ألعاب القوى الجزائرية
إعـلان من أجل أبطال يحطمون .. الأرقام

- 2416

تسعى رياضة ألعاب القوى الجزائرية إلى استرجاع بريقها الذي زال بمجرد توقف بعض أبطالها عن المنافسة الرسمية، والذين سطع نجمهم في المضامير العالمية التي سجلوا فيها أسماءهم واسم الجزائر بأحرف من ذهب، فنالوا ألقابا وميداليات ذهبية وفضية وبرونزية، وحطموا أرقاما قياسية عالمية بقيت كلّها خالدة في أذهان الجماهير الرياضية الجزائرية التي كانت تخفق قلوبها من أجلها. قبل أن يتراجع مستواها، عرفت هذه الرياضة أوج قمتها من خلال الانتصارات الباهرة التي حققها العداؤون كنور الدين مرسلي وحسيبة بولمرقة ونورية بنيدة مراح في مسافة 1500م وعز الدين براهمي في مسافة الـ 300 م موانع وقرني جبير في مسافة الـ800م، وباية رحولي في القفز الطويل والثلاثي وياسمينة عزيزي في العشاري، إلى جانب عبد الرحمان حماد وعثمان بلفع في القفز العالي. يحاول اليوم العداء توفيق مخلوفي إحياء هذه الشعلة بعدما فاز بالميدالية الذهبية في سباق الـ 1500م بالألعاب الأولمبية 2012 التي جرت بلندن، لكنه ضيع نفس اللقب في الدورة الموالية لذات الألعاب، إلى جانب فشله في الحصول على اللقب العالمي التي احتل في آخر دورتها بالصين المركز الخامس.
وتعد الفترة من 1991 إلى سنة 2003 من أبرز المرحلة التي نالت فيها الجزائر أكثر الميداليات في رياضة ألعاب القوى على المستوى العالمي، العداءة حسيبة بولمرقة نالت في 1991 بطوكيو الميدالية الذهبية في مسافة الـ 1500م (ببطولة العالم)، ونفس الميدالية نالتها في السنة الموالية خلال مشاركتها في الألعاب الأولمبية ببرشلونة لحساب مسافة 1500م المعروفة بـ "ملكة" السباقات في ألعاب القوى، ولم تكن حسيبة بولمرقة وحدها من بين الجزائريين الذين برزوا في هذا الاختصاص الذي فاز فيه نور الدين مرسلي من 1991 إلى 1995 بأربع بطولات عالمية، و كان أول عداء جزائري في صنف الرجال يتوج بلقب أولمبي خلال مشاركته في ألعاب أطلنطا 1996، فضلا عن أنه قام بتحطيم خمسة أرقام قياسية عالمية (ثلاثة في الهواء الطلق واثنان داخل القاعة) ما بين مسافة 1500م و3000م. مرسلي فاز أمام عدّائين عالميين معروفين منهم بشكل خاص فيرمين كاشو (إسبانيا) ، كيروشي (كينيا)، جون بيتر هيرولد، بطل أوروبا في مسافة 1500م وعبدي بيل من الصومال والمغربي هشام القروج، إلى جانب تحطيمه للرقم القياسي العالمي لذات المسافة الذي كان بحوزة العداء المغربي الشهير سعيد عويطة. لكن الذين تابعوا المسار الرياضي لكل هؤلاء الأبطال قبل وصولهم إلى الشهرة العالمية يعرفون جيدا أن تطور إمكانياتهم لم يأت من العدم وإنما كان نتيجة عمل طويل المدى بدأوا في إنجازه منذ صغر سنهم على غرار مرسلي وبولمرقة اللذين تكوّنا في أعرق المدارس الجزائرية المتخصصة في ألعاب القوى، الأول بالشلف والثانية في قسنطينة والخروب، فكانت هذه المدارس المحطة البارزة في تكوين العدّائين وصقل مواهبهما في الجري من خلال إشراكهما في السباقات الجماهيرية التي تخص كل الأصناف، كانت تتم على مراحل تصفوية عبر الوطن، يتم من خلالها اكتشاف المواهب الشابة التي يمكن الاعتماد عليها مستقبلا، سواء على المستوى الوطني أو الدولي، لكن للأسف، اختفت كثير من هذه المدارس التي كانت تنشط في كل ولايات الوطن.
المسؤولون الذين تعاقبوا على الاتحادية الجزائرية لألعاب القوى لم يحققوا فيما نسجل مجهودات كبيرة من أجل إحياء تقاليد التكوين التي كانت منتشرة لدى تلك المدارس وتركت الأمور على حالها. فغابت السباقات الجماهيرية والدورات التقليدية التي كانت تخلد شهداءنا في مختلف مناطق الوطن، منها سباق السعيد محمد كلوش بالشلف، والسباقات السنوية التي كانت تجري بميدان الغولف بدالي إبراهيم بحضور أيضا عدائين دوليين. اليوم أصبح لألعاب القوى الجزائرية أمل واحد وهو توفيق مخلوفي، الاختصاصي في مسافة 1500م الذي فاز فيها بالميدالية الذهبية في دورة لندن للألعاب الأولمبية سنة 2012، والعداءة سعاد أيت سالم المتخصصة في المسافات الطويلة، وهي بطلة إفريقيا سنة 2000 في الـ 10.000م ونالت الميدالية الذهبية خلال مشاركتها في دورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط سنة 2005 بإيطاليا وجاءت في المركز الأول في ماراطون روما سنة 2007. وأيضا العربي بورعدةو الاختصاصي في العشاري والذي يسعى للعودة إلى مستواه الدولي بعدما تعرض إلى عقوبة قاسية سلطها عليه الاتحاد الدولي بسبب تناول المنشطات، هؤلاء الرياضيين الثلاثة الذين ضمنوا مشاركتهم القادمة في الدورة الأولمبية لمدينة ريو دي جانيرو البرازيلية، في انتظار إمكانية تأهل رياضيين آخرين في مختلف الاختصاصات، أعادوا بعض الأمل إلى الجمهور الجزائري الذي بدأ يتساءل عما إذا ستكون أولمبياد 2016 محطة إعادة إحياء ألعاب القوى الجزائرية و رياضات أخرى. ومن أجل تسليط الضوء على الوضع الحالي الذي تعيشه ألعاب القوى الجزائرية بمختلف اختصاصاتها، أخذت "المساء" أراء بعض المختصين.