بأكثر من 14 ألف ضحية 1651 اعتداء إرهابي

2016: عام «داعش»

2016: عام «داعش»
  • القراءات: 611
مليكة خلاف   مليكة خلاف

التنظيم الإرهابي المعروف «داعش»، فرض نفسه بقوة إعلاميا خلال سنة 2016، وغطى مجازا أحداثا دولية هامة، مثل الانتخابات الأمريكية التي أفرزت فوز دونالد  ترامب وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وزيارة الرئيس باراك أوباما إلى كوبا، في أول زيارة لرئيس أمريكي منذ 88 عاما، بعد انتهاء نصف قرن من القطيعة بين البلدين، رغم التطورات الحاصلة في منطقة الشرق الأوسط وبلاد الشام على الخصوص، التي نجحت في إبعاد الخطر «الداعشي» عنها ولو لفترة، يظل الخطر قائما بالنسبة للعديد من الدول التي لجأ إليها عناصر التنظيم فرارا من الهزيمة. فضلا عن عودة حوالي 30 ٪ منهم إلى دولهم الأصلية، حسب تقديرات المحللين الأمنيين الذين يقرون بقدرته الفائقة على إعادة التشكل واستعادة القواعد والتجدد، ومنه القيام بأعمال إرهابية جديدة قد لا تقل دموية عن سابقاتها في العالم، الذي عرف السنة المنقضية  سقوط أكثر من 14 ألف ضحية في 1651 اعتداء إرهابيا.

بين مراهن على أن سنة 2016 كانت بداية النهاية لهذا التنظيم الإرهابي الذي جر أذيال الهزيمة في المناطق التي كان يستحوذ عليها، ومحذر من عودته بقوة في حال توفر ظروف ذلك، يبقى التنسيق الدولي يفرض نفسه بقوة تفاديا لمفاجآت غير سارة كثيرا ما استيقظت على وقعها عواصم أوروربية لم تكن لتتصور يوما أن تمتد إليها «الأيادي الآثمة»، وهي التي كانت تعتقد أن الإرهاب يقتصرعلى دول دون غيرها، كما كان الحال مع الجزائر التي نبهت لخطورته وتناميه، غير أن تحذيراتها في البداية لم تؤخذ محمل الجد إلى غاية وقوع انفجارات 11 سبتمبر 2001 التي غيرت مجرى الأحداث في العالم.

العواصم العالمية التي احتضنت في وقت غير بعيد قواعد الجماعات الإرهابية، كثيرا ما نفذت مخططاتها الإجرامية انطلاقا من أراضيها تجاه دول أخرى، مثل الجزائر، أصبحت اليوم تدفع ثمن رعايتها للرؤوس المدبرة، غير مدركة أنه سيأتي اليوم الذي سينقلب فيه السحر على الساحر، وبأشد وطأة وأكثر سرعة هذه المرة، في ظل تطور أساليب العمليات الإرهابية التي باتت تعتمد على التكنولوجيات الجديدة التي تمكنها من تجنيد أكبر عدد ممكن من الشباب في ظرف قياسي، مما يعني ضرورة تعزيز التنسيق في مجال «الأمن السيبيراني».

من المفارقة أن يضم تنظيم «داعش» جنسيات أوروبية نفذت أكثر العمليات الدموية، رغم أنها ترعرعت في كنف «الرخاء» الاقتصادي والاجتماعي في بلدانها، هذا يعني أن الإرهاب غير مقرون بالوضع العام للبلد، بل بإيديولوجية هدامة للمبادئ الإنسانية.

ما شهدته الدول الأوروبية من انفجارات عنيفة، مثل فرنسا  وبلجيكا وألمانيا، علاوة على مناطق أخرى من العالم، ما هي في الحقيقة إلا صدى لما يحدث في منطقة الشرق الأوسط وبلاد الشام، في الوقت الذي تمت استعادة مدن عراقية وسورية كانت تحت سيطرة التنظيم الإرهابي، فضلا عن سرت الليبية مؤخرا، فقد «داعش» قطاعا واسعا من مقاتليه، مثلما أشارت إلى ذلك وزارة الدفاع الأمريكية في 8 ديسمبر الماضي، معلنة عن قضائها على 50 ألفا على الأقل من عناصره في سوريا والعراق خلال السنتين الماضيتين. في حين عاد بين 20 و30 في المائة من المقاتلين الأجانب إلى بلدانهم، بينما لا يستبعد أن يتفرق آخرون  في مناطق بشمال إفريقيا والساحل.

هذه المؤشرات الجديدة رغم ما تحمله من «نشوة الانتصار»، إلا أنها تفرض من جهة أخرى يقظة أكبر، كون هؤلاء الفارين المتشبعين بأفكار راديكالية غير مستعدين للتخلي عنها، مما يطرح بقوة فكرة إعادة تشكلهم وتموقعهم.

لذلك، كثيرا ما حذرت الجزائر من «الصحوات الإرهابية المفاجئة»، داعية إلى اعتماد مقاربات جذرية لاستئصال الظاهرة التي نجحت في التصدي لها، كيف لا وهي التي عاشت عشرية كاملة من العنف، استخلصت من خلالها الدروس وكانت بمثابة لقاح جنبها ما تعيشه حاليا العديد من الدول، رغم أنها محاطة بأوضاع غير مستقرة لدول الجوار.

التجربة الجزائرية مرجع دولي في التصدي للإرهاب

العديد من الدول ترى في التجربة الجزائرية في مكافحة الإرهاب مرجعا حقيقيا في إطفاء نار الفتنة، معلنة عن رغبتها في الاستفادة من تجربة بلادنا، لاسيما ميثاق السلم والمصالحة الوطنية التي تعتزم الجزائر احتضان ملتقى دولي بخصوصه في الربيع القادم، قصد اطلاع الدول على أبجدياتها وأهدافها.

الجزائر تعتمد مقاربة شاملة في التصدي للإرهاب على المستوى الدولي، وترى أنه من الضروري اعتماد الحوار في حل النزاعات، مع عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وكان موقفها الواضح من الأزمة الليبية دليلا على سداد رؤيتها، فضلا عن نجاحها في قيادة الوساطة بين الأطراف المالية ودفع الأطراف المتناحرة إلى تبني خيار السلم.

فضلا عن كل ذلك، فإن بلادنا تتمسك بالجانب الوقائي في محاربة الإرهاب، ويتعلق الأمر بهذا الخصوص في تفادي الأخطاء السياسية والدبلوماسية التي أفرزت عالما غير متوازن في الحقوق، علاوة على الدوس على القوانين الدولية من قبل بعض القوى تحت شعار تحقيق المصلحة، فكان من نتائج ذلك تصاعد العداء والمشاحنة إزاء كل ما يرمز للغرب، وهي أسباب تعد بمثابة السماد المنمية للإرهاب.

فوز ترامب وزيارة أوباما لهافانا ووفاة كاسترو.. 

على صعيد آخر، شكلت الانتخابات الأمريكية التي فاز فيها المرشح الجمهوري دونالد ترامب مفاجأة العام، بعد أن كان الرهان على المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون التي لم تقو إلى غاية اليوم على تجاوز الصدمة، ومازالت مواقف ترامب بخصوص قضايا المهاجرين وبناء جدار مع المكسيك وقضايا الشرق الأوسط وعلاقة واشنطن بمنظمة الحلف الأطلسي وروسيا تثير انشغال الكثير من المتتبعين.

غير بعيد عن القارة الأمريكية، شهد العالم حدثا تاريخيا،  تمثل في زيارة الرئيس باراك أوباما هافانا في شهر مارس الماضي، أجرى خلالها محادثات مع رئيس البلاد راوؤل كاسترو.

في المقابل، شهد العالم خلال شهر نوفمبر المنصرم رحيل أكبر مناضل في العالم «الكومندانتي «فيدال كاسترو صاحب القضايا العادلة.

القارة العجوز «أوروبا» لم تعفها عقارب ساعة 2016 من زخم الأحداث، والتي كانت أبرزها خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بعد تصويت الناخبين البريطانيين لصالح خروج بلادهم من الاتحاد، مما أثار موجة من الصدمات ضربت دول أوروبا، كون ذلك يمثل أكبر انتكاسة في عشر سنوات يشهدها الاتحاد لأنصار فكرة الوحدة الأوروبية.

العالم شهد أيضا انتخاب الأمين العام الجديد لمنظمة الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش خلفا لبان كيمون، ويظهر أن انتخاب المرشح البرتغالي الذي سيتولى المنصب رسميا في شهر جانفي له علاقة بحل قضايا مازالت تؤرق العالم، على غرار ملف اللاجئين الذي يشهد له بالحنكة الكبيرة في إدارته، كما تعول أوروبا عليه في حل المعضلة، لاسيما بعد تدفق الآلاف منهم إليها من سوريا التي تشهد أوضاعا مضطربة.