المحضرة القضائية فتيحة حيمر:
أتطلّع لأكون مرجعا استشاريا

- 2038

ترفض المحضرة القضائية فتيحة حيمر، أن تذكر المرأة في عيدها العالمي بإهدائها وردة، وتشير لـ"المساء" إلى أنّه يكفينا من الشعارات البيزنطية والجري وراء حقوق زائفة، حيث آن الأوان لرد الاعتبار للمرأة الكفؤة، وتضيف "بوابة النجاح تكون بالانطلاق من الصعوبات.. والتي تبتغي النجاح لابد أن تدوس كلّ الآلام وتبتعد عن البكاء والشكوى لتحقيق أمالها. وتقول "مهنتي شاقة ومع هذا اطمح بعد الخبرة التي اكتسبتها لأكون مرجعا استشاريا يستفيد منه غيري".
عن مسيرتها، تقول المحضرة القضائية لدى محكمة سيدي أمحمد كنت "مكلّفة بالإعلام لدى الغرفة الوطنية وتحديدا في فترة الإصلاحات القانونية الخاصة بمهنة المحضر القضائي، وكان لي الحظ أنّي اشتغلت في هذا المجال، فخلال الفترة من 2007 إلى 2010 تشرّفت بتسليم الأختام لألف محضر قضائي على المستوى الوطني بالتنسيق طبعا مع وزارة العدل، وهي مهمّة ليست بالسهلة، واليوم أفخر بأنّ محاضر التسليم موجودة على مستوى الوزارة وتحمل اسم الأستاذة حيمر، والمفارقة –تبتسم- أنّي كنت آخر محضرة تفتتح مكتبا بسبب الانشغال بالمهمة الموكلة إليّ رغم أنّي كنت من بين المتخرّجين الناجحين في مشروع ألف محضر لسنة 2006".
محدّثتنا اختارت مهنة المحضر القضائي عن حب وقناعة لأنّ فيها وجها ثانيا لا يعرفه إلاّ القليل، وبعيدا عن المتاعب تلمس فيها جانبا من الإنسانية والنبل لا يشعر به إلاّ من أحب المهنة ومارسها عن قناعة، وتضيف "لأنّي امرأة استطيع الجزم أنّ الأنثى المعروفة بحكم طبيعتها مصدر حنان وحب وعاطفة وتفهّم وصبر.. كلّ هذه المعايير تساعدها لتنجح في مهامها، ولكن في نفس الوقت قد تتعبها خاصة أنّها مخلوق حسّاس عند تنفيذ بعض الأحكام القاسية، فلا يخفى عليكم نحن أكثر من يتّصل بالمتقاضي سواء المتضرّر أو رابح القضية ونحن الوحيدون الذين نكون مطّلعين على خبايا الأسرة الجزائرية ومشاكلها وهذا ما يزيد من صعوبة عملنا".
غياب الثقافة القانونية للمتقاضي من أهم المشاكل التي تعيق عمل المحضر القضائي، حيث يعتقد أنّه يجب عليه التنفيذ مباشرة، "وينسى الناس أنّنا نتعامل مع أشخاص محتالين وكذّابين، الأمر الذي يتطلّب أن نكون محترفين وحذرين، فنحن مطالبون بأنسنة الأحكام والتنفيذ والإقناع لقبول الأحكام" تقول المحضرة فتيحة.
هذه المهنة جعلت السيدة حيمر، تتعرّف على المجتمع الذي تعيش فيه وتعي ثقل المسؤولية الملقاة على عاتقها، وتضيف "شعاري دائما -رغم المتاعب هنالك دائما نافذة مشرقة في هذه المهمة- لأنّها تتعلّق بتحصيل الحقوق، وبالمناسبة تحضرني ذكرى لن أنساه مطلقا جعلتني أدرك مدى حبّي لهذه المهنة، حيث أذكر أنّه في سنة 2014 كان لديّ تنفيذ بعدم التعرّض وكانت والدتي على وشك إجراء عملية جراحية وبقيت معها في المستشفى إلى غاية الرابعة صباحا، ثمّ اتّجهت لأداء عملي، في تلك اللحظة تيقّنت أنّ الواجب يسبق كلّ شيء، وذلك اليوم عوض أن أكره المهنة تمسّكت بها أكثر".
وفي ردها على سؤالنا حول مدى قدرة المرأة على صنع التميّز إن أسندت لها المسؤولية، ردّت بصرامة "المرأة هي التميّز وهي الإبداع، تستطيع أن تخلق عالما من التميّز بالشخصية القوية، وتعلّق أنّه بشهادة زملائها فهي أقدر على حلّ كلّ المشاكل المهنية، وهو تميّز بالنسبة لها تفتخر به، مشيرة إلى أنّ الحديث عن العراقيل مرتبط بأيّ نوع من المهن كان، فمثلا الجوّ العائلي في كثير من الأحيان لا يشجّع المرأة على تحقيق النجاح كأن نسمع مثلا من ينعت مهنتها بالقول "بسم الله الرحمان الرحيم من المحضر" أو من يعاتبها على التأخّر لساعات متأخرة من الليل، ومن العراقيل أيضا القوانين التي لا تطبّق كما ينبغي إلى جانب الحقرة، وتقول "مثلا أقوم بواجبي على أكمل وجه غير أنّ المستفيد لا يدفع ما عليه لأنّي فقط امرأة في نظره عاجزة وضعيفة خاصة، وفي هذا الإطار أطلب من المجتمع احترامنا لأنّنا مكلّفون بأداء مهنة نبيلة".
تواجه المحضرة فتيحة رفض المجتمع لاختيارها بفرض أمر الواقع، وتقول"نحن في زمن العولمة، وحان الوقت للمجتمع أن يتقبّل المرأة في بعض الميادين الحساسة لأنّ وجودها فيه إضافة ولأنّها تؤدي رسالتها أحسن من الرجال في بعض المهن، وتختم حديثنا والابتسامة لا تفارق شفتيها "رغم أنّ مهنتي شغلت كلّ وقتي وتفكيري إلى درجة أنّ مشروع زواجي لا يزال مؤجلا بسبب انشغالي الدائم، ومع هذا أنا متمسّكة بها وسائرة نحو الأمام في سبيل تحقيق حلمي في أن أكون مرجعا استشاريا في ميدان عملي".