انتشار كبير لمراكز العناية الجسدية

مصحات بديلة تنتظر التقنين والتثمين

مصحات بديلة تنتظر التقنين والتثمين
  • القراءات: 5067
❊رشيد كعبوب ❊رشيد كعبوب

تعرف مراكز العناية الجسدية والطب البديل في بلادنا انتشارا كبيرا، وأصبحت تستقطب عددا متزايدا من الباحثين عن اللياقة البدنية، إنقاص الوزن، والتخلص من بعض الأمراض التي استعصت على الأطباء والمعالجين بالأدوية الكيماوية، لكن هذه "المصحات البديلة" لا زالت تنشط في إطار غير إطارها الحقيقي، مما جعل أهل هذا الاختصاص يطالبون بتثمين هذا القطاع، وتطويره واستغلاله في المنظومة التكوينية والصحية، والاستفادة من نتائجه التي صارت بديلا حقيقيا لعدة اختصاصات، بعدما عجزت العقاقير الاصطناعية في إعطاء النتائج المرجوة.

في هذا الاستطلاع، زارت "المساء" بعض هذه المراكز التي تعمل باحتشام، رغم الإقبال الكبير عليها، وذكر لنا أصحابها أن هذا الانتشار ليس وليد الصدفة، بل سببه النتائج الإيجابية التي تحققت، فصارت محل استقطاب آلاف المرضى إلى هذه العيادات التي تنتظر تطويرها من طرف الدولة، وتأطيرها بمختصين في ميدان الصحة، وعدم تركها سائبة، ينشط بها كل من هب ودب.

تكاد بلديات العاصمة جميعها تتوفر على مثل هذه المصحات، ومثلها باعة الأعشاب والعقاقير الطبيعية والخلطات والزيوت، ومنها ما هو موجود بباب الوادي، الذي تخصص فيه صاحبه في العلاج بالطاقة، وكذا مركز باب الزوار والكاليتوس اللذين تنوعت اختصاصات العلاج بهما، كالحجامة، التدليك بالمنتجات الطبيعية والزيوت المستخلصة من النباتات الطبية والعطرية، وإنقاص الوزن، وتجميل الوجه، والعلاج بتقنية الإبر الصينية، وحتى الرقية، وهي الخدمات التي تشهد إقبالا كبيرا من طرف المواطنين.

ذكر العديد من المواطنين الذين تعودوا على مثل هذه المراكز والعيادات البديلة، لـ«المساء"، أنهم تعافوا من عدة أعراض وأمراض، كانوا يعانون منها لسنوات، ورغم خضوعهم لعلاجات وعقاقير كيماوية، إلا أنها لم تكن كافية لإزالة الضرر، منها التهاب العصب الوركي (عرق النسا)، التهاب المفاصل، التعب المزمن، الصداع النصفي وغيرها.

تؤكد إحدى السيدات أنها كانت تعاني من التهاب في المعدة، ورغم الأدوية الكيماوية التي استعملتها، فإنها لم تجد الحل، لكنها عندما زارت مركزا للطب البديل، تماثلت للشفاء، مما جعل الأطباء المعالجين يعترفون بجدوى هذا الطب الذي صارت نتائجه محل حديث الناس.

إقبال كبير على التدليك الحراري بحجر الجاد في براقي

من بين مراكز العناية الجسدية، مركز التدليك الحراري بحجر الجاد في مدينة براقي، الذي فتح أبوابه منذ أكثر من شهرين، أمام الزبائن، وقد لاحظنا عند زيارته إقبالا كبيرا من طرف المواطنين، أكثرهم من فئة النساء اللواتي خصص لهم صاحب المركز ثلاثة أرباع الأسرة الحرارية، بمعدل 16 سريرا للنساء، و6 أسرة للرجال، ودعانا مسير المركز رياض حطاب، إلى الاطلاع على عمل الأسرة الحرارية التي تم جلبها من دولة الصين، عن طريق شركة مختصة، يملك تمثيلها الحصري في الجزائر، لبيع منتجها المتمثل في أسرة التدليك الحراري.

قال محدثنا؛ إن هذه التقنية المنتشرة بكثرة في الصين والدول الآسيوية عموما، دخلت إلى الجزائر لأول مرة، عبر مركز "وين جاد" براقي، الذي يقوم بالتعريف والترويج لهذه التقنية الجديدة، التي حققت نتائج كبيرة في عالم العلاج البديل، غير الكيميائي، وقد ارتأى صاحب المركز، حسب مسير المركز، إطلاق الخدمات في البداية بدون مقابل، في شكل حصص تجريبية، الهدف من ذلك، حسب محدثنا، جعل المواطن "الزبون" يتعرف على التقنية ويلمس فوائدها.

راح السيد حطاب يسرد علينا المعلومات العلمية حول حجر الجاد المستعمل في التدليك قائلا؛ إن مصدره هو مخلفات البراكين الموجودة في الصين، وهذا النوع من الأحجار الكريمة تتشكل في حرارة تعادل 5 آلاف درجة مئوية، وقد عمل الصينيون على استعماله في الطب الشعبي الحديث، وتم تصنيع أسرة تحتوي على هذا النوع من الأحجار، إذ عندما يتم تسخينه كهربائيا، ودعمه بالأشعة تحت الحمراء، يساهم  في تسريح الشعيرات الدموية، وهو مفيد للمصابين بالشلل النصفي، كما يفيد في التخفيف من تعديل الكولسترول، بفضل الأشعة التي تدخل بعمق 7 سنتيمترات داخل جسم الإنسان المستلقي على سرير التدليك الحراري، الذي يتمدد عليه المريض لمدة 36 دقيقة، حيث تعمل أحجار الجاد المسخنة كهربائيا، والأشعة المذكورة، والموضوعة في جهاز ميكانيكي يتحرك أفقيا ومتحكم فيه بتقنية إلكترونية مدروسة، يتحرك من أعلى الجسم إلى أسفله، ويمر على مستوى العمود الفقري وكذا طرفي الجسم.

ذكر محدثنا أن هذه التقنية التي يعترف بها علم الطب الحديث، وكثيرة الاستعمال في الدول الآسيوية، ساعدت العديد من المرضى على إزالة الأعراض الموجودة في الأعضاء الحساسة، كإزالة الشحوم من الكبد، وتقوية عمل البنكرياس، وإنتاج الأنسولين، كما تساهم الغدة الدرقية الموجودة على مستوى الرقبة، في تعديل إنتاج اليود في الجسم، وقال السيد حطاب إن المركز انطلق في البداية من بلدية برج الكيفان، تم خلالها تجريب هذه التقنية التي أعطت نتائج إيجابية.

مراكز تنتظر التقنين والتأطير

أما في معهد "رابح طيباوي" للعناية الجسدية والطب البديل بالكاليتوس، المختص في الطب التكميلي، وعلى رأسه، الحجامة العلمية، وجدنا الحركة دؤوبة، لأن هذه المصحة الطبيعية صارت وجهة وملاذ العديد من المرضى الذين عانوا من المضاعفات الجانبية للأدوية الكيمياوية، حسبما أكده لنا مدير المعهد، وهو مدير فرع ولاية الجزائر لأكاديمية الباز العالمية للتدريب والاستشارات، التي من مهامها تنظيم دورات لتكوين مدربين في عدة اختصاصات، منها تقنيات السوروبان، والطب البديل، مؤكدا أن اختصاص الحجامة العلمية المبنية على قواعد صحية، وتكوين معمق، هي مهنته الأولى التي مارسها لمدة 17 سنة، حيث بدأ نشاطه بباب الزور، ثم فتح أول عيادة بالقرب من مدخل مستشفى "مصطفى باشا" الجامعي، لينتقل بعدها إلى مقر قبالة مسجد "الرحمة" بشارع خليفة بوخالفة، وتعلم على أيدي عدة أطباء وباحثين مختصين في الحجامة والطب البديل، كالعلاج بمنتجات النحل، الخلطات النباتية، والزيوت الطبيعية.

يبرر محدثنا سبب انتشار هذه المراكز، بأنها أعطت نتائج قوية في ميدان الوقاية الصحية والعلاج معا، وأن وسائل الإعلام وتكنولوجيات الاتصال الحديثة والتواصل الاجتماعي، ساعدت على نشر هذه الثقافة الصحية، والوعي بشكل عام، وصار المواطنون الذين حققوا نتائج صحية مريحة، واجهة ترويجية لمثل هذا النوع من الطب البديل، ويملك مركزه سمعة طيبة منذ سنوات عديدة، كما يعرف رواده مدى التغير الإيجابي والأثر الصحي الذي يلمسونه في خدمات المركز، التي تنوعت، مواكبة بذلك التطور العصري في هذا الميدان.

قال السيد طيباوي، إنه لا أحد بإمكانه إخفاء النتائج الصحية الباهرة، وحالات التعافي التي سجلها مركزه، مؤكدا أن الأطباء في عدة اختصاصات، كالعظام، والجهاز الهضمي، والأمراض المستعصية، يقومون بتحويل عدة حالات، لم يتعافوا باستهلاكهم أدوية كيماوية، وجدوا ضالتهم في الطب البديل، ليكتشفوا أن الأدوية الكيماوية كانت تستهدف الأعراض التي تظهر في جسم الإنسان، فتعمل على التخفيف منها، لكنها لا تستهدف المتسبب الحقيقي في هذه الأعراض والأمراض، والمريض عندما يتم فحصه في المركز، يمكن مساعدته أولا بالحجامة التي تداوي عشرات الأمراض، والاستفادة من علاجات طبيعية، كالخلطات والزيوت والمكملات، والبرامج الغذائية المتوازنة، وتعليم المريض عادات صحية في الحياة.

من جهة أخرى، يعترف المختص في الحجامة والطب البديل، رابح طيباوي، أن هذا النشاط يجب أن يحظى بالعناية ويتم إعادة النظر في تصنيفه وتثمينه، ما دام يعطى نتائج باهرة في ميدان الصحة العمومية، داعيا السلطات العليا في البلاد إلى الاستفادة من هذا الاختصاص، الذي يخفف ميزانية الدولة الضخمة التي توجه لشراء الأدوية الكيماوية، مشيرا إلى أنه لو يتم تقنين هذا النشاط، وربطه بوزارة الصحة، وتكوين أطباء اختصاصيين فيه، فإن العديد من الأمراض سيتم معالجتها عن طريق الطب البديل، وبمواد طبيعية لا تؤدي إلى مضاعفات جانبية، وأن مثل هذه التجارب طبقتها مختلف الدول العربية، خاصة الجيران، كالمغرب وتونس، حيث انتعش هذا القطاع وأعطى نتائج قوية، زادت في تنشئة مجتمع يدرك أهمية الوقاية الصحية.