بلدية أولاد فايت

ركود تنموي ومؤهلات فلاحية غير مستغلة

ركود تنموي ومؤهلات فلاحية غير مستغلة
  • القراءات: 1067
 م.أجاوت م.أجاوت

تعرف العديد من البلديات الواقعة غرب الجزائر العاصمة، العديد من النقائص، لاسيما في مشاريع التنمية المحلية، حيث لم تستطع هذه البلديات، رغم المساحات الفلاحية الشاسعة التي تتوفر عليها، والمؤهلات الزراعية المتنوعة، تحقيق إقلاع تنموي حقيقي ينعكس بالإيجاب على سكان هذه الناحية الغربية للعاصمة.

تسعى بلدية أولاد فايت، إحدى البلديات الواقعة غرب العاصمة، والتابعة للمقاطعة الإدارية الشراقة، رغم المجهودات الجبارة التي تبذلها المجالس المحلية المتعاقبة على تسيير شؤونها المحلية، إلى العمل على إخراج المنطقة من حالة الركود التنموي، بالتالي إعادة بعث مشاريع التنمية المعطلة لفائدة السكان، خاصة الشباب، مع الاستجابة للعديد من المشاكل والانشغالات التي أرقت القاطنين بشكل عام، ولا زالت مطروحة رغم إثارتها عدة مرات.

وقفت "المساء" مؤخرا، في جولة استطلاعية -على هامش زيارة عمل وتفقد لوالي العاصمة إلى هذه البلدية - على جملة الانشغالات التي يطرحها المواطنون، لاسيما الشباب منهم، وطالبوا على ضوئها السلطات المسؤولة بتداركها في أقرب الآجال الممكنة.

غياب مرافق وهيئات خدماتية جديدة

من بين هذه المعوقات المطروحة، غياب هيئات ومرافق عمومية خدماتية جديدة، كمركز بريدي، وعيادة صحية متعددة الخدمات، وملحقة بلدية، وغيرها من المرافق الأخرى، باعتبار أن الموجودة منها أصبحت لا تفي بالغرض، ولم يعد بإمكانها استيعاب العدد المتزايد للسكان الوافدين على البلدية، وما صاحبه من زيادة في الطلب على مختلف الخدمات، على خلفية عمليات الترحيل العديدة التي استفادت منها المنطقة في السنوات الأخيرة. فيما ألح المواطنون، على ضرورة أخذ هذه الانشغالات محمل الجد والتعجيل بحلها.

السوق الجواري والمرافق الرياضية... هاجس أرق السكان

طالب قاطنو عدة أحياء ببلدية أولاد فايت، خاصة الجديدة منها، على غرار حي 2140 مسكنا بصيغتي العمومي الإيجاري، و"عدل" (الذي يستوعب عائلات من 14 بلدية بالعاصمة تم ترحيلها إليه)، بضرورة الاستجابة لمطلب إنجاز سوق جواري على مستوى موقعهم السكني، بسبب انعدام المحلات والفضاءات التجارية في هذا الموضع، إلى جانب بعد الفضاءات التجارية الأخرى عن المكان، بحكم تواجدها وسط مدينة أولاد فايت.

كما تساءلوا عن مصير مشروع 100 محل الذي لم ير النور في كل بلدية إلى حد الساعة، والذي من شأنه إعادة تنشيط الجانب التجاري بالمنطقة، وتوفير مناصب شغل للشباب البطال، الذي لم يجد أية وسيلة للخروج من دائرة الإقصاء والتهميش التي يعاني منها.

عبر العديد منهم لـ"المساء"، عن معاناتهم الكبيرة في التنقل بشكل شبه يومي إلى وسط المدينة، رغم بعد المسافة، لاقتناء مستلزماتهم الغذائية والضرورية، وسط الارتفاع الملحوظ في الأسعار، بسبب غياب الأسواق الجوارية التي توفر للسكان مواد غذائية من خضر وفواكه ذات جودة وبأسعار معقولة وتنافسية، تكون في متناول القاطنين.

كما طالبوا بإنجاز المرافق الرياضية والفضاءات الترفيهية لفائدة الشباب والأطفال، تكون مقصدا لهم لقضاء أوقاتهم واستثمارها في ممارسة الرياضة والترفيه، على غرار ملاعب جوارية، ودار للشباب، ومساحات خضراء، وقاعة متعددة الرياضات وغيرها، علما أن بعض هذه المشاريع، تم تسجيلها سابقا ومرت عليها العديد من المجالس المحلية المنتخبة، ولم تر النور بسبب تجميدها، لاعتبارات يقال إنها "مالية"، وتبقى المطالب تؤكد ضرورة رفع التجميد عنها وإعادة تفعيلها من جديد.

نقص الاستثمار الفلاحي رغم خصوبة الأراضي

بدورهم، طالب الفلاحون الناشطون في أرياف بلدية أولاد فايت، بمنحهم تسهيلات في استغلال الأراضي الفلاحية واستثمارها في مختلف أنواع الزراعة والفلاحة التي تنتشر عبر هذه المنطقة، مشيرين إلى غياب مشاريع الاستثمار الفلاحي بالشكل الكافي، مقارنة بمساحة الأراضي الزراعية غير المستغلة التي تتوفر عليها قرى البلدية، وهو الأمر الذي يتطلب، حسبهم، إيلاء العناية اللازمة لتنمية وتطوير القطاع الفلاحي والزراعي بإقليم هذه الجماعة المحلية، والكف عن تحويل مثل هذه الأراضي إلى عقارات صناعية لاستيعاب مشاريع خارجة عن هذا المجال.

طرح الناشطون في الحقل الفلاحي بمختلف قري البلدية، انشغال غياب أو نقص الأسمدة الفلاحية والدعم الفلاحي اللازم الموجه لهذه الفئة، بسبب ارتفاع الأسعار من جهة، وصعوبة الحصول عليها بسبب الإجراءات المعمول بها، خاصة فيما يتعلق بالكمية المطلوبة كالأسمدة الآزوتية، والأمونياك.. وغيرها. يضاف إلى ذلك، مشكل الحصول على عقود الملكية أو عقود الامتياز بالنسبة لمستغلي الأراضي المخصصة للاستصلاح الزراعي، الأمر الذي حال دون التمكن من توسيع مختلف النشاطات الفلاحية الأخرى، لاسيما المنتوجات الفلاحية ذات الاستغلال الواسع، كالبطاطا مثلا.

تعترف السلطات المحلية في البلدية، بمختلف النقائص المطروحة سابقا، إلا أن التأخر الكبير في تدارك بعضها، ترده نفس المصالح، لإجراءات التجميد التي مست هذه العلميات التنموية خلال السنوات الماضية، بحكم غياب الأغلفة المالية المخصصة لها مبدئيا، ناهيك عن بعض الأمور والمشاكل التقنية والتسييرية التي تخص العديد من مقاولات الإنجاز، التي ألغيت عقودها مع الهيئات المشرفة على هذه المشاريع. كما أشارت إلى أن التكفل بكل ذلك، سيكون في شكل مرحلي وبالتدريج، ليشمل جميع الأحياء.

أشارت مصادر بلدية، إلى أن المشاكل المطروحة في المجال الفلاحي بهذه البلدية الريفية، التي يغلب عليها الطابع الفلاحي والزراعي، تأخذ طريقها نحو الحل بشكل تدريجي، علما أن غالبية أسباب هذه المشاكل، تتعلق بأمور قانونية وقضائية على شاكلة النزاعات القضائية حول عقود ملكية الأراضي، ورخص الاستغلال أخرى متعلقة بحفر آبار السقي، وعقود الامتياز.

السكنات الريفية.. حلم صعب المنال

يعد ملف السكن، خاصة الريفي ببلدية أولاد فايت، أحد الأولويات التي يتطلع إليها سكان المنطقة، خاصة القاطنين في القري النائية البعيدة عن مقر المدينة، حيث اشتكت الكثير من العائلات القاطنة بسكنات هشة وقديمة آيلة للسقوط، حرمانها من حقها في السكن الريفي، أو حقها من الدعم المالي المخصص للترميم، أو إنجاز سكنات ريفية جديدة بالمنطقة، مع العلم أن هذه الأخيرة -حسب توضيحاتها- استوفت كل الشروط والإجراءات المعمول بها في هذا المجال، والتي تضمنتها ملفاتها التي توجد لدى لجنتي السكن على مستوى البلدية والدائرة، إلا أنها لم تستفد بعد من هاتين الصيغتين الخاصتين بالسكنات الريفية.

أوضح أحد أفراد هذه العائلات في السياق، أن الوضعية المعيشية والاجتماعية لغالبية العائلات المعنية، دفعتهم بسبب هذا المشكل، إلى الاستعانة بإمكانياتهم المالية المحدودة لترميم على الأقل أجزاء بسيطة من بيوتهم، لكن الأمر لا يفي بالغرض المطلوب، في انتظار إعادة الجهات المشرفة النظر إلى هذا الملف الحساس.

يضاف إلى كل ذلك، معاناة السكان من غياب تهيئة الطرق وفتح مسالك جديدة بمشاتي المنطقة، رغم الوعود التي تلقونها في السابق من قبل المسؤولين المحليين، لتدارك الوضع في أقرب الآجال، لكن ظل الأمر مجرد "حبر على ورق"، ووعودا يتطلع السكان إلى تحقيقها، وهو ما انعكس سلبا على الوضع المعيشي لقاطني قرى البلدية بشكل عام.

يأمل السكان، من أعضاء المجلس الشعبي البلدي، التعجيل بالبت في هذه الانشغالات، والاستجابة للأولوية منها، مع التعهد بمتابعة مناقشة الأخرى وأخذها بعين الاعتبار، فور توفر الإمكانيات المالية الضرورية. وهو نفس الاقتراح الذي لقي ارتياح السلطات المحلية، التي أكدت أن أكبر رهان يقف عائقا في وجه إعادة دفع عجلة التنمية المتوقفة، يكمن في قلة الميزانية السنوية المرصودة، التي تكفي فقط لتسيير المرافق العمومية، والتكفل بتوفير ضروريات المواطنين.