪ من الحوادث المسجلة. وفي شرح ذلك ذكرت أن الإفراط في السرعة خلّف 2224 حادث؛ أي 15.23 ٪ من مجموع الحوادث المسجلة في هذه الفترة، إلى جانب عدم انتباه السائق داخل الأحياء، الذي تسبب في 283 حادث؛ بنسبة 14.27 ٪. وعدم أخذ الحيطة من طرف المشاة تسبب في 978 حادث؛ أي 6.70 ٪. وتشرح واقع الحوادث بقولها: "لا بد من النظر في الأسباب؛ فالسائقون أصبحوا يستعملون الأحياء والشوارع الضيقة بدون مضاعفة الحيطة والحذر، وهو ما عرّض حياة الآخرين للخطر. ونحن نعرف أن الأحياء المكتظة فيها ديناميكية؛ مجمعات مدرسية، وبالتالي يُعد استعمال هذه الطرقات بنفس عقلية استعمال الطريق الولائي خطأ، ففي الطرق الداخلية لا بد من مضاعفة الحذر والحيطة، لا سيما أن الكثير من السائقين لا يعرفون المنطقة.

ويحتل سبب عدم التركيز الصدارة. أما عدم أخذ الحيطة والحذر فكان يحتل المرتبة السابعة أو التاسعة سابقا، لكن، اليوم، فأصبح يحتل المرتبة الثانية أو الثالثة، ومنه نلاحظ أن الوعي المروي لدى هذه الفئة "المشاة"، تراجع خلال السنوات الأخيرة. وهناك ظوهر جديدة كاستعمال السماعات خلال عبور الشوارع رغم الحركة الكبيرة التي تعرفها الطرقات بفعل مرافقة الأبناء إلى المدارس، وهو الأمر الذي خلق ديناميكية كبيرة، إلى جانب الحركة الاقتصادية، التي جعلت المشاة يتحركون بكثرة في كل الفترات الزمنية؛ صباحا مساء، ومنه احتمالية حوادث المرور، فلا بد إذاً، حسب المتحدثة، "أن يتم اتخاذ الحيطة والحذر وتدابير الوقاية". وأشارت إلى أن الحوادث شهدت انخفاضا خلال فترة الحجر الصحي، سواء بالنسبة للمشاة أو السيارات، لكن فور ما عادت الحركة ارتفعت حوادث الطرقات.

عوامل نفسية وجسدية وراء حوادث المرور

أكدت المكلفة بالاتصال أن المندوبية تتوجه حاليا، إلى دراسة الأسباب الأكثر دقة في الحوادث، والتي يُعد أولها الإفراط في السرعة. وفي هذا الصدد سألت "المساء" المسؤولة عن السبب المباشر، هو الإفراط في السرعة، وما الذي يجعل السائقين يتبنون هذا السلوك؟ فأجابت بأن "هناك أسبابا لا تظهر في الإحصائيات، تؤدي إلى حوادث المرور، والتي يجب معالجتها من خلال الدراسات الاجتماعية لفئات السائقين". وذكرت أنها تشمل التعب الجسدي أو النفسي؛ حيث إن الراحة مهمة جدا للسياقة؛ لأن صفاء الذهن يعطي تركيزا في السياقة، خاصة في الأماكن الحضرية؛ إذ توجد بيئة مرورية، فهناك، على سبيل المثال، الدراجات، وإشارات المرور، وعدة صور تمر في مخ الإنسان، وصعب جدا تركيب الصور، واتخاذ رد فعل سليم وصحيح إذا كان السائق متعبا؛ لأن قدرة الإنسان الجسدية لديها حدود".

وتقول خلاف: "نحن نبحث الآن، أيضا، في الأسباب الخفية، المتعلقة بتعب السائقين المحترفين، الذين يسوقون لساعات طويلة وسائل النقل الجماعي والوزن الثقيل، والذي تحتاج فيه السياقة الحالة الجسدية والذهنية الجيدة، والتركيز على كل ما يتعلق بالبيئة المرورية"، معلنة بقولها: "وجدنا، أيضا، أن تناول الأدوية بالنسبة لفئة كبيرة من السائقين، من بين العوامل المؤدية إلى وقوع حوادث المرور؛ فهناك من له مرض مزمن كالسكري أو الضغط الدموي. ويمكن أن تؤثر أدوية العلاج منها على طريقته في السياقة؛ من خلال التسبب في النعاس، أو اضطرابات في السمع والرؤية، وكذا ارتجاف في الأطراف، في وقت تحتاج السياقة إلى تنسيق عضلي، ورؤية جيدة، والسائق عن جهل أو بنقص في الوعي، يتناول الأدوية ويسوق، فتحدث الكوارث في الطرقات بعدها".

وسائل التواصل الاجتماعي وراء كوارث الطرقات

أضافت المكلفة بالاتصال في تعداد الأسباب البشرية وما خفي من العوامل المسجلة في هذا السياق، لاحظناها استعمال وسائل التواصل الاجتماعي بكثرة أثناء السياقة خلال السنوات الأخيرة، بحيث أصبح الفرد يتفرج على الشاشة، أو يرد على الرسائل وهو يسوق، وهو ما فاقم من حدة المشكل؛ فكل الدراسات العالمية تؤكد على ضرورة عدم مسك الهاتف باليدين؛ لأن المشكل ليس في اليدين فقط، وإنما في التركيز، ومراقبة حركة المرور؛ لأن تفادي أخطار الطريق يحتاج إلى التركيز من أجل رد الفعل السريع لأي حركة لا تكون في الحسبان، فالتركيز هو طوق النجاة الوحيد من الحوادث والأخطار، وصعب جدا أن ينتبه السائق للخطر إذا كان مشغولا بوسائل التواصل الاجتماعي والنظر إلى الشاشة؛ لأنه يكون قد فات الأوان، والمصالح تقوم بالبحوث في هذا المجال.

العامل الثاني... الطريق

وفي ما يخص الطريق وملحقاته، أشارت المتحدثة إلى أنه خلال 7 أشهر من سنة 2021، تسببت الطرقات في 209 حادث مرور؛ أي 1.43 ٪، وهي نسبة ضئيلة مقارنة بالعنصر البشري، لكن يبقى الطريق سببا من أسباب وقوع حوادث المرور. وهناك أيضا سوء الأحوال الجوية التي تسببت في 41 حادث مرور، خاصة أثناء فترات الشتاء والتقلبات الجوية التي عرفتها الجزائر، والتي تزيد من ارتفاع حوادث المرور، موضحة: لدينا مناطق فيها طرقات صعبة كالهضاب، التي بها منعرجات ومنحدرات. ومع سوء الأحوال الجوية يتضاعف الخطر فيها، إلى جانب عامل مرور الحيوانات، والمتسبب في 38 حادثا؛ أي 0.26 ٪؛ حيث يتنقل القطيع من الأغنام أو الجمال التي تخرج إلى الطريق فجأة". ويوجد عامل الطرق غير الصالحة؛ إذ تم تسجيل 34 حادث مرور بسبب الحفر في الطرق أو التشوهات، أو أن الطريق زلجة، أو انعدام الإضاءة، أو التهيئة غير المناسبة؛ أي أن تصميم الطريق أو التهيئة الموضوعة على غرار إشارات المرور، لا يتناسب ونوعية الطريق إلى جانب عامل إبهار الشمس".

العامل الثالث المركبة... انفجار الأطر الخطرُ الدائم

أشارت السيدة خلاف إلى أن المركبة تسببت في 257  حادث؛ أي 1.76 ٪، منها  انفجار الأطر، قائلة في هذا المنوال: نحن نعرف أن الكثير من السائقين لا يراقبون العجلات رغم أنها القطعة الوحيدة التي تربط المركبة بالطريق، وبالتالي كيف لا تعطى لها الأهمية اللازمة؟! فهناك من لا يراقب الضغط أو التشوهات الموجودة على الأطر. وهناك أنظمة في المركبات لا بد من مراقبتها يوميا، وهي من واجب السائق، الذي عليه مراقبة العجلات والزيت والماء والأضواء، والانتباه لصوت المحرك؛ لأن السائق وحده من يعرف مركبته جيدا؛ لذا لا بد أن نتعلم ثقافة التعرف على المركبة؛ لحفظ سلامتك وسلامة أهلك.

عصرنة منظومة التكوين والتدريب على السياقة

أشارت المكلفة بالاتصال في المندوبية، إلى أنه تقرر تفتح ورشة لإثراء التكوين حتى تكون هناك دراسة لمقاييس الأمن المروي؛ أي أن المتعلم لن يدرس قانون المرور فقط، بل سيتم في هذا الشأن، عصرنة منظومة التكوين والتدريب على السياقة؛ إذ المترشح لرخصة السياقة لاحقا، سيُمتحن في مقياس الأمن المروري؛ أي أن الشاب صاحب 18 سنة، يجب أن يعرف سيارته جيدا؛ إذ سيدرس قطع السيارة، وأهمية كل قطعة فيها، وأن رخصة السياقة شهادة كفاءة. كما سيتعرف على أهمية مراقبة المركبة، وكل الهياكل فيها، وكل ما له علاقة بأمن الطرقات، ويتعرف على أهمية مراقبة الزيت، وتغيير الفرامل، ومراقبة ضغط العجلات التي تختلف حسب الفصول، ومدى تأثير درجة الحرارة عليها، مؤكدا في نفس السياق، على المترشح أيضا أن يتعلم منذ البداية، أهمية المراقبة التقنية للسيارات، والتي تُعد إجبارية بداية من 6 أشهر وفق حالة المركبة، وأن يكون لديه الوعي الكامل بمراقبة سيارته على الأقل مرة في الأسبوع؛ لضمان سلامته وسلامة غيره؛ كمراقبة الأطر والفرامل، والاختلالات الميكانيكية، أو أي خطر مفاجئ يمكن أن يؤدي إلى انقلاب المركبة أو عدم توقفها في المكان المناسب.

الإجراءات والتدابير الحكومية

أشارت خلاف إلى أن الإجراءات المتخذة في إطار مخطط عمل الحكومة الذي تشرف عليه المندوبية بالتنسيق مع الفاعلين؛ من الدرك الوطني والأمن، ووزارة النقل والأشغال العمومية، والصحة، والشؤون الدينية ووزارة الثقافة؛ أي كل الوزارات التي لها علاقة بالأمن في الطرقات، بالإضافة إلى الحماية المدنية، ومن التدابير التي تعمل عليها المندوبية، وفق المتحدثة، "تكثيف حملات التوعية والتحسيس؛ إذ تم تسطير أربع حملات في السنة؛ الدخول المدرسي والاجتماعي، وفصل الشتاء، وشهر رمضان الكريم وموسم الاصطياف. وأشارت إلى أنه تم اختيار هذه الحملات القارة خلال الفترات التي تشهد الذروة في وقوع الحوادث خلال السنة. كما يوجد ما بينها الحملات المناسباتية، التي تفرضها الظروف الطارئة"، موضحة: "مثلا في صيف 2021، كانت هناك سلسلة من حوادث المرور التي تسببت فيها حافلات النقل الجماعي والوزن الثقيل، في كل من قسنطينة، وغرداية، وبرج باجي مختار والنعامة؛ إذ قمنا بحملة اتصالية موجهة لسائقي الوزن الثقيل والنقل الجماعي بين الولايات، وهي ليست حملة قارة ولكن فرضتها الظروف، لا سيما أن خلال فترة قصيرة وقعت الكثير من الحوادث؛ حيث عمدنا إلى تكثيف الومضات والفواصل، إلى جانب يوم  مفتوح للنشاط التوعوي الميداني على مستوى الولايات ومحطات النقل البري بكل الولايات، لتوعية السائقين بالتحلي بالحيطة والحذر، وهي حملات التوعية والتحسيس التي كانت مع وزارة الاتصال المشكورة على الجهد؛ إذ حاولنا من خلال تعاوننا، وضع مخطط اتصالي مشترك بالاعتماد على وسائل الإعلام السمعية والبصرية؛ من أجل تكثيف وإيصال رسائل توعوية إلى جميع شرائح المجتمع ومستعملي الطريق على المستوى الوطني".

وفي ما يخص الإجراء الثاني قالت المتحدثة إنه قيد التحضير، ويتمثل في إعادة النظر في قانون المرور 14.01، في إطار مخطط عمل الحكومة، خاصة ما يتعلق بتشديد بعض العقوبات المتعلقة بالمخالفات المؤدية إلى حوادث المرور المميتة عبر الطرق؛ تقول: هناك لجنة قطاعية مشتركة تقوم بهذه المهمة؛ لأن اليوم أصبح من الضروري التسريع في إعداد المنظومة الوطنية لجمع المعطيات، كذلك المندوبية في إطار لجنة متعددة القطاعات؛ فمن المهم جدا أن نحدد من هم الفئات الأكثر تهورا في الطريق. الإحصائيات عامة تقول إن الشباب الأقل من 29 سنة، هم المتسببون ـ بفعل صغر السن، والميل إلى المخاطرة، والمناورات، وكذا السرعة، والخبرة القليلة في السياقة ـ في التورط أكثر في حوادث المرور، لكن يجب أن تكون دراسة دقيقة للفئة المتورطة في الحوادث، والمتعودة على تكرار نفس المخالفات". وتواصل: هذه المنظومة تعطينا فرصة لمعرفة هذه الفئة ودراستها؛ من أجل إيجاد الحلول الاكثر نجاعة بالنسبة لهذه الفئات من مستعملي الطريق".

وفي ما يخص الشق المتعلق بالتكوين قالت السيدة خلاف: "أصبح من الضروري عصرنة التكوين لا سيما أن كل دول العالم قطعت أشواطا في الأمن المروري، وإجراء طرق عصرية في الامتحانات. المندوبية الوطنية للأمن في الطرق ستعمل على عصرنة هذه المنظومة؛ من خلال إجراء الامتحانات عن طريق الوسائط المعلوماتية؛ فالمترشح الذي سيكون أمام الكمبيوتر لديه أسئلة فجائية، وهو مجبر على أن يكون لديه أكبر المعلومات عن الأمن المروي والسلامة المروية؛ من أجل إضفاء الشفافية على رخص السياقة، وحث المترشح على الاطلاع على القانون المروري، ويحصل على القانون عن جدارة؛ لأنه أجاب عن العديد من الأسئلة الفجائية.

الاستثمار في العنصر البشري... التكوين والتربية المرورية

بالنسبة للإنسان تقول خلاف: هناك تدابير حكومية مستعجلة، وأخرى على المدى المتوسط والبعيد، والتي عزمت الحكومة على اتخاذها للاستثمار في العنصر البشري؛ بهدف ترسيخ الثقافة المرورية لدى مستعملي الطريق؛ حيث الثقافة المرورية نسبتها متفاوتة بين الراشدين، والتي يتم تعزيزها عن طريق حملات التوعية والتحسيس، فهناك من يستجيب للنصح مباشرة، وهناك من لا يستجيب للتوعية والتحسيس، ولكن، حسب المتحدثة، فإن التربية المرورية من شأنها أن ترسخ لدى الأطفال هذه الثقافة، التي يتم تلقينها في الأطوار التعليمية الثلاثة، وهنا تقول المسؤولة: "سيكون الفرق الذي نراه بين الأجيال القادمة أي بعد 10 سنوات؛ بحيث سيصبح عند الشاب لاحقا، حصيلة معرفية في السلامة المرورية لما يصل إلى 18 سنة؛ أي يكون لديه مخزون معرفي كبير، لا سيما أن الأساتذة لديهم مفعول السحر على التلاميذ، مؤكدة أن "المعلومات تبقى في الذهن راسخة، ومنه سنعتمد على مشروع مرسوم تنفيذي بين وزارة الداخلية والنقل والتربية؛ من أجل إدراج دروس التربية المرورية في المقررات الدراسية للأطوار الثلاثة، عن طريق التعاون بين القطاعات.

والمؤكد أنه سيكون استثمار حقيقي في الثروة البشرية، لا سيما الأجيال القادمة، التي ستكون لديها ثقافة مرورية سليمة". وأضافت المتحدثة: "بالنسبة للأطفال قمنا بورشات رسم من أجل التعبير عن حوادث المرور، قدّمنا خلالها دروسا نظرية بالنسبة للتربية المرورية على مستوى المدارس. وأردفناها بالدعائم البيداغوجية التي يستعملها التلميذ، ثم القيام بالتطبيق بحضيرة السياقة البيداغوجية؛ حيث تترسخ المعلومات لديه فيها، مثلا يتم تلقين الطفل متى يجب التوقف عند الإشارات الضوئية بطريقة ميدانية تطبيقية". وبالنسبة لفئة الشباب تقول المتحدثة: "اشترينا أجهزة محاكات السياقة إلى جانب أشرطة الفيديو المؤثرة التي يشاهدها الشباب حول حوادث المرور الافتراضية، وهي من الأساليب التي حاولنا جذب الشباب بها، بالإضافة إلى وسائل التواصل الاجتماعي لمواكبة كل ما يجذب هذه الفئة؛ لإقناعهم بأخذ الحيطة والحذر على كل وسائل التواصل الاجتماعي". وأشارت السيدة خلاف إلى أن أهم شيء ركزت عليه الحكومة في الأمن المروري "بالنسبة للطريق، معالجة النقاط السوداء عن طريق وزارة الداخلية؛ إذ تم إعطاء تعليمات لكل السادة الولاة؛ من أجل إحصاء وحصر النقاط السوداء ومعالجتها أو إزالتها، وهي العملية التي انطلقت منذ أشهر، ومازالت متواصلة إلى يومنا هذا".

أما بالنسبة للدخول المدرسي، فإن المندوبية عن طريق وزارة الداخلية، راسلت كل الولاة من أجل تحسين شروط السلامة والأمان بالنسبة للمدارس؛ تقول خلاف: "لأننا نعرف أن العديد من المدارس خاصة في المناطق النائية أو مناطق الظل، موقعها يشكل نوعا من الخطورة على التلاميذ، خاصة الطريق الذي تنقصه التهيئة أو الممهلات أو ممرات الراجلين وحتى الممرات العلوية؛ فبالنسبة لتهيئة وتأمين المحيط المدرسي خاصة المدارس الموجودة على مستوى الطرقات أو محاور الطرق، قمنا بمراسلة الولاة من أجل تحسين الأمن والسلامة عبر الطرقات ومندوبياتنا الولائية، ستقوم بمتابعة هذا الملف طيلة السنة الدراسية 2021 - 2022؛ من أجل تحسين شروط السلامة والأمان، وحماية أبنائنا وأطفالنا من حوادث الطرقات". أما حيال المركبة فقالت المكلفة بالاتصال بالمندوبية: "إن الصرامة في المراقبة التقنية للمركبات، التي تسير في طرقاتنا آمنة. ويبقى على عاتق السائق المراقبة الدورية لمركبته؛ من أجل ضمان أنها سليمة وليس بها أعطاب، تؤدي إلى وقوع حوادث الطرقات".