مدير الحظيرة الوطنية للشريعة محمد زيار لـ"المساء":

قردة "الماغو" تجذب السياح وإطعامها أساء لطبيعتها الفيزيولوجية

قردة "الماغو" تجذب السياح وإطعامها أساء لطبيعتها الفيزيولوجية
  • القراءات: 920
رشيدة بلال رشيدة بلال

أكّد مدير الحظيرة الوطنية للشريعة بولاية البليدة، محمد زيار، أنّ ­­­­­­محاربة بعض السلوكيات غير الحضارية لزوّار منبع القردة بمنطقة الشفة بولاية البليدة من الأولويات، حيث تتواجد قردة "الماغو" أو ما يسمى بـ"القرد المغاربي" المحمية قانونيا، إذ يتطلب الوضع الردع والعقاب، حيث لم تعد العمليات التحسيسية واللافتات الداعية إلى تجنّب إطعام القردة أو غسل السيارات بالمياه العذبة التي تنزل من أعالي الجبال، تأتي بنتيجة تذكر، الأمر الذي أصبح يهدّد البيئة ويلحق أضرارا بهذه الحيوانات التي تشكّل عنصر جذب سياحي بالولاية.

يشكّل "منبع القردة" الواقع بسفوح جبال الشفة، بالطريق الوطني رقم "1" منطقة جذب سياحي بامتياز وعلى مدار أيام السنة، حيث تقصدها العائلات من كلّ ربوع الوطن لمشاهدة القردة، وهي تقفز بين أغصان الأشجار، غير أنّ ظاهرة إطعام القردة أصبحت من السلوكيات التي تهدّد صحة قردة "الماغو" وتؤثّر على تكاثرها بسبب طبيعة الأمراض التي تصيبها، ورغم الحملات التحسيسية التي تقوم بها مصالح الحظيرة الوطنية للشريعة، إلاّ أنّ الزائر يأبى الامتثال لها أو يتجاهلها رغبة منه في إطعامها وجذبها إليه لالتقاط بعض الصور أو التمتّع  بمنظرها وخفة حركتها.

الرّدع القانوني ضرورة

وذكر مدير الحظيرة الوطنية للشريعة محمد زيار، لـ«المساء" أنّ عمليات التوعية والتحسيسية لم تعد تأتي بالنتيجة المرجوة منها، الأمر الذي يفرض حتمية التوجّه نحو فرض قوانين تعاقب كلّ من يقوم بإطعام القردة، وحسب المتحدّث فإنّ قردة "الماغو" أو "القردة المغاربية"، اتّخذت هذه التسمية لكونها من الأصناف التي تعيش في شمال إفريقيا، بسلسلة جبال الأطلس التلي، حيث تتواجد بولايات الشرق والوسط، فيما تغيب في الجهة الغربية، وهي من الحيوانات المحمية قانونا وتعتبر من الأصناف القريبة من الإنسان من حيث تغذيتها والأمراض التي تصيبها كالبدانة والسكري وتسوّس الأسنان، ومن هنا تظهر خطورة إطعام هذا النوع من الحيوانات، خاصة بالأطعمة الحلوة كـ«القوفريط" والكعك الغني بالشكلاطة وحتى الفواكه بما في ذلك الخبز الذي يتسبّب في زيادة أوزانها وصعوبة تحرّكها.

إطعام القردة شجّعها على الكسل

من جهة أخرى، أشار المتحدّث إلى أنّ خطورة إطعام قردة "الماغو" لا تتوقّف عند إصابتها بالأمراض فقط، وإنّما يجعلها أيضا قردة كسولة، تأبى البحث عن طعامها وتميل دائما إلى الحصول على الطعام الجاهز بحكم أنّها تعوّدت الحصول عليه من زوّار المنطقة، الأمر الذي يترتّب عنه تغيّر نمطها الغذائي، إلى جانب توقّفها عن النشاط، ما يؤثّر حتى على عملية التكاثر، ويشرح "القردة في أصل الشيء كثيرة الحركة ويفترض أنها تأكل من خيرات الطبيعة، وفي رحلتها للبحث عن الطعام قد لا تأكل لأيام، الأمر الذي يحافظ على رشاقتها وخفتها، غير أنّ تدخّل الإنسان بتصرّفاته غير الحضارية حوّلها إلى كائنات خاملة واتكالية تأبى البحث عن طعامها وتنتظر يوميا على حافتي الطريق بسفوح جبال الشفة من يطعمها".

ألم الأسنان يجعل "الماغو" عدوانية

وحسب مدير الحظيرة الوطنية للشريعة، فإنّ ما يقدّم للقردة من أطعمة غنية بالسكريات، أصبح يهدّد بتسوّس أسنان قردة الماغو، لأنّ الإنسان بتصرّفاته غير المسؤولة، أو جهلا منه، تدخّل وغيّر من نمط غذائها وحرمها من آلية تنظيف أسنانها التي كان تتم بطريقة آلية في الطبيعة، من خلال التنويع في الغذاء بين الفواكه وأوراق الشجر وبعض الحشرات والبذور، الأمر الذي يسمح لها بتنظيف أسنانها، مما يعلق فيها من بقايا أغذية متنوّعة، غير أنّ تقديم الأغذية الغنية بالسكريات فقط، جعل أعدادا كبيرة منها تصاب بتسوّس الأسنان، وهو ما يفسّر تغيّر سلوكيات بعضها والتصرّف بعدوانية بسبب الشعور بالألم، الناجم عن التسوّس، الأمر الذي يدفعها إلى التهجّم على الزوّار في محاولة للتعبير عن حجم ما تعانيه من ألم.

السكري والبدانة أثّرا على تكاثرها

من جملة الأمراض الناجمة عن إطعام الزوّار للقرد المغاربي، حسب نفس المسؤول، الإصابة أيضا بمرض السكري، بالنظر إلى نسبة السكريات الكبيرة التي يتناولها، ما جعلها أيضا مهدّدة بالبدانة، بسبب عدم القدرة على الحركة نتيجة للنظام الغذائي الذي عوّدها عليه الزائر، الأمر الذي يتسبّب في التأثير على تكاثرها، لأنّ الإصابة بالأمراض، خاصة السمنة والسكري، يؤثر على فيزيولوجيتها، وينعكس سلبا على عملية التكاثر وبالنتيجة يصاب بعضها بالعقم، وهو ما يؤثّر على دورها الهام في الحفاظ على التوازن البيئي الذي من المفروض أنّه هام في إقرار التوازن الطبيعي.

وأشار السيد محمد زيار إلى أنّ الحظيرة الوطنية للشريعة، لا تملك في مجال محاربة الإطعام العشوائي لقردة "الماغو" قوانين ردعية   لحمايتها، الأمر الذي حصر مهمة الحظيرة في توعية الزوار من جهة، وفي تكثيف اللوحات الإشهارية التي كتبت عليها بالبنط العريض "إطعامي يؤذيني" أو عبارة "لا تطعم القردة". مضيفا أنّه يتفهّم الزوّار الذين يتصرفون عن حسن نية، بهدف جذب القردة المحبوبة لحركاتها البهلوانية وميزاتها، إذ تعتبر من عناصر الجذب السياحية، الأمر الذي يدفعهم لإطعامها لجذبها والتقاط صور تذكارية معها، غير أنّ "الخطأ في عملية الإطعام في حدّ ذاتها" بغضّ النظر على نوعية الغذاء، مؤكّدا أنّ الحظيرة مكلفة بحماية هذه الأصناف ولا تنصح الزوار بإطعام القردة، حتى إن الأغذية غير حلوة، لأنّ إطعام القردة يعلّمها الاتكال وعدم البحث عن الطعام، الأمر الذي يفقدها خاصية الرشاقة وخفة الحركة التي تعتبر أهم ميزات هذه الأصناف من الحيوانات.

14 مجموعة من القردة بالشريعة

على صعيد آخر، أشار مدير الحظيرة الوطنية للشريعة إلى أنّه بمضايق الشفة هنالك مجموعتان من القردة المغاربية، الأولى تستوطن طرفي المنحدرات الجبلية المقابلة  للطريق، وهي عادة التي تستقطب الزوار من مرتادي الطريق، والأخرى تتوغّل في أعالي الغابة، أما بالنسبة للحظيرة الوطنية للشريعة، فتحوي أكثر من 14 مجموعة من هذا الصنف من القردة، والأغلبية لديها طابع بري لا يمكن الاقتراب منها، وهي عادة المجموعات التي تشكّل تهديدا للفلاحين، لتسبّبها في إفساد محاصيل بعض الأشجار المثمرة بالمناطق الجبلية، ويوضّح بأنّ القرد المغاربي من الأصناف المحمية قانونا، واستوطنت المنطقة قبل الإنسان، الأمر الذي يفرض على الفلاحين الذين يشتكون منها، البحث عن بعض الآليات التي تمكّنهم من حماية محصولهم دون التسبّب في إلحاق الأذى بهذه الحيوانات من خلال تسييج البساتين والإستعانة ببعض الحيوانات لحراسة حقولهم".

غسل السيارات.. مشكّل آخر

من بين التصرفات غير الحضارية، التي يتعمّدها بعض زوّار مضايق الشفة، التوقّف قرب بعض الينابيع المائية لغسل سياراتهم بمواد منظّفة تذهب في جوف الأرض، الأمر الذي يؤثّر على الغطاء النباتي لمثل هذه المحميات الطبيعية، وبالمناسبة يؤكّد المتحدّث أنّ المساعي جارية بالتنسيق مع المصالح المعنية لاتّخاذ الإجراءات اللازمة لمحاربة مثل هذه التصرفات، موضّحا أنّ بعض الزوّار الذين اوقفوا بسبب الغسل العشوائي للسيارات بسفوح جبال الشفة، يدفعون بالقول إنّهم يستعملون المياه فقط لإزالة بعض الغبار عن السيارة ولا يستعملون المنظفات، وفي جميع الأحوال، يقول المتحدّث "يفترض أنّ عملية غسل السيارة ممنوعة"، لافتا في السياق إلى أنّ الحظيرة الوطنية أيضا في مجال محاربة مثل هذه التصرّفات غير الحضارية ومن باب التوعية والتحسيس كثفت من اللوحات الإشهارية التي تذكّر الزوّار بمنع غسل السيارات علّها تأتي بنتيجة".

اليقظة موجودة والمراقبة مستمرة

على صعيد آخر، أوضح مدير الحظيرة الوطنية للشريعة أنّ بعض السلوكيات غير الحضارية لزوّار مضايق شفة سواء تلك التي تمسّ بسلامة القردة أو الطبيعة كغسل السيارات، تخضع للرقابة المستمرة والدورية خاصة أوقات الذروة بفصلي الربيع والصيف، إلى جانب تفعيل مخطط الحماية من حرائق الغابات  حيث تباشر مصالحها عمليات متابعة يومية للأرصاد الجوية لتتبع أحوال الطقس من جهة، ومن جهة أخرى العمل على تجنيد كلّ فرق محافظة الغابات والحظيرة الوطنية للشريعة للمراقبة والزجر عند تسجيل مخالفات من طرف العائلات كالتخييم العشوائي وإشعال النار أو رمي النفايات بالمساحات الغابية،  من طرف الزوار أو حتى بعض الباعة الموسميين بمضيق الشفة، وذلك بالتنسيق مع مصالح الدرك الوطني، حيث تمتدّ أعمال المراقبة إلى وقت متأخّر من الليل، مشيرا بالمناسبة إلى تحرير بعض المخالفات من طرف مصالح الدرك الوطني، وتوجيهها إلى المصالح القضائية ومتعلقة بالتخييم العشوائي ومحاولات إشعال النار.