‘’المســـاء" تقف على واقع بلدية هراوة

مؤهلات فلاحية وسياحية غير مستغَلة

مؤهلات فلاحية وسياحية غير مستغَلة
  • القراءات: 849
روبورتاج: زهية. ش روبورتاج: زهية. ش

لايزال سكان بلدية هراوة بشرق العاصمة، ينتظرون تجسيد العديد من المشاريع الضرورية التي وعدت بها السلطات المحلية، خاصة القاطنين بالأحواش، الذين يعانون نتيجة لغياب أدنى ضروريات الحياة، مثل الربط بشبكات المياه الصالحة للشرب، والصرف الصحي، والغاز وتهيئة الطرق، حيث انعكس ضعف ميزانية هذه البلدية التي تعد من أفقر بلديات العاصمة، على وضعية التنمية والظروف المعيشية لسكانها، رغم مؤهلاتها الفلاحية والسياحية، التي بإمكانها جلب مداخيل إضافية لهذه المنطقة التي تتوسط بلديات عين طاية، والرغاية والرويبة، بشرق العاصمة، والتي استفادت من مشاريع لتنمية العديد مناطق الظل، ولم تتجسد لاصطدامها بضعف التمويل.

لا شك أن زائر بلدية هراوة يلاحظ أن الظروف المعيشية للسكان لم تتغير كثيرا رغم الوعود التي تلقوها من قبل المنتخبين الذين تعاقبوا على تسييرها، فهذه البلدية التي ظهرت خلال التقسيم الإداري لسنة 1984 بعد انفصالها عن بلدية عين طاية، لم يطرأ عليها الكثير مثل ما كان يحلم قاطنوها، في ظل نقص المرافق وضروريات الحياة، حيث لا يقتصر الأمر على المزارع والأحواش التي تنعدم بها قنوات الصرف الصحي، ومياه الشرب، والنقل المدرسي والتهيئة، بل تصل المعاناة إلى سكان عدة أحياء، منها المنجزة حديثا، التي لا تتوفر على هياكل ضرورية، مثل مقر آخر للبريد، ومصلحة للضرائب، ومرافق صحية وكذا النقل المدرسي، والمساحات الخضراء وغيرها، حيث استقبلت آلاف العائلات التي استفادت من سكنات جديدة، غير أن ذلك لم يرافقه إنجاز الهياكل الضرورية.

اختناق مروريٌّ رهيب بالمدخل  الوحيد للبلدية

أول ما يثير الانتباه عند زيارة هذه البلدية، هو غياب مداخل مهيأة تؤدي إلى وسط المدينة وباقي الأحياء، حيث يقتصر الأمر على مسالك ضيقة، مثل ما أشار لـ "المساء"، بعض سكان البلدية، الذين أعربوا عن أملهم في أن تجد انشغالاتهم حلا من قبل السلطات المحلية، وعلى رأسها رئيس البلدية، الذي يعرف جيدا خبايا منطقته، التي سبق أن شارك في تسيير شؤونها مع المجالس السابقة، من خلال تدارك التأخر في العديد من المشاريع، التي من شأنها تحسين ظروفهم المعيشية، وإنجاز طرق ومسالك ومداخل أخرى، تُخرج هذه المنطقة من العزلة، وتخفف من هذه الوضعية التي تتأزم أكثر خلال موسم الاصطياف، وتزداد حدة بسبب الوضعية الكارثية للطرقات، خاصة أنها منطقة ساحلية، تتمتع بمؤهلات سياحية هامة.

أحواش بدون صرف صحي إلى حد الآن

تنتشر بهذه البلدية التي تتميز بطابعها الفلاحي والريفي، العديد من الأحواش وبعض الأحياء السكنية التي شُيدت مؤخرا، والتي يشكو قاطنوها غياب الهياكل ذات الطابع الخدماتي والعمومي، مما أرهقهم كثيرا، بالإضافة إلى غياب التهيئة الحضرية، التي جعلت منطقتهم تبدو كأنها بلدية نائية لا تقع بإقليم ولاية الجزائر!

ويأتي في مقدمة هذه النقائص، مشكل اهتراء الطرق، ومداخل الأحياء التي تشهد تدهورا كبيرا. كما لايزال سكان العديد من الأحواش يعانون غياب ضروريات العيش الكريم؛ كقنوات الصرف الصحي، والماء والغاز والطرق، على غرار حوش أوسعيد، وأحياء عين الحكلة والبياضة والبريدية، التي تشهد طرقها وضعية متدهورة جدا، وكذا حوش عمر بوظهر، وحوش بريطم، حيث يعتمد بعضهم على المطامير التقليدية التي تفيض أحيانا، وتُعتبر مصدرا للروائح الكريهة، ومختلف الأمراض الخطيرة، وانعدام شروط الحياة الكريمة، كالماء الذي يغيب عنهم في عز فصل الصيف، والغاز، وقنوات الصرف الصحي، بينما بقيت مطالبهم "حبرا على ورق"، ولم تجد آذانا صاغية إلى حد الآن!

البطالة كابوس يطارد الشباب والمنتخبين

ومن جهتهم، ينتظر العديد من شباب بلدية هراوة، التفاتة السلطات المعنية إلى مطالبهم، وضرورة منحهم فرص للعمل، وتخفيف العراقيل الإدارية، حيث يشهد مقر بلدية هراوة حركة دائمة لشريحة البطالين، الراغبين في الحصول على نشاط يخفف عنهم مشكل البطالة، خاصة في الصيف، الذي تستقبل فيه بلديتهم زوارها بشريطها الساحلي، وما يمنحهم ذلك من فرص للعمل، عوضا عن تشغيل أشخاص من خارج بلديتهم، معتبرين ذلك إجحافا في حقهم، على الأقل خلال هذه الفترة.

معاناة حقيقية مع النقل المدرسيّ

غير أن أكبر المعاناة هي تلك التي يواجهها التلاميذ، الذين يدرسون بعيدا عن مقرات سكناتهم، بسبب غياب النقل المدرسي، وقلة الحافلات المخصصة لهذا الغرض، والتي تُعتبر هاجس الأولياء والتلاميذ، خاصة القاطنين بالأحواش، الذين يواجهون معاناة حقيقية مع النقل طيلة الموسم الدراسي. كما لا يقل الأمر سوءا عن سكان حي 300 مسكن "أل بي بي" بحي سنطوحي، الذين يتنقل أبناؤهم على بعد أكثر من واحد كيلومتر، إلى غاية مدرستي حسيبة بن بوعلي وديدوش مراد لمزاولة الدراسة، في ظل النقص الفادح في النقل المدرسي، حيث ينتظر هؤلاء تجسيد مدرسة ابتدائية قريبة من حيهم، لإنهاء معاناتهم.

ولعل ما زاد من متاعب سكان المنطقة التي شهدت توسعا عمرانيا في السنوات الأخيرة، غياب المرافق ذات الطابع الاجتماعي، والثقافي والرياضي، ذلك أن عدة أحياء وعلى مدار سنوات طويلة، لم تجسَّد بها مشاريع، إذ يطالب قاطنو هراوة بتوسيع مكتب البريد.

كما تطرق العديد من المشتكين لغياب غاز المدينة، والأسواق الجوارية، والمرافق الرياضية، وملحقات للبلدية، التي تضاعفت كثافتها السكانية.


رئيس البلدية بختي موسى يعترف بالنقائص ويؤكد لـ’المســـاء"

ضعف المداخيل ومحدودية صلاحياتنا حال دون تنمية المنطقة

استغل رئيس بلدية هراوة بختي موسى، فرصة اللقاء الذي جمعه بـ "المساء"، لطرح العراقيل التي تحول دون تنمية البلدية، وتجسيد المشاريع المبرمجة لتحسين الإطار المعيشي للسكان، مناشدا السلطات المعنية منح صلاحيات أوسع للمنتخبين المحليين، وإشراكهم في التسيير، وتعزيز دور البلدية في دعم الاستثمار المحلي، مشيرا إلى أن "من غير المعقول أن تُحرم البلدية من الاستفادة من مداخيل شواطئها رغم ضعف ميزانيها، وتصنيفها من أفقر بلديات العاصمة!".

ناشد المسؤول الأول عن بلدية هراوة، السلطات المعنية، منح المنتخبين المحليين فرصة تسيير شواطئ بلديتهم والتصرف فيها من أجل جلب مداخيل، عوض ولاية الجزائر ومختلف المؤسسات الولائية، في حين يُحرم، مثل ما قال، شباب المنطقة، من فرص العمل التي تتوفر في الفترة الصيفية، حيث يقدّم العديد منهم طلبا لرئيس البلدية، من أجل الحصول على رخصة للظفر بمهنة ولو مؤقتا، غير أن الأخير يصطدم بمحدودية صلاحياته في ما تعلق بتسيير شاطئي طرفاية والقادوس الواقعين بإقليم بلديته، حيث يُعد الشاطئان، حسب المتحدث، من أجمل الشواطئ على مستوى ولاية الجزائر، التي ستُفتتح موسم الاصطياف هذا العام، من شاطئ القادوس بهراوة، التي يستوعب ساحلها حوالي 4 آلاف مصطاف.

واقترح رئيس البلدية ومنتخبو بلدية هراوة، الاستثمار في شاطئي القادوس وطرفاية طول أيام السنة، وجعلهما نموذجا لمختلف الشواطئ من حيث استحداث مناصب شغل، وإنجاز فضاء للترفيه، وغير ذلك من المرافق التي توفر مناصب الشغل لشباب هراوة، الذين يعانون من البطالة نتيجة عدم استغلال الإمكانيات المتوفرة.

قوانين مجحفة تعيق تنمية  البلديات الفقيرة

في هذا الصدد، ناشد المتحدث الجهات الوصية مراجعة بعض القوانين المجحفة التي تعيق تنمية العديد من البلديات، خاصة الفقيرة منها، على غرار هراوة التي لم تتجاوز ميزانيتها 16 مليار سنتيم في العام الجاري، أغلبها توجَّه لأجور العمال، مشيرا إلى أن صلاحية المنتخبين المحليين محدودة جدا، مستدلا على ذلك بعدم امتلاك رئيس البلدية سلطة القرار لاستغلال الشواطئ المتواجدة ببلديته، ومساعدة الشباب العاطلين عن العمل، في الحصول على منصب شغل، يُبعدهم عن الآفات الاجتماعية، وكذا استغلال الفرص لتنمية البلدية.

ومن جهة أخرى، طالب بختي موسى السلطات العليا، بتسريع عملية تقديم الإعانة المالية للبلدية، من أجل تجسيد المشاريع المبرمجة التي تأخرت كثيرا، خاصة تلك المخصصة لمناطق الظل بسبب قلة الموارد المالية، فيما تم، مؤخرا، إعداد البطاقات التقنية الخاصة بتجسيد مشاريع لربط خمسة أحواش بشبكات الصرف الصحي، والماء، والطرق، والغاز، على غرار حوش عمر بوظهر المبرمج للتهيئة الشاملة من حيث الطرق، والصرف الصحي، والإنارة العمومية، فضلا عن مشاريع في طور الإنجاز، وأخرى مبرمجة.

ربط الأحواش بمحطة التصفية لإنهاء مشكل الصرف الصحيّ

أما بالنسبة لحوش بريطم فأوضح أنه لم يستفد بعد من الصرف الصحي، حيث تم ربطه من خلال مطمورة كبيرة، غير أنها لم تحل المشكل إلى حد الآن؛ بسبب امتلائها، وأن المجلس يعتزم ربط هذا الحي بقناة الصرف الصحي المؤدية إلى محطة تصفية المياه المستعمَلة، مضيفا أن عددا من الأحواش لاتزال تنتظر الربط بمختلف الشبكات، حيث تم إعداد البطاقات التقنية في انتظار التمويل المالي للمشاريع، منها حوش سنطوحي، الذي لم يتم ربطه بعد، بسبب معارضة أصحاب المزارع ورفضهم تجسيد هذا المشروع فوق أراضيهم، حيث يُنتظر أن يزور الوالي المنتدب للمقاطعة الإدارية للرويبة، هذه المنطقة لحل هذا الإشكال، عن طريق التواصل مع رئيس المجموعة الفلاحية، وتجسيد المشروع، مثل ما أكد رئيس البلدية، الذي اعترف بأن سكان مزرعة سي بوعلام وماكودي يوسف، لايزالون محرومين من مياه الشرب إلى حد الآن، فيما يبقى حوش فيدليك وحوش الرمل بحاجة إلى الصرف الصحي، مشيرا إلى  مشروع لربط الأحواش بمحطة تصفية المياه، تجري بها الأشغال حاليا، عن طريق قنوات صرف كبيرة، وهذا ما سيحل المشكل نهائيا.

وعرّج المسؤول الأول عن بلدية هراوة، على مشكل حي برايدية، الذي توقف به مشروع الصرف الصحي، في انتظار ترحيل العائلات المقيمة بالقصدير، من أجل إتمام الأشغال، وإعادة تهيئة الطريق الذي يوجد في وضعية كارثية.

نقص العقّار يرهن المشاريع

ومن جهة أخرى، عرّج المتحدث على مشكل الوعاء العقاري، الذي حال دون تجسيد مشاريع هامة. ففي الوقت الذي استقبلت بلدية هراوة آلاف العائلات التي استفادت من سكنات جديدة من صيغ مختلفة، فإن ذلك لم يرافقه فتح مرافق هامة، على غرار مركز بريد آخر، ومقر للضمان الاجتماعي والضرائب، ومرافق صحية وتربوية، وكذا منطقة صناعية تجلب مداخيل للبلدية، حيث اقترح المجلس الحالي، مثل ما أكد رئيس البلدية، عدة مشاريع تنموية، غير أنه اصطدم بمشكل عدم ملكية العقار، في ظل عدم إمكانية اقتطاع أرض فلاحية لإنجاز مرافق ذات منفعة عامة.

مشاريع استثمارية تُخرج المنطقة  من فقرها وعزلتها

اعتبر رئيس بلدية هراوة، أنه حان الأوان لتجسيد مشاريع استثمارية بهذه المنطقة السياحية الهامة، التي لاتزال مهمَلة ولم تحظ بالاهتمام، إذ زادها ضعف المداخيل سوءاً رغم الواجهة السياحية الهامة التي تتمتع بها، حيث لا تتوفر بلدية هراوة على مدخل رئيس واضح، يخلّصها من مشكل الاختناق المروري الذي تعاني منه كل موسم اصطياف، بسبب الاعتماد على المسالك الضيقة المؤدية إلى مختلف جهات البلدية، بما فيها الشواطئ رغم وجود الحلول، المتمثلة في إنجاز طريق بين هراوة والرغاية. كما اقترح أعضاء المجلس البلدي، عقد ملتقيات بالمنطقة، لتشجيع الاستثمار بالبلدية، والخروج من النفق، وتسمح بتجسيد مشاريع مختلفة، خاصة أن الكثير من الخواص يرغبون في الاستثمار في حال رفع العراقيل ومراجعة بعض القوانين المعمول بها، مثل الفنادق؛ لكون هراوة لا تتوفر على هذه الهياكل رغم أنها منطقة سياحية وتستقبل عددا كبيرا من المصطافين كل صائفة.

170 سكن "أل بي يا" توزَّع على مستحقّيها

وبخصوص السكن الترقوي المدعم (أل بي يا)، أشار المتحدث إلى إحصاء 975 طلب مقبول، ستوزع عليهم حصة 170 سكن، بالإضافة الى 2500 عائلة موزعة على عدة أحواش تنتظر الترحيل أو تسوية الوضعية. كما أكد على وجود نقص فادح في النقل المدرسي، ومعاناة حقيقية في تنقّل التلاميذ، خاصة المقيمين في الأحواش، بسبب وجود حافلتين قديمتين فقط، الأمر الذي يستدعي تدعيم القطاع بحافلات إضافية جديدة.