إعلاميون يشيدون وآخرون ينتقدون

22 أكتوبر مرجعية تاريخية ومناسبة لرفع انشغالات الإعلاميّين

22 أكتوبر مرجعية تاريخية ومناسبة لرفع انشغالات الإعلاميّين
  • القراءات: 2063
نسيمة زيداني نسيمة زيداني

تحتفل الصحافة الوطنية اليوم بعيدها الوطني بعد ترسيمه من طرف رئيس الجمهورية، كعيد وطني يصادف كل يوم 22 أكتوبر من كل سنة. هذه المناسبة كانت فرصة لرفع انشغالات الصحفيين من مختلف الجرائد والقنوات المحلية التي تحدثت إليها "المساء"، مطالبين بفتح فرص لتكوين الإعلاميين وتحسين ظروف العمل والدفاع عن الحقوق المشروعة للصحافيين. وقد وصل عدد المنابر الإعلامية في الصحافة المكتوبة إلى أزيد من 160 صحيفة يومية وأسبوعية، وهذا دليل على الاهتمام الذي توليه الجزائر لحرية الرأي والتعبير، حيث اعتبرها العديد من الإعلاميين رائدة في هذا المجال. وجاء قرار ترسيم اليوم الوطني للصحافة من طرف رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة يوم 22 أكتوبر القادم، تخليدا لتاريخ صدور أول عدد من جريدة "المقاومة الجزائرية" في 22 أكتوبر 1955 الناطقة باسم جبهة وجيش التحرير الوطني.

ولقي اختيار رئيس الجمهورية ليوم 22 أكتوبر بالتزامن مع تاريخ صدور أول عدد من جريدة "المقاومة الجزائرية"، استحسانا كبيرا لما كان للجريدة من دور في مسار الثورة الجزائرية. و"المقاومة الجزائرية" جريدة كان يصدرها مناضلون جزائريون قبل أن يكون لجبهة التحرير الوطني لسان لها، متمثل في جريدة "المجاهد".

إعلاميون يشيدون وآخرون ينتقدون

أشاد إعلاميون من مختلف الجرائد والقنوات التلفزيونية المحلية في حديثهم إلى "المساء"، بمستوى حرية التعبير في الجزائر، حيث اعتبروا الجزائر نموذجا يُقتدى به في الوطن العربي، بالنظر إلى الهامش الكبير من الحرية الذي تتمتع به وكذا العناوين العادية والمتنوعة التي تعرفها الساحة الوطنية. وأكد السيد عبد الحكيم أسابع كاتب صحفي بـ"جريدة النصر"، أن ترسيم يوم 22 أكتوبر كيوم للصحافة الجزائرية الذي جاء تخليدا لتأسيس أول جريدة وطنية ‘’المقاومة الجزائرية’’ في 22 أكتوبر 1955 التي جاءت كلسان ناطق باسم جبهة وجيش التحرير الوطني، يكتسي أهمية كبيرة جدا للأسرة الإعلامية في الجزائر، باعتبار أنه يخلّد روح تضحية ونضال رجال الإعلام الجزائريين، من جهة، ويشكل، من جهة أخرى، وقفة سنوية لتقييم ما تم إنجازه، والوقوف أيضا على المكاسب المحققة في الميدان، والبحث عن السبل المثلى من أجل تنظيم أفضل لقطاع الإعلام للقضاء على بعض الفوضى التي تسوده، والارتقاء بالأداء الإعلامي الجزائري. وأضاف أن رجل الإعلام المطالَب بالالتزام والتحلي بالأخلاق المهنية، بحاجة إلى قطاع منظم ذي أهداف محددة على المستويين المتوسط والبعيد، وهو ما يتطلب مواصلة النضال من أجل تحسين ظروف العمل، والدفاع عن الحقوق المشروعة للصحافيين؛ سواء الاجتماعية منها أو المهنية، سيما المتعلقة بالتكوين الذي يجب أخذه على محمل الجد، وأن يحظى بالأولوية؛ باعتبار أن الكثير من النقائص المسجلة في الصحافة الوطنية وراءها نقص تكوين بعض الصحفيين.

بدورها، أكدت الآنسة صفية نسناس من جريدة "المحور اليومي"، أن الجزائر خطت خطوات بارزة في مجال الصحافة المكتوبة، وتحديدا بعد دستور التعددية الحزبية والإعلامية، وهو ما سمح بظهور العديد من العناوين الصحفية التي بلغ عددها حاليا أزيد من 100 جريدة تصدر باللغتين العربية والفرنسية. "ومن جانبي كصحفية أزاول العمل منذ حوالي 4 سنوات، فإنني أعتبر حقل الصحافة المكتوبة بالجزائر، نموذجا يُقتدى به، هذا الأمر ما كان ليكون لولا نضالات من سبقونا في هذا المجال، خاصة خلال العشرية السوداء، وهو ما يدفعنا، كجيل جديد، إلى مواصلة المسيرة والركب في سبيل إعلاء كلمة الحق ونقل الحقيقة كما هي للقارئ، هذا الأمر الذي أعتبره شخصيا واجبا بفرض نفسه". وأشارت إلى أن الوقت الراهن لا يغطّي بعض النقائص والمعوّقات التي تقف حجر عثرة أمام بعض الأقلام الصحفية الشابة تحديدا؛ بسبب بعض ممارسات مديري الجرائد، وهو الأمر الذي طالما شجبه وزير القطاع، الذي دعا مرارا لتكوين الصحفي الشاب والاهتمام به مستقبلا.

وكان للصحفية أمينة صحراوي، من نفس الجريدة، ما تقول حول المناسبة، موضحة أن ترسيم 22 أكتوبر كيوم وطني للصحافة، لم يكن اعتباطيا وإنما ارتبط بحدث تاريخي هام جدا، وهو صدور أول صحيفة، وهي "المقاومة" في سنة 1955، وهو يوم من المفروض أيضا أن يخلَّد فيه إنجازات الإعلاميين والصحفيين خلال الثورة التحريرية، والدور النبيل الذي قاموا به آنذاك، هذا من جهة،   ومن جهة أخرى، الدور الذي يقوم به الصحفيون اليوم في ظل القيود والحواجز المفروضة عليهم، وحتى في ظل الفوضى التي يشهدها القطاع وكذا النقائص المسجلة في الصحافة الوطنية. ولا يخفى على أحد أن هذه المهنة ـ تقول أمينة ـ تقوم على مبدأ حرية التعبير، وهي الحلقة المفقودة على مستوى مختلف وسائل الإعلام، وبالتالي فإن الترسيم الفعلي لهذا اليوم وتكريم الصحفي يكون من خلال فسح المجال له، والعمل على توفير كل الظروف المناسبة لأداء مهامه ونقل المعلومة بدون أي مغالطات.

بالمقابل، تحدثت أسماء رابحي من قناة "البلاد" التلفزيونية، عن محدودية التعبير، قائلة في الموضوع: "أن يكون للصحفي يوم وطني أمر جميل، لكن لكي يمكننا أن نهنّئ أنفسنا وبعضنا وجزائرنا ونحتفل بهذا اليوم، يجب أن تكون لنا أوّلا حقوق وأساسا حرية تعبير؛ فالصحفي اليوم  يعاني من الوصول إلى مصدر المعلومة الذي تحوّل إلى مغامرة في حد ذاتها، لوجود عقبات عديدة في طريقه وبيروقراطية". وبنبرة التفاؤل أضافت أسماء: "ربما كان يمكننا الحديث عن السلطة الرابعة للصحافة وعن الأشواط الطويلة التي قطعتها، لكن في الأيام الأخيرة صرنا نعجز عن ذلك لما يعترض مهنة المتاعب، لكن ما دمنا نعيش في سلام وأمن فأملنا يبقى كبيرا، وغدنا، أكيد، أجمل". وفي نفس السياق، قالت السيدة سليمة حفص من جريدة "الفجر"، إنه بالرغم من جميع التطورات والإصلاحات في عدة مجالات، يبقى النقص يلاحق أصحاب مهنة المتاعب.

 وأشارت إلى الجوانب الاجتماعية والاقتصادية وحتى المعنوية المتدهورة التي يعيشها الصحفي الجزائري ويمارس مهامه الإعلامية فيها؛ فلا امتيازات ولا تكوينات أو تدعيم لجهوده في هذا المجتمع، لا سيما العاملون القطاع الخاص، حيث يحاول الصحفي المحترف جاهدا كسب قوت يومه من مهنة لا تسمن ولا تغني من جوع؛ إذ إن الصحفي الجزائري ومنذ الاستقلال، لازال يتخبط ويصارع لتنوير القراء وإيفادهم بكل جديد بدون أن يسأل عن حاجته المادية والاجتماعية والمعنوية حتى لتحسين أدائه وحفظ كرامته؛ شأنه شأن عمال القطاعات الأخرى، كالتربية مثلا، فإن كان الأستاذ يربي أمة فالصحفي ينوّرها بما ينقل من حقائق وأخبار وتحليلات لمختلف الأوضاع. هذا التضارب وقف حاجزا حتى أمام تكوين نقابة وطنية للصحفيين تدافع عن حقوقهم وواجباتهم، وتقف أمام كل تعدٍّ صارخ يمارَس في حق هذه الفئة.