منطقة تافرنت ببلدية سيدي أعمر بسعيدة

فضاءات سياحية بحاجة إلى تثمين

فضاءات سياحية بحاجة إلى تثمين
  • القراءات: 2793
ح. أبوبكر ح. أبوبكر

منطقة تافرنت الجبلية التابعة إقليميا لبلدية سيدي أعمر، والتي تبعد عن مقر الولاية الأم سعيدة بحوالي 22 كلم، تُعد من أكبر الجبال بالمنطقة، وهي ممتدة على سلسلة الجبال المحيطة بها، إلا أنها لم تحظَ بالعناية الكافية والدراسة الكفيلة بإقامة برامج استثمارية في المجال السياحي أو غيره منذ الاستقلال. تتميز هذه المنطقة بمناظر خلابة شاسعة، ما جعل الجمعيات المهتمة بالبيئة تطرح العديد من التساؤلات حول أهمية ومنفعة الثروة الغابية التي تتوفر عليها المنطقة، على غرار غابة سيدي احمد الزقاي ببلديتي سعيدة وذوي ثابت على مساحة حوالي 6600 هكتار، وفق ما أكد عليه والي الولاية بعين المكان، وهي المنطقة التي ستستقطب، لا محالة، آلاف الزوار حتى الأجانب، كما كان في سابق أيام عزها، خاصة أن منطقة تافرنت الجبلية يوجد بها موقع قريب من دوار أولاد زايد، إضافة إلى كونها تحتوي على جبال لها خصائص طبيعية، تؤهلها لأن تكون قطبا ترفيهيا جميلا، حسب أحد السكان الذي يتجاوز سنه 75 سنة والقاطن بهذه المنطقة منذ ولادته، ويتعلق الأمر بالسيد سهلي بلحول الذي صادفناه يعمل بأرضه، وقد أكد لنا أن جبل تافرنت الذي كان يدعى قديما باسم "برباطة" خلال الثورة التحريرية الكبرى، منبع للثوار والمجاهدين.

ومن بين الذين استُشهدوا بهذه المنطقة في ثورة نوفمبر 1954 الدكتور يوسف الدمرجي، الذي سقط في ميدان الشرف بهذا المكان، والذي كان أثناء نضاله بالمنطقة يتكفل بالمصابين والجرحى، بحيث استعمل أحد البيوت المبنية بالطوب كمستشفى بالمنطقة رفقة الممرض عبد الرحمان فريحي، ولم يبق من  هذا المستشفى حاليا سوى بعض الجدران واقفة تحكي تاريخ المنطقة، إضافة إلى وجود محكمة بجانب المستشفى كان يستعملها المجاهدون، وهي عبارة عن بيوت مبنية بالطوب والتراب، لاتزال جدرانها شاهدة إلى اليوم على بقايا هذه المنشآت، وهي المنطقة التي وقعت بها عدة معارك طاحنة مع الجيش الفرنسي، كما لاتزال آثار المخبأ ذي 80 مترا الذي كان يلجأ إليه المجاهدون للاختباء.

مناظر خلابة مهملة منذ الاستقلال

رغم شساعة هذه الثروة يبقى استغلال هذه المساحات والحفاظ عليها غير كاف. وحسب متخصصين في علم الآثار، فإن هذه المنطقة تتوفر على كل الإمكانات اللازمة لكي تصبح قطبا سياحيا كبيرا خلال السنوات المقبلة، وذلك بفتح المواقع السياحية أمام المستثمرين، لتبقى الوسيلة المثلى لاستغلال هذا الموقع السياحي وفتحه لاستثمارات الخواص وإنجاز المنشآت والمرافق السياحية لتدارك التأخر الكبير الذي يشهده القطاع على مستوى الولاية، خاصة أن المنطقة تتميز بشجرة الكاليتوس، وهي من أقدم الأشجار بالمنطقة، ويتجاوز عمرها القرن، كما يبلغ علوّها أكثر من 20 مترا. ونظرا لكثافة أغصانها كان يستعملها الثوار في تلك الفترة كمكان لعقد اجتماعاتهم والتخطيط لعملياتهم لدحر شوكة العدو الغاصب، والتي لاتزال شامخة تحكي للأجيال تاريخ المنطقة.

منابع المياه العذبة مقصد الزوار

وخلال حديثنا مع الشيخ وتعمّقنا معه في معرفة المزيد عن المنطقة، أشار إلى المواقع السياحية التي يزخر بها جبل تافرنت، ومن هنا يجرنا حتما الحديث إلى تسليط الضوء على 04 منابع للمياه العذبة، التي تشكلت بسبب ضغط مياهها المتواجدة تحت الأرض. وأكد لنا أحد سكان المنطقة أن هذه المنابع يجب حفرها والتعمق فيها حتى تتكاثر وتموّن أهل المنطقة بمياه الشرب؛ إذ إن هناك رغبة جامحة لدى العديد منهم للعودة والاستقرار بالمنطقة بعدما هجروها خلال العشرية الدموية الحمراء، خاصة أن هذه المنابع  كانت بالأمس القريب قِبلة الزوار، الذين يدفعهم الشغف والفضول إلى معرفة الموقع والمنابع المتواجدة بين الصخور، خاصة بعد انتشار معلومات تفيد بأن هذه المياه ليست فقط حيوية، بل صحية أيضا، وأنها تعالج العديد من الأمراض المعدية والجلدية؛ شأنها في ذلك شأن مياه عين السخونة شرق عاصمة الولاية على مسافة 98 كلم على الحدود الإقليمية ما بين ولايتي البيّض وتيارت. 

الكهرباء وإصلاح الطرق حلم يراود السكان 

 ومن خلال زيارتنا للمنطقة الجبلية بتافرنت وتحديدا بدوار أولاد زايد الواقع بوسط جبل تافرنت، اكتشفنا أن حلم السكان بالسكنات الريفية، وربط منازلهم بالكهرباء، وترميم الطريق الرابط ما بين منطقة تافرنت التابعة إقليميا لبلدية سيد أعمر وبلدية أولاد خالد، بالإضافة إلى حفر آبار مائية وسكنات ريفية، بدأ يتحقق من خلال برمجة جزء منها في إطار مخطط التنمية المحلية للبلدية، والجزء الآخر ضمن المخططات القطاعية التي تديرها المديريات التنفيذية، خصوصا بعدما وافقت مؤخرا السلطات المختصة على ترميم الطريق في سياق سياسة إيصال المسالك من طرف محافظة الغابات، وإيصال الكهرباء ضمن مخطط مديرية المصالح الفلاحية، وحفر الآبار من طرف مديرية الموارد المائية بالتنسيق مع المصالح الفلاحية والغابات لخصوصية البرنامج، ومنح 26 سكنا ريفيا من طرف المديرية الوصية بعدما استفاد، كمرحلة أولى، سبعة مواطنين من ذات المنطقة، من دفاتر الشروط للبناء الريفي في انتظار 19 البقية.