حصيلة المجالس الشعبية البلدية بوهران

منتخبون اجتهدوا وآخرون عاثوا في التسيير فسادا

منتخبون اجتهدوا وآخرون عاثوا في التسيير فسادا
  • القراءات: 1731
استطلاع/ج. الجيلالي استطلاع/ج. الجيلالي
مرت سنتان على انتخاب المجالس الشعبية البلدية، فكانت بالنسبة لبعضها محطة، اجتهد خلالها منتخبوها، قدر الإمكان، في حل مشاكل المواطنين والاستماع لانشغالاتهم، وبعث التنمية المحلية وفك العزلة عنها، لكن، في المقابل، كانت بالنسبة لبلديات أخرى - للأسف - محفوفة بسوء التسيير والفضائح وتعطيل مصالح المواطنين ومعها التنمية المحلية، وهو ما أدى بوالي وهران إلى استعمال صلاحياته الإدارية؛ من خلال توقيف الكثير منهم بسبب تورطهم في مشاكل مع العديد من المصالح الإدارية والمواطنين، وصلت إلى أروقة القضاء، دون الحديث عن الصراعات الكبيرة بين المنتخبين أنفسهم، في الكيفية التي يجب بها تسيير أمور المجلس الشعبي البلدي.
ومثال البلديات التي حاول منتخبوها السيطرة على الوضعية ورفع التحدي، بلديات بوتليليس، مسرغين ومرسى الحجاج، التي يسعى "أميارها" للاستجابة لتطلعات المواطنين في تحقيق العيش الكريم، من خلال نقل انشغالاتهم إلى السلطات العمومية الولائية، بهدف تسجيل ما أمكن من المشاريع التي تعيد لهم الأمل، مثل شق المزيد من الطرقات الريفية، أو إيصال الكهرباء أو تزويدهم بمياه الشرب وغيرها من المشاكل الموضوعية، التي يسعى المنتخبون لمعالجتها قدر الإمكان، وفق الإمكانيات المادية والبشرية المتاحة.
وفي المقابل، لا ينطبق أمر هذه البلديات الثلاث على بقية البلديات الأخرى المشكّلة لولاية وهران، التي تعيش مجالسها الكثير من الفضائح في مجالات التسيير وغيرها من الأمور، كما هي حال بلدية عاصمة الولاية وهران، التي لايزال وضعها معلّقا ما بين "المير" و35 منتخبا آخرين معارضين له، ويلحّون على والي الولاية في كل مناسبة، بضرورة تنحيته؛ كونه لم يعد يسيّر مصالح البلدية وفق القوانين سارية المفعول، وأنهم يرفضون حضور المداولات العادية وبقية الدورات التي يعقدها المجلس، لدراسة مختلف المشاكل المسجلة بعاصمة الولاية، وهو ما يؤكد أن مختلف محاولات الوالي للسيطرة على الوضع، باءت بالفشل، مما جعله يهدد مرارا باتخاذ الإجراءات القانونية في حال تواصل الصراع بين مختلف المنتخبين.
أما العيّنة الثانية فتتعلق ببلدية بير الجير، التي تورّط بعض مسيّريها في فضائح كبيرة، تتعلق بإبرام صفقات مشبوهة. وأدين أحد نواب "المير" بالحبس النافذ بسبب تزوير شهادة البكالوريا التي عرفتها جامعة وهران منذ أزيد من عامين، زيادة على تأكيد مجلس قضاء وهران للحكم الصادر ضده، مما دفع الكثير من المنتخبين والمسيّرين لهذه البلدية الاستراتيجية، إلى التساؤل عن الأسباب الكامنة وراء عدم تطبيق الأحكام والقانون ضد هذا المنتخب المحلي، خاصة أن والي الولاية قام بتوقيف هذا المنتخب عن مهامه منذ صدور الحكم ضده، مثله مثل بقية المنتخبين الذين تم توقيفهم نتيجة الأحكام القضائية الصادرة في حقهم، ناهيك عن التحقيق المتواصل مع مندوب القطاع الحضري لحي الياسمين، في قضية الوكالات المزوّرة، التي تتعلق بانتخاب تجديد أعضاء غرفة التجارة والصناعة بالولاية خلال شهر ماي الماضي، فضلا عن مختلف الأحكام القضائية الصادرة ضد عدد من المنتخبين بهذه البلدية بدون تطبيق القانون من طرف رئيس البلدية.
كما أن سوء التسيير طال بلدية الكرمة، التي عرفت منذ الانتخابات الأخيرة، تداول ثلاثة "أميار" على رأس البلدية، هم الآن كلهم تحت الرقابة القضائية من طرف الغرفة الثانية لمحكمة الجنح بمجلس قضاء وهران، في الوقت الذي لاتزال "المهازل" تلاحق هذه البلدية ذات الطابع الفلاحي، الأمر الذي عطّل عجلة التنمية المحلية بها؛ كونها صارت آخر اهتمامات المنتخبين، حسبما يترجمه الواقع، لاسيما بعد انتقال جل مشاكل منتخبيها إلى أروقة المحاكم.
كما لم تسلم بلدية بوتليليس من ظاهرة الانسداد؛ من خلال صراع بين "المير" و4 منتخبين، حيث دخلت القضية أروقة محكمة السانية، التي برّأتهم في الأخير من تهمة القذف والتشهير التي رفعها ضدهم رئيس البلدية، في الوقت الذي قرر المنتخبون المعنيون بهذه القضية، مواصلة متابعة الرئيس بتهمة الوشاية الكاذبة، وهو نفس الأمر الذي تعيشه بلدية طفراوي، حيث فتحت مصالح الدرك الوطني العديد من "الملفات الثقيلة" بهذه البلدية، ومع ذلك تسجّل هذه البلدية حرصها على عدم ترك هذه الصراعات تمس بعجلة التنمية المحلية ومصالح المواطنين.
أما بالنسبة لبلدية سيدي بن يبقى فلايزال بها الصراع على أشده بين "المير" وأحد المنتخبين الذي قام "خصمه" بتجميد مهامه، مما جعل رئيس الدائرة يتدخل، رافضا مداولة التوقيف، ليبقى الصراع متواصلا.
ومن المنتظر أن يبقى الأمر على حاله لمدة غير قصيرة، مما يعطّل انشغالات المواطنين وكذا التنمية المحلية بهذه البلدية، على غرار بقية البلديات الأخرى، التي لم تسلم من ظاهرة سوء التسيير أو المتابعة من طرف العدالة، بعد إجراء تحقيقات معمّقة في شؤون تسييرها من طرف مصالح الدرك الوطني، كما هي حال بلديات الكورنيش الوهراني، التي تم توقيف جميع رؤساء بلدياتها في أقل من سنة، ويتعلق الأمر ببلديات عين الترك، بوسفر، العنصر وحتى رئيس بلدية المرسى الكبير المهدد بالتوقيف بعد منعه في الفترة الأخيرة من أداء مناسك الحج. ولعل الأبرز هو لجوء والي وهران خلال الشهرين الأخيرين فقط، إلى توقيف 7 "أميار" من أصل 26 مشكّلة للولاية، وهو أمر له أكثر من دلالة، حسب الكثير من المتتبعين للشأن العام بالولاية.
وعلى مستوى بلدية حاسي مفسوخ، أصدرت مؤخرا محكمة السانيا بوهران، أمرين بالقبض على رئيس البلدية الموجود في حالة فرار بتهم متعددة، أهمها التزوير واستعمال المزوّر والنصب والاحتيال وسوء استغلال الوظيفة، زيادة على إدانته السابقة في إحدى القضايا، بعام سجنا نافذا. ويعود سبب إصدار الأمر بالقبض على "المير"، إلى بيعه قطعة أرض تابعة لأملاك الدولة بسعر خيالي، ليواصل عمله المتعلق باستنزاف العقار على مستوى بلديته، التي أشرف على تسيير شؤونها منذ الانتخابات الأخيرة، حيث قام ببيع أزيد من 30 قطعة أرض صالحة للبناء والاستثمار لعدة أشخاص في نفس الوقت، مما جعل ضحاياه يتنازعون على نفس القطعة. وفي هذا الشأن أصدرت هيئة المحكمة التي فصلت في هذه القضايا، أحكاما مختلفة في حقه، من ضمنها السجن النافذ وغرامة مالية وأمر بالقبض.