المستشار التربوي لوزيرة التربية يكشف لـ«المساء» تفاصيل جرد الأخطاء في الامتحانات الرسمية

464 ألف خطأ في أجوبة امتحانات «السانكيام» و«البيام» في 2015

464 ألف خطأ في أجوبة امتحانات «السانكيام» و«البيام» في 2015
  • القراءات: 1309
 حسينة.ل حسينة.ل

 في عملية تقويمية شارك فيها 10 آلاف أستاذ و 100 مفتش 

أكد مستشار وزيرة التربية المكلف بالبيداغوجيا السيد فريد بن رمضان، أن المدرسة الجزائرية في حاجة إلى حلول بيداغوجية وليس لخطاب سياسي وإيديولوجي، يجب أن تبقى المدرسة بعيدة عنه، مضيفا أن المنظومة التربوية في الجزائر حققت قفزة قوية من ناحية الكم، إلا أنها لاتزال متخلفة؛ نظرا للخلل الذي يكمن في النوعية. وقال محدثنا إن وزيرة القطاع السيدة نورية بن غبريط تعمل على تحقيقها منذ مجيئها على رأس القطاع، معتمدة في ذلك على أنجع الآليات، معتبرا الإعلان عن نتائج عملية جرد أخطاء أوراق الامتحانات الوطنية الرسمية التي تُعد الأولى من نوعها منذ الاستقلال، جرأة وشجاعة من وزيرة التربية.

العملية ستعمَّم على جميع الولايات ابتداء من الأسبوع المقبل

 40٪ من التلاميذ لا يميّزون بين التاء المفتوحة والمربوطة ❊ المعدل الوطني في الرياضيات بالطور المتوسط لم يتجاوز 8,40 / 20 

  المعدل الوطني في الفرنسية بالطور المتوسط لم يتجاوز 6,87 / 20

بن رمضان كشف في تصريح لـ «المساء»، أن عملية جرد وفحص الأخطاء التي شملت تسع ولايات نموذجية وأحصت قرابة نصف مليون (464 ألف) خطأ في أوراق الامتحانات الوطنية الرسمية للسنة الخامسة ابتدائي (سانكيام) والرابعة متوسط (البيام) دورة جوان 2015، ستعمَّم بداية من الأسبوع المقبل، لتشمل باقي ولايات الوطن، مبرزا أن وزيرة التربية قررت العمل على حقيقة الإحصائيات والنتائج العلمية والتقنية المسجلة في الميدان، لحصر الخلل الذي تعاني منه المنظومة التربوية مع اعتماد المعالجة العلمية والتقنية والبيداغوجية عوض الحلول العقيمة. 

وتُعد هذه الدراسة البيداغوجية التي مست ثلاث مواد أساسية، هي اللغتان العربية والفرنسية والرياضيات والتي تعتمدها وزارة التربية لأول مرة، خطوة نوعية لتشخيص بشكل دقيق، النقص الفادح الذي تعاني منه المدرسة الجزائرية من الجانب البيداغوجي، وتلقين المعارف للتلميذ، هذا الأخير الذي أثبتت الدراسة أنه لا يتحكم حتى في اللغة العربية رغم أنه يبدأ في تعلمها في سن مبكرة من حياته. كما لا يتحكم في العملية الرياضية وفي المواد العلمية واللغة الفرنسية التي تُعد من المواد الأساسية في جميع الأطوار التعليمية.

ممثل وزارة التربية كشف أن 10 آلاف أستاذ و100 مفتش شاركوا في عملية فحص أوراق الامتحانات الرسمية للسنة الخامسة ابتدائي والسنة الرابعة متوسط. وقال: «إن ما يهم في الظرف الحالي هو التعليم الإجباري والتكويني القاعدي المتمثلين في الطورين الابتدائي والمتوسط. الأوراق مشفّرة، وقمنا بجرد جميع الأخطاء الموجودة في أوراق الامتحانات في ثلاث مواد أساسية، وهي اللغة العربية والرياضيات والفرنسية». 

ضعف كبير في كل الأطوار يستدعي إجراءات استعجالية 

 المستشار المكلف بالبيداغوجيا من أجل تصحيح الوضع، كشف أن الوزارة بصدد اتخاذ حزمة من الإجراءات في إطار العملية البيداغوجية، التي اقتنعت بأن الحل يكمن على مستواها لتدارك النقص والضعف الكبيرين المسجلين بجميع الأطوار، لا سيما الطور الابتدائي وتحسين المستوى الدراسي للتلاميذ، مشيرا إلى الأرقام التي وصفها بالمخيفة والمقلقة التي توصلت إليها الدراسة حول المعالجة البيداغوجية لأوراق امتحانات التلاميذ للسنة الدراسة 2015-2016.  

 وفي هذا الصدد أكد بن رمضان أن التلاميذ غير متحكمين في مادة اللغة العربية بالرغم من كونها لغة التعليم الأولى، مشيرا إلى أن نوع الأخطاء المسجلة لغوي ونحوي في هذه المادة. كما كشف أن المعدل الوطني لمادة الرياضيات بالنسبة لنهاية الطور المتوسط، لم يتجاوز 8.40 من 20 في سنة 2016؛ حيث بقي هذا المعدل الوطني دون المستوى منذ 2012. أما بخصوص مادة اللغة الفرنسية فأكد أن المستوى ضعيف بها؛ حيث بلغ المعدل الوطني للمادة 87ر6 /20 في 2016، وبقي هذا المعدل دون المستوى المطلوب منذ 2012. كما أشار إلى أن الأرقام في هذه المواد الثلاث، تثبت أنه لا يتحصل على المعدل فما فوق في مادة الرياضيات إلا 14 بالمائة من التلاميذ، و25 بالمائة بالنسبة للغة العربية، و16 بالمائة للفرنسية. 

وحسب نفس المسؤول، فإن المشكل يكمن أيضا في الاعتماد على الحفظ بدل التحليل العلمي والإدراكي، مما أدى إلى تسجيل معدلات ضعيفة في التحصيل لدى التلاميذ بالنسبة للمواد العلمية، مذكرا من جهة أخرى، بأن 25 بالمائة من بين الناجحين في شهادة نهاية الطور الابتدائي، يعيدون السنة الأولى متوسط، وأن الفارق ضخم مقارنة بنسبة النجاح المقدّرة بـ 96 بالمائة. كما ذكر أن من بين 66 بالمائة من التلاميذ الناجحين في امتحان نهاية التعليم المتوسط، يعيد 15 بالمائة منهم السنة الأولى ثانوي. 

بن رمضان أوضح أن الهدف الأول للدراسة التي قام بها المشرفون على البيداغوجيا في التربية،  هو تحديد الأخطاء الأكثر تكرارا، والبداية كانت بتصنيف الخطأ النحوي والصرفي والمتعلق بالتطبيق وكتابة الحرف، هذا الأخير الذي قال إنه يشكل عائقا كبيرا يصل إلى نسبة 20 بالمائة من التلاميذ، علما أن 40 بالمائة من الأخطاء تتعلق بكتابة التاء مربوطة أو مفتوحة.

 وفي تحليله لنتائج الدراسة التي سمحت من خلال عيّنة بمعرفة الأخطاء الأكثر تكرارا، أرجع المختص في البيداغوجيا، السبب إلى تدنّي المستوى إلى المنظومة التربوية أساسا ومستوى تكوين الأساتذة بالإضافة إلى صعوبة الفهم وأخطاء تحليلية وتطبيقية لدى التلاميذ. 

«قمنا بعمل تقييمي ومعالجة، ولاحظنا بصفة عامة، أن المواد الأساسية كالرياضيات والفيزياء والعلوم الطبيعية معدلها الوطني لا يتجاوز 8.50 على 20. وعندما نرى أن التلاميذ الذين يتحصلون على المعدل الوطني؛ أي أكثر من 10 على 20 في مادة اللغة العربية لا يتجاوز 25 بالمائة والرياضيات 25 بالمائة والفرنسية لا يتجاوز 16 بالمائة، فهذا يعني أن هناك خللا كبيرا يستدعي دق ناقوس الخطر»، يقول بن رمضان، الذي أضاف أنه عند مجيء وزيرة التربية السيدة نورية بن غبريط على رأس القطاع، قررت العمل على حقيقة الإحصاء، مشيرا إلى أن كل تقارير الخبراء المتعلقة بالمنظومة التربوية الجزائرية، تقول إن الجزائر قامت بقفزة نوعية من ناحية الكم إلا أنها بقيت متأخرة في مجال البيداغوجيا.

المعدل الوطني للرياضيات في كل الامتحانات لم يتجاوز 8.50 بالمائة خلال 5 سنوات 

«المعدل الوطني لمادة الرياضيات في جميع الامتحانات بما فيها امتحان البكالوريا خلال الخمس سنوات الأخيرة، لا يتجاوز 8.50 من 20، والفرنسية لا يتجاوز 7.5 من 20، والإنجليزية 8 من 20، والفيزياء لا يتجاوز 8.90»، هي أرقام تتحدث عن نفسها، يقول ممثل وزارة التربية، معتبرا  أن مجرد الإعلان عن هذه الأرقام المخيفة جرأة بيداغوجية عليمة من المسؤولة الأولى عن قطاع التربية، علما أنه لم يسبق أن تم الإفصاح عنها من قبل. ويرى أن الاستجابة لهذه الحقائق وعلاجها لا يكون بالعقوبة، وإنما بالاستجابة البيداغوجية والمعالجة بعيدا عن أي خطاب إيديولوجي أو سياسي.

الاعتماد على الحفظ ضيّع التلاميذ  

بن رمضان أرجع النتائج الكارثية التي سجلتها الدراسة البيداغوجية أيضا إلى الاعتماد على المقاربة بالحفظ طيلة سنوات طويلة؛ مما ساهم في ضياع التلميذ واعتماده على حشو الأفكار في الكثير من الأحيان بدون فهمها. واستشهد محدثنا في هذا السياق بأنه عندما يكون المعدل  يتجاوز 12 من 20 في الامتحانات الرسمية وفي كثير من الحالات، فإن ذلك يكون بفضل مواد الحفظ، كالتربية الإسلامية والمدنية والتاريخ والجغرافيا؛ ما يدل على خطورة الأمور ووجود الخلل، معبرا عن أسفه لكون القدرة المعرفية الوحيدة التي تم تطويرها في التلاميذ من خلال التلقين، هي القدرة على التخزين.وقال ممثل قطاع التربية إنه بغضّ النظر عن نسب النجاح المقبولة في امتحانات نهاية الأطوار التعليمية، فإن مردود المنظومة يطرح مشكلة؛ بحيث نجد من أصل 95 بالمائة من الناجحين في امتحان السنة الخامسة من التعليم الابتدائي، يفشل 25 بالمائة منهم في اجتياز السنة الأولى متوسط، ومن بين 66 بالمائة من التلاميذ الناجحين في امتحان نهاية التعليم المتوسط، يعيد 15 بالمائة السنة الأولى من التعليم الثانوي، فيما لا يصل إلى البكالوريا إلا 3 تلاميذ من بين 100 تلميذ. 

بطاقة تقنية بـ 20 خطأ مصنّفة لكل أستاذ ومعلّم 

  وأسفرت عملية التدقيق والفحص في أخطاء أوراق الامتحانات، حسب السيد بن رمضان، عن تصنيف 20 خطأ الأكثر تكرارا لدى تلاميذ الابتدائي والمتوسط، ستوضع تحت تصرف كل قسم  ومدرس، لتكون بمثابة آلية في يدهم وفي يد المسؤولين التربويين المحليين عبر الولايات. ويتسنى للأستاذ خلال تقديم دروسه والتوقف عند الخطأ المصنف، ليركز فيه ويقدّم توضيحات أكثر بشأنه لتنبيه التلاميذ والتصحيح بشكل دقيق. بن رمضان تحدّث عن 15 مليون خطأ، سيُشرع في العمل عليها خلال المرحلة المقبلة التي ستشمل كل الولايات عبر الوطن.