"المساء" ترافق الحماية المدنية عبر شواطئ العاصمة

فرقة الغطاسين تتحدى المخاطر لإنقاذ المصطافين

فرقة الغطاسين تتحدى المخاطر لإنقاذ المصطافين
العريف جواهري /الملازم خالد بن خلف تصوير:نسيمة زيداني
  • القراءات: 1565

لا تغفل أعين حراس الشواطئ عن المصطافين ولا يتراخى انتباههم ليظل مشدودا إلى البحر، في كل حين، بهدف التدخل في أية لحظة، من أجل إنقاذ الأرواح، حيث أن الابتعاد عن الشواطئ والسباحة على مسافة طويلة مغامرة يرتكبها المصطافون، وقد تؤدي بهم إلى الهلاك، مما يتطلب من وحدات الغطاسين التابعين للحماية المدنية لولاية الجزائر، التدخل من أجل انقاذهم. في هذه المهمة الخطيرة، يتحدى أعوانها كل المخاطر للتقليل من الخسائر الممكن تسجيلها، سواء عبر الشواطئ أو في المسطحات المائية الأخرى.

تعد الشواطيء الوجهة الأولى للجزائريين، خصوصا خلال الأيام التي ترتفع فيها درجات الحرارة، إلا أن البعض منهم ينشغلون عن أطفالهم، مما يجعلهم عرضة للغرق، حيث يلعب أعوان الحماية المدنية دورا فعالا في حراسة المصطافين وإنقاذهم من الغرق، حسبما لاحظته "المساء" في خرجتها الاستطلاعية لشاطئي زرالدة وسيدي فرج.

احترام ألوان الراية واجب على المصطافين

أكد الملازم خالد بن خلف الله، أنه لابد من أخذ الحيطة والحذر عند التوجه إلى الشواطئ، باختيار المحروسة منها واحترام ألوان الراية قبل السباحة إن كانت تسمح بدخول البحر أو تمنع ذلك.

أشار إلى أن مصالح الحماية المدنية لولاية الجزائر، وفرت جميع إمكانياتها لضمان راحة المصطافين، وجندت أعوان حراس الشواطئ وأعوانا موسميين، كما نشرت زوارق وفرقا طبية على طول الشواطئ المسموحة للسباحة، والمقدر عددها بـ 63 شاطئا، بغرض إنجاح موسم الاصطياف.

لاحظت "المساء" في خرجتها الميدانية مع مصالح الحماية المدنية عبر الشواطئ، أن مهمة الغطاسين ليست سهلة، حيث تشمل مهامهم البحث عن الضحايا والغرقى المفقودين في البحر، إضافة إلى البرك المائية والسدود والآبار، تزامنا مع موسم الاصطياف على مدار أربعة أشهر.

قال خالد بن خلف الله، بأن الغطاسين الموزعين على الشواطئ يقومون بالحراسة و السهر على سلامة المصطافين، والتدخل في حالة وجود غرقى أو ضحايا، وهي مهمة قد تبدو سهلة، "لكن مع التيارات البحرية تصبح مهمة الإنقاذ شبه مستحيلة"

كما تواجه الغطاسين أخطار عديدة قد تودي بحياتهم، منها انعدام الرؤية وقوة التيارات ووجود أشياء خارجية في السدود، كالأشجار التي تعرقل مهام الغطاسين. أوضح الملازم الأول أنه "تم تسجيل عدة وفيات في صفوف الغطاسين و لم نسجل أية إصابة بأي مرض، علما أن الغواص يخضع لفحوصات طبية وتحاليل في كل مرة".

36 حالة وفاة غرقا منذ بداية الاصطياف

تم تسجيل 36 حالة وفاة منذ بداية موسم الاصطياف، يقول المكلف بالإعلام بن خلف الله، إلى غاية الأسبوع المنصرم، إضافة إلى 36 حالة وفاة في البرك والأحواض المائية، وأكثر الإحصائيات التي تم تسجيلها كانت في الشواطئ  الممنوعة للسباحة، علما أن عدد الغرقى عادة يمس الأطفال بالدرجة الأولى، وهو ما أرجعه إلى عدم مبالاة الآباء.

سخرت الحماية المدنية إمكانيات مادية واتخذت إجراءات عديدة لتأمين الموسم،  والتقليل من الأضرار التي قد تسجل خلال هذه الفترة، حيث سخرت في هذا الشأن، تجهيزات أمنية لمراقبة الشواطئ وزوارق مطاطية ونصف صلبة.

للإشارة، تم تسخير 29 غواصا على الساحل و476 عونا موسميا و66 رئيس مركز على مستوى ولاية الجزائر، 63 شاطئا مسموحا للسباحة، و21 ممنوعا، إلى جانب سد واحد بالدويرة على مستوى ولاية الجزائر.

عمل بالتناوب واستنفار دائم

لاحظنا في مهمة الغطاسين أنهم يعملون بالتناوب، أي في حالة غرق أحدهم،  الثاني يكون في نفس المكان لإنقاذ الحالات الأخرى التي قد تسجل من حين لآخر، وهي مهمة صعبة جدا تمثل لأعوان الحماية المدنية أكبر تحد، إذ يؤكد لـ«المساء"، العريف جواهري أحمد، الذي يمارس مهمته على مستوى مقاطعة زرالدة، أن الأمر ليس بالسهل، إذ يصادف أعوان الإنقاذ عدة أخطار، أدت في بعض الأحيان إلى فقدان زملاء في المهنة.

مع انطلاق موسم الاصطياف، تجند مديرية الحماية لولاية الجزائر، طاقما يتكون من أعوان وحراس شواطئ ومركز مراقبة، زورق وغطاسين، بحيث ينطلق العمل على التاسعة صباحا إلى التاسعة ليلا، وهي الفترة التي تم إقرارها من طرف والي العاصمة عبد القادر زوخ، يقول المتحدث. مضيفا أن انطلاق العمل يكون بمراقبة مياه البحر ومدى صلاحيتها للسباحة، وعدم وجود تيارات قبل وضع الراية، حيث توزع المهام حسب الأعوان، إذ يوزع في كل 50 مترا من الشاطئ عونان على الأقل، حسبما لوحظ، بالنظر إلى كثافة المصطافين وارتفاع درجة الخطر المحتمل.

التيارات البحرية وقناديل البحر خطر على المصطافين

تواجه المصطافين عدة أخطار، أهمها التيارات البحرية وقناديل البحر، حيث يتم تنبيه المصطافين إليها. أوضح المتحدث أنه في حال تسجيل غريق، يتدخل عون، فيما يقوم الثاني بإعلام رئيس المركز من أجل التدخل الجماعي. أشار جواهري إلى وجود حالات يتم إسعافها في نفس المكان، وأخرى تتطلب الانتقال إلى المستشفى.

وجه محدثنا رسالة للأولياء بغية الاهتمام بأبنائهم ورعايتهم في الشواطيء التي تستقبل آلاف المصطافين، وتعرف تزاحما يمنع الأولياء من مراقبتهم، إضافة إلى منع الأبناء من الذهاب إلى الشاطئ بدون أولياء، وهو الملاحظ من طرف أعوان الحماية المدنية، خصوصا على مستوى الشواطئ الصخرية.

تربصات غير منقطعة للغواصين لانتشال الجثث

في نفس السياق، أكد العريف أحباب سمير، وهو غطاس بوحدة سيدي فرج، أن الغواصين يخضعون لتربصات تكوينية متتالية لمدة 45 يوما إلى شهرين، إضافة إلى إعادة رسكلة في مختلف الولايات لمدة 15 يوما، تشمل الجانب النظري والتطبيقي.

كما أشار ، إلى الصعاب التي يتلقاها الأعوان في انتشال الجثث، لاسيما بوجود أمراض متنقلة عند تعفن الجثة، مشيرا إلى توفر وحدتين متخصصتين في هذا الشأن على مستوى ولاية الجزائر، بكل من ميناء الجزائر وتضم 30 غواصا، وسيدي فرج وتضم 26 غواصا، والعمل يتم بالتداول، إذ يعمل غواصان كمرافقين، للاحتياط وخطورة الوضع، خصوصا عند التدخل في الآبار والسدود والوديان، يقول سمير.

الجانب النفسي والبدني يؤثر على الغواصين

أوضح العريف أحباب سمير، أن الغواص يتأثر بدنيا ونفسيا في أداء مهمته، حيث يتم الغوص على مستوى 30 مترا إلى 50 مترا كحد أقصى، ولابد أن يحافظ الغواص على درجة الأكسجين في القارورة التي يحتاجها تحت الماء.

يعتمد الغواص على عتاد يتمثل في قارورة الأكسجين وصدرية الإنقاذ ونظارات،  ولابد من استعمال كمبيوتر مائي وساعة ميكانيكية لحساب التوقيت المحدد للغوص والخروج من الماء، بقطع مسافة 10 أمتار في الدقيقة الواحدة، ويتصل الغواصون فيما بينهم عن طريق الإشارات والراديو من مرسل ومستقبل، يشرح أحباب سمير.

الجاتسكي تضاعف الخطر على المصطافين

تحدث العريف جواهري، عن الحوادث الناتجة عن استعمال الدراجات المائية "جاتسكي" التي أدت إلى وفاة عدة أشخاص، حسب الإحصائيات، على مستوى شواطئ كل من "خلوفي 1 و2" و«الرمال الذهبية" و«المركب السياحي لزرالدة" وشاطئ "النخيل" و«أزور" و«كاريو" و«موريتي".

أشار إلى أن وحدات الحماية المدنية سخرت عتادا على مستوى الشواطئ، من أجل التدخل في مثل هذه الحوادث.

450 غواصا على مستوى الوطن

أكد المساعد كاسور حسين، أن الحماية المدنية تعمل على تجنيد 700 غواص بفي الجزائر، وهو مشروع قائم بطلب من المدير العام بمختلف الرتب، علما أن في الوقت الراهن هناك 450 غواصا عبر 48 ولاية. أشار إلى أن تكوين الغواص يتم بمستوى عال في الجزائر، لتفادي كل المخاطر.  في بداية التكوين يعتمد على كيفية التحكم في الضغوطات وقدرته على أداء المهنة، ويتلقى دروسا نظرية وتطبيقية في المسابح، ثم في البحر، إضافة إلى طريقة استعمال العتاد من خلال الاعتماد على تقنيات معينة.

❊❊ استطلاع: نسيمة زيداني  ❊❊