تأخر توزيع سكنات ”الضيق” بأغلب بلديات العاصمة

‘’الأميار” يتبرأون ويرمون الكرة في شباك مصالح الدائرة

‘’الأميار” يتبرأون ويرمون الكرة في شباك مصالح الدائرة
  • القراءات: 3240
❊ استطلاع: زهية.ش ❊ استطلاع: زهية.ش

لا زال السكن الاجتماعي بالعاصمة يثير قلق آلاف العائلات، التي أودعت ملفاتها منذ عدة سنوات، دون أن تتحصل على شقة لائقة إلى حد الآن، رغم أن الكثير منهم يعيشون وضعا صعبا بعد أن تضاعف عدد أفراد العائلات، في الوقت الذي تلتزم الجهات الوصية، وعلى رأسها السلطات المحلية، الصمت تجاه هذه الفئة، التي سبق أن تحصلت على وعود بمنحها سكنات تضمن كرامتها، ضمن حصة 6 آلاف سكن خصصتها مصالح ولاية الجزائر في عهد الوالي السابق، غير أن أغلب البلديات لم تعلن بعد عن قائمة المستفيدين الذين يعانون في صمت، ويتساءلون عن مصير حصتهم، خاصة المتضررون كثيرا من أزمة السكن، الذين اختاروا الضيق على تشييد بيوت قصديرية تمكنهم من اختصار الطريق للحصول على شقة لائقة، فيما يعتبر الأميار عملية توزيع السكن الاجتماعي أصعب مهمة بالنسبة لهم، مقارنة بتراكم ملفات طالبي السكن، الذين يعدون بالآلاف. 

تشتكي آلاف العائلات بالعاصمة، من تأخر منحها نصيبها من السكن الاجتماعي، رغم أنها تعاني من أزمة سكن خانقة منذ عدة سنوات، إلى درجة أن بعضهم لم يعد يتذكر السنة التي أودع فيها ملفه، بينما تم منح الأولوية في ذلك لسكان القصدير، الذين كانوا أوفر حظا من سكان الضيق، الذين خصصت لهم 6 آلاف سكن اجتماعي فقط منذ عام 2014، وزعت بين 80 و140 سكنا على 57 بلدية في ولاية الجزائر، لا تلبي إلا نسبة ضئيلة جدا من الطلبات التي تراكمت على مستوى مصلحة الشؤون الاجتماعية، وتحولت الى قنبلة موقوتة يتخوف منها الأميار الذين يحمّلهم المواطن مسؤولية التماطل في التوزيع، بينما يعتبرون أنفسهم حلقة ضعيفة في هذه المعادلة الصعبة، لأن رئيس البلدية عضو فقط من بين ثمانية أعضاء في اللجنة التي يرأسها الولاة المنتدبون، فضلا عن ضآلة الكوطة الممنوحة لكل بلدية، وقد عاد هذا الملف إلى الواجهة في العديد من البلديات عبر الوطن، حيث اعتبرت عيد الثورة الأخير مناسبة سيتم فيها الإفراج عن قوائم السكن الاجتماعي، غير أن أمل الكثيرين خاب، ومنهم العديد من سكان العاصمة.

المشتكون بصوت واحد: 30 سنة منالانتظاربركات

رغم الشكاوى المتكررة، فإن العديد من بلديات ولاية الجزائر، لم تفرج بعد عن قائمة المستفيدين من هذه الصيغة، مما جعل المتضررين يناشدون الوالي صيودة التدخل لإنصافهم، مثلهم مثل آلاف العائلات التي تم ترحيلها في إطار القضاء على السكنات الهشة والفوضوية، خاصة أن هناك عائلات أودعت ملفاتها منذ حوالي 30 سنة، حيث تحول هذا المشكل إلى هاجس بالنسبة للذين يعانون في صمت بدون أن تلتفت إليهم السلطات المحلية، على رأسها رؤساء البلديات، الذين تأخروا كثيرا في الإعلان عن القوائم، بحجة قلة الكوطة الممنوحة لهم، وتجنب الاحتجاجات مثلما حدث مؤخرا لرئيس بلدية حسين داي، الذي دفع ثمن التماطل في توزيع الحصة الضئيلة من السكن الاجتماعي، وتراكم الملفات إلى 4 آلاف ملف، بعد أن واجه بصعوبة، غضب السكان الأصليين الذين ذكر بعضهم لـ«المساء، أن ما يحدث معهم إجحاف حقيقي، كونهم من السكان القدامى لولاية الجزائر ويستحقون شقة لائقة، إذ يعيشون ظروفا صعبة في سكنات ضيقة، وهو ما أدى بالعديد منهم إلى كراء سكنات بأسعار باهظة استنزفت جيوبهم، بينما انصب الاهتمام على المقيمين في السكنات القديمة والهشة.

‘’الفايسبوك لنقل معاناة الضيق

في هذا الصدد، تحولت صفحة التواصل الاجتماعي لولاية الجزائر، إلى منبر لنقل معاناة هذه الفئة عبر مختلف البلديات، إلى والي العاصمة عبد الخالق صيودة، ومناشدته النظر في ملف سكان الضيق، الذي أسال الكثير من الحبر منذ فترة الوالي السابق عبد القادر زوخ، الذي كان يعد في كل مرة، بأن هذه الفئة ستحظى بالاهتمام، حيث لا تخلو هذه الصفحة يوميا من الشكاوى والانتقادات والانشغالات الخاصة بملف السكن الاجتماعي، إذ يزيد تذمر المحرومين نتيجة عدم تلقيهم أي رد من المعنيين، ومن بين هؤلاء سكان القصبة الذين كتبوا في رسالة لهم استفاد كل من هم في الخانة الحمراء، ألم يحن بعد الأوان للإفراج عن قائمة أصحاب ملفات السكنات الاجتماعية، نحن ننتظر منذ قرابة 17 سنة”.

بينما تساءل المتضررون ببلدية محمد بلوزداد، مخاطبين المسؤول الأول على الولاية يا سيد الوالي عبد الخالق صيودة، متى يتم الإفراج عن قائمة المستفيدين من السكن الاجتماعي لأصحاب الضيق والبيوت الهشة لبلدية محمد بلوزداد؟ نحن ننتظر الترحيل منذ سنوات، مطالبين بحقهم في سكن لائق، لاسيما أن فصل الشتاء على الأبواب، معبرين عن قلقهم إزاء هذه الوضعية التي ذكروا أنها زادت في إحباطهم، وهي عبارات اختارها أيضا سكان الضيق بالمقاطعة الإدارية لبئر توتة، الذين أكدوا أنهم كانوا ينتظرون توزيع السكنات الاجتماعية بمناسبة عيد الثورة، خاصة أنه تم ـ حسبهم ـ إنجاز حوالي 15 ألف سكن في بئر توتة بكل الصيغ في العشر سنوات الأخيرة، لكن سكانها لم يستفيدوا بواحد بالمئة من السكن، والدليل على ذلك ـ مثلما أضافوا ـ تسع سنوات لم توزع حصة 140 سكنا اجتماعيا، مطالبين بتوضيح من المعنيين.

من جهتهم، دعا المعنيون بهذه الصيغة السكنية من القاطنين ببلدية برج البحري، من الوالي صيودة، إلى التدخل للإفراج عن قائمة السكنات الاجتماعية، مشيرين إلى أن العقار موجود في البلدية، لكن هناك -حسبهم- سوء تسيير، وهو الملف الذي يؤرق أيضا أصحاب الضيق بالرويبة، الذين ينتظر بعضهم ـ مثلما ذكروا ـ منذ أكثر من 13 سنة، كما هو الأمر بالنسبة لبلدية الرايس حميدو التي تساءل سكانها عن موعد الاستفادة من حصة السكن الفوضوي والهش والضيق والأسطح والأقبية، مؤكدين أنه طال انتظار سكانها دون أية التفاتة من السلطات، مشيرين إلى السيدة التي انهار منزلها منذ شهر مارس الفارط، ولازالت دون مأوى إلـى حد الساعة، ناهيك عن العائلة التي تفترش الأرض بملعب البلدية، وما خفي أعظم، مثلما أضافوا، داعين الوالي إلى التعجيل في الاستجابة لمطالب المواطنين، الذين نفذ صبر طول انتظارهم، متمنين أن يكون لهم نصيب من حصة السكن المبرمجة، وهو نفس مطلب سكان ديار المحصول بالمدنية، ونظراؤهم ببلدية المحمدية الذين ينتظرون الإفراج عن حصة السكن الاجتماعي منذ 20 سنة، خاصة أصحاب الضيق بحي الكثبان، حيث أدى ذلك إلى انفجار عائلي، وارتفاع عدد الأفراد في بيت من ثلاث غرف، مساحته لا تتجاوز 60 مترا.

‘’أميار يتبرأون ويطالبون بتغييرطريقة التوزيع

في تعليقهم على هذه الوضعية، أكد بعض رؤساء البلديات لـ«المساء، أنهم لا يتحملون المسؤولية وحدهم، بالنظر إلى محدودية دورهم في إعداد القوائم والإعلان عنها، فضلا عن قلة الحصة الممنوحة للبلديات التي تحوز على آلاف الملفات المتراكمة لديها منذ سنوات، حيث ذكر رئيس بلدية بئر خادم جمال عشوش لـ«المساء، أن آخر مرة استفادت فيها البلدية من 80 سكنا اجتماعيا كانت سنة  2011، لم توزع بعد، وهي حصة ضئيلة مقارنة بعدد الملفات المودعة المقدرة بـ3 آلاف ملف، مؤكدا أن المجلس الشعبي البلدي طالب برفع حصة السكنات الاجتماعية، مشيرا إلى أن الملفات قيد الدراسة، ولجنة القيام بإلاحصاء متواجدة في الميدان للقيام بالمعاينة والتحقيق، على أن يتم الإعلان عن القائمة، عند الانتهاء من العمل الميداني، مؤكدا أن التأخر راجع إلى الدائرة الإدارية لبئر مراد رايس، فيما يخص مراسلة البلدية والانطلاق في العملية.

في هذا الصدد، أكد رئيس بلدية سيدي موسى بوثلجة علال لـ«المساء، أنه يجب التفكير جديا في طريقة التوزيع ومعايير الاستفادة من هذه الصيغة، مشيرا إلى أن التوزيع تم فقط في سيدي موسى، على أساس أن البلديات التي تكون سباقة في التوزيع، تحصل على حصة ثانية كوعد من الوالي السابق، غير أن ذلك لم يتحقق، بينما يبقى طالبو السكن الاجتماعي ببلديتي براقي والكاليتوس ينتظرون إلى موعد آخر، مثلهم مثل سكان الجزائر الوسطى التي أوضح رئيسها عبد الحكيم بطاش لـ«المساء، أنه تم إحصاء 105 نقاط سوداء، 123 عائلة محرومة، 11 قاطنا بالأقبية والأسطح، و80 ملفا لسكنات هشة وعمارة مهددة بالانهيار و5 آلاف ملف سكن اجتماعي، مشيرا إلى أن مصالحه راسلت ولاية الجزائر وفقا للإحصاء الذي تم القيام به والخاص بالملفات المتبقية.

المجلس الولائي يطالب بتغيير منهجية العمل

من جهته، أكد نائب رئيس المجلس الشعبي الولائي مكلف بالسكن والعمران يحيى نصال، على ضرورة التكفل بالمحرومين من السكن الذين طال انتظارهم، مشيرا إلى أن السكنات التي تنجز بالعاصمة تذهب إلى غير سكان هذه الولاية، الذين يشيدون بيوتا قصديرية للاستفادة من سكن، واستدل على ذلك بقوله؛ إن 0.1 بالمئة فقط من العاصميين استفادوا من شقق ضمن السكنات التي تم توزيعها منذ عام 2014، مطالبا القائمين على ولاية الجزائر بضرورة تغيير منهجية العمل فيما تعلق بالسكن ومنحه لمستحقيه الفعليين، من خلال القيام ببحث معمق حتى تكون عدالة في التوزيع، حيث ينتظر أن تشرع لجنة السكن بالمجلس في تنظيم خرجات للاطلاع على الوضع في الميدان.