شعارهم "اصنع بنفسك وستحصل على نتائج مذهلة"

شباب قهروا الصعاب.. أنشأوا مؤسسات ويطمحون للتصدير

شباب قهروا الصعاب.. أنشأوا مؤسسات ويطمحون للتصدير
  • القراءات: 1209
حنان سالمي حنان سالمي

احتضن المعهد الوطني المتخصص في التكوين المهني "عبد الحق بن حمودة" بمدينة بومرداس، مؤخرا، الأيام الإعلامية والتحسيسية حول المقاولاتية، عرفت مشاركة عدد من الشباب حاملي المشاريع، وآخرين أنشأوا مؤسسات مصغرة، رغم التحديات، بل ويطمحون إلى التوسيع، وشعارهم في ذلك "اقهر الصعوبات.. اصنع بنفسك وكلك عزيمة وسترى النتائج"، أو على الأقل، هي النتيجة التي خلصت إليها "المساء"، إثر حديثها مع بعضهم.

جاء تنظيم الأيام الإعلامية والتحسيسية حول المقاولاتية، من طرف مديرية التكوين والتعليم المهنيين، بالتنسيق مع الوكالة المحلية لدعم وتنمية المقاولاتية، شاركت فيها 22 مؤسسة تكوينية في مختلف التخصصات، و18 شابا من حاملي المشاريع، الذين عرضوا بأجنحتهم عصارة أفكار تحولت بفضل الإرادة والعزيمة، إلى واقع ملموس، أي مؤسسة منتجة، منها من يسعى شيئا فشيئيا إلى إثبات نفسه، وأخرى يطمح أصحابها إلى التوسع، وعين البعض على التصدير.

من ذوي الهمم... صنع الحدث بالصالون

أول عينة نعرضها هنا بكل احترام وتقدير، للشاب حسان حدوش، صاحب 27 سنة، معاق حركيا، خريج مركز التكوين المهني المتخصص لذوي الاحتياجات الخاصة بقورصو، يحق فعلا تلقيبه بذي الهمة العالية. حينما لمحنا سيارة وسط الصالون، اقتربنا للاستفسار، فوجدنا الشاب وقد تقدم للتعريف بمؤسسته الخاصة بنظام تجهيز السيارات للأشخاص المعاقين حركيا. حدثنا حسان والثقة تعلو محياه، فقال بأن فكرته انطلقت من محاولة تسهيل حركة وتنقل المعاق حركيا، وقيادة سيارة بكل أريحية، فكان أن اشترى سيارة من حر ماله، وهو الذي يشتغل منذ زمن في عدة مجالات، بعد حصوله على دبلوم في الخياطة النسوية، وفي الخزف الفني، ولما انتصبت سيارته أمامه، راح يفكر في أمر "تطويعها" ليتحرك بها بسهولة، فاهتدى إلى تركيب نظام خاص كيفه بنفسه لسيارته..."انتابني إحساس رائع، لما قدت سيارتي هذه لأول مرة.. طعم الانتصار على إعاقتي ونشوة تحقيق النجاح"، يقول حسان بكل اعتزاز، فهو الذي فتح ورشة ببلدية بومرداس، لتكييف سيارات أخرى لمن يطلبها من ذوي الهمم أمثاله، ويسعى إلى الحصول على قرض مصغر لتطوير وتوسيع ورشته، ورسالته لذوي الهمم لخصها في قوله "ابحثوا عن الإبداع داخلكم، فإن الإعاقة في الذهن والأفكار لا غير"... وللأسوياء قال: "جسدوا فكرة تغيروا بها عالمكم، عوض الانغماس في الآفات الاجتماعية".

من هواية الكهرباء إلى مؤسسة للتبريد والتكييف

تحت هذا العنوان، يمكن تلخيص مسار الشاب رضا جوامع (34 سنة) من بلدية الثنية، صاحب مؤسسة تبريد وتكييف، أكد في معرض حديثه لـ"المساء"، أن تسربه من الدراسة في سن مبكرة، لأسباب وظروف قاهرة، جعلته يفكر فيما قد يشغل وقته فيما يفيد ـ على حد تعبيره-، ولأنه محب للكهرباء وكل ما تعلق بها، تعلمها بصفة عصامية، ثم تخمرت لديه فكرة فتح مشروع خاص في نفس المجال، لكن البداية لابد أن تكون بدبلوم، وهو ما تحقق له، وبعدها نال دبلوما في التبريد والتكييف سنة 2012، استفاد من قرض مصغر من طرف "أونساج" سابقا، بعدها استفاد من محل مهني، لكن في الطابق الأول، مما استحال عليه استغلاله، كون نشاطه يتطلب العمل في الطابق الأرضي، وهو اليوم ينتظر استجابة إيجابية للسلطات المحلية مع طلب تحويل محله المهني، ليتمكن من مزاولة نشاطه وتوسيع ورشته، وفتح المجال أمام تشغيل اليد العاملة. في المقابل، يعمل رضا بمركبته الخاصة، مؤكدا أن نجاحه يكمن بالدرجة الأولى، في الإصرار والإيمان بفكرة تحولت إلى مؤسسة.

مؤسسة لإنتاج الفطر الطازج.. تطمح للتوسع

عينتنا الثانية من الشباب ذوي الإرادة، الشاب محمد بوخديمي (33 سنة)، من بلدية شعبة العامر، صاحب مؤسسة خاصة لإنتاج الفطر الطازج "مشروم بلادي"، تحدث عن مؤسسته المصغرة والفتية (2018)، إذ يقول؛ بدأت بهواية، ثم فكرة، وبعدها تكوين متخصص في بلد أجنبي، ثم تبلورت في استثمار خاص على شكل مزرعة خاصة لإنتاج الفطر الطازج، وفق تقنيات وإمكانيات خاصة. يؤكد الشاب أن اختياره لهذا النوع من الاستثمار، يعود لمجاله غير المعروف، رغم ذلك، لم تخفه الفكرة وجسدها، وهو اليوم في مرحلة الإنتاج بشكل تدريجي، ويطمح إلى توسيع المؤسسة فور حصوله على وعاء عقاري، تقدم مؤخرا بطلب الاستفادة منه بغابة سيدي داود، لدى الجهات المختصة. يؤكد محمد أن الجزائر تستورد من الصين ما قيمته 10 ملايير دولار من الفطر المعلب، وهو يطمح إلى التوسيع وتغطية الطلب المحلي بفطر طازج، وربط ذلك بمدى موافقة المحافظة العقارية على طلب الوعاء العقاري. متحدثا عن إمكانية تشغيل في مرحلة أولى، حوالي 50 شابا، ثم الوصول تدريجيا إلى 150 شاب. رسالته لأقرانه، لخصها في مكاش كلمة مكاش.. العمل والصبر.. والنتيجة تتحقق لا محالة".

الخياطة التقليدية.. حاضرة دائما

رغم أنها كانت مرتاحة ماديا، إلا أن عايدة عمارة من بلدية شعبة العامر، صاحبة مؤسسة خاصة في الخياطة التقليدية، اعتبرت أن الاتكال على النفس، لتكون عضوا فعالا في مجتمعها، جعلها تتقدم من مركز للتكوين المهني، لصقل موهبتها والحصول على دبلوم، وهو ما تحقق لها، وبفضله استطاعت الحصول على قرض مصغر من وكالة "أونجام"، فتحت على إثره ورشة صغيرة لممارسة حرفتها، وتدريجيا بدأت تتوسع، مما جعلها تتقدم بطلب الاستفادة من الجهات المختصة من أجل شراء مركبة تعينها في عملها، خاصة أن طموحها كان يصبو لخياطة الألبسة المهنية للمؤسسات، لكن طلبها قوبل بالرفض، لأسباب بقيت مجهولة، مبدية أملها في إعادة النظر في هذه المسألة، حتى تتمكن من توسيع ورشتها وتشغيل يد عاملة. رسالتها للشابات، أن لا يتحججن بالظروف أو الأهل أو المحيط، بل الثقة في النفس والإيمان بفكرة، ثم العزم على تجسيدها، كلها عوامل كفيلة بتذليل الصعوبات، حسب تأكيدها.

.. للعامل الوراثي دخل حتى في المقاولاتية

عينتنا، شابة في الـ35 سنة، متخرجة من معهد التكوين المهني تخصص مخبري، إنها أمينة سنوساي التي ألفت التردد في صغرها على محل الصيدلية، أين كان والدها يعمل، ترسخت في ذهنها فكرة التعامل مع الأدوية وعلقت بذهنها فكرة فتح صيدلية على خطى الوالد. عملت في صيدلية لعقد من الزمن، ثم نالت الدبلوم المذكور، ودون تردد تقدمت نحو وكالة "أونجام" للاستفادة من قرض مصغر لتجسيد فكرتها، التي ظهرت للعيان أكثر، باستفادتها من محل تجاري بحي 600 مسكن "أوبجيي" بحي الساحل في بلدية بومرداس. كان ذلك، حسب محدثتنا، سنة 2020. هي الأخرى شاركت في التظاهرة المذكورة، وكلها فخر، كونها ضمن قافلة الشباب المقاول. رسالتها في هذا الصدد، قهر الصعوبات مهما كانت، بالعزيمة والإصرار والتحدي. فالنجاح، حسبها، "لا يكمن فقط في الشهادات الدراسية العليا، إنما في الإيمان الحقيقي بقدرة الفرد على الثقة في نفسه، والسعي بمجهوده الخاص إلى تجسيده إيمانه بنجاحه".

من التأثيث الداخلي للمركبات، إلى صناعة الأثاث الراقي، هكذا يمكن تلخيص مسار الشاب صادق حوشين صاحب 34 سنة من الشباشب، بلدية خميس الخشنة، حيث لفت الشاب إلى أنه تكوّن في بداية الأمر، في تخصص التأثيث الداخلي للمركبات، ثم في تخصص نجارة وصناعة الأثاث.. بعدها اهتدى لفكرة المزاوجة بين التخصصين، وهو اليوم صاحب مؤسسة خاصة في صناعة الأثاث العصري الفاخر، الذي يؤكد أنه منافس قوي للمنتوج الأجنبي. قال إنه استثمر في هذه الصناعة برأس مال خاص، ولم يتوجس يوما خيفة من مستقبل مؤسسته، أنه حرفي، وكما يقال؛ صاحب الصنعة يأكل بيديه. وهو اليوم يطمح إلى التوسيع إن توفر أمامه عقار صناعي يسمح له بذلك. داعيا السلطات المحلية إلى مرافقته في هذا الصدد، أما مسألة التصدير، فهي ضمن أجندته، رغم الإمكانيات المحدودة فقط، مؤكدا عدم مقدرته التحكم في مثل هذه الأمور، تاركا ذلك للمستقبل القريب، حينما تتحسن الأوضاع عالميا. أما رسالته الاقتناع بالنجاح، فقال إنها: "في أذهاننا أولا بعدها التجسيد يكون سهلا".