منطقة أيث العرش ببلدية تامريجت ببجاية
من جحيم الإرهاب إلى نقائص التنمية

- 991

تعاني العديد من قرى بلديات ولاية بجاية، من نقص كبير في المشاريع التنموية خلال السنوات الأخيرة، ما أثقل كاهل السكان وزاد من حجم معاناتهم، حيث يضطرون إلى الاستعانة بالوسائل التقليدية للتزوّد بمختلف الحاجيات الضرورية، على غرار الماء الصالح للشرب، التدفئة وغيرها. وتعتبر منطقة "آيث العرش" ببلدية تامريجت بشرق بجاية، من بين هذه المناطق المحرومة التي عاشت ويلات الإرهاب خلال العشرية السوداء، لكن ذلك لم يشفع لها وبقيت تئن تحت سطوة غياب ضروريات الحياة الكريمة، ويطلق عليها سكانها اسم "منطقة الظلام" بدلا من "منطقة الظل"، بالنظر إلى تدهور محيطهم الذي تستثنيه المخططات التنموية.
ورغم التخلص من معاناة الإرهاب، إلاّ أنّ العزلة لا تزال تميّز هذه القرية التي تواجه الكثير من الصعاب على مدار السنوات الأخيرة، في ظلّ غياب عمليات تنموية تسمح لها بالتطلّع إلى مستقبل أفضل، حيث يشتكي القاطنون بهذه القرية من عدّة نقائص على غرار وضعية الطرقات التي تتواجد في وضعية كارثية وتستلزم تخصيص غلاف مالي هام لتهيئتها، فغالبا ما يجد المواطنون صعوبات كثيرة للوصول إلى منازلهم، بسبب غياب وسائل النقل بين مختلف القرى ومقر البلدية، كما تعتبر مياه الشرب من بين المشاكل اليومية التي أثقلت كاهل السكان، بالإضافة إلى بعض الضروريات التي ينتظرها سكان المنطقة منذ عدة سنوات.
معاناة مستمرة مع مياه الشرب
يواجه قاطنو منطقة آيث العرش التابعة إقليميا لبلدية تامريجت، مشكلا عويصا يتمثّل في غياب ماء الشرب، حيث تتواجد الشبكة الوحيدة التي أنجزت منذ عدّة سنوات بطريقة تقليدية، في وضعية كارثية بعد اختلاطها بقنوات الصرف الصحي، وهو ما جعل المواطنين يتفادون استهلاكها بالنظر إلى الخطر الذي قد تشكّله على صحتهم، حيث سبق أن تمّ مراسلة السلطات المحلية للتكفّل بهذا المشروع من خلال تخصيص مبلغ مالي لتجديد الشبكة وتهيئتها لتزويد المنطقة بهذه المادة الحيوية، إلاّ أن ضعف ميزانية البلدية حال دون أن يتم التكفل بها، فيما لم يتم تخصيص أيّ مشروع قطاعي لصالح البلدية استجابة لمطالب السكان الذين يلجؤون إلى الطرق التقليدية والمنابع للتزوّد بماء الشرب. ويكمن المشكل في عدم استغلال منسوب المنبع المتواجد بالقرية، لسد ظمأ السكان بسبب تلوّث مياه المنبع التي أضحت غير صالحة لتوفير مياه الشرب للمواطنين نتيجة اختلاطها بمياه شبكة الصرف الصحي، التي أنجزت دون احترام المعايير اللازمة، الأمر الذي زاد من معاناة المواطنين الذين يواجهون أزمة غير منتهية في التزود بهذه المادة الحيوية.
وعود غير مجسّدة
ورغم مناشدة مواطني المنطقة الجهات المعنية، على غرار السلطات المحلية للبلدية والدائرة، سدّ النقائص من خلال تجسيد العمليات التنموية المختلفة، ووضع حدّ لمعاناتهم اليومية، إلاّ أنّ الأمور لا تزال على حالها، حيث لم يتم التكفل بهذه المشاكل، رغم الوعود الكثيرة المقدمة من طرف المنتخبين المحليين أو مسؤولي الدائرة، وهو ما جعل السكان يعبّرون عن استيائهم الكبير من تماطل المصالح المعنية في تجسيد العمليات الاستعجالية التي تسمح بوضع حد لوضعهم، خاصة فيما تعلق بتزويدهم بمياه الشرب في القريب العاجل، وتدارك الأزمة التي تواجههم على مدار أيام السنة، خاصة خلال فصل الصيف، بالإضافة إلى الأخطار التي تنجم عن استهلاك مياه المنابع بطريقة عشوائية دون احترام المعايير اللازمة، التي تستلزم إعادة تهيئة الشبكة وتخصيص أغلفة مالية لذلك، حيث سق للمسؤولين المحليين ببلدية تامريجت، وأن راسلوا السلطات الولائية لتخصيص مشروع قطاعي من شأنه وضع حد نهائي لمشكل المياه الصالح للشرب بمنطقة آيث العرش.
الغاز الطبيعي.. مطلب السكان
بالإضافة إلى معاناة المواطنين المتواصلة منذ سنوات مع مشكل غياب مياه الشرب، يبقى الغاز الطبيعي هاجسا آخر وحلما يراود السكان لفك العزلة عنهم والاستفادة من هذه الطاقة الحيوية وتعميمها على باقي المناطق بالعديد من بلديات ولاية بجاية، حيث ينتظر تجسيد مشروع ربط السكنات المتواجدة بهذه القرية بشبكة الغاز الطبيعي التي تم تمريرها على المنطقة، دون أن يتم ربط منازل القاطنين بها لأسباب مجهولة.
وصرح أحد المواطنين في هذا الإطار قائلا "لا نزال ننتظر ربط بيوتنا بغاز المدينة، حيث سبق لنا أن ناشدنا السلطات المحلية من خلال مطالبة المنتخبين المحليين بضرورة التكفل بتجسيد هذا المشروع الذي لم ير النور بعد، إلا أنه لم يتم التكفل به رغم قيامنا بكل الإجراءات اللازمة من خلال مراسلة الجهات المعنية، وهو ما زاد من معاناتنا مع قارورات الغاز وندرتها خلال فصل الشتاء. ونأمل أن يقوم المسؤولون الولائيون بأخذ وضعيتنا الحالية بعين الاعتبار، وإنجاز بعض العمليات التنموية التي من شأنها وضع حدّ للمشاكل العديدة والمتعدّدة التي تعاني منها المنطقة".
غياب المسالك يصعّب تنقل المواطنين
لا تقتصر معاناة سكان "آيث العرش" على غياب الماء الصالح للشرب وغاز المدينة فقط، وإنّما يمتدّ أيضا إلى غياب المسالك الفلاحية التي تصعّب تنقل المواطنين، وضمان توفر وسائل النقل وغيرها، وهو ما جعلهم يناشدون الجهات المعنية فتح المسالك والطرقات لتحسين الظروف المعيشية لهم، حيث غالبا ما يعتمدون على الوسائل التقليدية في تنقلاتهم ويضطرون إلى المشي على الأقدام لعدة كيلومترات، للعثور على وسيلة نقل بالبلديات المجاورة.
كما تتواجد العديد من الطرق في وضعية كارثية، ما يصعّب تنقل أصحاب السيارات في ظل غياب مشروع التهيئة لتحسين وضعية الطرقات والقرية، حيث أضحى تخصيص أغلفة مالية للتكفل بأشغال التهيئة، مطلب سكان هذه القرية، حيث لم تستفد قرية تامريجت، من عمليات تسمح بالخروج من العزلة، وهو زاد من معاناة القرى على غرار منطقة “آيت العرش" التي يأمل سكانها الاستجابة لتطلعاتهم وانشغالاتهم.
أمل في التخلص من مخلفات الإرهاب
إذا كانت قرية "آيث العرش" قد عرفت أوقاتا عصيبة خلال العشرة السوداء، وعانت كثيرا من ويلات الإرهاب الذي لا يزال يعيد إلى الأذهان اليوميات الصعبة للمواطنين، فإن السكان يحلمون من جهتهم، باستعادة حياة جديدة من خلال التخلّص نهائيا من آثار الإرهاب والتطلّع لمستقبل أفضل من خلال تجسيد مختلف العمليات التنموية، التي تسمح بإعطاء صورة جديدة للمنطقة، وتحسين الظروف المعيشية للمواطنين بعد أن عانوا كثيرا من سنوات الإرهاب. ورغم أن الدولة كانت قد أعطت اهتماما كبيرا لمناطق الظل، من خلال تخصيص أغلفة مالية وبرمجة العديد من المشاريع التنموية، إلا أن قرية "آيث العرش" بأعالي بلدية تامريجت، لا تزال تنتظر التفاتة السلطات المحلية وتجسيد بعض المشاريع الاستعجالية التي تسمح لهم بالخروج من العزلة التي يعانون منها، والتطلع إلى حياة جديدة، وهو الحلم الذي أضحى يراود السكان حاليا بعد حرمانهم من المشاريع الاستعجالية والتنموية.
حكيم بورامة، رئيس بلدية تامريجت: مناطق الظل بالبلدية بحاجة إلى مشاريع تنموية
من جهته، أكّد رئيس بلدية تامريجت، حكيم بورامة، أنّ قرية آيث العرش هي منطقة ظل بامتياز بالنظر إلى النقائص الكثيرة التي تعاني منها، والتي تستلزم التفاتة من الجهات المعنية خاصة السلطات الولائية من أجل التكفل بها، خاصة فيما يتعلق بتوفير الماء الصالح للشرب، وإنجاز قنوات الصرف الصحي، وفتح المسالك، وإنجاز الطرقات وغيرها، حيث قال في هذا الإطار “العديد من المناطق تعاني من نقائص بالجملة، فيما يتعلق بالمشاريع التنموية التي تستلزم تخصيص برنامج استعجالي للتكفل بكل الانشغالات التي طرحها المواطنون، خاصة فيما تعلق بمياه الشرب، وقنوات الصرف الصحي وغيرها، من أجل الخروج من العزلة التي تعاني منها هذه القرى، كما أضحت البلدية غير قادرة على الاستجابة لكل المطالب المطروحة، خاصة وأنها لا تتوفر على الإمكانيات المادية اللازمة التي تسمح بتجسيد هذه المشاريع، التي هي بحاجة إلى أغلفة مالية معتبرة للتكفل بها”.