حركية غير مسبوقة في قطاع الطاقة لدعم ريادة الجزائر

إصلاحات الرئيس تبون ترسّخ ثقة الشركاء

إصلاحات الرئيس تبون ترسّخ ثقة الشركاء
  • 271
حنان. ح حنان. ح

شهد قطاع الطاقة ديناميكية ملحوظة في السنوات الأخيرة، تميزت، بالخصوص، بعودة عمالقة النفط والغاز العالميين ولا سيما الامريكيون، إلى السوق الجزائرية، بالتزامن مع ترسيخ ثقة الأوروبيين في الجزائر؛ كمموّن طاقوي موثوق راهنا ومستقبلا، بفضل قدراتها الهائلة والمتنوعة في هذا المجال.

استهل قطاع الطاقة الجزائري عام 2025، بتوقيع اتفاقية استراتيجية مع الشركاء الأوروبيين بروما، في مجال الهيدروجين الأخضر. تمثلت في مذكرة تفاهم لدعم "ممر الهيدروجين الجنوبي" ، الذي يهدف إلى ربط الجزائر بأوروبا، وتعزيز التكامل الطاقوي.

وتؤكد المذكرة التزام الجزائر بتنويع إمدادات الطاقة، وتقليل الانبعاثات الكربونية من خلال مشاريع الهيدروجين، التي يبدو أنها تثير اهتمام مستثمرين آخرين من خارج أوروبا، مثل عمان أو الكويت التي اقترحت مؤخرا عبر الشركة القابضة "مترو"،  تجسيد مشروع استثماري طموح بالجزائر، يستند على استغلال الإمكانيات الكبيرة للطاقتين الشمسية والريحية؛ من أجل إنتاج وتصدير الهيدروجين.

وتواصل الجزائر عبر علاقاتها الوطيدة مع كثير من الشركاء عبر العالم، تطوير مشاريعها في مجال الطاقات المتجددة، من خلال العمل على استكمال برنامج إنتاج 15 ألف ميغاواط من الكهرباء النظيفة في آفاق 2035، حيث بدأ تجسيد المرحلة الأولى من هذا المشروع الضخم ميدانيا، والتي تشمل إنتاج 3000 ميغاواط.

وبالموازاة مع ذلك، تم وضع قانون جديد للنشاطات المنجمية، يُنتظر أن يدخل حيز التنفيذ بعد أن تم نشره في الجريدة الرسمية. ومن المنتظر أن يساهم هذا القانون في جلب استثمارات أكبر للقطاع المنجمي، بما يسمح باستغلال الثروات الهامة التي تزخر بها بلادنا، ليس، فقط، باستخراجها، وإنما، كذلك، بتثمينها، وتحويلها، عن طريق الاستعانة بخبرة وتكنولوجيا الشركات الكبرى.

وبالمقابل، يتم العمل على قدم وساق، على استكمال مشاريع منجمية ضخمة بشمال وجنوب البلاد، يمكنها أن تحوّل الجزائر في بضع سنوات، إلى قطب منجمي في المنطقة، وفي العالم.

وبالرغم من توجه الجزائر نحو مواكبة التحولات في قطاع الطاقة والتكيف مع متطلبات الانتقال الطاقوي، إلا أن المحروقات تظل ثروة أساسية بالنسبة للجزائر، التي استطاعت الحفاظ على مكانتها كممون موثوق للطاقة، نحو السوق الأوروبية، لا سيما في ظل الأزمات التي عاشتها أوروبا في السنوات الأخيرة.

كما استطاعت الجزائر خلال الأشهر الأخيرة، أن تعيد استقطاب الشركات الكبرى الأمريكية للاستثمار، وهو ما أكدته زيارات وفود عن شركات "شيفرون وإيكسون موبيل" وكذا "هاليبورتون"، مؤكدة بذلك تعزيز حضورها الاستثماري في الجزائر، حيث أشادت بالتطورات الإيجابية التي يشهدها قطاع الطاقة في ظل الإصلاحات الرامية إلى تحسين مناخ الاستثمار، لا سيما بعد إصدار قانون محروقات جديد. كما جددت التزامها بتقديم أحدث الحلول والتكنولوجيات، والمساهمة في ترقية المحتوى المحلي، وإقامة شراكات استثمارية تعود بالنفع على الطرفين.  

وشهد هذا العام، كذلك، عودة ناجحة للمناقصات الدولية للمحروقات عن طريق "ألجيريا بيد راوند 2024"، التي كُللت بتوقيع خمسة عقود من بين ستة عروض تم تقديمها، وهو ما وُصف بالنتيجة الإيجابية، التي تعكس الجاذبية التي بات يتمتع بها مناخ الأعمال في القطاع، بفضل الإصلاحات الهيكلية التي عرفها.


الرئيس تبون يجسّد أحد أهم تعهداته بمشاريع ضخمة وغير مسبوقة

 محطات جديدة لتحلية المياه لضمان الأمن المائي 

يُعد برنامج إنجاز محطات تحلية مياه البحر، أحد أهم محاور تعهدات رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، الذي وضع مسألة الأمن المائي للبلاد، في لبّ استراتيجيته، الرامية إلى ضمان ماء الشرب لجميع المواطنين، تحت شعار "لن يتم ترك أي مواطن جزائري يعاني من العطش".

تميز العام الأول من العهدة الثانية للرئيس عبد المجيد تبون، بإحداث قفزة نوعية في مجال الموارد المائية، بفضل تدشين 4 محطات جديدة لتحلية مياه البحر بتكلفة 2.4 مليار دولار، سمحت برفع عدد المواطنين المستفيدين من هذا البرنامج، إلى 15 مليون ساكن.

ففي الأشهر الأولى من العام الجاري، تم تدشين مجموعة من محطات التحلية ضمن المرحلة الأولى من البرنامج الاستعجالي، من أبرزها محطة الرأس الأبيض في وهران الأكبر في الجزائر، إضافة إلى محطات رأس جنات ببومرداس، والدراوش بالطارف، وفوكة بتيبازة. كما بدأت محطة تيغرمت ببجاية في ضخ 180 ألف متر مكعب يوميا، مؤخرا.

وبتدشين هذه المشاريع الكبرى التي "سيخلّدها التاريخ"، كما قال الرئيس تبون، توسعت قدرات تحلية مياه البحر في الجزائر بشكل كبير، حيث بلغت القدرة الإنتاجية الإجمالية الحالية، 3.7 ملايين متر مكعب يوميا تضخها 19 محطة، بنسبة تغطية تصل إلى 40 ٪ مقارنة بـ 18 ٪ سابقا. ومن المتوقع أن يرتفع حجم المياه المحلاة، إلى 5.6 ملايين متر مكعب يوميا بحلول عام 2030؛ لتغطية 60 ٪ من احتياجات الشرب. وتكون بذلك الجزائر قد اعتلت قائمة الدول الإفريقية في إنتاج المياه المحلاة. كما جاءت في المرتبة الثانية على المستوى العربي. ومازال القادم أفضل بالنظر إلى استمرار الدولة في الاستثمار بكثافة في إنشاء محطات جديدة، وهو ما أعلن عنه رئيس الجمهورية في آخر لقاء إعلامي، حين كشف عن القيام بدراسة لإنجاز 5 أو 6 محطات جديدة. وسيتم تحديد الولايات المعنية بها لاحقا.

وما يشجع على إطلاق مزيد من المشاريع في هذا المجال، ليس فقط توفر الإرادة السياسية والموارد المالية، وإنما، كذلك، الخبرة الكبيرة التي اكتسبتها اليد العاملة الجزائرية في هذا المجال،  وهو ما أشار إليه الرئيس تبون عند تدشينه محطة الرأس الأبيض بوهران، الذي قال إن مثل هذا المشروع يُعد "مثالا حيا عن الجزائر الجديدة، القادرة على رفع التحديات بقواها العاملة المحلية، وفي وقت قياسي"، مسجلا أن إنجاز هذا المصنع في أقل من 26 شهرا، "هو ما يسمى بالجزائر المنتصرة" . ويعني، كما أضاف، أننا " وصلنا إلى مرحلة الإنجازات العملاقة بسرعة، وبأحدث التكنولوجيات". فعلى عكس المنشآت التي أنجزت في الماضي والتي كانت تتم بالشراكة مع مؤسسات أجنبية، اكتسى برنامج المحطات الخمس، طابعا وطنيا بإسناده فروع مجمع سوناطراك ومجمع كوسيدار بالنظر إلى القدرات التي تتمتع بها المؤسسات الوطنية في مجال الإنشاء، والدراسات، والهندسة، والتي كانت محل تنويه وإشادة من قبل رئيس الجمهورية في العديد من المناسبات، حيث لم يتردد في وصف هذا التطور بمثابة "التأسيس لمدرسة جزائرية في إنجاز هذه المشاريع".

علاوة على ذلك، مكن اللجوء إلى الكفاءات الجزائرية في هذه الإنجازات، من توفير ما يقارب مليار دولار للبلاد. كما تم رفع نسبة إدماج المنتج الوطني في هذه المشاريع، إلى 30 ٪.

ويُرتقب الانطلاق في تجسيد المرحلة الثانية من برنامج الرئيس، الخاصة بإنجاز 6 محطات كبرى لتحلية مياه البحر، بطاقة 300 ألف متر مكعب للواحدة ابتداء من السنة القادمة 2026، بكل من سكيكدة، وجيجل، وتيزي وزو، والشلف، ومستغانم وتلمسان، تزامنا ودراسة الربط البعدي لـ 18 ولاية ستزوّدها هذه المحطات بمياه الشرب، والتي ستكون مثل سابقاتها، تحت وصاية مؤسسة وطنية جزائرية، متخصصة في تنفيذ وتشغيل محطات تحلية مياه البحر، أمر رئيس الجمهورية بإنشائها؛ للإشراف على هذا البرنامج الاستراتيجي.