بلدية الرغاية أمام معادلة تنموية صعبة

تراجع في الميزانية وارتفاع في عدد السكان

تراجع في الميزانية وارتفاع في عدد السكان
رئيس بلدية الرغاية السيد اعمر ديرة
  • القراءات: 3069

عرفت بلدية الرغاية الواقعة شرق ولاية الجزائر، ارتفاعا كبيرا في كثافتها السكانية في السنوات الأخيرة، بسبب استقبالها آلاف العائلات المستفيدة من سكنات بمختلف الصيغ، دون مرافقة ذلك بمشاريع تنموية، حيث تحولت عملية إنجاز البرامج السكنية فوق ترابها من نعمة إلى نقمة، بالنظر إلى الأعباء الكبيرة المترتبة عن الأمر، مقابل تراجع ميزانيتها من 160 مليار سنتيم سنة 2017، إلى 76 مليار سنتيم سنة 2018، والتي لا تسمح بتجسيد مشاريع حيوية لتخفيف الضغط عن الهياكل والمؤسسات المتوفرة، في حين يسعى المجلس الشعبي البلدي إلى تثمين موارد المنطقة واستغلال مقومات النجاح المتوفرة بهذه البلدية ذات الطابع الصناعي والسياحي، تمكن المجلس من دفع حوالي 80 بالمائة من الديون، في انتظار تجسيد الوعود وإنجاز ما يطمح إليه المواطنون. 

لا زال العديد من سكان الرغاية ينتظرون التكفل بانشغالاتهم المطروحة، وبرمجة مشاريع تنموية ببلديتهم، خاصة ببعض الأحياء التي لم تحظ بمرافق وهياكل ضرورية ذات طابع تربوي ورياضي وثقافي، وعد بها المنتخبون المحليون الذين تداولوا على تسيير شؤون هذه البلدية، على رأسهم رئيس البلدية الذي أكد لـالمساء، أن الرغاية مهددة بأن تصبح بلدية فقيرة، نتيجة استقبالها آلاف العائلات في البرامج السكنية المنجزة فوق ترابها، والتي تتطلب دعما من  مصالح ولاية الجزائر لإنجاز مشاريع قطاعية هامة، على رأسها فتح طرق تخفف الاختناق المروري الرهيب، الذي تشهده هذه البلدية يوميا، كونها بوابة شرق ولاية الجزائر.

حي الباي دون مشاريع منذ 1979

في تعليقه على وضعية البلدية والمشاريع التي ينتظر تجسيدها، ذكر رئيس لجنة حي محمد الباي، سعيد بوعلواش لـالمساء، أن الحي يعرف العديد من النقائص منذ سنوات، على رأسها مشكل قلة المؤسسات التربوية مقارنة بعدد المتمدرسين، حيث تعرف مدرسة بوعلام العلوي التي أنجزت في نهاية السبعينات، وضعية كارثية بسبب قدمها، فضلا عن الاكتظاظ الفظيع داخل الأقسام، حيث يتجاوز عدد التلاميذ بها 50 تلميذا، ما أثر كثيرا على مستواهم. كما أشار المتحدث إلى تأخر أشغال إنجاز الملعب التي انطلقت سنة 2013، دون أن يستلم المشروع إلى حد الآن، ليجد الأطفال أنفسهم مضطرين للعب في الشارع معرضين لكل المخاطر. كما ينتظر السكان إعادة تهيئة قاعة العلاج التي لم تشهد أي تجديد، رغم أنها قديمة، ويعود تاريخ إنجازها هي الأخرى إلى سنة 1979، حيث لم يشهد الحي أي مشروع منذ هذا التاريخ، يضيف المتحدث، مؤكدا أن حي الباي مهمش ولم يحظ بالاهتمام من قبل السلطات المعنية.

أراض شاغرة لاحتضان المشاريع  بعلي خوجة

من جهته، أشار رئيس لجنة حي علي خوجة، بلال بوشلوش لـالمساء، إلى الانشغالات التي يطالب السكان التكفل بها، على غرار غياب مرافق الترفيه الخاصة بالأطفال الذين لا يجدون مكانا مناسبا وآمنا للراحة واللعب، رغم وجود أراض  شاغرة تابعة للبلدية، يمكنها احتضان مشاريع لفائدة قاطني الحي، غير أن الهاجس الأول بالنسبة لهم، هو عدم تسوية وضعية سكناتهم وعدم حصولهم على الوثائق التي تثبت ملكيتهم، رغم أنهم من السكان القدامى للبلدية. كما لم يتوان عبد المالك تغيور، رئيس لجنة حي ”384 سكن، عن الحديث عن النقائص التي يعرفها الحي، منها غياب فضاءات اللعب الخاصة بالأطفال وملاعب جوارية للشباب، وعدم تجديد الإنارة العمومية وإعادة تهيئة العمارات وطلائها ضمن برنامج ولاية الجزائر، وضيق المدرسة الوحيدة التي لم تعد قادرة على استيعاب عدد التلاميذ المتزايد، بعد استقبال المرحلين إلى حي عدل المجاور. 

اختناق مروري فظيع بوسط المدينة

أما رئيس لجنة حي جعفري، كريم شلوش، فذكر لـالمساء، أن بالحي عدة نقائص، على رأسها المرافق الرياضية والترفيهية التي تحتاجها شريحة واسعة من الأطفال والشباب، فضلا عن غياب مستوصف، رغم أن الحي من أقدم وأعرق الأحياء في الرغاية. كما لم يستفدوا من السكن منذ أكثر من عشر سنوات، حسبما ذكر رئيس لجنة الحي، مشيرا إلى أن العديد من السكان ينتظرون تلبية طلبهم للحصول على شقة لائقة، فضلا عن مباشرة التهيئة الخارجية للحي، خاصة المسالك والأرصفة لتخفيف معاناة التنقل التي تزداد حدتها خلال فصل الشتاء، وهو ما يشتكي منه أيضا سكان الأحواش الذين أكد بعضهم لـالمساء، أنهم منسيون ويعيشون وضعية صعبة بسبب بعد أحيائهم عن مدينة الرغاية، حيث يواجه التلاميذ مصاعب كبيرة في الوصول إلى مقاعد الدراسة، فضلا عن عدم تهيئة الطرق ومختلف المسالك، وتزويد عدد من الأحواش بغاز المدينة، حيث ينتظرون اتخاذ سلطات ولاية الجزائر قرارها المتعلق بتسوية وضعية سكان الأحواش، بينما اعتبر بعض سكان الرغاية وزوارها الذين تحدثنا إليهم، أن مشكل الاختناق المروري، وغياب حظائر منظمة لركن السيارات من الأولويات، بالنظر إلى الفوضى التي تشهدها المدينة، والتي زادت حدتها بسبب تدفق عدد كبير من الزوار عبر القطار، بينما لم يفوت بعضهم فرصة التعبير عن معاناتهم من أزمة السكن، في شقق ضيقة وظروف مزرية، في انتظار التفاتة السلطات وإعطائهم سكنات لائقة...

‘’المير”: سددنا 80 بالمائة من ديون البلدية

من جهته وفي رده على انشغالات رؤساء الأحياء والمواطنين، أوضح رئيس المجلس الشعبي البلدي، اعمر ديرة، في لقاء خص به المساء، أن الرغاية من البلديات الكبيرة على مستوى ولاية الجزائر، وتعد بوابة شرق العاصمة، من وادي الرغاية إلى وادي مازفران، تتربع على مساحة شاسعة تمتد لحوالي 26 كلم مربع، وتحيط بها سبع بلديات. مؤكدا أن المجلس الحالي ، حاول تجسيد العديد من المشاريع منذ انتخابه، بالميزانية التي صادق عليها المجلس السابق، وتمكن أيضا من الحصول على مصادر مالية أخرى، مكّنته من دفع الديون الكبيرة التي كانت على عاتق البلدية بحوالي 80 بالمائة. ذكر المسؤول الأول على البلدية أهم ما تم تجسيده إلى حد الآن والمشاريع المبرمجة،  منها ما تعلق بملف السكن وترحيل العديد من العائلات في إطار عملية الترحيل لولاية الجزائر، بينما تبقى عدة ملفات تنتظر، سواء الخاصة منها بالسكن الاجتماعي الذي يضم أكثر من خمسة آلاف ملف، أو القاطنين بالقصدير بحي معمل النجاح الذي يضم أكثر من 500 عائلة، وحي سعيدان علام وعلي خوجة 2”، بالإضافة إلى الأحواش التي يصل عددها إلى 27 حوشا، منها حوش عميروش الذي يضم 50 عائلة مبرمجة للترحيل قريبا. مشيرا إلى أن أغلب الأحواش استفادت من غاز المدينة باستثناء القديمة والبعيدة والمعزولة منها، التي يتعذر الوصول إليها، عكس شبكتي الصرف الصحي والماء التي تم توفيرها للسكان. كما تعذر، حسب المتحدث، تهيئة طرق الأحواش بالزفت نظرا لطبيعتها الفلاحية، خاصة الأحواش الصغيرة.

تثمين الممتلكات لتحسين الجباية المحلية

أما بالنسبة لبعد المؤسسات التربوية والمتاعب التي يواجهها تلاميذ الأحواش، أوضح رئيس البلدية أنه تم توفير أربع حافلات تابعة لمؤسسة النقل الحضري وشبه الحضري إيتوزا، بالإضافة إلى أربع أخرى تابعة للبلدية بهدف تخفيف عناء تنقل تلاميذ الكروش، معمل النجاح، حفرات، شاطئ الرغاية، جعفري وغيرها، باستثناء بعض التلاميذ الذين يقطنون مناطق بعيدة لا تصلها الحافلة، مشيرا إلى ارتفاع عدد سكان البلدية بشكل ملفت للانتباه في السنوات الأخيرة، بفعل البرامج السكنية الكبيرة التي أنجزت على مستواها، على غرار حي عدل بالكروش الذي يضم خمسة آلاف سكن، دون إنجاز مرافق عمومية، على رأسها المؤسسات التربوية وملحقات بلدية ومراكز بريد. مشيرا أيضا إلى أن العديد من المشاريع يجري إنجازها في هذا الحي، منها ثلاث مدارس ابتدائية ومتوسطة وثانوية، فضلا عن السكنات التي يجري إنجازها في مختلف الصيغ ويصل عددها إلى 18 ألف وحدة، وهو ما زاد الأعباء على البلدية التي تضم منطقة صناعية، غير أنها لم تستفد من هذا الامتياز، بسبب الضريبة الجبائية الضعيفة التي لا تتجاوز 1 بالمائة، رغم أن العديد من المؤسسات تتواجد على ترابها، مما أدى إلى تراجع ميزانية البلدية من 160 مليار سنتيم إلى 76 مليار سنتيم السنة الجارية، وهو ما يعيق تجسيد البرامج التنموية، وقد يؤدي إلى عجز، حسب المتحدث.

في هذا الصدد، أكد رئيس البلدية أن المجلس الحالي عمل على تحسين الجباية، من خلال تثمين ممتلكات البلدية ومراجعة الأسعار، حيث تم اكتشاف ممتلكات عمومية كانت غير مستغلة، وأصحاب أكشاك لا يدفعون مستحقات الكراء، التي توجه مباشرة لخزينة البلدية. مشيرا إلى أن مصالحه باشرت عملية إعادة تقييم السوق المغطاة، ومراجعة كراء المحلات الذي يعد منخفضا جدا، مقارنة بذلك المعتمد من قبل الخواص، من خلال مراجعة دفتر الشروط، وإجبار المستأجر على دفع ضرائب المربعات المستغلة في التجارة، مع التفكير في إنجاز سوق جديدة وحظيرة سيارات بطوابق في نفس المكان، لتخفيف مشكل الركن العشوائي الذي تعرفه المدينة، خاصة في السنوات الأخيرة، حيث تحول مشكل الاختناق المروري إلى هاجس بالنسبة لسكان الرغاية وزوارها، بسبب العدد الكبير للسيارات التي تمر عبرها،  كونها بوابة بلديات شرق العاصمة. كما أشار إلى السوق الفوضوية بحي الونشريس، التي ستخضع للتهيئة والتوسعة وكرائها، بالإضافة إلى حظيرة سيارات وملاعب جوارية وفضاءات لعب بهذا الحي الذي يستفيد من هذه السوق التي تعد الثانية في البلدية وتشمل أكثر من 700 طاولة، لتكون متنفسا آخر للبلدية تساهم في جلب المداخيل.

مشاريع سلمت وأخرى تنطلق قريبا

فيما يخص المرافق الرياضية، ذكر المتحدث بالعديد من المشاريع التي استلمت وأخرى ستستلم قريبا، منها مجموعة من الملاعب الجوارية بأحياء الونشريس و«المقراني، وفضاءات لعب وقاعة متعددة الرياضات. كما تم الانطلاق في مشاريع أخرى، منها ملعب جواري بحي 157 سكن بـفعوصي، وآخر بحي علي خوجة انطلقت به الأشغال، وملاعب بكل من حي الكروش، سيقنا و«عيسات مصطفى، ستنطلق الأشغال على مستواها قريبا، إلى جانب ملعبين؛ واحد بحي الباي، وملعبان في مافان وملعب آخر بحي جرجرة”. أما في قطاع التربية، فأشارالمير إلى مشروع إنجاز مدرسة متكونة من 12 قسما، ستنطلق الأشغال بها قريبا بحي الباي، لتخفيف الضغط على مدرسة العلوي التي تضم أكثر من ألف تلميذ في 23 قسما، وتعيش ضغطا رهيبا، فضلا عن البرامج الولائية التي يجري إنجازها، منها ثلاث مدارس في الكروش ومتوسطة وثانوية ومدرسة أخرى بحي السكن التساهمي جاهزة لاستقبال التلاميذ، وأخرى بحي الإخوة مسعودي تمت توسعتها بستة أقسام جديدة ومطعم، بالإضافة إلى مطعم آخر بمدرسة حي الونشريس، ليصل عدد المطاعم إلى سبعة، تعنى بتوفير وجبة لائقة ودافئة للتلاميذ، خاصة للقاطنين في الأحواش والأحياء البعيدة. كما يجري تحضير البطاقات التقنية لثلاثة مشاريع مطاعم مركزية، واحد منها مكان المدرسة القديمة مليكة قايد المستغلة من قبل إحدى العائلات في حال ترحيلها، والذي يمكنه توزيع الوجبات لعشر مدارس وتغطية 25 مدرسة بالبلدية، لا يزال العجز مسجلا على مستواها، على غرار متوسطة حي شبشب التي تضم 1200تلميذ، في انتظار إنجاز متوسطة أخرى عند توفر العقار المناسب، لتخفيف الضغط والاكتظاظ داخل المؤسسات.

اقتراح مشاريع طرق لفك الاختناق المروري

أما في مجال الطرق وتهيئة الشوارع، فإن الأشغال تأخرت بوسط المدينة، حسب رئيس البلدية، بسبب تجديد شبكة الغاز الطبيعي والماء. كما تجري الأشغال بحي شبشب وستستلم قريبا، وحي جعفري وحي سعيداني علال، الذي بلغت الأشغال على مستوى طرقه 30 بالمائة، وحي إقامة السلام الذي انطلقت به الأشغال مؤخرا لتهيئة الطرق والشوارع. كما اقترح رئيس البلدية مشاريع لفك الاختناق المروري على والي ولاية الجزائر، وبرمجة مشاريع ومرافقة البرامج السكنية العديدة التي أنجزت بالبلدية، خاصة فيما تعلق بالطرق التي تفك الاختناق عن المنطقة التي أصبحت غير قادرة على استيعاب العدد الكبير من السيارات التي تدخل كلها وسط المدينة، من خلال فتح طريق اجتنابي يربط بين الطريق الوطني رقم 5، والطريق السريع رقم 61. كما اقترح طريقا من جانب وادي الرغاية بحوالي 70 مليار سنتيم، نحو الطريق الوطني رقم 24، وربط الطريق الوطني رقم 5 بالطريق الوطني رقم 24 لتخفيف الاختناق، فضلا عن إمكانية إنجاز محطة قطار جديدة بحي الباي قرب حي عدل، لتخفيف الضغط على المحطة الحالية التي أصبحت غير قادرة على استيعاب العدد الكبير من المسافرين، وكذا الضغط على البلدية التي تستقبل يوميا عددا كبيرا من الزوار نظرا لطابعها التجاري، والقادمين إليها من حوالي عشر  بلديات مجاورة تنتمي إلى ولايتي الجزائر وبومرداس.