أشغال الترميم والتهيئة تنتهي قبل الفاتح نوفمبر

مخطّط استعجالي لإعادة الروح لمقام الشهيد

مخطّط استعجالي لإعادة الروح لمقام الشهيد
المدير العام لديوان رياض الفتح، يزيد ناصر
  • القراءات: 1664
نسيمة زيداني نسيمة زيداني

كشف المدير العام لديوان رياض الفتح، يزيد ناصر لـ"المساء"، عن أنّ مشروع ترميم "مقام الشهيد"، سينتهي قبل الفاتح من نوفمبر القادم، المتزامن مع موعد القمة العربية، حيث أكّد أنّ هناك مخطّطا استعجاليا يجري تجسيده قبل استضافة الحدث، يضمّ عملية تهيئة واسعة للمساحات الخضراء، ومحطة ضخّ المياه المتوقفة منذ مدة طويلة، وتعميم الإنارة العمومية، وتهيئة المراحيض ودورات المياه، لتتبعها عملية أوسع تمسّ كلّ الهياكل التابعة لرياض الفتح، وهذا عقب الانتهاء من احتفالات بالذكرى الـ68 لاندلاع ثورة التحرير. يعتبر "مقام الشهيد"، رمزا ومعلما تاريخيا للجزائر وثورتها، لكنه تعرّض بعد مرور سنوات إلى الإهمال وعزوف الزوار عن زيارته، حسبما لاحظته "المساء" خلال خرجتها الميدانية لعين المكان.

معلم ثقافي وتاريخي بحاجة لرد الاعتبار

بالمناسبة، أكّد يزيد ناصر، أنّ "رياض الفتح" يتربّع على عرش "صالومبي" بالعاصمة، وهو يطلّ على حي الحامَّة مشتركا مع بلوزداد وعلى حديقة التجارب، حيث يتألف الشكل الهندسي لـ«المقام"، كما يحلو للعاصميين مناداته من 3 أركان أو أعمدة مائلة وعند كل ركن نجد تمثالا يرمز إلى إحدى حقب الثورة التحريرية، وتحلق على ارتفاع 92 مترا السعفات الثلاث التي يبلغ طولها 47 مترا وقطرها المصنوع على طراز الفن الإسلامي 10 أمتار وارتفاعها 25 مترا وعرض القبة 6 أمتار، ويتواجد النصب في ساحة واسعة تقع تحت النصب مباشرة، رمز يُسمى بالشعلة الأبدية ويتضمّن سردابا ومدرجا ومتحفا تحت الأرض وهو متحف "المجاهد".

ويعتبر مقام الشهيد من بين أكبر الرموز التاريخية في إفريقيا، يوضّح محدّثنا، وهو من أفكار الرئيس الراحل هواري بومدين، ولكنه بني في عهد الرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد في الفترة ما بين 1980 إلى غاية 1982، وافتتح رسميا سنة 1986، وهو يرمز إلى النهضة الجزائرية في المجالات الثلاثة الصناعة، الزراعة، وكذا الثقافة، مضيفا أنّه يحتاج لردّ اعتبار لكونه لم يخضع لعملية التهيئة منذ نشأته، لذا قرّرت السلطات العليا للبلاد إعادة ترميمه من جديد لجعله تحفة تاريخية وسياحية تستقطب السياح.

السلطات العليا بالبلاد تتدخّل

وأكّد المدير العام لديوان رياض الفتح، أنّ قرار إعادة تهيئة مقام الشهيد، جاء بقرار من السلطات العليا للبلاد، علما أنّ المركب لم يخضع لإعادة تهيئة منذ نشأته، موضّحا أنّه يعاني من تدهور كبير ونقائص أهمّها غياب المكيّفات، ماء الشرب وتدهور غابة "الأقواس". ويُعدّ هذا المشروع أكبر عملية ترميم تُسجّل لديوان رياض الفتح بمختلف هياكله منذ إنشائه عام 1983. وأشار محدّث "المساء" الى أنّ العملية، توليها السلطات العليا للبلاد أهمية بالغة، إذ وفّرت لها كلّ الإمكانيات المادية والبشرية اللازمة، حيث سيتكفّل بالأشغال الاستعجالية في مرحلة أولى، ثم أشغال التهيئة والإصلاح والترميم على مستوى العديد من المرافق، على غرار مقام الشهيد، غابة الأقواس، قرية الحرفيين ومركز الفنون.

وقرّرت السلطات العمومية المعنية، ترميم مقام الشهيد، باعتباره النصب التذكاري الأكبر والأبرز في الجزائر كمرحلة أولى، من خلال الاتفاق مع مؤسسة عمومية "أنغوس" التي تقوم بعملية غسله وتنظيفه وإعادة الطلاء لجعله أكثر نصاعة، بعدما تعرّض لتلف جزئي بسبب العوامل الطبيعية، لكونه يطلّ على الواجهة البحرية. وبعد التكفّل بالأشغال الاستعجالية في مرحلة أولى، تنطلق، حسب محدّثنا، أشغال التهيئة والإصلاح والترميم على مستوى العديد من المرافق، على غرار غابة "الأقواس"، وقرية الحرفيين، ومركز الفنون والمحلات التجارية، ومتحف "المجاهد"، وقاعات السينما، ليبقى الهدف من عمليات ترميم المواقع، استرجاع ديناميكيتها الثقافية والاقتصادية والسياحية والترفيهية، والرقي بها إلى أعلى مستويات الخدمة.

ترميمات ولاية الجزائر غير "كافية"

وفيما يتعلّق بالترميم دائما، أكّد السيد ناصر، أنّ مصالح ولاية الجزائر أطلقت مشروعا جزئيا لإعادة تهيئة مركب رياض الفتح، سمّي بـ«إعادة إنعاش الديوان"، تزامنا مع ستينية استرجاع السيادة الوطنية المصادف ليوم 5 جويلية المنصرم، من خلال إعادة النظر في مرافقه الثقافية والتجارية والترفيهية، في إطار مخطّط إعادة تهيئة عاصمة البلاد، لكنه "غير كاف"، قائلا إنّه يحتاج للتجديد العصري مثلا بتعميم الإنارة العمومية بتقنية "اللاد"، وتجديد المصاعد الكهربائية وتعميم التكييف وتنظيف المحيط من النقاط السوداء.

وباشرت وزارة الثقافة والفنون ومصالح الولاية "تشخيصا أوّليا للمكان وإعادة النظر في الأمور التي بإمكانها أن تعيد استقطاب الزوّار وكذا استرجاع وجهه الحقيقي، من خلال تطويره وإرجاعه "القلب النابض للعاصمة"، لتنطلق الأشغال من جديد تزامنا مع الفاتح من نوفمبر المقبل. وحسب نفس المصدر، فإنّ مصالح ولاية الجزائر، شكّلت لجنة بالتنسيق مع وزارة الثقافة والفنون لضبط نقاط القوة والضعف للمقام، للقيام بالإجراءات اللازمة للإنقاذ، علما أنّ مقام الشهيد، يبقى النصب التذكاري المعروف في أعالي العاصمة، وهو جزء من مجمّع متكامل يدعى رياض الفتح الذي يتكون من مجموعة من المرافق الثقافية والاقتصادية والاجتماعية.

معلم "سيء السمعة"

لطالما كان رياض الفتح، وجهة مفضّلة للمواطنين والأجانب للتنزّه والسياحة والارتباط بالتاريخ، لكنه تحوّل حاليا إلى بناية خالية غاب عنها الزوّار، حيث أغلقت عشرات المحلات أبوابها، حسبما لاحظته "المساء" خلال زيارتها الميدانية لعين المكان.

وأكّدت إحدى السيدات التقتها "المساء" بمقام الشهيد صدفة، أنّها تقطن بمحاذاة رياض الفتح قائلة "كنا نجد بائع الأزهار والمصوّر الفوتوغرافي والرسّام والمهرج سابقا… لكن كلّ تلك المظاهر أصبحت ذكريات مرت على مقام الشهيد، وأصبح مهملا وكسب سمعة سيئة في السنوات الأخيرة، كما أضحى يعاني من فراغ ثقافي ولامبالاة وسوء تسيير..."، مضيفة "يشهد هذا المعلم التاريخي، إهمالا بعدما هجره المسؤولون طوعا وعلانية، زاده عزوف الزوّار، فلا محلات ناشطة ولا نشاطات تشجيعية، حتى المحلات والمراحيض ودورات المياه بالهواء الطلق أغلقت أبوابها، إلى جانب انتشار الروائح الكريهة في كلّ مكان، حتى يخيّل لك أنّك في مكان معزول، إذ تراجعت السمعة التي كان يحظى بها في فترة الثمانينيات والتسعينيات، ونزلت سمعته إلى الحضيض، بعدما فقد بريقه وصارت تلك المساحات تبحث عن مغيث...". كما أوضح أصحاب المحلات التجارية برياض الفتح، أنّ أكبر مركز إفريقي يعاني في صمت في ظلّ سوء التسيير والإهمال، إضافة إلى غياب النشاطات الترفيهية والثقافية التي كانت تستقطب الجماهير، خاصة منها العائلات من جهة أخرى، معتبرين أنه يعيش أسوء أيامه بعد أن كان قبلة لزوار العاصمة والولايات المجاورة، وحسبهم، فإنّ السبب الرئيسي وراء هذا الوضع هو التسيير.

اقتراحات قيّمة قيد الدراسة

وقدّم ديوان رياض الفتح، حسب مديره العام يزيد ناصر، عدّة اقتراحات أهمها استبدال الأضواء التي تمثّل العلم الجزائري بالمقام باللون الأبيض، ليكون أكثر إثارة وجلبا للسياح، مع إعادة تهيئة متحفي "المجاهد" و"الجيش"، وتوفير مصاعد كهربائية للمعاقين، إعادة تجديد وبعث المحلات التجارية، مع تخصيص مؤسّسة نظافة للاهتمام برياض الفتح، تشتغل بشكل يومي للحفاظ على نظافة المحيط.