”المساء” ترافق عناصر خلية الاتصال لأمن بومرداس وسط مدينة برج منايل

بيع وشراء الهواتف المستعملة،، تجارة قد تقود إلى السجن

بيع وشراء الهواتف المستعملة،، تجارة قد تقود إلى السجن
  • القراءات: 9129
    روبورتاج: حنان. س روبورتاج: حنان. س

قد تنجر عن بيع وشراء الهواتف المستعملة بعض المخاطر التي تؤدي إلى أروقة العدالة سواء بالنسبة للبائع أو المشتري، فقد يكون الهاتف المستعمل مسروقا أو محل شكوى ،، مثل هذه الحالات موجودة فعلا مثل العينات التي سنسردها في الروبورتاج التالي الذي رافقت من خلاله ”المساء” عناصر خلية الاتصال لأمن ولاية بومرداس، وسط مدينة برج منايل من أجل التوعية والتحسيس بخطر شراء هواتف مستعملة قد تكلّف صاحبها متابعة قضائية.

«الدلالة” لدى العامة بمجتمعنا تعني في الغالب سوقا شعبية يقصدها القاصي والداني لاسيما إن كانت تقع بحي شعبي ذائع الصيت، أو بمدينة تجارية بامتياز تعتبر مفترق طرق بين عدة اتجاهات وذلك حال مدينة برج منايل بشرق ولاية بومرداس، فهي من أكبر المدن بالولاية وتعتبر معبرا رئيسيا نحو ولاية تيزي وزو المجاورة، ارتبط اسم المدينة بانتعاش التجارة بها حيث بها العديد من الأسواق المغطاة والمراكز تجارية، الحركة فيها تكاد لا تهدأ.. غدو ورواح بين هذا الشارع وتلك السوق تجد بوسط المدينة أو بأطرافها كل ما يبحث عنه المستهلك سواء من خضر وفواكه، ألبسة، أفرشة وأغطية وطبعا هواتف نقالة، فالنزعة حاليا تكنولوجية بامتياز، فعدد زبائن متعاملي الهاتف النقال ببلادنا في تزايد مطرد، حركة بيع وشراء ”البورتابلات” أيضا في ازدياد

ووجع الرأس الذي قد ينجر عن شراء نقال مستعمل قد لا يهدأ بابتلاع حبة من دواء الصداع، فتعدد العينات من حولنا لأشخاص وجدوا أنفسهم بين عشية وضحاها متابعين قضائيا بكل ما قد تحمله هذه العبارة من ثقل، جعلنا نهتم بالبحث في هذا الموضوع والبداية كانت من أمن دائرة برج منايل.

334 حالة سرقة جوالات ببومرداس

في الموضوع يحدثنا رئيس أمن دائرة برج منايل عميد شرطة محمد كريم زروقي، فيقول إن أمن ولاية بومرداس سجل خلال السنتين الأخيرتين 334 حالة سرقة جوالات بكل إقليم الاختصاص تمكنت عناصر الأمن من استرجاع 89 جوالا، موضحا بأن هذه الظاهرة تناقصت بشكل كبير عما كانت عليه في سنوات خلت بفضل تخصيص عون شرطة مكلف بمتابعة هذه القضايا الأمر الذي أكسبه تجربة، وأضحت قضايا سرقة جوال لا تستغرق مدة طويلة لحلها، كما يؤكد المسؤول بأن تكثيف العمل التوعوي لخلية الاتصال بأمن الولاية كان له الصدى الايجابي لدى المواطن الذي أضحى يبلّغ عن حالات سرقة قد يكون ضحية لها، وهو ما يسمح لعناصر الشرطة بالتدخل في الوقت المطلوب ووضع حد للإجرام بصفة عامة.

عن ظاهرة بيع وشراء الجوالات المستعملة قال عميد الشرطة زروقي، بأن مصالحه عالجت عدة قضايا أغلبها خلّف ضحايا توبعوا قضائيا لكونهم باعوا أو اشتروا هاتفا نقالا كان محل شكوى سرقة ”غير أن القانون هنا يأخذ مجراه، ولابد من تقديم الشخص الذي وجدنا بحوزته الجوال المسروق للعدالة”، ناصحا المستهلك بأن يتوخى الحذر في هذا المجال ويشتري من محلات ذات ثقة، كما لفت إلى أن معالجة قضايا سرقة الجوالات تعود لثلاث إلى أربع سنوات، ولما يتصل بالشخص الذي أودع شكوى في تلك الفترة كثيرا ما يندهش كونه نسي الأمر تماما” ـ يقول المسؤول ـ مؤكدا بأن كل حالة شكوى تتابع باهتمام كبير، وقال بأن حيازة هواتف نقالة مسروقة تدخل ضمن جرائم حيازة أشياء مسروقة أو حيازة وإخفاء أشياء مسروقة يتابع فيها من وجدت الجوالات بحوزته، وغالبا ما يفضي التحقيق إلى المتابعة القضائية التي تنتهي بعقوبة قد تتراوح بين دفع غرامات مالية والسجن النافذ!

باعوا هواتف جديدة ومثلوا أمام الشرطة

بحي السويعات وهو من أكبر الأحياء شعبية ببرج منايل، تحدثنا إلى مولود صاحب محل لبيع الهواتف النقالة قال إن ”البورتابل” صار اليوم من أكثر السلع تداولا في السوق سواء بالمحلات التجارية أو في ”الدلالة” لاستعماله الواسع، موضحا بأنه يبيع علامات من صنع محلي وأخرى ”كابة” أي التي يتم جلبها من الخارج من طرف أشخاص، هذه الأخيرة تلقى رواجا كبيرا بين الناس بدليل أننا وجدنا شخصا يطلب من مولود هاتفا من علامة أجنبية ”كابة” ـ على حسب تعبيره ـ لما سألناه إن كان سيقتنيه مستعملا أجاب ”نعم حتى وإن كان مستعملا سأشتريه” لكن ألا تخاف أن يكون مسروقا أو صاحبه متورط في جريمة معينة فستكون أنت في ورطة..”إن كان مسروقا فإن ذاك تم في بلد أجنبي، كما أنني اشتري من محل ذي ثقة لأنني زبون هذا المحل وأعلم أنه لن يخدعني ويورطني في شيء ما” ـ يضيف المواطن ـ بينما يؤكد مولود، على مسامعنا أنه كان هو نفسه ضحية سرقة كلّفته المثول أمام الشرطة، حيث يقول إن محله تعرض في يوم ما للسرقة ولكن تم السطو على الهواتف النقالة دون أخذ علبها التي تحمل أرقامها التسلسلية، وبعد إيداع شكوى لدى الشرطة التي فتحت تحقيقا في الأمر تمكن من استرجاع بعض الجوالات ”ولكني أشير هنا أن مواطنين اشتروا على من سرق الهواتف النقالة التي سرقت منّي، فصاروا هم في عين الإعصار حيث أصبحوا محل شبهة ومتابعة بعضهم جاء إليّ في محلي يشتكي ويقول نحن أيضا ضحايا.. مما جعل مولود يدعو المواطنين إلى الحذر الشديد من شراء جوالات في ”الدلالة” أو الأسواق الشعبية حتى وإن كانت أسعارها منخفضة بعض الشيء: ”أفضّل شراء هاتف نقال من محل تجاري معتمد وبرقمه التسلسلي عوض شرائه من مجهول قد يكلّفني سين وجيم”، يختم مولود حديثه إلينا.

«اشتريت الهم بدراهمي”

دائما بحي السويعات تحدثنا إلى بعض المواطنين حول شراء جوال مستعمل من عدمه، فلمسنا بعض الوعي لديهم حول إمكانية تعرضهم للمتاعب إن هم فعلوا ذلك وهذا بسبب تعدد الحالات في محيطهم، فمثلا حدثنا أحدهم يقول إن صديقا له يقيم في إسبانيا حل يوما ببرج منايل لبضعة أيام بهدف زيارة أهله، واضطر إلى شراء جوال ”يديباني بيه يامات” ـ حسب تعبير محدثنا ـ ولكن الهاتف الذي اشتراه في ”الدلالة” بـ3 آلاف دينار فقط كلّفه غاليا، حيث أنه متابع في قضية أمام العدالة ”وسيضطر للدخول الأيام القادمة من أجل قضيته”، يصمت المتحدث ثم يقول ”يرحم باباك.. لقد اشترى الهم بدراهمه”.

من جهته يقول مواطن آخر بأنه لا يعارض شراء هاتف مستعمل وحجته في ذلك ”النية”، حيث قال إن أغلب الباعة في ”الدلالة هم أولاد حومة” أي أنه يعرفهم ويعرف إن تعرض لأي متابعة فإنه سيجدهم، غير أن ذلك لا يغني من أن يتابع البائع والشاري معا وهو نفس ما جرى مع بائع جوالات بوسط برج منايل.

خسارة في خسارة..

تحدثنا إلى فاتح، صاحب محل لبيع الهواتف النقالة الذي قال إنه كان محل متابعة قضائية بسبب هاتف نقال، ترجع القضية للفترة التي كان الشاب يتاجر في الهواتف النقالة جديدة أو مستعملة أو حتى المبادلة مع دفع الفارق، أي إن أراد أحدهم استبدال جواله القديم بآخر جديد يمكنه ذلك بعد دفع الفارق، ويوم الحادثة جاءه زبون من العاصمة يشتكي تعرضه لتحقيق من طرف عناصر أمن ولاية الجزائر، يقول: ”الزبون اشترى من محلي هاتفا نقالا عُرض عليّ من قبل من طرف أحدهم على أنه يريد استبدال جواله، ولكن اتضح بعد تعرض الزبون الذي اشتراه من عندي لتحقيق أمني.. أنا أيضا تعرضت لذات التحقيق بولاية الجزائر، من يومها لم أعد أتعامل بصيغة تبادل الجوالات أو شراء المستعملة منها، تكسار رأس كبير”، يعلق فاتح على ما جرى له قائلا بأنه قد أصر على زبونه الضحية أخذ هاتفا آخر محل الذي حجزته مصالح الأمن، ولكنه رفض حيث أن الطرفين تقاسما الخسارة نقدا، ما جعل فاتح، يوجه نداءه للمواطنين باتخاذ الحذر الشديد حتى لا يكونوا محل شبهة كيفما كانت، وإن يشتروا جوالا بوثائقه، مبرزا بأن الأسعار متباينة كما أن فيه صيغ معينة بين الطرفين يمكن بموجبها للبائع أن يقسط ثمن جوال إن كان غالي الثمن بعض الشيء..

بيع هواتف مستعملة برخصة

بالشارع الرئيسي لمدينة برج منايل، لفتت انتباهنا خزانة زجاجية بها عدد من الهواتف النقالة اقتربنا من صاحبنا نسأله رأيه في موضوعنا، فأكد لنا أنه قد تعرض لتحقيقات أمنية بسبب جوالات مسروقة كانت محل شكوى، مؤكدا أن هذا الأمر جعله يأخذ حذره من خلال أخذ رقم هاتف كل من باعه جوالا مستعملا أو جديدا ”لازم نحمي روحي أنا ثاني”، يقصد يحمي نفسه يقول الشاب مؤكدا وجود حركة واسعة لبيع وشراء الجوالات على قارعة الطرق أو بالأسواق الشعبية، فهامش الربح قد يصل إلى 8 آلاف دينار وأحيانا يتعداه بكثير، كما أوضح محدثنا بأنه يملك رخصة من البلدية لعرض بضاعته على الرصيف، حيث يزاول مهنته منذ أزيد من 6 سنوات.. ونحن نتحاور مع الشاب اقتربت مواطنة تريد بيع هاتفها النقال قالت بأنها لم تكن أبدا محل تحقيق لأنها تتعامل بـ«الثقة” ـ على حسب تعبيرها ـ بينما تدخل شاب آخر ليؤكد لنا بأنه كان مؤخرا لدى الشرطة ”يستمعون لأقوالي لكوني بعت هاتفا كان محل شكوى سرقة، ولكن من أين لي أن أعرف ذلك لأنني اشتريته بأموالي وأردت بيعه بهامش ربح يسير”، يتساءل الشاب الذي يملك هو الآخر رخصة من البلدية لبيع الجوالات على الرصيف، ثم أخرج لنا أجندة صغيرة مدونا فيها العديد من الأسماء وأرقام هواتف لأناس قال إنهم زبائن باعوه جوالات، ليؤكد في الأخير أنه يمارس مهنة ”فيها خطر كبير”، أي مهنة محفوفة بالمخاطر، حيث تزايدت ظاهرة سرقة الجوالات في السنوات الأخيرة فأضحت تشكل وجع رأس كبير والقانون لا يحمي المغفّلين.