في غياب البدائل وتعطّل المشاريع

700 مسكن ومستودع معروضة للكراء بعنابة

700 مسكن ومستودع معروضة للكراء بعنابة
  • القراءات: 2299
 هبة أيوب هبة أيوب

تُعد ظاهرة كراء المساكن للمصطافين خلال فترة الصيف من الظواهر التي تلقى رواجا كبيرا في عنابة، إذ أصبحت وسيلة يعتمدها الشباب والعائلات على حد سواء للإقامة في بونة خلال الصيف، والتي إن كانت غير مؤطرة فإن مصالح الأمن التي سجلت جراءها العديد من الحوادث، التزمت بوضع جهاز للمراقبة لرصد تحركات الوافدين على المدينة، وذلك في ظل الفوضى التي تعرفها عملية كراء المساكن، والتي تقدّر حسب بعض المصادر، بأزيد من 700 شقة ومستودع محل كراء هذه السنة.

وتعوّل هذه الأيام مصالح الأمن بعنابة على نشاط أجهزة الكاميرات التي تم تنصيبها خلال شهر جوان الماضي على مستوى الشواطئ والأحياء الفوضوية لإنجاح مخطط مراقبة الإيواء والكراء العشوائي الذي تعتمد عليه عشرات العائلات التي تترك سكناتها مبكرا مع بداية كل موسم اصطياف مقابل ما تجنيه من وراء هذه العملية. تحرك الجهات الأمنية جاء لتأمين عنابة من الانحراف والفوضى التي يتسبب فيها بعض الشبان والمنحرفين، والذين يلجأون إلى كراء الخرب والبيوت العشوائية.

الأمن يضع جهاز رصد لتحركات الوافدين

ومن ثم تسجيل بعض التجاوزات الخطيرة والتي تزيد من مأساة الوضع في ظل تزايد معدل الجريمة بمختلف أنواعها، إلى جانب تنامي السرقات والاعتداء على المواطنين والسياح. ورغم تجسيد المخطط الأمني وتطبيق تعليمة كل من مصالح بلديات عنابة وشطايبي وسرايدي مع تنظيم هذه العملية وفق إجراءات تنظيمية، غير أنها لم تتحكم فيها لعدم استجابة المواطنين؛ مما يطرح مخاوف تكرار مأساة شهر أوت 2003، عندما تفجرت الأوضاع بفعل تزايد عدد المنحرفين الذين وجدوا أماكن الإيواء خارج الرقابة الوقائية وفضاء للتشويش على السياح والمصطافين، خاصة بمدينة البوني، إلا أن ذلك حال دون احتواء ملف فوضى الكراء العشوائي للسكنات والمستودعات التي تفرضها العائلات ذات الدخل المحدود والفقيرة، والتي تترك شققها لتحل عند الأهل أو الأصدقاء لقضاء عطلة عائلية بعيدا عن البحر، أو تغيّر حتى المدينة، وهذا ما أجمع عليه بعض المواطنين الذين يلجأون كل موسم اصطياف إلى كراء سكناتهم لزبائنهم الذين تعوّدوا عليهم، حيث يتم دفع العربون أولا خلال 6 أشهر قبل فصل الصيف، ثم يبقى الزبون في تواصل مع صاحب البيت إلى غاية إخلائه لتحويله كمكان للكراء، وهو ما وقفت عليه "المساء" خلال جولة لنا ببعض الأحياء القديمة بمدينة عنابة، والتي تُعتبر موقعا استراتيجيا للتخييم.

بلاص دارم قبلة الشبان والمنحرفين

وأكد بعض الجيران ونزلاء المدينة القديمة «بلاص دارم» التي تُعتبر القلب النابض لمدينة عنابة ومحركها التجاري والسياحي في آن واحد لقربها من ميناء عنابة واتخاذها موقعا استراتيجيا يربطها بساحة الثورة والمعالم الدينية، منها الجامع الكبير أبومروان الشريف المكان المفضل للإيواء، وكراء السكنات الآيلة للسقوط، خاصة بعد ترحيل عدد كبير من المستفيدين من السكن الاجتماعي خلال الأشهر القليلة الماضية، والذين تركوا مكانهم لأبنائهم المقيمين في هذه الخرب التي تتحول إلى فضاءات للكراء تصل إلى 2 ملايين سنتيم للشهر الواحد، وقد تزيد مع تزايد عدد الطلبات على هذه الأماكن التي لا تتوفر على أدنى شروط الحياة الكريمة، لكن الزبون همه الوحيد هو كراء هذه الشقق القديمة؛ لأنها  تتواجد بقلب مدينة عنابة التي تعج بحركة الناس، وفيها تتلاصق الدكاكين والأسواق وكل احتياجات المصطافين، وعليه فإن الشبان لا يصعب عليهم الظفر بغرفة لقضاء وقت ممتع بالشواطئ، في ظل غلاء الفنادق والتي يقابلها الخدمات الضعيفة، وهذا ما أكده لنا رؤوف القادم من مدينة سطيف، الذي قال لنا إنه اعتاد على زيارة عنابة كل صيف رفقة شلة من أصدقائه، حيث يعملون على كراء غرف ببلاص دارم أسعارها تختلف من مسكن لآخر، حسب احتياجات الزبون، ناهيك عن ربطها بالغاز والماء وتوفير الأفرشة.

من جهته، جمال من ولاية باتنة أكد أن عنابة منطقة جذب سياحي، وعليه فهم يفضلون البحث عن مكان فيها من أجل التخييم وكذلك العمل في المطاعم والمقاهي لتوفير بعض مصاريف الكراء والتمتع بزرقة البحر.

ورغم توافد عدد من الشبان على كراء هذه الشقق بالمدينة القديمة بلاص دارم، إلا أن مصالح الشرطة لم تسجل أي تجاوزات إلى حد الآن.

إحصاء 700 منزل ومستودع موجهة للكراء

وأكدت مصادر عليمة أن مصالح بلدية عنابة نصّبت لجنة خاصة لإحصاء السكنات التي وُجهت للكراء بعد أن تركها أصحابها نهاية شهر جوان الماضي. 

وحسب أولى الإحصائيات فإن هناك 700 منزل ومستودع موجهة للكراء بسبب نقص الفنادق وغلائها، خاصة أن الحظيرة الفندقية بعنابة لا تتجاوز طاقة استيعابها 12 ألف سرير، سواء من الناحية الكمية أو النوعية، فالفنادق المتوفرة حاليا لاتزال بعيدة عن المنافسة، وهو ما جعل السلطات المحلية تخطط لإنشاء مرافق جديدة ترفع قدرات الولاية؛ من خلال برمجة 10 فنادق بطاقة استيعاب تفوق ألفي سرير بالرغم من مرور 12 سنة كاملة على بداية بعض هذه المشاريع إلا أن نسبة تقدم الإنجاز ما بين 0 و80 بالمائة، ويبقى فندق الشيراتون الذي سيتم تسليمه أوت القادم، المكسب الدولي الذي تعوّل عليه عنابة لاستقبال السفراء والسياح الأجانب، إلى جانب فندق صبري والريم الجميل وسيبوس الدولي، لكنها فنادق تلهب جيوب الزوالية الذين يجدون كراء السكنات كحل بديل لقضاء عطلة ممتعة ببونة الجميلة.

عائلات تؤمّن على منازلها ببطاقة تعريف أو جواز السفر

وصرحت لنا بعض العائلات بأنها تؤمّن على سكناتها وكرائها للزبائن خلال فصل الصيف عن طريق تقديم بطاقتي التعريف أو جواز السفر، إلى جانب استقبال أشخاص محترمين لهم سمعة طيبة؛ تفاديا لاختلاق المشاكل مع الجيران ووصول المعلومة إلى مصالح الأمن؛ حيث يدخل أصحاب هذه السكنات في مشاكل مع الشرطة. وقد تصل العقوبة، حسب بعض الجهات، إلى درجة إقصائه من المنزل، وعليه يتم وضع شروط خلال عملية الكراء. 

وعن التكاليف المقدمة لتقديم الشقة للمصطاف، فإنها تختلف من مكان لآخر حسب قربه أو بعده من الشاطئ؛ فمسكن في عنابة مركز يختلف عن نظيره في شطايبي وسرايدي، ناهيك عن اختيار مكان بالقرب من المناطق الطبيعية الجذابة والهادئة يلعب هو الآخر دورا هاما في جذب السياح.