الصحافة الجزائرية تحتفل اليوم بعيدها الوطني الأول

تخليد تضحيات أسرة الإعلام

تخليد تضحيات أسرة الإعلام
  • القراءات: 1080
م / بوسلان م / بوسلان

تحيي أسرة الإعلام والصحافة في الجزائر، اليوم، عيدها الوطني الأول، بعد إقراره من قبل رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، بموجب المرسوم الرئاسي الذي أصدره في 18 ماي الماضي، دعما للتدابير العملية التي يجري تجسيدها في إطار مسار تعميق الإصلاحات السياسية، والتي يحتل فيها مسعى تحرير قطاع الإعلام وتعزيز مكاسب حرية التعبير والصحافة مركزا محوريا.

ويأتي ترسيم اليوم الوطني للصحافة، ليكرس الاهتمام المتزايد للسلطات العليا في البلاد لمجال ترقية حرية التعبير والصحافة وتعزيز الممارسة الديمقراطية، وذلك ضمن تطبيق برنامج الإصلاحات السياسية العميقة الذي أعلن عنه رئيس الجمهورية في خطابه التاريخي في 15 أفريل 2011، وأسس لمرحلة انتقالية جديدة دخلتها الجزائر عبر بوابة تحيين منظومتها التشريعية، ذات الصلة بترقية الحريات الفردية والجماعية، ودعم المكاسب الديمقراطية، وتجلت أولى مظاهر هذه المرحلة في التحولات الكبرى التي عرفتها العديد من المجالات على غرار ميلاد تشكيلات سياسية جديدة، وتغير المشهد الإعلامي في البلاد بظهور أولى القنوات التلفزيونية الخاصة، تأهبا للإقرار الرسمي لقانون السمعي البصري الموجود حاليا على مستوى البرلمان.

وإذ برر رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة في رسالته عشية اليوم العالمي للصحافة في 2 ماي الماضي، إقراره ترسيم يوم وطني للصحافة، بالتأسي بالفئات المهنية والاجتماعية الأخرى، معلنا اختيار يوم 22 أكتوبر للاحتفال باليوم الوطني للصحافة، تخليدا لتاريخ صدور أول عدد من جريدة "المقاومة الجزائرية" الناطقة باسم جبهة وجيش التحرير الوطني"، في 22 أكتوبر 1955، فإن تزامن هذا القرار التاريخي مع استكمال تطبيق برنامج تعميق الإصلاحات السياسية في البلاد، والذي سيتوج عما قريب بمراجعة دستور البلاد، يبرز حرص السلطات العليا في البلاد على ترسيخ عرفان المجموعة الوطنية بدور الإعلام وتضحيات رجالات مهنة المتاعب من جهة، والسهر على إنجاح كافة محاور برنامج الإصلاحات السياسية من خلال تثمين المكاسب التي بدأ إقرارها بالتكفل بوضع إطارها التنظيمي والتشريعي بإجراءات عملية ملموسة من جهة أخرى.

غير أن نجاح هذه الإجراءات يستدعي مساهمة كافة الفاعلين والمعنيين بالمجالات المتضمنة في محاور البرنامج الإصلاحي سواء من خلال السهر على التطبيق السليم لما تتضمنه هذه القوانين الجديدة أو ترقية الممارسات المهنية ومواكبة التحولات الكبرى الحاصلة في المجالات المعنية بالاصلاح السياسي، ومنها مجال الإعلام والاتصال.

ففي هذا الإطار، لم يتوان الوزير الأول السيد عبد المالك سلال خلال إشرافه، في جوان المنصرم، على ملتقى الاتصال المؤسساتي، عن دعوة مسؤولي المؤسسات إلى فتح الأبواب أمام الصحفيين وتمكينهم من المعلومة، مؤكدا بأن الدولة أدت كل واجبها في مجال ترقية الحق في الإعلام. وإذ استدل بالقرارات المصيرية التي تضمنها خطاب رئيس الجمهورية في أفريل 2011، والذي أعلن فيه عن قرار فتح قطاع السمعي البصري لأول مرة في الجزائر، لفت الوزير الأول إلى أن قانون الإعلام وقانون السمعي البصري بدأ تطبيقه قبل الانتهاء من إعداده، في إشارة إلى ظهور القنوات الخاصة التي تبث من الخارج، واستفادتها من كافة التسهيلات التي تمكنها من أداء مهامها الإعلامية على أحسن وجه.

وصرح السيد سلال بوضوح، بأن "المشكل ليس في الصحفي ولكن في من يزوده بالمعلومات"، مشيرا إلى أن "دور كل المؤسسات سواء في المستوى التنفيذي أو التشريعي وباستثناء مجال الدفاع الوطني المحكوم بالسر الأمني، هو تحسين الوضع وإعطاء المعلومة في الوقت المناسب".

ويحل العيد الوطني للصحافة على الأسرة الإعلامية الجزائرية، في ظل تطورات هامة ومكاسب ثمينة حققها القطاع، بفعل تطبيق أولى إجراءات برنامج تعميق الإصلاحات السياسية وتعزيز المسار الديمقراطي ودعم التعددية الإعلامية، ومنها رفع فعل التجريم عن الصحافة من خلال تعديل قانون العقوبات، وإلغاء الأحكام التي كانت تنص على حبس الصحفي، ثم إقرار فتح مجال السمعي البصري، الذي فتح الشهية أمام الراغبين في استغلال هذا المجال والظفر بموقع لهم في الساحة الإعلامية الوطنية، فلم يتأخروا عن فتح قنوات تلفزيونية موجهة للجمهور الجزائري، استطاعت رغم بثها من خارج الوطن من المساهمة بشكل كبير في توسيع مجال حرية التعبير بشكل غير مسبوق.

وقد سبق لرئيس الجمهورية أن أبرز أهمية دور الإعلام في مرافقة جهود الدولة لدعم التنمية وتحقيق التطور المنشود، وكذا جهودها لمحاربة الآفات السلبية كالفساد والرشوة والبيروقراطية والمحاباة، ولعل ذلك ما جعله يضع محور تعزيز حرية التعبير والصحافة في قلب برنامج الإصلاحات السياسية، سواء في الجانب المتعلق بترقية دور التنظيمات السياسية والمدنية في المجتمع أو من خلال إقراره رفع حالة الطوارئ، التي تبعها رفع التجريم عن جنحة الصحافة، ثم إقرار قانون الإعلام الجديد الذي دخل حيز التطبيق بعد المصادقة عليه من قبل البرلمان في نهاية 2011. وقد تم بموجب هذا القانون الجديد إعادة ترسيم الأطر القانونية والتنظيمية للمهنة، وتحديد دور الدولة في مساعدة الصحافة وضمان الحقوق الاجتماعية والمهنية لممارسي هذه المهنة، مع إلغاء جميع العقوبات الخاصة بالسجن التي تضمنها قانون الإعلام السابق الصادر في أفريل 1990.

وفضلا عن إقراره فتح قطاع السمعي البصري أمام القطاع الخاص، بموجب القانون الخاص بهذا المجال والموجود حاليا على مستوى مكتب المجلس الشعبي بعد أن صادق عليه مجلس الوزراء في 29 سبتمبر المنصرم، ينتظر أن يتعزز الإطار التنظيمي الجديد لمهنة الصحافة في الجزائر بإجراءات تطبيقية تنظم عمل المؤسسات الإعلامية وفق دفاتر شروط ملائمة وهيئات للضبط تنظم عمل وسائل الإعلام بمختلف أنواعها.

كما شرع القطاع في تطبيق العديد من المحاور التي تضمنتها تدابير قانون الإعلام على غرار برامج التكوين الموجهة لفائدة الصحفيين والتي خصصت لها الدولة غلافا ماليا بلغ 400 مليون دينار، في انتظار استكمال ما تبقى من إجراءات تشمل على وجه الخصوص، إصدار القانون الأساسي وبطاقة الصحفي وقانون الإشهار الجديد، والتي تعبر في مجملها عن حرص الدولة على ضمان أخلقة مهنة الصحافة وترقية دورها الحقيقي في إعلام الرأي العام، والمساهمة في تقويم الحياة العامة وتقديم خدمة عمومية مميزة للمواطن.