"المساء" تستطلع أجواء أواخر رمضان بشرق البلاد

مساع لمحو مخلفات "كوفيد".. أملا في عيد سعيد

مساع لمحو مخلفات "كوفيد".. أملا في عيد سعيد
  • القراءات: 936
آسيا عوفي آسيا عوفي

شرعت معظم العائلات الجزائرية، خلال الأيام الأخيرة للشهر الفضيل لهذا العام، في تحضيراتها لاستقبال عيد الفطر، سواء بتنظيف البيوت أو شراء الملابس الجديدة، أو حتى تحضير الحلويات الشهية، استعدادا لمحو مخلفات الوباء الذي أثر في السنوات القليلة الماضية، على كل ما هو جميل، وتأجلت معه الفرحة، بالنظر إلى ما أصاب الكثير من العائلات في بعض أفرادها. وفي ظل التحسن المسجل على الصعيد الصحي، استبشر الجميع بحلول عيد فطر سعيد، قد يعود معه الأمل في العيش الهنيء، يلتقي فيه الأهل والأحبة، وتعود معه أجواء الأعياد التي افتقدتها الأسر، وحبست كل واحد في بيته خوفا من عدو لا يرحم... في هذا السياق، حاولت "المساء" رصد بعض معالم هذه التحضيرات عبر بعض ولايات الشرق الجزائري، والتي لا تختلف في عمومها عن باقي أنحاء الوطن.

تعيش معظم العائلات في مناطق الهضاب العليا، خصوصا ولايات سطيف وميلة وبرج بوعريريج، هذه الأيام، أجواء استثناية، دخلت فيها في سباق مع الزمن في تحضيراتها لاستقبال عيد الفطر المبارك، الذي سيحل علينا بعد أيام قليلة، حيث بدأ التحضير له بكل ما يرافقه من متطلبات ومقتنيات، بعد غياب أجوائه لسنتين متتاليتين، تزامنا وتفشي فيروس "كورونا" الذي أفقد الأحبة والآباء، وأصاب البعض، فأبقاهم في المستشفيات، وللدخول في أعماق هذا الموضوع، سعت "المساء" إلى استنطاق بعض المواطنين، للحديث عن نكهة العيد الغائبة، وآمالهم في عيد سعيد.

من تنظيف المنزل إلى اقتناء الأفرشة

وإن كان وباء "كورونا" قد غير نكهة رمضان، ونكهة استقبال العيد خلال العامين الماضيين، إلا أن أجواءه بدأت تعود هذا العام، حيث ارتأت العائلات بشرق البلاد، أن تستعد لعيد الفطر المبارك، بعدما شرعت في التحضير له، بداية بتنظيف المنزل، إلى صنع الحلويات، من خلال حملة تنظيف عامة شنتها ربات البيوت، لتشمل كل ركن من أركانه، خاصة إذا كانت ميزانية البيت لا تسمح بتغيير الطلاء أو الديكور، مما يجعلها تأخذ على عاتقها مهمة القيام بأعمال التنظيف المعمقة، مضطرة إلى التقشف على حساب صحتها، فتخصص يوما بكامله لكل غرفة من الغرف لتنظيفها بدقة، ونزع الغبار عنها، وتعليق المفروشات، لتترك الاهتمام بالمطبخ وقاعة الجلوس أو الاستقبال في المرحلة الأخيرة، كي تبقى محتفظة بنظافتها لأطول فترة ممكنة.

في مقابل ذلك، توجه المال الذي تم ادخاره لشراء مفروشات جديدة وأكسسوارات منزلية جذابة، تعطي قاعة الاستقبال جوا خاصا، يمكّن الضيوف من الراحة في البيت ويحظى بإعجابهم، فتستغل ربات البيوت الفرصة لشراء كل ما هو جديد، حيث أكدت السيدة منى لـ«المساء"، أن العيد فرصة لإعادة ترتيب أثاث البيت وتزيينه بكل ما يمكن أن يعطيه صورة أنيقة في هذه المناسبة السعيدة، التي تكون فرصة لتبادل الزيارات وصلة الرحم، وبعد ذلك تشرع في إعداد الحلويات المختلفة، على غرار "المقروط" و"التشاراك"، وبعض الحلويات التي تعتمد على الكتب في تحضيرها. أما السيدة أسماء، فصرحت بأنها تقوم بمساعدة بناتها لاستقبال العيد بأحلى وأجمل زينة، من خلال حملات النظافة والتزيين، قبل أن يخرجن لاقتناء مستلزمات الحلويات التي ستتزين بها مائدتهن يومي العيد.

اقتناء الحلويات الجاهزة يفقد العيد نكهته...

انتشرت ظاهرة اقتناء الحلويات الجاهزة، سواء من المحلات أو من عند السيدات اللواتي يتفنن في إعدادها وبيعها، في وسط عائلات الهضاب العليا، إن لم نقل في أغلب ولايات الوطن، وهي الظاهرة التي قد لا تريح البعض، خاصة الرجال، الذين يضطرون إلى دفع مصاريف إضافية كان يمكن أن تتجنها ربة البيت، في حدود إمكانياتها ووقتها طبعا.. السيدة سليمة، في العقد السادس من العمر، وخلال لقائنا بها، أكدت أن اقتناء الحلويات الجاهزة يفقد العيد نكهته، ففي الماضي، لا يفضل الرجل أكل الحلويات الجاهزة ويطلب من زوجته إعدادها، ليكون للعيد طعم آخر، أما الآن، فهو الذي يقوم بجلبها خوفا على أنامل زوجته. أما السيد علي، فأكد أنه لا يفضل اقتناء الحلويات، بل يفضلها جاهزة من صنع بناته وزوجته، مضيفا أن العيد بدون حلويات في المنزل ليس له أية نكهة.

رأي آخر للسيدة نوال، التي قالت بأن عملها خارج المنزل وتعدد مسؤوليتها داخله، يجبرها على اقتناء الحلويات وشراءها من نساء مختصات في هذا المجال، لحفظ ماء الوجه يوم العيد، وقالت السيدة زهية، وهي موظفة متقاعدة؛ "حتى إذا كانت الحلويات التي أعدها لا ترقى لمستوى تلك التي تباع في المتاجر، فأنا أفضل مع ذلك تحضيرها بنفسي، فتحضير الحلويات جزء من الاحتفال بعيد الفطر، ولا يمكنني تصور عيد بدون حلوياتي". في حين قال السيد عمر، إن لديه ذكريات جميلة عن رائحة ماء الورد واللوز المحمر، التي كانت تملأ البيت عندما كان طفلا، وقال وهو يتذكر رائحة طهي الحلويات؛ أحب أن يعيش أولادي هذا الجو الخاص، لكي يتمكنوا من نقل نفس التجارب للأجيال القادمة، وقال إنه يطلب من زوجته عدم شراء الحلويات من المتاجر.

"المقروط" و"التشاراك" و"الصابلي" أسياد مائدة العيد...

وعن أهم الحلويات التي كانت أنامل المرأة الشرقية تتفنن في تحضيرها، اقتربت "المساء" من الحاجة العمرية، التي قالت بنبرة حزينة "يا حسراه على يامات الزمان، وين كانت ريحة الغريبية والمقروط والكعك تريح فكل كوزينة، قبل عشر أيام من العيد.."، وأضافت: "على الرغم من أن العيد هو العيد، إلا أننا لم نعد نحس بنكهته في الحاضر"، مشيرة إلى أن العيد في سنوات السبعينات والثمانينات يختلف كل الاختلاف عن أعياد هذه الأعوام، مضيفة بقولها: "كنا في الماضي، نستقبل العيد بإعداد أفضل الحلويات، ويقوم الزوج بشراء المقتنيات، في أنه لا يوجد كتاب للطبخ ولا أنترنت، وتشرع السيدات في صناعة الحلويات، من المقروط إلى التشاراك، إلى صابلي، وغيرها، وهي حلويات ذات طعم خاص".

ذكرت السيدة العمرية، أنها مازالت إلى يومنا هذا، تحرص على المحافظة على هذه العادة الأصيلة التي تضفي أجواء عائلية، حيث تصنع، حسبها، حلاوة العيد ولا يمكنها التفريط فيها، وتقول بأنها رغم وجود بناتها وزوجات أبنائها، إلا أنها تقوم بتحضير "المقروط" و"الغريبية" وبعض الحلويات التقليدية التي لا تستغني عنها مائدة الحاجة العمرية في أيام عيد الفطر المبارك، مسترسلة في حديثها "أما الآن، فأصبحت المرأة هي التي تقوم بشراء المستلزمات، وتعتمد على كتب الحلويات، ورغم ذلك فإن طعمها لا يضاهي طعم حلويات زمان"أما السيدة نوال، فأكدت لنا بأنها تعتمد على كتب الحلويات، خاصة المشرقية منها، وتقوم بتحضيرها، معتبرة أن الحلويات المشرقية لها طعم رائع، على غرار "المعمول السوري، الكنافة، البرما بالفستق"، أما عن الأطباق التقليدية، فأكدت أنها لا تعرف عنها سوى الاسم، لأن إعدادها صعب، حسب محدثتنا، رغم أن زوجها يفضل الحلويات التقليدية.

جمع بين العادة والعبادة

التحضيرات التي تسبق عيد الفطر المبارك، جعلت السنوة يدخلن في سباق بين العادة والعبادة، فالسيدة حياة، أكدت أنها بين أمرين؛ أن تهتم بالتقاليد وتحضير حلويات العيد، والتفرغ للعبادة واغتنام فرصة التقرب لله عز وجل في الأيام الأخيرة من هذا الشهر الفضيل. أما السيدة هناء، فإن اقتراب العيد يضعها أمام مسؤوليات جديدة، أقل ما يقال عنها إنها تبعدها عن أجواء العبادة، وهو ما يحول الأيام الأخيرة إلى كابوس يطاردها، هذا الإشكال طرحته العديد من السيدات، اللائي أصبحن يخصصن للحلويات وقتا كبيرا، يكون عادة بعد الإفطار، لتُميز السهرة أشغال منزلية من نوع آخر، كل هذه الأشغال الإضافية تتطلب المزيد من الوقت، بالتالي الانشغال عن العبادة في العشر الأواخر من رمضان، وفي هذا السياق، أوضحت السيدة مليكة، أنها اضطرت إلى التخلي عن صلاة التراويح من أجل مباشرة تحضير الحلويات، فبرنامجها اليومي أصبح حافلا بالمهام والمسؤوليات، التي تتمحور كلها في الاستقبال الجيد لعيد الفطر المبارك، فيما أكدت أخرى أنها خلال السنوات الماضية، تقسم وقتها إلى نصفين في النهار لإعداد الحلويات، وبعد الإفطار تتوجه إلى المسجد لتتفرغ لصلاة التراويح وقراءة القرآن.