بلدية سيدي مجاهد بتلمسان

من ويلات الإرهاب إلى عودة الأمن والاستقرار والتنمية

من ويلات الإرهاب إلى عودة الأمن والاستقرار والتنمية
  • القراءات: 3113
 ل. عبد الحليم ل. عبد الحليم

على بعد حوالي 15 كلم شمالا تدير عاصمة تلمسان ظهرها لبلدية سيدي مجاهد، التابعة لدائرة بني بوسعيد، التي عانت ما عانته خلال العشرية الأخيرة جراء تدهور الوضع الأمني في البلاد، وها هي اليوم تقاوم التهميش والعزلة، بعد أن أصبحت  في وقت ما ـ بشهادة أعيانها ـ مهددة بالترييف بعد ما تعطلت بها آلة البناء أمام إصرار وتعنت آلة التخريب، وفجأة ودون سابق إنذار أصيبت عجلة التنمية المحلية بالعطب، فتبخرت المشاريع، فولدت بلدية ولبست عنوة ثوب الدشرة، فالداخل إلى هذه المنطقة يجد نفسه محاصرا بسلسلة جبلية وعرة المسالك، تحيطها غابات هي متاخمة لمناطقها الجغرافية، وهي الميزة الطبيعية التي استغلتها الجماعات الإرهابية خلال زمن الفوضى والجنون لإقرار نظامها وتكثيف تحركاتها ونشاطاتها بتوجيه ضربات ضد قوات الأمن والمواطنين الأبرياء العزل.

يروي أعيان سيدي مجاهد، أن بعض المناطق المجاورة لها كانت محرّمة خلال سنوات 94، 95، وحتى 97 أو كما يحلو للكثير تسميتها بسنين الجمر، وقد تحولت المنطقة آنذاك إلى بؤرة ساخنة فتحت قائمة سوداء لضحايا سقطوا في النهار كما بالليل. وبعيدا عن صعوبة الجبال وكثافة الغابات، يسجل سكان سيدي مجاهد اليوم تحسنا كبيرا للوضع الأمني، طبقا لمبدأ الوئام المدني الذي دعا إليه رئيس الجمهورية واستفاد من تدابيره العديد ممن غرّر بهم، ويعود ذلك لجهود قوات الأمن والجيش الوطني الشعبي، وحيطة وحذر الموطنين. ويحاول المواطن حاليا، ومعه سلطاته المحلية استئناف عمليات التنمية المحلية، مع السعي قدما للنهوض بالمنطقة بعد التشوهات التي لحقت بها على مر سنوات الدم والدموع ما أثر سلبا على سيرورة وديناميكية الحياة العادية، حيث سجلت في السنوات الأخيرة تراجع آفة النزوح الريفي مع بداية عودة «الهاربين» إلى مواقعهم الريفية الأصلية، وهذا بفضل تحسن الأوضاع الأمنية بالمنطقة، وقد استأنف العديد من هؤلاء نشاطاتهم الفلاحية وأعادوا فتح ديارهم، لكن بواقع أن سيدي مجاهد فقيرة اقتصاديا ولا تملك تقريبا أي مصدر محلي تعتمد على مدخوله لإثراء مشاريعها وتحسين أحوالها.

«المساء» نزلت إلى قرى ومداشر بلدية سيدي مجاهد واستمعت إلى العديد من انشغالات سكانها التي تندرج في إطار تحسين الإطار المعيشي للسكان، في عديد المجالات وفي مقدّمتها تدنّي الخدمة الصحية وضآلة حصص السكن الريفي وغيرها...

سيدي مجاهد من أعرق البلديات، إذ يعود تاريخ تأسيسها إلى سنة 1958 وكانت تضم إقليمين هما بلدية بني بوسعيد وبلدية بوحلو، لكن انفصلت عنهما خلال التقسيم الإداري لسنة 1984، وهو ما يعني أنها من المدن التي احتضنت الثورة المجيدة. وقد اشتهرت المنطقة بمعركة بوسدرة وهي من أعنف المعارك، استشهد على إثرها عدد لا يستهان به من الشهداء، لازال العديد من المجاهدين يتذكرون بطولاتهم إبان الاستعمار الفرنسي بهذه البلدية. وتتميز هذه البلدية الجبلية بطابعها الريفي تضم في جنباتها 7 مراكز سكانية، سيدي مجاهد مقر البلدية وقرية سيدي يحيى وقرية زاوية تغاليميت، منطقة الكاف ومنطقة بوسدرة ومنطقة أولاد مهدي ومنطقة سيدي لخضر، لازال سكانها يتطلعون لتحسين ظروف حياتهم من خلال الدعم بمرافق تنموية واجتماعية للتخفيف من حجم المعاناة السائدة منذ سنين أمام بعض الإمكانات والموارد المالية للبلدية. وحسب السكان، فإن هذه المنطقة لاتزال بحاجة إلى مشاريع وبرامج إنمائية في المستوى حتى يعاد الاعتبار للمنطقة التي تحتاج إلى السكن لاسيما الريفي منه، كما تحتاج إلى ثانوية ومتوسطة بقرية سيدي يحيى وكذا إعادة تأهيل المرافق الصحية وتوفير الأطباء وسيارات الإسعاف، ورفع سقف التغطية الصحية وتقريب المواطن من خدماتها بشكل دائم، حيث يضطر المرضى لاسيما الحوامل، لقطع مسافة لا تقل عن 40 كلم بين الذهاب والإياب باتجاه مستشفى مغنية لوضع حملهن، وعادة ما يستنجد المواطنون بسيارات «الكلوندستان» في غياب سيارة الإسعاف، التي تبقى تابعة للمؤسسة العمومية للصحة، كما يفتقر المركز الصحي إلى الأطباء الأخصائيين، كما اشتكى المواطنون أيضا من ضآلة حصص إعانات السكن الريفي، ويأمل السكان من السلطات المحلية بذل الجهود لتمنحهم الولاية حصة تتماشى وعدد الطلبات في إطار البرنامج الخماسي الممتد ما بين 2014 و2019، وحتى السكنات الاجتماعية تبقى قليلة جدا رغم توفر الوعاء العقاري بالبلدية وقراها، فضلا عن اهتراء الطرق سواء الداخلية أو تلك التي تربط البلدية بالقرى، حيث تبقى بحاجة إلى عملية التهيئة، إلى جانب انشغالات أخرى تتعلق بمياه الشرب وقنوات الصرف الصحي ونقص في إنجاز المؤسسات التربوية والمجال الرياضي. 

مشاريع تنموية معتبرة وغاز المدينة أكبر مكسب

«المساء» التي التقت بسكان هاته البلدية، حملت انشغالاتهم لرئيس المجلس الشعبي البلدي لبلدية سيدي مجاهد السيد سعيداني بن أعمر ، حيث ردّ بالمناسبة على جميع الانشغالات التي تم طرحها من قبل سكان البلدية، وفي مقدّمتها قطاع السكن المتمثل في البناء الريفي باعتبار المنطقة ريفية، حيث أكد في هذا الصدد أن البلدية استفادت من حصة 1834 سكنا ريفيا من 2004 وإلى غاية سنة 2016، منها 99 حصة تدخل في إطار السكنات الريفية الجماعية، موزعة على كل من قرية تغاليميت وسيدي مجاهد المركز، أنجزت بنسبة 90 بالمائة، بالمقابل ينتظر ـ حسبه ـ  من السلطات الولائية الموافقة على حصة 789 حصة أخرى. كما عمدت السلطات البلدية إلى توفير جميع الظروف لإعادة إسكان العائلات التي هجرت قراها إبان العشرية السوداء وقد عرفت العملية رجوع ما نسبته 10 بالمائة بكل من قريتي بوسدرة وتيحمامين بسبب انعدام المرافق الضرورية (المدرسة الابتدائية وقاعة العلاج...). وبخصوص السكن الاجتماعي، تحصي البلدية 118 وحدة سكنية اجتماعية موزعة من سنة 1987 إلى غاية 2011، منها 50 سكنا بقرية تغاليميت توقفت بها الأشغال في أكتوبر 2015 بسبب إلغاء الصفقة مع المقاولة المكلفة بإنجاز هذا المشروع، كما استفادت البلدية من 10 سكنات بصيغة تطويرية. أما فيما يتعلق بقطاع التربية، أضاف رئيس البلدية أنه عرف بناء وإنجاز وترميم وتهيئة منشآت هياكل مدرسية واقتناء وإصلاح النقل المدرسي وبناء مطاعم مدرسية وتزفيت سطوح المدارس مع ترميم الهياكل الإدارية والبيداغوجية للمؤسسات التربوية وربطها بالشبكة الداخلية للغاز الطبيعي، وهذا في إطار برنامج المخططات القطاعية لمديرية التجهيزات العمومية للولاية وفي إطار الصندوق المشترك للجماعات المحلية. وفي إطار برنامج صندوق الضمان والتضامن للجماعات المحلية. بالمقابل، وعلى ضوء ونفس هاته المخططات، عرف قطاع الأشغال العمومية هو الآخر العديد من المشاريع ـ حسب رئيس البلدية ـ منها تعبيد وتوسيع الطريق الولائي رقم 46 الرابط بين بلديتي مغنية وسيدي مجاهد على مسافة 25 كلم وإعادة تأهيل الطريق رقم 46 على مسافة 7 كلم المؤدي إلى منطقة بوسدرة، إلى جانب طرقات ولائية أخرى تربط البلدية ببلدية بحلو، فضلا عن ذلك، تم خلال سنة 2008 إعادة فتح خط السكة الحديدية الرابط بين بلديتي مغنية وتلمسان مرورا ببلدية سيدي مجاهد وبلدية صبرة وبلدية بني مستار، وهذا بعد أن توقف خلال العشرية السوداء. وقد سمحت عملية فتحه بتخفيف الحركة وأزمة النقل التي كانت تعرفها البلدية بحكم أنه أعطى حركية كبيرة عبر كل الاتجاهات وفي كل الأوقات. وفي مجال قطاع الري، عرفت البلدية إنجاز وتوسيع العديد من شبكات التطهير وشبكات المياه الصالحة للشرب عبر قرى وأحياء ومداشر البلدية، إلى جانب إعادة تأهيل بعض الآبار العميقة وربطها بالكهرباء وتزويد بعض القرى بالمياه الصالحة للشرب من خزانات مائية جديدة بسعة 500 متر مكعب. وبالنسبة لمشروع إيصال وربط البلدية بالغاز الطبيعي والكهرباء الريفية، فقد أكد رئيس البلدية أن العملية مست لحدّ الآن 350 عائلة، في حين بلغت نسبة إيصال الغاز 90 بالمائة في انتظار ربط 3200 نسمة من سكان هذه البلدية موزعة على قرية سيدي يحيى، ومنطقة تغاليميت ومنطقة أولاد مهدي. وفي ردّه حول انشغال المواطنين المتعلق بتقريب الصحة من المواطن، أضاف السيد سعيداني بن أعمر رئيس بلدية سيدي مجاهد، أن هذا القطاع لم يستثن من الاستفادة من المخططات البلدية للتنمية، وفي مقدّمتها عملية ترميم وتهيئة قاعات العلاج وكذا إعادة تأهيل وتهيئة العيادة متعددة الخدمات الصحية بالبلدية المركز من خلال تدعيمها بعتاد جديد من أشعة وأجهزة خاصة بالتحاليل الطبية وأطباء عامين وأخصائيين وشبه طبيين وسيارتين للإسعاف، واحدة استفادت منها البلدية ـ حسبه ـ وتم التنازل عنها لصالح المؤسسة العمومية للصحة الجوارية على مستوى العيادة متعددة الخدمات لسيدي مجاهد. وبخصوص انشغالات الشباب التي تمحورت حول المرافق الرياضية والثقافية، أكد رئيس البلدية أنه في إطار المخططات القطاعية والمخططات البلدية للتنمية، وفي إطار برنامج الصندوق المشترك للجماعات المحلية وميزانية البلدية، استفادت من إنجاز ملاعب جوارية وبعض ساحات اللعب بقرى البلدية وتهيئة المركز الثقافي وإنجاز مكتبة بلدية بسيدي مجاهد، مع فتح فروع رياضية للفنون القتالية تشرف عليها الرابطة الرياضية لبلدية سيدي مجاهد.