أكاديميون يتحدثون:

البرنوس والقشابية.. رمز الصمود والفخامة

البرنوس والقشابية.. رمز الصمود والفخامة
  • القراءات: 2910
أحلام محي الدين أحلام محي الدين

تطرق أكاديميون خلال مداخلاتهم ضمن مهرجان الزي التقليدي الذي احتضنه قصر رياس البحر، لتاريخ العديد من الألبسة الجزائرية الصامدة من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب. كما نال الزي التقليدي الرجالي، نصيب الأسد في المعرض، لا سيما أنه يعكس الصمود والمقاومة الشعبية للاستدمار الفرنسي، على غرار ألبسة الفرسان والثوار، وزعماء الثورات والمقاومة الشعبية والثورة التحريرية، منها  البرنوس والقشابية، وهي من الأزياء التي كان يرتديها قادة المقاومة الشعبية ضد الاحتلال الفرنسي، على غرار الأمير عبد القادر، والشيخ بوزيان، والشيخ أمود.

شكلت البرانيس تحفة بامتياز خلال المعرض، وكان أجملها والأكثر استقطابا برنوس الأمير عبد القادر الأحمر المطرّز بالذهبي،  المصنوع من الوبر الخالص. نُسج وحيك وصُبغ بمواد تقليدية محلية. وقالت عنه نادية ذياب، ممثلة مديرية الثقافة لولاية معسكر، إنه هبة من ضمن مجموعة سلّمتها منذ سنوات، مؤسسة الأمير عبد القادر لمتحف معسكر، إذ يعكس البرنوس الأنيق جانبا إبداعيا حرفيا خلال الفترة التاريخية في مجال صناعة اللباس التقليدي الخاص بالفرسان. ويتميز بالإتقان والدقة والجمال. كما يعكس الذوق الرفيع الذي تميز به الأمير،  الذي كان يحرص على مظهره وأناقته كرجل حرب ودين".

ومن جهتها، تطرقت الدكتورة نصيرة بكوش من جامعة تلمسان، خلال مداخلتها الموسومة بـ "البرنوس الجزائري تاريخ يُقرأ وحضارة تتكلم"، للقيمة التاريخية للبرنوس، وحضوره القوي عبر الأماكن، تقول: "يُعتبر البرنوس لباسا جزائريا. تتنشر صناعته ولباسه في عدة مناطق من الوطن. ولايزال هذا الزي يفرض حضوره في عدة مناسبات، لكونه جميلا ومقدسا، يُكسب صاحبه مهابة وفخامة وسلطة، ويلبسه الرجال والنساء على السواء. البرنوس يشبه البوريوم عند الرومان، وهو يضرب بجذوره إلى القدم، وهو ما حملته الصخور الموجودة بسيخوس بأم البواقي من الفترة النوميدية، التي أظهرت طريقة ارتدائهم البرنوس. وقيل إنه ظهر بالأندلس نتيجة ذهاب الأمازيغ إلى هناك".

وتضيف المتحدثة: "كما كان موجودا عند الحماديين والزيانيين، حيث لبس التلمسانيون البرنوس. وحقق شهرة فائقة في العصر الزياني، حتى إن أبا حمو موسى كان يهديه جلساءه والسفراء، فقد كان يشرف به، ويهدى للأشخاص. كما لبسه العثمانيون خلال وجودهم بالجزائر. ويتميز بالخفة، وعدم اختراق المطر له". وأكدت الدكتورة بكوش أن البرنوس مجموعة من الرموز والعلامات التي تشير إلى النمط الثقافي الجزائري. وله دلالات وارتباطات بتاريخ الجزائر، وخاصة خلال فترة الاستعمار، حيث كان اللباس المفضل للثوار والمجاهدين. ويرمز للشهامة والوقار. وكان يستعمله المجاهدون لإخفاء السلاح والمؤونة. واستُعمل للزواج، فكان العريس يرتديه في ما يسمى بطقوس العبور، أي الانتقال عبر المراحل، الذي يستوجب وجود هذا اللباس الذي ييسر عملية الانتقال".

العمامة قطعة أساسية

من جهته، أكد الأستاذ عيساوي بوعكاز من جامعة الجلفة، في مداخلته "الزي التقليدي الرجالي لمنطقة أولاد نايل مظهر من مظاهر المقاومة في المنطقة"، أن التراث العربي بمنطقة أولاد نايل، زاخر بالتصاميم التقليدية التي لاتزال حاضرة بقوة، مشيرا إلى أنه يوجد إلى جانب البرنوس الوبري والقشابية فخر المنطقة، القندورة، والسروال، والبذلة العربية، والأحذية الجلدية التي لايزال الفرسان يرتدونها، ولايزال يرتديها أهل المنطقة"، مؤكدا في السياق، أن كتب التاريخ والمخطوطات القديمة وأعمال المصورين، كلها وثقت لهذا الزي وغيره من الأزياء الخاصة بمنطقة أولاد نايل، التي حاربت الاستعمار الفرنسي خلال المقاومات الشعبية".

وأوضح الدكتور أن العمامة تُعد قطعة هامة ذات همة، وأساسية جدا في اللباس، وهي معروفة بأسماء مختلفة عبر مناطق الوطن، على غرار القنور الذي تلبسه فئة معيّنة، وكذا الشاش، والرفضة. وله العديد من التسميات بقبائل أولاد نايل، الذين يلبسون العمامة إلى يومنا هذا، وهي ليست حكرا على الرجال فقط، فالنساء، أيضا، يرتدين العمامة بمنطقة أولاد نايل. وعرض الدكتور إبراهيم بن عرفة وثائقيا بعنوان "القشابية لباس تقليدي جزائري ينطق هويةً وتراثا"، حيث أخذ الحضور في جولة تاريخية إبداعية، إلى منطقة أولاد نايل التي تُعد نموذجا مميزا في صناعته وحياكته، بداية من اختيار الأوبار وألوانها، وكذا عملية القردشة والنسيج الفريدة.