الزرزور٫٫.. بلدية من بين الأكثر فقرا بالوطن

مشاريع منعدمة.. وأحلام مؤجلة

مشاريع منعدمة.. وأحلام مؤجلة
  • القراءات: 2084
ح. بوبكر ح. بوبكر

حقّقت شعبة اللحوم البيضاء بولاية سعيدة زيادة في الإنتاج منذ العام 2014، حيث بلغت النسبة نهاية العام الماضي 80 بالمائة، وهي النسبة التي تبقى غير كافية بالنسبة لاحتياجات الولاية، حسب بعض المصادر، رغم التطوّر الملحوظ، مما يفرض الاستنجاد بولايات أخرى. وحسب مديرية المصالح الفلاحية فإنّ عدم تمكّن ولاية سعيدة من تحقيق الاكتفاء الذاتي في هذه الشعبة راجع لأسباب عدّة، أهمها العامل المناخي الذي لا يتلاءم كثيرا مع هذا النوع من الاستثمار وكذا ميل الفلاحين إلى تربية الأغنام والأبقار.

انعدام التهيئة الحضرية يزيد من المعاناة 

مظاهر الفقر والتخلف تلوح لزائر الزرزور من بعيد، فلا مظاهر للتحضر. رغم أن البلدية أنشئت بموجب التقسيم الإداري لسنة 1984، إلا أن هذا لم يشفع لها في ركوب قطار التنمية، وبالتالي الارتقاء لمصف البلديات الأخرى، فأول ما يجلب الانتباه هو الانعدام شبه الكلي للتهيئة الحضرية، فشوارع أحيائها الترابية زادت من معاناة السكان، خاصة المتمدرسين منهم، حيث تتحول شوارع الزرزور إلى ما يشبه الأودية والبرك المائية يصعب تخطيها، في حين تتحول إلى مصدر للأتربة والغبار صيفا ليزيد من معاناتهم، بسبب ما يخلفه من أمراض كالحساسية والربو.

الإنارة العمومية بالزرزور منعدمة تماما سواء في مقر البلدية أو غيرها من التجمعات السكانية الكبرى، وكأن الزرزور كتب لها أن تحيا وتعيش في الظلام، حيث يصعب التنقل داخل الأزقة خوفا من الحيوانات الضالة وحتى الحشرات صيفا، كالعقارب والأفاعي وغيرها من الحشرات التي تتزايد عادة في فصل الحرارة. 

الثانوية المطلب الذي يثار كل مرة 

كان أول انشغال طرحه المواطنون، مشروع ثانوية، حيث عبر الكثير من المتمدرسين لـ"المساء"، خاصة الثانويين الذين يتنقلون إلى البلديات المجاورة لمزاولة دراستهم رفقة أوليائهم عن معاناتهم اليومية، متسائلين في الوقت نفسه عن المقاييس التي يتم اعتمادها في منح مثل هذه المشاريع التربوية الهامة التي أدى افتقار البلدية لمثلها، إلى زيادة نسبة التسرب المدرسي، ويؤكدون أنه بالرغم من عدم وجود إحصائيات رسمية في هذا الشأن، فإن بلديتهم تحتل المراتب الأولى في التسرب المدرسي،  ناهيك عن حرمان العديد من البنات من مزاولة الدراسة بسبب بعد الثانوية، رغم النتائج الجيدة التي يتحصلن عليها في مسارهن الدراسي. كما لم ينس المتدخلون الحاجة الملحة لاعتماد النظام الداخلي بالمتوسطة وإنجاز مطعم في كل من مدرسة لروية ومدرسة وادي المالح بهدف التكفل الأمثل بتلاميذ الابتدائي.

الصحة مريضة بحاجة لتشخيص

النقائص بهذه البقعة الجغرافية المنسية من ولاية المسيلة، لم تقتصر على ما ذكرنا من نقائص، وإنما تعدتها إلى مجال الصحة، حيث أكد العديد من السكان أن الصحة مريضة وبحاجة إلى عملية جراحية مستعجلة، بدءا من قاعة علاج لا ترقى لطموحات السكان، وهو ما يجعل من الطبيب المناوب أمرا لا نقاش فيه، خاصة إذا علمنا أن الجهات الوصية اعتمدت طبيبا لكل 3000 نسمة، إلا أن قاعة العلاج الموجودة لا تلبي حاجيات السكان إذا ما استثنينا الممرض الوحيد الموجود، والذي يقدم خدمات تتمثل في الحقن، ولا شيء غير الحقن، في حين تبقى قاعة علاج قرية لمسقم بلا ممرض، حيث طالب السكان السلطات الولائية بضرورة التسريع في اقتناء سيارة إسعاف وبرمجة مشروع قاعة علاج بالسباعية، بالنظر إلى خصوصية المنطقة التي تعد مرتعا للعديد من الحشرات السامة، خاصة العقارب التي تسجل في كل عام العديد من اللسعات. 

الماء متوفر لكن غير صالح للشرب

لا حديث في بلدية الزرزور، خاصة في لروية والخربة والمقسم وعلى مدار العام، سوى عن نقص التزويد بماء الشرب. فبالرغم من توفر المنطقة على مياه جوفية كثيرة، إلا أنها تبقى غصة في حلق المواطنين بهذه الجهة، الأمر الذي أجبرهم على استعمال الطرق البدائية لجلبها (الحمير)، رغم أنها غير صحية بالنظر إلى ملوحته من جهة وكثرة الشوائب بها من جهة أخرى، وهو ما أثر على بشرة السكان وأسنانهم التي تزداد اصفرارا مع مرور الوقت، ناهيك عن حالات القصور الكلوي التي تسجلها المنطقة، حيث طالب السكان بضرورة تزويدهم بهذه المادة الحيوية، كما لم ينسوا طلب ضرورة تحويل مصب المياه الملوثة إلى وجهة أخرى، حيث يصب حاليا في الوادي، وهو ما يشكل خطرا بيئيا ويهدد بكارثة إيكولوجية تنعكس على صحة المواطن. 

منطقة فلاحية بامتياز ولكن ..

من جهة أخرى، تعتبر الزرزور منطقة فلاحية بامتياز بالنظر لخصوبة التربة التي تدر كل أنواع الخضر والفواكه التي تعدت شهرتها حدود البلدية، لكن بالنظر إلى ما تتطلبه خدمة الأرض من إمكانيات مادية وبشرية هجر العديد من السكان مهنة الآباء والأجداد، وأشار بعض الفلاحين إلى أنهم لم يقووا على كل المصاريف التي تتطلبها الفلاحة،  خاصة أن الجهات الوصية لم تساعدهم رغم تعلق الكثير منهم بأراضيهم، ويفكر الكثير منهم مليا في الهجرة إلى المدن المجاورة بحثا عن لقمة عيش يسدون بها رمقهم ورمق عائلاتهم، في حين اختارت القلة القليلة مهنة تربية المواشي التي لا يتعدى عددها في كثير من الأحيان الـ30 رأسا.

البطالة تنخر الأجساد

لم يفوت شباب المنطقة طرح انشغالاتهم التي اختصروها في جملة واحدة عنوانها «هنا نهاية الحياة»، خاصة إذ علمنا أن الزرزور من البلديات التي حظيت بعدة مشاريع تخص قطاع الشباب، كملعب بلدي عرف ترميمات في الآونة الأخيرة، ومركز ثقافي ودار للشباب، لكن حسب العديد من الشباب، تبقى خدماتها محدودة، بسبب نقص التأطير واليد العاملة، وهو ما جعل الشباب في حيرة من أمرهم بين مرافق موجودة لكن لا تقدم إضافة لشباب البلدية، وبين بطالة خانقة أجبرت العديد منهم على البحث عن عمل في أماكن أخرى بعد أن وجدوا أنفسهم أسرى للمقاهي، إن لم يفكروا في أشياء أخرى، فيما أضاف آخرون أن 90 ٪ من شباب المنطقة يعملون كأجراء خارج البلدية لدى الخواص. كما ثمن المولعون بالكرة المستديرة الخطوة التي أقدم عليها جمع من الشباب بعد أن انخرطوا بفريق كرة قدم لأول مرة بعد 30 سنة من الوجود، لكنه يبقى يعاني من النقص في الإمكانات المادية، خاصة ما تعلق بالتكفل بلاعبي الفريق لأنه يعتمد على اقتطاع نسبة 3٪ من ميزانية البلدية وفقط.

المواطن يستحسن إنجاز مركز أمني بالزرزور

بعد سنوات من الانتظار والطلبات الملحة الخاصة بتزويد المنطقة بمركز أمني، بالنظر لخصوصية المنطقة، كونها منطقة حدودية، تم الانطلاق في بداية الشهر المنصرم في إنجاز مشروع مقر فرقة إقليمية للدرك الوطني، على أن يسلم خلال 18 شهرا ليضع حدا للمهربين الذين طالما سلكوا هذه الطريق بسبب انعدام مركز أمني، وناشد السكان السلطات العسكرية بضرورة تزويد المنطقة بمركز أمني يحميهم ويحمي ممتلكاتهم، وحتى المساعدة على غلق منافذ المهربين الذين عادة ما يستعملونها لتهريب بضاعتهم.

وبالرغم من افتقار البلدية للعديد من المشاريع التي تضمن العيش الكريم والنقائص المسجلة في العديد من القطاعات، إلا أن سكان الزرزور يأملون في التفاتة جادة من شأنها أن تخرجهم من الغبن الذي يسود حياتهم دون غيرهم، خاصة أنها تعتبر من بين الـ05 بلديات الأفقر على المستوى الوطني، لكنهم يبقون متمسكين بأرض مشاريعها  منعدمة وأحلامها مؤجلة والمواطن فيها ينتظر.