السيد صالح منصوري:

"الأحباس" قلب نابض في إرث مادي بالقرارة

"الأحباس"  قلب نابض  في إرث مادي بالقرارة
  • القراءات: 1222
أحلام محي الدين أحلام محي الدين

أكد السيد صالح منصوري، نائب رئيس جمعية إحياء التراث بالقرارة، وعضو بالمجلس الشعبي البلدي وعضو بهيئة أمناء القصر القديم، أن عمليات تحسيس وتوعية المواطنين حيال الحفاظ على مياه الآبار العميقة الموجود بالواحة القديمة والتي تمت بالتنسيق مع الولاية والبلدية، قد أتت أكلها، خاصة بعد تأسيس عيد "أحباس" الخاص بهياكل الري التقليدية. السيد منصوري، أضاف أن ما دفع الجمعية للقيام بعملية ترميم سدود الواحة القديمة، هو انخفاض منسوب المياه  في الآبار العميقة، ومنه اهتمت الجمعية بتنظيف مجاري الواد حتى تمتلئ الآبار الجوفية، كما ثم عقد اتفاقية مع الدكتور حمدي الحاج من جامعة قاصدي مرزاق بورقلة سنة 2004 لاستقبال الباحثين والمهندسين للقيام بأبحاث بالمنطقة بغرض تحضير بنك معلومات عن السدود، كما شاركت الجمعية في اللجنة المحلية للدراسات للحديث عن مخططات التهيئة والتعمير مع تقديم الآراء والمقترحات لتجنب مرور قنوات الصرف الصحي في الواحات بعد دخول الإسمنت، خاصة بعد المشروع الكبير الذي أنجز في التسعينات والذي شوه الواحة القديمة بقناة صرف كبيرة، حيث أخذت السلطات المحلية الأمر بعين الاعتبار. 

وأضاف محدثنا قائلا: "تشتهر مدينة القرارة بواحتها القديمة الشاسعة، 400 هكتار، الواقعة في مصب وادي زقرير الذي يسقيها من وقت إلى آخر، وتتميز بتنوعها البيولوجي. ويبلغ عدد النخيل فيها حوالي 82 ألف نخلة منقسمة إلى أكثر من 40 نوعا من أشهرها "غرس، تفزوين، تامجوهرت، دقلة نور، تايسيي، تدالت، تازرزايت أو تقبالة، وبها أيضا 12 نوعا من الأشجار المثمرة، الرمان، الليمون والتين. وتمتاز بهياكل الري التقليدية والمعروف بأحباس والتي بناها سكان القرارة الأوائل بعبقرية متناهية تمثلت في سد فوساعة "احباس" سنة 1710 م بعد 80 سنة من تأسيس القصر، لتحويل مسار وادي زقرير وتوجيهه نحو الغابة القديمة عن طريق السواقي، بحيث تبقى مياه الوادي محجوزة داخل البساتين إلى حد ارتواء النخيل وارتفاع منسوب المياه الجوفية، وفي مدة تقدر حسب الجفاف والحرارة ومحصول التمر، وبعد ذلك يتم تصريف المياه المتبقية إلى خارج الواحة. وتشرف هيئة أمناء السيل على عملية تقسيم المياه وتصريفها حسب الخبرة الميدانية. ولاستخراج المياه الجوفية، ثم حفر 1300 بئر تقليدي يديويا على مراحل. ويتميز سد القرارة بطوله الذي يمتد لحوالي 2000م وبمنافسه التي تسمح لفائض الماء بالتدفق خارج السد لتجنب أضرار الفيضانات والحفاظ على السد والسماح لماء الغدير بالوصول إلى كل مناطق الواحة القديمة ولتجديد مياه الآبار ورفع منسوب المياه الجوفية التي كانت هي المصدر الوحيد لمياه السقي والشرب لسكان المنطقة.

وتتميز جل الآبار الإرتوازية بالصحراء الجزائرية عامة بخاصية عدم الاستغناء عن هذا النظام الذي يعتبر إلى يومنا هذا مغيث الواحة القديمة، كما يعتبر قدوم الوادي وامتداده في كل الأجنة مصدر ابتهاج وفرحة لكل سكان المنطقة. خاصة في القرارة التي تستقبل خبر قدومه بإطلاق المؤذن من المسجد الكبير العريق تسبيحات "سبحان الله" ويطلق بالهتاف "الواد الواد" عدة مرات قبل دخول الوادي إلى الواحة ببضع ساعات ليتسنى للسكان نزع أغراضهم وإجلاء الحيوانات والممتلكات". يتميز سكان القرارة بتضامنهم وتعاونهم، ومن أبرز مظاهر التطوع والتعاون "التويزة"، في مجال صيانة وتنظيف هياكل الري، ففي كل سنة تنظم هيئة أمناء السيل بالتنسيق مع جمعية إحياء التراث لمدينة القرارة حملات تطوعية لتصفية مجرى الوادي من الأشجار والنباتات المائية التي تتكاثر بسبب المياه الراكدة، كما ظهرت في السنوات الأخيرة مبادرات شبانية لتنقية الأجباب، الواقعة بمجاري الوديان خارج البلدة من الأتربة والأوحال التي امتلأت بالكامل إثر فيضان أكتوبر 2008 وكذا بغرض تمكين مربي الماشية والنحل في الصحراء من الاستفادة من مياه الأجباب..الاستجابة للتطوع تمت بطريقة عفوية بمعدل 100 عامل في اليوم و 9600 ساعة عمل خلال أيام عطل نهاية الأسبوع، فهناك من تطوع بالمركبات كالشاحنات والآليات ومنهم من تطوع بدنيا مرفقا بوسائل العمل اليدوية وفئة أخرى تبرعت بالمواد الغذائية والماء لإطعام العمال. ومن الأجباب التي مستها عملية التصفية، جب حاسي ربيب في مجرى وادي نسا، وجب وادي اسدر في مجرى وادي زقير، وتم على إثره  استخراج ما يقارب 360م3 من الأتربة.