تمثل 3% فقط من ميزانية القطاع وتبقى الحلقة الأضعف في المنظومة الصحية

فتح قناة تلفزيونية خاصة بالوقاية مطلب يفرض نفسه

فتح قناة تلفزيونية خاصة بالوقاية مطلب يفرض نفسه
  • القراءات: 746
 حنان.س حنان.س
قدّم البروفسور بن قونية، عرضا مفصلا حول الحالة الوبائية بالجزائر والأشواط الكبيرة التي قطعتها السياسة الصحية في التصدي للعديد من الأمراض والأوبئة منذ الاستقلال إلى اليوم. وتحدث من جانب آخر عن الرهانات التي ما زالت تعيق تحسن المنظومة الصحية ومنها تراجع الاهتمام بالطب الوقائي. وركز على أهمية إعادة النظر في دعم الطب الوقائي تفاديا لتدهور وضع الصحة العمومية أكثر مما هو عليه اليوم. وذهب بعيدا حينما طالب بإنشاء قناة تلفزيونية خاصة بالوقاية. 
ومازالت مسألة الاهتمام بالوقاية والوعي الصحي مُتدنيّة جدا في وطننا، بدليل تفاقم الإصابات بأمراض ترتبط بشكل وثيق بقلة النظافة وبالنمط الغذائي الخاطئ، والمسؤولية هنا متقاسمة بين وزارة الصحة والمواطن الذي يطالبه الأخصائيون بالتثقيف الصحي، في الوقت الذي تُطالب فيه السلطات المعنية بتحسين قنوات الاتصال، ومن ذلك المرونة في تقديم المعلومة عن أي حالة وبائية تشغل الرأي العام، مثلما وقع مؤخرا مع الأنفلونزا الموسمية حينما سادت حالة ارتباك بسبب التهويل الإعلامي على أن أنفلونزا الخنازير تتربص بصحة الجزائريين، هنا نشير إلى أن الخطأ وقع من وزارة الصحة التي كان عليها التصرف بحكمة أكثر مع هذا الملف، والذي حصل أنها هونت الأمر إلى أن تفاقم الوضع وصدق الناس الشائعات بكون أنفلونزا الخنازير تقتل في الجزائر وهذا كله خاطئ، هنا أعتقد أن الوقاية كانت ستكون أحسن بإقناع الناس بعدم وجود هذا الفيروس والأفضل لو كان هناك قناة تلفزيونية خاصة بالوقاية، تعهد إليها مسألة تثقيف المواطنين بأهمية حياة صحية سليمة أو سبل العيش الصحي السليم في ظل المتغيرات السلبية الكثيرة وعلى رأسها التغذية الخاطئة وقلة الحركة.
وقال ضيف ”منتدى المساء” إن الجزائر قد عرفت في العشريات الثلاث الأخيرة تحولا وبائيا ملحوظا في ظل عودة عدة أوبئة مثل السل والخنّاق أوالدفتيريا والملاريا وداء الكلب، إلى جانب ارتفاع نسبة الأمراض غير المتنقلة وبالخصوص منها أمراض القلب وارتفاع الضغط وداء السكري والسرطان وأمراض التنفس المزمنة. واعتبر بسبب ذلك أن الوضع الصحي في الجزائر ما يزال هشا.
بالمقابل، تظهر الوقاية الحلقة الأضعف في السياسة الصحية الجزائرية، ويظهر الإعلام الوطني بمختلف قنواته الطرف الوحيد الذي يولي أهمية قصوى للوقاية، فالإحصائيات هي التي تمكننا من معرفة مدى انتشار مرض عن آخر وهل وصل إلى مرحلة الوباء أم لا وعليه يكون التدخل السريع لاتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة وفي حينه، ولكن هذا الجانب غير منظم عندنا حيث يوجد فيه نقص للدراسات المتخصصة والتحقيقات الصحية المعمقة.”ومن المفروض أن يقوم المعهد الوطني للصحة العمومية بإجراء الدراسات وتقديم الإحصائيات، إلا أن آخر نشرية حول دراسة وبائية متخصصة تعود لـ2011 ، سنة صدور آخر عدد لمجلة فصلية للمعهد،”لذلك أعيد ما قلته في مناسبات سابقة من أن الإعلام هو فقط من يطلعنا على بعض الإحصائيات عن مرض ما في هذه البلدية أو تلك الولاية”.
من جهة أخرى، كشف المختص أن السياسة الصحية اليوم مرتكزة على الجانب العلاجي دون الجانب الوقائي، والسياسة العلاجية تعني علاج المريض فقط عندما يمرض والأمّر عندما يكون في حالة يرثى لها، ”أي أن السياسة الصحية الوطنية قد ارتكزت لحد الآن على توفير الأدوية وتقريب العلاج من المواطن وتناست أمر الاهتمام بملف الوقاية وترسيخ الاهتمام بالصحة الفردية للشخص كأهم عامل في التقليل من الإصابات بمختلف الأمراض، والسبب لا يظهر فقط في الخلل الحاصل في توزيع الأقطاب الصحية الجامعية فحسب، بل يظهر كذلك في أهمية إعادة الرؤية للمنظومة الصحية ككل، وهذا يبنى على جانبين اثنين، أولا الاهتمام بمتطلبات الصحة للمواطن مثل الاهتمام بالقضاء على السكنات وبالتالي حفظ الصحة العمومية من أخطار الأوبئة المتنقلة المرتبطة بتلوث المحيط، وكذا توفير المياه الصالحة للشرب والغذاء السليم وأيضا اهتمام خاص بالترفيه. وجانب ثانٍ، وهو لا يقل أهمية عن الأول ويتعلق بتلبية الطلب على العلاج، وهنا نتأسف حقيقة على التراجع الملحوظ لمنظومة الصحة في بلادنا، فبالرغم من الغلاف المالي الضخم المرصود (ونتحدث هنا عن آلاف المليارات من الدينارات)، إلا أن واقع الصحة في الوطن يبقى بعيدا عن تحقيق نتائج مرضية بدليل أن نظامنا الصحي يصنف في المرتبة الثالثة بعد كل من تونس والمغرب على التوالي”.