"المساء" تدخل أكبر دواوير بلدية الرحوية بتيارت

قيرس.. قرية احتضنت 7 آلاف عائلة ونسيها المنتخبون

قيرس.. قرية احتضنت 7 آلاف عائلة ونسيها المنتخبون
  • القراءات: 1554
نور الدين خيالي نور الدين خيالي

عبر العديد من سكان دواوير بلدية الرحوية بتيارت، عن استيائهم وتذمرهم الكبيرين من الوضعية الكارثية، التي تشهدها عدة تجمعات سكنية ريفية متاخمة للبلدية الأم الرحوية، مرجعين سبب ذلك إلى تقاعس المنتخبين المحليين في أداء المهام المنوطة بهم، والتخلي عنها لفائدة مقر البلدية، الذي حظي بالعديد من مشاريع التهيئة العامة، من تعبيد الطرقات وتبليط الأرصفة والإنارة العمومية، وأشغال أخرى عرفتها البلدية، تخص تزيين وتجميل المحيط، في الوقت الذي يعيش عشرات السكان بالمناطق الريفية مشاكل لا تعد و لا تحصى، تتعلق أساسا بحياتهم اليومية، منها وضعية الطرقات، مياه الشرب، النقل المدرسي وغيرها، والتي يطالب القاطنون بشأنها المنتخبين الجدد، العمل على تداركها وتجسيد الوعود التي قطعوها قبل اعتلائهم المجلس الشعبي البلدي.

يعتبر دوار قيرس، الذي يبعد عن مقر البلدية الأم الرحوية، بنحو سبعة كيلومترات، من بين أهم التجمعات السكنية الريفية التي تحيط بالرحوية، حيث تقطن به قرابة 7 آلاف عائلة أو أكثر، كما يضم أيضا عددا كبيرا من التجمعات السكنية المحيطة به، على مسافات متباعدة تفوق في بعض الحالات، الكيلومترين ونصف الكيلومتر. ومن بين أهم التجمعات السكنية القريبة منه؛ أولاد راشد والقدادمة والعمايرية وزروقي الميلود وبن ويس رابح، وغيرها من التجمعات السكنية التي تصل إلى 12 منطقة ذات كثافة سكانية معتبرة، مشكلة لدوار قيرس.

أكد قاطنو الدوار المذكور، أن المسؤولين المحليين لا يعرفون المنطقة إلا في الحملات الانتخابية، حيث يقدمون وعودا بتجسيد العديد من المشاريع في حال الفوز بتسيير المجلس البلدي، وهي وعود يقول السكان بأنها "سرعان ما تتبخر بعد الانتخابات"، حيث يختفي المسؤولون ولا يظهر لهم وجود، وتتكرر هذه الأمور، حسب السكان، مع كل حملة انتخابية. طالبوا في هذا السياق، بالتدخل العاجل لوالي تيارت عبد السلام بن تواتي، من أجل إنهاء معاناتهم اليومية وتحسين حياتهم المعيشية، باعتبار أن المنطقة فلاحية ورعوية بالدرجة الأولى، ويعتمد أهلها على المحاصيل الزراعية وتربية الأغنام والأبقار، حيث يبقى أملهم الوحيد "عيش حياة كريمة تتوفر فيها أبسط الشروط"، لخصها المشتكون في ماء صالح للشرب وتهيئة الطرقات والأرصفة وإصلاح الإنارة العمومية، وغيرها من ضروريات الحياة.

غياب مياه الشرب يدفع إلى البحث عن مصادر أخرى

أكد سكان دوار قيرس لـ"المساء"، أن أغلب المواطنين -إن لم يكونوا كلهم- يتنقلون يوميا إلى البئرين الوحيدين المتواجدين بالمنطقة، للتزود بالمياه الصالحة للشرب، بسبب غياب هذه المادة الحيوية عن حنفيات منازلهم، حيث يلجأ بعضهم لشراء صهاريج المياه من أجل استغلال هذه الثروة في الشرب والغسيل والطهي، بينما يعتري بقية المواطنين صعوبات كبيرة في إيجاد الوسيلة الكفيلة لتوفير المياه، وهو ما بات يؤرقهم، كما أن دخل أغلب العائلات محدود، الأمر الذي يصعب عليهم توفير المياه الصالحة للشرب.

طالب المشتكون، أمام هذه الوضعية، من السلطات المحلية ومؤسسة "الجزائرية للمياه"، بالتدخل في أقرب وقت لإنجاز خزان مائي، يضمن لهم التزود بالمياه الصالحة للشرب، مع إنجاز شبكة المياه وربط سكناتهم بهذه المادة الحيوية. للإشارة، فإن دوار قيرس يقع في بيئة شديدة الحرارة صيفا، مما يتطلب استهلاك أكبر كمية من مياه الشرب، وتوريد الماشية وسقي الأشجار المثمرة، لأن المنطقة تقع بالقرب من ولاية معسكر، وهي منطقة معروفة بمياهها الحموية وارتفاع درجة حرارة الأرض، مما يستلزم من السلطات التدخل العاجل لرفع الغبن عن سكان دوار قيرس، وتجسيد مشروع الخزان المائي، مع ربط السكنات بالشبكة، وهو حلم، حسب السكان، يبقى ينتظر التجسيد.

حافلة وحيدة للنقل المدرسي بدون كراسي 

أصبحت الحافلة الوحيدة الخاصة بالنقل المدرسي، المخصصة لتلاميذ الدوار، لا تستوعب كافة المتمدرسين، إذ لا تتسع إلا لـ60 تلميذا فقط، بينما قام مسؤولو البلدية -حسب تصريح السكان- بنزع الكراسي من الحافلة لنقل أكبر عدد ممكن من التلاميذ، وهي طريقة استحسنها السكان، رغم ما قد تشكله من خطر على حياة التلاميذ، خاصة صغار السن منهم، مطالبين في هذا الصدد، بالتدخل العاجل لوالي تيارت، من أجل تخصيص حافلتين، على الأقل لتسهيل تنقل التلاميذ إلى مؤسساتهم التربوية دون أخطار.  

الإعلان عن القوائم الإسمية للسكنات الريفية دون تجسيدها

فيما استغرب سكان دوار قيرس ببلدية الرحوية، للطريقة التي تم التعامل بها مع ملف السكنات الريفية، في وقت تم إشهار القوائم الإسمية منذ سنة 2010، ولم يتم تجسيد المشاريع، مطالبين في هذا الشأن، بتوضيح الرؤية من خلال تدخل رسمي و عاجل، لدراسة هذا الملف الذي يعتبر ـ في نظرهم ـ شائكا، على خلفية أن معظم سكان هذا الدوار حرموا من جميع الصيغ السكنية الأخرى، بعد تلقيهم إثباتات، تؤكد حصولهم على سكنات ريفية منذ سنة 2010، لكن في الواقع لم يشرع في تجسيدها، بحجج قالوا إنها واهية من قبل السلطات المحلية.

مشيرين، من جهة ثانية، إلى إن الحصة المقدرة بـ 60 وحدة سكنية، المخصصة لأهل هذا الدوار، والتي هي عبارة عن مجمع ريفي "غير كافية"، لأن المنطقة لم تستفد من أي برامج سابقة على مدار سنين طويلة، حتى أن 60 وحدة سكنية ـ كما ذكرواـ لم تتحقق إلى غاية اليوم، لتبقى مطالب السكان تتمحور حول فتح تحقيق حول هذه السكنات التي بقيت معلقة، حسب تعبيرهم، دون تجسيدها على أرض الواقع، في حين عبروا عن تخوفهم من تغيير مسارها نحو مناطق أخرى، مما قد يحرمهم من نعمة السكن. في حين، كما قالوا، أن الدولة تشجع المواطنين على البقاء في مناطقهم الأصلية، وتشجع الهجرة العكسية من المدن نحو القرى"، مردفين بقولهم: "فنحن اليوم نلاحظ العكس ببلدية الرحوية، فلا حياة لمن تنادي".

شبكة عنكبوتية للكهرباء والغاز مطلب ملح

أضحت الشبكات العنكبوتية، التي تشكلت بفعل قيام أصحاب السكنات التي تنعدم بها الكهرباء، بجلبها من السكنات الواقعة في الحي المقابل، تنذر بحدوث كارثة حقيقية، بفعل تشابك الخيوط والكوابل التي لا تقوى على تحمل الضغط العالي. طالب السكان، بضرورة تدخل مؤسسة توزيع الكهرباء والغاز (غرب)، لربط السكنات الخمسة عشر بشبكة التموين بهذه الطاقة، لتسهيل الحياة المعيشية للمواطن الريفي، وتثبيتهم بالمنطقة دون نزوحهم نحو المدن، خاصة أن الكهرباء الريفية تعتبر عنصرا مهما لاستقرار العائلات، وتشجيعهم على العمل الفلاحي، مستنكرين في السياق، التأخر الكبير في ربط هذه السكنات، مما دفع بهم إلى جلب الكهرباء من عند جيرانهم، دون مراعاة شروط السلامة، وهو ما قد يهدد بحدوث كارثة في حال تهاطل الأمطار وملامسة المياه للأسلاك والكوابل.

كما عبر سكان الدوار، عن تخوفهم الكبير على أطفالهم من خطر لمس الخيوط الكهربائية المتدلية من الجدران والأرض، وهو ما قد يؤدي إلى موت محتوم. في السياق، طالب قاطنو دوار قيرس من السلطات الولائية، التعجيل في برمجة مشروع لربط المنطقة بخدمة الغاز الطبيعي، كون الخط الرئيسي الناقل للغاز لا يبعد عن القرية سوى بأمتار قليلة، وهو ما يسمح لسكان الدوار بالاستفادة من خدمات الغاز الطبيعي، وتوديع قارورات غاز البوتان، داعين إلى إعداد دراسة لتزويدهم بهذه الطاقة الاستراتيجية، خاصة في فصل الشتاء، حيث يضطر السكان لاقتناء قارورات غاز البوتان بأسعار مرتفعة، تصل أحيانا إلى 300 دج للقارورة الواحدة، عوض 200 دج، فيما يصل سعرها خلال الفترات الشتوية إلى حدود 500 دج، وهو ما يصعب من الحياة المعيشية للمواطن، كون أغلب العائلات مجبرة على اقتنائها بتلك الأسعار، خاصة تلك التي لا تملك وسائل نقل، فيما تتمكن عائلات أخرى من اقتنائها بسعرها الحقيقي، بعد جلبها من مدينة الرحوية بوسائلهم الخاصة. من جهتهم، يستغل سماسرة غاز البوتان هذا الوضع، لترويج هذه المادة الحيوية وسط سكان الريف، والذين يجدون صعوبات في التنقل نحو المدن بأثمان باهظة، لتبقى مطالب سكان دوار قيرس قائمة في التزويد بخدمة الغاز الطبيعي في القريب العاجل.

غياب وسائل الترفيه وملعب في وضعية كارثية

يبقى حلم شباب دوار قيرس ببلدية الرحوية، إنجاز ملعب معشوشب اصطناعيا، يمكنهم من قضاء أوقاتهم وممارسة رياضاتهم المفضلة، كما يسمح للأطفال باستغلاله، كفضاء للعب والترويح عن النفس، في ظل غياب مثل هذه المرافق بالمنطقة. أوضح شباب المنطقة، أنهم باتوا مجبرين على التنقل إلى مدينة الرحوية، على مسافة 7 كيلومترات يوميا، من أجل الانخراط في إحدى الرياضات المتوفرة هناك، فيما يجبر الأطفال على اللعب بالقرب من الأوساخ، بفعل انعدام مساحات مخصصة لهم، رغم أن الدوار يضم تجمعا سكنيا كبيرا يمكن استيعابه لعدة مشاريع لفائدة الشبان، من بينها دار للشباب وملعب معشوشب اصطناعيا، وحتى إنجاز مكتبة يستفيد منها الطلبة والتلاميذ بمختلف الأطوار التعليمية الثلاثة. وينشط معظم شباب القرية في مجال كرة القدم، باعتبارها الرياضة المحبوبة لدى شباب المنطقة، غير أنهم يزاولونها بملعب يتواجد في وضعية كارثية، وهو ملعب ترابي من مادة "التيف"، رغم حداثة إنجازه، غير أن السياج المحاط به تعرض للتلف، مما دفع بالغرباء إلى سرقته واستعماله في أغراض أخرى. هذه عينة من بعض المشاكل العديدة التي يعاني منها سكان دواوير قيرس وغيرهـا، والتي يطالب بشأنها السكان السلطات المحلية، وعلى رأسها المجلس الشعبي البلدي، بضرورة التكفل بها والعمل على حلها، لرفع الغبن عن أكثر من 7 آلاف عائلة، مع التركيز على تجسيد المشاريع ذات الأولوية، على غرار الطرقات والمياه الصالحة للشرب والغاز الطبيعي.