إطلالات اجتماعية:“العولة” عند الأسرة السكيكدية

تقليد يعود مع فصل الشتاء والبرد

تقليد يعود مع فصل الشتاء والبرد
  • القراءات: 4055
حنان. س حنان. س
تعيش الأسرة الجزائرية في هذه الفترة من السنة، على وقع التحضير لاستقبال موسم الشتاء ومواجهة برودة طقسه، فلكل منطقة عاداتها في هذه التحضيرات، واليوم نقف عند منطقة من الشرق الجزائري، تحديدا ولاية سكيكدة، حيث تحدثت “المساء” إلى من كانت خير سفيرة عن ولايتها في صالون الصناعة التقليدية الدولي، والتي أسهبت في حديثها مثمنة تقاليد المنطقة ومتأسفة لزوال الكثير منها لأسباب أو لأخرى.

تقتضي العادات بمنطقة سكيكدة أن تقوم ربات البيوت بالتحضير لـ”العولة” أو تخزين الطعام، على غرار إعداد الكسكسي وأنواع أخرى متعددة من العجائن، إلى جانب تخزين الفلفل الحار، أو ما يسمى باللهجة العامية “المْرقد”، والمقصود به وضع حبات فلفل في الماء والخل في إناء وتركه جانبا لمدة لا تقل عن الشهر، حتى يتم استخدامه في موسم لا يكون متوفرا في الأسواق.

كما تقتضي العادات بالنسبة للمجتمع السكيكدي أن تقوم النسوة خلال فصل الصيف وبداية الخريف، بالتجمع في بيت إحداهن والشروع في عملية “فتل” الكسكسي بالطريقة التقليدية، وبالتوازي يتم تحضير “البربوشة”، “البركوكس”، “التريدة” وأنواع أخرى من العجائن المحضرة خلال أيام الصيف بغية تعريضها لأشعة الشمس حتى تجف، كما قالت السيدة وردة يونس من سكيكدة، زارتها “المساء” بجناحها خلال فعاليات الصالون الدولي للصناعة التقليدية. واسترسلت توضح أن الموروث الاجتماعي يقتضي أن تلجأ ربة البيت إلى تفضيل تحضير الأطباق الثقيلة و”الحارّة” لمواجهة برد الشتاء، منها طبق الكسكسي المشهور والمعروف في كل مناطق الوطن، بحكم أن لكل منطقة عاداتها في تحضيره، إذ تقتضي العادة السكيكدية لإعداد هذا الطبق تحضير “البربوشة”، كما يسمّى بالمنطقة بـ”السنارية” (الجزر)، الخردل (اللفت) و”الجْريوات”(القرعة)، وطبعا لحم الغنمي المفضل لدى سكان هذه المنطقة، والأهم من كل ذلك تحضير حبات الفلفل الحار التي تضاف إلى القدر.”موسم الشتاء في سكيكدة بارد للغاية، لذلك نعمد إلى تحضير الأطباق بالفلفل حتى يعطي إحساسا بالشبع، فالمعروف أن الأكل المتبل والحار يرغّب الشخص في تناول المزيد، بالتالي يجعله هذا النوع من الأكل يقبل على المزيد حتى يقوى فيما بعد على مواجهة برودة الطقس من خلال اكتساب الطاقة من طبق ثقيل وحار”، تقول السيدة وردة التي تحدثت عن شباب اليوم، وعلى عكس ما يروج بشأنهم بخصوص ابتعادهم عن عادات الأهل والأجداد، حيث يقبلون على مثل هذه التقاليد، وتسوق مثالا عن أولادها الشباب ممن يطلبون منها تحضير “برمة حارة” والقصد منها طنجرة تقليدية حارة، ومن ذلك “البركوكس بالقديد” أو “المْقرْطفة”، وهي نوع من العجائن تحضر في البيت وتشبه “الرشتة” إلى حد ما، لكنها سميكة، وهي من الأطباق المحببة كثيرا عند السكيكديين، حيث تحضر بالبصل، الثوم والطماطم المصبرة، إضافة إلى التوابل وحبة فلفل وتكون في الأخير على شكل حساء مقوٍ ومطلوب جدا في فصل الشتاء. “فمثل هذه الأطباق المذكورة تزود الجسم بالطاقة وتؤدي إلى تعرّقه، مما يكسب الفرد بعض الدفء في فصل يتسم عندنا ببرودة كبيرة، كما أن لا شيء أفضل من اجتماع أفراد الأسرة والعائلة حول المائدة لتناول الطعام”.

من جهة أخرى، تتحدث السيدة وردية، حرفية في اللباس التقليدي، عن العديد من التقاليد المهددة بالزوال، منها تحضير “العولة” في المنازل، والسبب ـ حسبها ـ يعود إلى توفر المؤن في الأسواق، واتجاه العديد من ربات البيوت إلى “فتل” الكسكسي وغيره من العجائن التقليدية وتسويقها، وهو ما يؤمن هذه المواد طيلة أيام السنة، مما جعل هذه العادة تتراجع كثيرا..