«المساء» ترافق أعوان الرقابة وقمع الغش بأسواق العاصمة

تجار يتآمرون على الزبائن في رمضان

تجار يتآمرون على الزبائن في رمضان
  • القراءات: 2230
❊روبورتاج: زهية .ش ❊روبورتاج: زهية .ش

لم تكن مهمة أعوان الرقابة وقمع الغش التابعين لمديرية التجارة لولاية الجزائر، وعلى رأسهم ممثل المديرية العياشي دهار، سهلة في الأسبوع الأول من رمضان الذي يستغله أغلب التجار لرفع الأسعار وتغيير النشاط من أجل الربح السريع ضاربين بذلك القوانين عرض الحائط، حيث كشفت الخرجة الميدانية التي قمنا بها رفقة أعوان الرقابة في اليوم الخامس من الشهر الفضيل، جشع التجار وتواطؤهم ضد المستهلك من خلال مبالغتهم في رفع أسعار المواد الأساسية، وعرض منتجات وتحضيرها بطريقة غير صحية ما جعل مصالح الرقابة، تتخذ إجراءات صارمة ضد هؤلاء الانتهازيين الذين تجرّدوا من الرحمة في شهر الرحمة .

«المساء» رافقت أعوان مراقبة الجودة وقمع الغش لولاية الجزائر، في مهامهم بسوق فرحات بوسعد المعروف بـ»ميسونيي» بوسط العاصمة، وتجولت بالعديد من المحلات بهذا الشارع الذي يشهد نشاطا تجاريا مكثفا طيلة السنة، ويزداد الإقبال عليه في شهر رمضان، حيث توجهنا رفقة ممثل مديرية التجارة العياشي دهار، على متن سيارة تابعة للمصالح المعنية، و باقترابنا من السوق، قصدنا مباشرة أعوان الأمن الذين كانوا أمام مدخل السوق لمنع انتشار التجار الفوضويين الذين هم أيضا لا يفوتون فرصة الربح في رمضان، ومباشرة بعد ركن السيارة بالقرب من مدخل السوق انطلقت تعليقات بعض التجار الذين لم ترقهم زيارة أعوان الرقابة خاصة العياشي دهار، الذي يعرف خباياهم ويقف لهم بالمرصاد في كل مرة، فرغم أن الرقابة تهدف إلى حماية المستهلك و تنبيه التجار إلى ضرورة احترام الشروط اللازمة لعرض وبيع السلع، والظروف اللازمة التي يجب احترامها أثناء تخزينها للمحافظة عليها من التلف، إلا أن التجار يعتبرون ذلك عائقا بالنسبة إليهم ويتهمون أعوان الرقابة بالتعسّف وإعاقة نشاطهم.

انتهازي يرفع سعر الدجاج إلى 430 دج للكلغ

وقد ترجم أحد بائعي الفواكه الذي نصّب طاولته بمدخل السوق هذا الاعتقاد بتعليقات أطلقها مباشرة بعد رؤيته لفرقة الرقابة، يتصدرها المفتش الرئيسي في الرقابة وقمع الغش وممثل المديرية، الذي يثير الرعب في نفوس جميع التجار على غرار أحد بائعي الدواجن، الذي كان يعرض الكيلوغرام الواحد من هذه المادة بـ430 دج للكلغ، رغم أنه اشتراه بـ350 دج للكلغ أي بفارق 80 دج في كلغ الواحد، بحجة ارتفاع السعر في سوق الجملة مما جعل عون الرقابة يواجهه بحقائق السوق والأسعار المتداولة في ذلك اليوم، ليكشف هذا التاجر الانتهازي أن رفعه سعر كلغ من الدجاج في رمضان يعود إلى عدم إقبال المواطنين على الأحشاء التي كانت تدر عليه أرباحا أخرى في باقي أيام السنة التي كان خلالها يعرض كلغ الدجاج بأقل من 350 دج، وهو الأسلوب الذي اعتمده أغلب التجار بهذه السوق التي كانت فيها الأسعار جنونية، حيث اتفق أغلب التجار على كي الزبون، غير أن العياشي دهار، كان صارما مع هذا التاجر الذي بالغ في رفع السعر.

وشهد شاهد من أهلهم

غادرنا هذا المحل الذي حاول صاحبه البحث عن حجج تغنيه عن العقوبة، وتوجهنا إلى محل آخر بجواره وهو الوحيد الذي لم يرفع السعر بنفس الدرجة، حيث انتقل من 350 دج إلى 380 دج للكلغ أي بزيادة 30 دج في كلغ الواحد، حيث أبدى صاحبه الذي يمارس مهامه بهذا السوق منذ 56 سنة قناعة كبيرة مثلما أكده لنا. معتبرا أن المبالغة في رفع الأسعار بمناسبة رمضان سرقة وغياب القناعة والضمير لدى هؤلاء التجار، معترفا  بوفرة المنتوج سواء الدواجن أو باقي المواد غير أن القناعة التي تحدّث عنها هذا التاجر غابت عند جل زملائه الذين يمارسون نفس النشاط أحدهم أعلن سعر كلغ من الدجاج بـ450 دج رغم أنه اقتناه بـ335 دج للكلغ، مما جعل ممثل مديرية التجارة يفقد صوابه ويعده بعقوبة صارمة تضاف إلى عقوبة الزبائن الذين عزفوا عن محله، بشهادة صاحبه الذي أكد انه لم يبع إلا شيئا قليلا، غير أنه رفض تخفيض السعر مثلما اقترح عليه عون الرقابة.

تركنا هذا المحل وانتقلنا إلى محل آخر كان صاحبه يزن بعض البقايا لسيدة يبدو أن سعر 430 دج للكلغ لم يمكنها من اقتناء كمية لائقة من هذه المادة التي يكثر استهلاكها في رمضان، اقتربنا من صاحب المحل وسألناه عن المبلغ الذي دفعه لاقتناء سلعته فقال دون تردد 350 دج للكلغ، ما يعني أنه يحصل على 80دج فائدة في كلغ، وهو ما جعل عون الرقابة يؤكد بإن هذا السعر مبالغ فيه وغير مبرر حيث اتفق التجار على الزيادة في هذا الشهر، وذلك باعتراف التاجر الذي لم يكن محله في المستوى رغم أنه استقبل زبونا من كوريا الجنوبية رفقة زوجته، والذي قال في دردشة قصيرة مع فرقة الرقابة وقمع الغش التي رافقناها، أن السوق الجزائرية تعجبه كثيرا، بينما ألح عون رقابة على ضرورة تنقية الدجاج جيدا من الريش الحامل للجراثيم والمكروبات التي تنتقل للمستهلك عن طريق اللمس.

كما كشفت خرجتنا الميدانية عدم وضع الملصقات التي تحمل البيانات وهي جد مهمة لمصالح الرقابة ومسار المنتوج وسلامته من كل الأمراض. انتقلنا بعدها إلى بائع اللحوم الحمراء المحلية، حيث عاين العياشي دهار، نوعيتها ومكان حفظها وكانت كل الأمور مضبوطة بهذا المحل، الذي اصطف الزبائن أمامه لاقتناء حاجياتهم بعضهم حالفه الحظ عندما اضطر التاجر لخفض السعر بين 50 إلى 100 دج للكلغ الواحد لحظة تواجدنا وبطلب من ممثل مديرية التجارة الذي توعده بالعقاب في حالة رجوعه عن القرار عند مغادرة أعوان الرقابة.

تجاوزات وعقوبات صارمة

ونحن بسوق «ميسونيي» لاحظنا بعض المحلات مغلقة عمدا وخوفا من أن يطالها العقاب الصارم،  إما بغلق المحل أو الوصول إلى أروقة المحاكم مثلما أكده لنا ممثل مديرية التجارة، مشيرا إلى أنه سيلجأ لغلق بعض المحلات إلى غاية تسوية الوضعية، إحداها لبيع التمور والفواكه الجافة احتل صاحبه الرواق المجاور لتوسعة محله حارما المتسوقين من حقهم في السير بأريحية، مما جعل العياشي دهار، يقرر غلق المحل كون صاحبه تمادى في ارتكاب المخالفة التي سبق وأن طالبه أعوان الرقابة بتصحيحها غير أنه أبدى معارضة شديدة لهذا القرار قائلا: «أغلقوا المحل أنتم اخدموا وإحنا منخدموش»، وهو نفس التعليق الذي تكرر من قبل بعض التجار الذين يدافعون عن أنفسهم رغم أنهم لا يحترمون قواعد ممارسة أنشطتهم التجارية على غرار أحد بائعي التمور الذي بالغ كثيرا في سعر كلغ الواحد الذي حدده بـ680 دج في الوقت الذي اقتناه بـ560 دج للكلغ، أي بربح يصل إى 120 دج للكلغ الواحد، ضاربا عرض الحائط طبيعة هذا الشهر، والإقبال الكبير الذي يشهده محله، والمؤسف حقا هو إصرار هذا التاجر على أنه على حق، وحاول تقديم الحجج التي جعلته يرفع السعر بهذا الشكل منها الضرائب والكراء والكهرباء وثمن العلب، وحتى تنظيف السلعة ضمها الى متاعبه التي يجب أن يدفع الزبون ثمنها، حيث اضطر العياشي دهار، لاستدعائه وجرّه لمصالح الضرائب من أجل إعادة النظر في تصريحاته الجبائية بسبب رفع الأسعار بطريقة غير معقولة ومبالغ فيها وتعرضه لعقوبات أخرى.

تجار يتآمرون على زبائنهم

تركنا هذا التاجر وتنقلنا بعدها إلى محل آخر لبيع الخضر والفواكه، حيث لاحظنا لجوء العديد من التجار خلط الحبات الكبيرة الحجم مع تلك الصغيرة، وهو ما يعتبر غشا في حق الزبون، غير أن ما يؤثر أكثر في هذا الأخير هو الغلاء مثلما لاحظناه، حيث عرض أحدهم  الكوسة أو القرعة بـ150 دج للكغ رغم أنه اشتراها بـ100 دج مما جعل ممثل مديرية التجارة يطلب منه تخفيض السعر إلى 120 دج رأفة ورحمة بالزبائن، ومن الغرائب أن التاجر اقتنع بسهولة وقام بتخفيض السعر قبل مغادرتنا المكان خوفا من عقاب الرقابة، خاصة العياشي دهار الذي كان صارما وأكد على غلق المحل، الذي عرض به كلغ البصل بـ60 دج بدلا من 30 دج الذي كان معتمدا قبل رمضان، الذي ارتفع فيه سعر الخس عند تاجر آخر بـ180 دج، في الوقت الذي اعترف بأنه اقتناه بـ130 دج بزيادة وصلت إلى 60 دج.

دهار لقّن هؤلاء التجار درسا جعل بعضهم يقتنع ويخفّض السعر، كما اعترف بعضهم أن المنتوج متوفر وأن اللهفة هي التي جعلت بعضهم يرفعون السعر ويبالغون في هامش الربح الذي تحصلوا عليه مثلما حدث لأحدهم، حيث عرض الخس بـ180 دج للكلغ رغم أنه اقتناه بـ130 دج قبل ثلاثة أيام.

غادرنا السوق وأنهينا جولتنا بمراقبة محل للأكل السريع حوّل نشاطه لصناعة الحلويات التقليدية منها الزلابية والقريوش، لكن الغريب في هذا المحل أنه لا يتوفر على مدخل واضطررنا لولوجه بصعوبة من خلال مكان ضيق، حيث كانت المفاجأة في انعدام شروط النظافة والصحة من خلال استعمال أواني بلاستيكية غير غذائية وغير صالحة لتحضير وجمع العجين، مما دفع بممثل مديرية التجارة إلى مطالبته بتعويضها، ويثور ضد صاحب المحل الذي لم يحترم شروط النظافة، حيث غادر غير راض عن ما يحدث داخل المحلات والأسواق، مؤكدا لـ»المساء» أن إجراءات صارمة ستتخذ ضد التجار الذين يغيرون نشاطهم في رمضان، منها المتابعات القضائية وغرامات مالية واقتراح غلق المحل لفترة لا تقل عن 30 يوما، ومضاعفة الغرامة ومدة الغلق التي تصل إلى غاية 60 يوما. مضيفا أن هناك حالات عديدة لتغيير النشاط يحال أصحابها على العدالة مع اقتراح غلق محلاتهم  إلى غاية تسوية الوضعيات الإدارية.


كانت موجهة لصناعة «النقانق» أياما قبل رمضان

حجز حوالي طنين من اللحم الفاسد بالعاصمة

تمكنت مصالح قمع الغش التابعة لمفتشية إقليم الدار البيضاء، أياما قليلة قبل رمضان من حجز كمية معتبرة من اللحوم الحمراء والبيضاء قدرت حسبما صرح به ممثل مديرية التجارة لولاية الجزائر لـ»المساء» بواحد طن و723 كلغ غير صالحة للاستهلاك البشري ولا الحيواني، مثلما أكده ممثل مديرية التجارة لولاية الجزائر العياشي دهار.

وأشار المتحدث إلى أن مصالح قمع الغش تفطنت لهذه الكمية الكبيرة والخطيرة على صحة المستهلك التي تم حجزها بنواحي برج الكيفان بالعاصمة وتأكدت من عدم صلاحيتها من خلال طبيب بيطري قام بمعاينتها وإتلافها عن طريق الدفن.

وحسب المتحدث فإن هذه الكمية كانت مخصصة لصناعة النقانق «المرقاز» والشيش كباب، حيث كان المتعامل الاقتصادي ينوي توزيع هذا اللحم الفاسد على المطاعم بالعاصمة وخارجها وتسويقها رغم خطورتها على صحة المستهلك، من خلال صناعة النقانق قبل أن تباغته مصالح الرقابة التي تفاجأت برائحة كريهة منبعثة من اللحم المتعفّن الذي تغيّر لونه ما يؤكد عدم صلاحيته للاستهلاك.

وقد اتخذت المصالح المعنية إجراءات ردعية من خلال استدعاء المعني ومتابعته قضائيا وإحالة ملفه على الجهات القضائية المعنية، واقتراح غلق المحل التجاري لوضع حد لمثل هذه التجاوزات الخطيرة التي يرتكبها بعض المتعاملين الاقتصاديين عديمي الضمير، والذين لا يبالون بالأضرار الخطيرة التي تنجم عن استهلاك لحم فاسد، خاصة وأن الكمية كبيرة وكانت موجهة للمطاعم ومحلات الأكل السريع التي تشهد إقبالا كبيرا من قبل المواطنين.