"المساء" ترافق النشاط الخيري بتلمسان

قوافل تضامنية لصالح المحتاجين بالمدن ومناطق الظل

قوافل تضامنية لصالح المحتاجين بالمدن ومناطق الظل
  • القراءات: 1215
 ل . عبد الحليم ل . عبد الحليم

انخرط سكان ولاية تلمسان، مباشرة بعد إعلان رئيس الجمهورية عن إغلاق العديد من الفضاءات والأماكن العمومية، بشكل طوعي، في تنفيذ قواعد السلامة المنصوص عليها، في مشهد يجسد التجاوب الإيجابي مع التدابير والإجراءات الاحترازية المتخذة للمساهمة في قطع الطريق على كل السبل المحتملة لانتشار وباء "كوفيد-19".

من منطلق المسؤولية والحرص على ضمان الأمن الصحي للمواطنات والمواطنين، أقدمت المقاهي والمطاعم والحمامات الواقعة في مختلف أحياء المدينة، على إغلاق أبوابها، ولم يكن من الممكن قبل أيام، أن تجد شوارع مدينة تلمسان ومقاهيها وفضاءاتها الشهيرة، كساحة "لابلاس"، خاوية على عروشها، لكنه فيروس "كورونا"، الضيف غير المرغوب فيه الذي أرخى بظلاله على الحياة الطبيعية، وأرغم الجزائريين عامة، وأهل تلمسان خاصة، على المكوث في منازلهم حماية لهم وللوطن.

تداول النشطاء التلمسانيون على مواقع التواصل الاجتماعي، على نطاق واسع، وسما بعنوان "ابقى في دارك" (إلزم منزلك أو بيتك)، في مسعى منهم للمساهمة في التوعية والتحسيس، والانخراط في محاربة الشائعات التي تروج حول هذا الوباء.

في المقابل، عمدت مصالح الولاية منذ إعلان وزارة الصحة عن أول إصابة بفيروس "كورونا"، إلى رفع درجة التأهب من الوقاية من خلال التكثيف من عملية التعقيم الواسعة، في إطار التحكم في انتشار فيروس "كورونا"، والتي شملت الساحات العمومية والحدائق وأماكن توافد الجماهير والهياكل الإدارية ومواقف الحافلات وغيرها، باستخدام مواد التعقيم، حيث سخرت عبر جميع بلدياتها المنتشرة عبر إقليم الولاية، كل الإمكانيات المادية والبشرية لعملية التطهير، بالتنسيق مع عدد من القطاعات والفاعلين في المجال، على غرار الجمعيات، الحماية المدنية، مصالح الأمن، الدرك الوطني...وغـيرها، على أن تستمر العملية بشكل يومي في كل الأحياء والشوارع والأماكن العامة، في وقت انخرطت مؤسسات الدولة والجمعيات الخيرية والمجتمع المدني والمنظمات والهيئات والمساجد...وغيرها، في هبة تضامنية واسعة بولاية تلمسان، في شكل قوافل تضامنية للتكفل بالفئات الهشة والعائلات المعوزة بمناطق الظل، والتي تعاني من العزلة وتداعيات فيروس "كورونا" في هذه الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد، تجاوبا مع الجهود الوطنية والتدابير التي أعلنتها الدولة، في إطار العمل الخيري والوصول إلى المناطق البعيدة دون التخلي عنهم.

لفتة إنسانية لسكان مناطق الظل والنائية

"الهبة" انطلقت بولاية تلمسان، تحت شعار "الوحدة التضامنية فطرة ثورية"، تمت بالتنسيق بين وزارتي التضامن الوطني والأسرة وقضايا المجتمع ووزارة الفلاحة والتنمية الريفية، حيث كانت قرية تاوية ببلدية عين فتاح بدائرة فلاوسن، المحطة الأولى للقافلة التضامنية التي رصدتها "المساء" من عـين المكان، جاءت في إطار التكفل بالعائلات المتواجدة بنقاط الظل، وتدعيما ماديا خاصا في هذا الظرف العصيب.

انطلقت القافلة التضامنية التي نظـمت تحت إشراف والي تلمسان، من مقر الولاية، نحو قرية تاوية، التابعة إقليميا لبلدية عين فتاح بدائرة فلاوسن، والبعيدة بنحو 25 كلم عن مقر دائرة مغنية، باعتبارها من مناطق الظل، حيث كان على متنها مختلف المواد الغذائية الأساسية من؛ فرينة، سكر، زيت، دقيق...وغيرها، واستفادت هذه القرية النائية من 72 إعانة لفائدة سكان هذه المنطقة، كما ساهمت في هذه العملية التضامنية الملبنة المحلية، عين فتاح، بمساعدة غذائية ومواد أخرى لفائدة العائلات المعوزة، وقد ساهمت هذه الملبنة بتوفير مناصب شغل لفائدة شباب هذه القرية النائية، والتقليص ولو نسبيا من حدة البطالة. وفي العمل التضامني بمناطق الظل أيضا، تم توزيع 400 كيس من الفرينة و200 قنطار من مادة السميد على سكان قرى ومداشر ببلدية الوادي الأخضر.

بدورها، ساهمت جامعة تلمسان، بهبة قدمتها كليتي العلوم وعلوم الطبيعة والحياة والأرض، لفائدة قطاع الصحة لمواجهة جائحة "كورونا"، تمثلت في 03 آلاف كمامة طبية وأزيد من 2000 زوج من القفازات و60 ألف لتر من مادة الكحول، مع تسخير 10 أطباء مقمين.

في نفس السياق، يعكف متطوعون بسبدو، على تطوير جهاز تعقيم آلي للسيارات أكثر دقة لوضعه بمدخل المدينة، المبادرة التي تشرف عليها خلية اليقظة والمتابعة، سمحت أيضا بتركيب ممر مغطى للتعقيم على مستوى مصلحة الاستعجالات بالمؤسسة الصحية لسبدو، كما قامت اللجنة بالدعوة إلى تجنيد متطوعات لصناعة كمامات واقية وألبسة، وتوزيعها بعد التعقيم بالقطاع الصحي على عمال النظافة ومستخدمي الصحة ومصالح الحماية المدنية، وكذا أعوان مصالح الأمن المشتركة، كما وجهت اللجنة نداء لرؤساء الأحياء، تزامنا مع الحجر الصحي، لتعيين متطوعين من أصحاب المركبات في هذا الظرف من أجل مساعدة اللجنة في احتياجات المرضى، كما تقوم الجماعات الفاعلة بإيصال المساعدات الغذائية إلى أصحابها، ضمن تدابير تحفظ كرامة هذه العائلات، حيث يتم توزيع حوالي 100 طرد من المساعدات يوميا، ويدعو الفاعلون في المبادرة إلى المساهمة في العمل الخيري، تضامنا مع العائلات المعوزة، والتي أقعد أفرادها العاملون الرهن الظرفي.

كما تواصل جمعية "الأمل" لقرية سيدي أمبارك، التابعة لبلدية بني بوسعيد الحدودية، هبتها التضامنية مع سكان مناطق الظل بالبلدية، حيث قامت الجمعية بتوزيع 170 قفة لفائدة العائلات المحتاجة من أصل 300 عائلة أحصتها الجمعية، فضلا عن حملات التحسيس والتعبئة، وعمليات التنظيف والتعقيم المتواصلة التي شملت كافة الأحياء والشوارع لمكافحة انتشار وباء "كورونا" الخطير، عبر برنامج غايته تطبيق الإجراءات الاحترازية، مراهنة على المواطنين والفلاحين في رفع التحدي.

العملية جرت على مستوى هذه البلديات، بحضور السلطات المحلية والأمنية، ممثلة في مصالح الدرك الوطني، وقد استقبلت العائلات المستفيدة من هذه الإعانات بفرح وسرور، كونها ستخفف عنهم وطأة الأزمة، هذه المرحلة التي تمر بها الجزائر كغـيرها من دول العالم.

انخراط طوعي في جهود مكافحة "كورونا"

تزامنا مع أزمة انتشار "كوفيد19"، وفي إطار عملية التضامن، قام مركز "سبل الخيرات" بمدينة مغنية، بفتح ورشة خياطة بالتعاون مع مجموعة من الشباب المتطوعين، والتنسيق مع السلطات المحلية لبلدية مغنية، التي عمدت إلى منحهم ترخيصا، ومديرية الشؤون الدينية والأوقاف لولاية تلمسان، التي أبدت استعدادها لدعم هذه المبادرة التي تم الإعلان عنها، وفتح فيها باب التطوع لكل شرائح المجتمع، وساهم فيها الكثير من المحسنين لشراء القماش المخصص طبيا من أجل إنجاز كمامات طبية وألبسة واقية طبية صالحة للاستعمال، فضلا عن تنظيم عملية تطوع ممرضات وممرضين، بالتوجه إلى منازل الأشخاص لتفادي تنقلهم، خاصة بالنسبة للأشخاص المسنين أو المرضى المصابين بالأمراض المزمنة أو الخطيرة. كما أطلق المركز حملة جمع أجهزة التنفس الاصطناعي، حيث اجتهد بعض المحسنين بمدينة مغنية من أجل توفير إلى حد الآن 06 أجهزة، خاصة في هذا الظرف العصيب الذي يعرف ندرة حادة في الوسائل.

هذه المبادرة، حسب الأمين الولائي لمركز "سبل الخيرات""، سمحت بتقديم دعم كبير للمؤسسة العمومية الاستشفائية "شعبان حمدون" بمغنية، التي تضاف، حسبه، إلى المساعدات التي يقدمها مركز "سبل الخيرات"" في مجال العمل التضامني. 

بالموازاة مع ذلك، قامت بعض الجمعيات بمدينة مغنية، بالتنسيق مع السلطات المحلية، بتخصيص مركبات لنقل المرضى الذين قد يصابون  بحالات طبية استعجالية في أوقات الحجر الجزئي، ابتداء من الساعة الثالثة بعد الزوال إلى غاية السابعة صباحا، حيث تم تسليم رخص استثنائية لهم للتنقل والتكفل بهم صحيا، سواء على مستوى المؤسسة العمومية الاستشفائية "شعبان حمدون" بمغنية، أو بإحدى العيادتين متعددتي الخدمات المتواجدتين بكل من حي العزوني وحي عمر المختار، أو في قاعات العلاج، وقد ساهم في العملية، أشخاص متطوعـون سواء تحت غطاء مجلس "سبل الخيرات"، أو عن طريق جمعيات ناشطة وفاعلة في الميدان لنقل هذا الصنف من المواطنين.

من جهتها، سطرت جمعية "سنابل الخير" برنامجا في شقيه؛ البرنامج التطوعي والجانب الخيري، الجانب التطوعي يتمثل يوميا في حملات تعقيم من خلال التركيز على المناطق المعزولة، ومناطق الظل التي بها عائلات معوزة وفقيرة، بسبب عدم تمكنهم من شراء مواد التنظيف والتعقيم، خاصة الأحياء الشعبية ذات الكثافة السكانية، على غرار حي المطمر، المدرجات، القرادت، حي البريقي، حي العزوني، حي الزيتون، عمارات قارة...وغيرها. الجانب الثاني من البرنامج، هو الجانب الخيري والاجتماعي، حيث قامت الجمعية في هذا الصدد، بتوزيع 400 سلة من مادة البطاطا على العائلات المعوزة التي تضررت بفعل هذه المحنة التي تمر بها الجزائر هذه الأيام، إلى جانب توزيع 1500 قفة الخير على العائلات المعوزة.

فتح منصة تطبيقية في وجه الانتهازيين

أطلقت جمعية "سنابل الخير" لمدينة مغنية، في إطار عمليات التضامن مع الفئات الهشة في مدينة مغنية والقرى المجاورة، خصوصا مع هذه الهبة التضامنية، والوضع الذي نعيشه، منصة رقمية من أجل تنسيق الجهود بين الجمعيات في العمل الخيري.

المنصة التي حملت شعار "معا في خدمة الوطن...معا من أجل تكافل وتضامن سليم"، تم من خلالها تصميم تطبيق جديد تحت اسم "الخير"، من طرف مجموعة من الأخصائيين في البرمجيات من شباب مدينة مغنية، إذ يهدف هذا التطبيق إلى تنظيم عملية التضامن والعمل الخيري التطوعي، سواء كانت هذه العمليات التضامنية موسمية أو يومية للجمعيات والمنظمات، ويحق لكل جمعية الدخول إليه بسرعة عبر "النت"، على أن تكون معلوماتها المسجلة فيه سرية ولا أحد يستطيع الدخول إليها، إلا عبر الرقم السري لكل جمعية، كما يمكن لكل جمعية بمجرد إدخال اسم أو لقب مسجل جديد يكون مسجلا مسبقا في أحد الجمعيات الأخرى، سيعلمه التطبيق بمكان تسجيله واسم الجمعية المسجل فيها، كما أن الهدف من تصميم هذا التطبيق، هو غلق الباب أمام الانتهازيين، إذ لا يمكن لأي شخص التسجيل مرتين أو أكثر في مدينة مغنية، مما يفتح المجال لاستفادة أكبر شريحة ممكنة من المعوزين والمحتاجين من الإعانات. كما ستسمح هذه العملية بتطوير والارتقاء بالعمل الخيري إلى تكفل تام أو التكافل الاجتماعي المنظم.