في ظلّ الأفكار العدائية لأحفاد مستعمر الأمس

إلى أيـن تتّجـه العلاقات الجزائرية - الفرنسية ؟

إلى أيـن تتّجـه العلاقات الجزائرية - الفرنسية ؟
  • القراءات: 1164
هدى نذير هدى نذير

تتحكّم أفكار الاستعمار الاستيطاني الفرنسي، في عمل الإدارة الفرنسية، وعلاقتها مع الجزائر، وهي تعمل علنا، على رهن العلاقات بين الطرفين، وتقف وستقف، وراء تعطيل  وتعطّل عملية استرجاع الجزائر لأرشيفها الوطني، وتعنّت فرنسا في الاعتراف بالجرائم التي اقترفتها في حق الشعب الجزائري، وغيرها من الملفات العالقة منها ملف الاعتراف الكامل بضحايا التجارب النووية التي أجرتها فرنسا الاستعمارية في صحرائنا، فإلى أين تتجه العلاقات الجزائرية مع فرنسا، في ظلّ يد الجزائر الممدودة وسلطة فرنسية لا تخفي دواليبها الخفية، العداء للجزائر، وتحاول غرس أفكار هدّامة عدائية، في أجيال فرنسا، الذين لا يريدون، مثلما يعبّرون عنه، إلاّ الحياة الكريمة. 

لاتزال أفكار بقايا الاستعمار الفرنسي، تحرّك دواليب الإدارة الفرنسية، في التعامل مع الجزائر، ولاتزال هذه الفئة تحمل أفكارا عدائية ضدّ الجزائر، وهم بذلك يرهنون مستقبل بلادهم الاقتصادي والسياسي، ولا يفكّرون في مستقبل أجيالهم، الذين لا يريدون، إلاّ الحياة في كنف الاستقرار الاجتماعي، مثلما يعبّر عنه دوما، ممثّلو جلّ التنظيمات الشبانية الفرنسية، وممثلو الشعب الفرنسي.

كما لا تنفك هذه الفئة، تعمل على تحريك ووضع مبادئ السياسة الخارجية الفرنسية، وذهب الأمر، إلى حدّ تسجيل تضارب في المواقف والتصريحات الرسمية الفرنسية، بسبب تحكّم لوبيات خارجية في وسائل الاعلام الفرنسية الرسمية، تعمل علنا على دسّ ما تريده من أفكار عدائية ضدّ الجزائر، وهي سابقة، تعكس وجود عدم تحكّم في آلية الاتصال الفرنسي، رغم أنّ بعض وسائل الإعلام المعنية بالذكر، تعمل تحت إدارة وزارة الخارجية الفرنسية.   

بقايا غلاة الاستعمار الفرنسي والفكر الاستيطاني، لا يزالون يبكون إلى يومنا هذا، على الفردوس المفقود، ولا يهمهم  في ذلك، إلاّ المصالح الآنية، ويحاولون “ونتمنى أن يكون ذلك عبثا” غرس أفكار عدائية، في جيل جديد يحمل رسالتهم الشاذة ضدّ الجزائر، ويضرب العلاقات الجزائرية الفرنسية، عبر الأجيال. حينما تأكّد الجنرال ديغول من انتصار الثورة الجزائرية ودحرها لقواته، صرح بلغة المغادر، الحاقد، اليائس، سنة 1961  “بأن الجزائر لا تاريخ لها” وكان يريد من وراء ذلك، غرس هذه الأكذوبة  في ذهن أبنائه، وأحفاده، الحاملين لأفكار الاستدمار، كما أنّ الذي بنى للفكرة الاستدمارية التي تحملها الحركة الإرهابية “الماك” هو نفسه ديغول، حينما زار سنة 1961 منطقة القبائل، الأبية الثائرة ضدّ الاستعمار الفرنسي، كغيرها من ولايات الوطن وقال متعمّدا لفظ “دولة القبائل”.

وقوفنا عند هذين “الحدثين المخزيين”، الهدف منهما، التأكيد على أنّ الذي يحرّك  تعامل الإدارة الفرنسية مع الجزائر، هم الذين يحملون أفكار الاستيطان، والأخطر ما في ذلك، أنّ الرئيس الحالي لفرنسا إيمانويل ماكرون، ورغم أنّه ليس من رعيل المستعمر، ردّد منذ  أشهر، في تصريح له، نفس عبارة ديغول، وهو ما يؤكّد حمله وتبنيه لفكرة أجداده الغلاة، فكيف يمكننا، رسم علاقات صداقة مع فرنسا واسترداد حقوقنا التاريخية.

اعتراف البرلمان الفرنسي بالجزائريين الذين خانوا الثورة والذين يصطلح عليهم بـ"الحركى”، لا يمكن تفسيره إلاّ على أنّه استفزاز للجزائر، ومساس بمشاعرها، مثله مثل القانون الذي صوّت لصالحه البرلمان الفرنسي في 2004 الممجّد للاستعمار، لأنّ هذه الفئة لم تر يوما النور، على أرض فرنسا على مدى عقود من الزمن، منذ أن نقلوا من الجزائر إلى ما وراء البحار، هم وعائلاتهم ووضعوا في محتشدات، تغيب فيها أدنى شروط الحياة.  الجزائر، لا تتعامل مع فرنسا، على أنّها كانت مستعمرا غاشما، أتى على الأخضر واليابس، في أرضنا الطاهرة، وحاول طمس هوينا، ومحو تاريخنا المجيد الحافل عبر العصور، بالمواقف المشرفة، والبطولات. والجزائر، لم تنفك يوما، عن التعبير عن نيتها الصادقة، في ربط علاقات صداقة، مع فرنسا، وطي صفحة الماضي المؤلم لنا، والعمل على ذلك، بكلّ ما هو متاح من آليات عمل، قوامها الاحترام المتبادل.

الجزائر، هي الطرف المتضرر، من عدم التزام فرنسا بالمسؤولية التاريخية، إزاء ما هو مطروح من ملفات، تخصّ ذاكرة وتاريخ شعبنا، الذي عانى ويلات الاستعمار، وهو الآن يواجه، تعنّت فرنسا، التي لا تريد الاعتراف بالجرائم، التي اقترفتها في حق شعب لم يستسلم للاستعمار، بل ثار، وكافح وناضل ضدّه، منذ أن وطأت قدمه أرض الوطن المفدى، وطن عرف أبناؤه عبر التاريخ، بالثورة ضدّ كلّ من تسول له نفسه المساس بأرضه الطيبة، والتاريخ يشهد عبر العصور،  على ذلك.   

الجزائر معروف عنها بشهادة الجميع، أنّها دولة مسالمة، ومحلّ ثقة، أمر يقرّه الصديق، ويقف عليه العدو، كما أنّ الجزائر لا تعرف التراجع عن مواقفها الثابتة، هذه المواقف التي تؤسّس وتدعو إلى اعتماد نظام عالمي، عادل  قوامه احترام حقوق الانسان والمساواة بين الشعوب.  لا تعمل فرنسا حاليا، ومنذ عقود، إلا على كبح إرادة الجزائر، في حقها التي تكفله لها القوانين الدولية، والمتمثّلة في استرجاع أرشيفها الوطني المنهوب والمسلوب، الذي يؤرّخ لمختلف العصور، التي مرّ عليها تاريخها منذ عهد ما قبل التاريخ، وقبلها العصور الغابرة، والهدف من وراء ذلك طمس تاريخنا وترك صفحاته، لمختلف المدارس التاريخية، والتي منها الاستعمارية، وحتى كتابات المستشرقين، الذي يطرحون، ما يريدون من أفكار تخدم مصالح توجهاتهم.. في ظل ما تم طرحه، هل يمكن لنا فعلا أن نثق في فرنسا، وفي مستقبل علاقاتنا معها.