"ألما مارين" تنتظر التفاتة من سلطات بومرداس

بودواو البحري.. مدينة سياحية بامتياز تفتقر لعوامل الجذب

بودواو البحري.. مدينة سياحية بامتياز تفتقر لعوامل الجذب
  • القراءات: 2036
حنان سالمي حنان سالمي

مدينة بودواو البحري أو "ألما مارين" مثلما يسميها أهلها، من المدن الساحلية ذات الصيت السياحي بولاية بومرداس. مدينة هادئة حتى في عز الموسم الصيفي، حيث لا ازدحام ولا اكتظاظ، ما يتيح للزائر سماع صوت ارتطام الأمواج من بعيد غير أن نقص عوامل الجذب السياحي لاسيما نقص خطوط النقل ومحطات سيارات الأجرة، غياب الأسواق والمحلات التجارية والخدمات.. إلى جانب افتقارها لهياكل الاستقبال على غرار الفنادق والمراقد، أفقد هذه المدينة الشاطئية بريقها السياحي الترفيهي.. وأكثر من ذلك غابت عنها الكثير من مظاهر التنمية، حسبما وقفت عليه "المساء" في هذا الروبورتاج.

زارت "المساء" مركز "ألما مارين" المدينة الساحلية التي ورثت هذه التسمية عن العهد الاستعماري.. "ألما" تسمية مدينة بودواو بينما "ألما مارين" تطلق على بودواو البحري حاليا. هذه الأخيرة استفادت قبيل سنوات من عملية تهيئة لشواطئها الخمسة وكذا كورنيش واجهة البحر. تمتد هذه الشواطئ على طول 1805 متر، أكبرها شاطئا المويلحة وبن عبد الله بـ450 م لكل منهما، يضاف لهما شواطئ بودواو البحري مركز، بوزقزة شرق وشاطئ سيدي الخيذر.. كلها سجلت مؤخرا أشغال تهيئة من فتح المسالك وتعبيدها وكذا مد الإنارة العمومية المقتصدة للطاقة، إضافة لتهيئة الأرصفة وتهيئة حظائر للسيارات وضعت للمزايدة، ناهيك عن نصب بعض الأكشاك التجارية وأخرى للألعاب.. كذلك نصبت طاولات بالشاطئ المركزي من أجل راحة العائلات خاصة في الفترات المسائية والليلية مع توفر عامل الأمن بفضل دوريات الدرك الوطني..رغم ذلك فإن نقائص عديدة تحول دون اكتمال صورة الاستمتاع بجمالية المدينة وشواطئها الخلابة، لاسيما النقل والترفيه والأسواق التجارية.. وهي في الحقيقة من أهم العناصر الواجب توفرها في أي مدينة شاطئية لجذب تدفق سياحي يمكّن من تحقيق انتعاش اقتصادي خلال الموسم الصيفي.

تدهور مزمن لـ"ألما مارين"

بالساحة الرئيسية لمدينة بودواو البحري، تحدثت "المساء" مع عدد من المواطنين قالوا إنهم من أبناء "ألما مارين" لأجيال متلاحقة، منهم محمد الشاب الثلاثيني الذي تحدث بالكثير من الأسى والأسف عن واقع مدينة قال من المفروض أنها في المراتب الأولى للجذب السياحي بولاية بومرداس، لكن نقص الإمكانيات بسبب سوء التسيير حسبه- يجعلها مدينة ساحلية تقبع تحت الظل حتى في عز الموسم الصيفي. المتحدث لفت لكون المدينة تجمع كل المقومات لتكون قبلة حقيقية للسياح بفعل شواطئها العائلية "لكن غياب الاستشراف بالمجالس المتعاقبة على البلدية أبقتها مدينة أشباح حتى في عز الموسم السياحي"، يقول محدثنا ملفتا في هذا الصدد لفشل السلطات المحلية في إقامة مشروع ميناء أو حتى إزالته، وهي النقطة السوداء التي بقيت عالقة بالشاطئ المركزي منذ قرابة 15 سنة "اليوم نحن سكان بلدية بودواو البحري نطالب بإزالة هذا الميناء الذي تسبب في تدهور وضعية الشاطئ المركزي وفي تراجع عدد المصطافين بشكل كبير".

في هذا السياق، كشف معظم محدثينا بأن بلدية بودواو البحري كانت تعرف قبيل إقرار إنشاء الميناء حركية ملحوظة صيفا بفعل التوافد الكبير للمصطافين والسياح من كل الولايات خاصة ممن يستأجرون سكنات لدى الخواص "غير أن وضع أحجار من الحجم الكبير تحسبا لإقامة ميناء نزهة، شوهت وجه الشاطئ وقلصت من مساحته المخصصة للعائلات والاستجمام بشكل كبير مما جعل الكثيرون يقصدون شواطئ أخرى قريبة، يقول عبد الله صاحب مقهى الذي أكد في معرض حديثه أنه وغيره من التجار ينتظرون حلول الصيف بفارغ الصبر لتحقيق بعض الأرباح تعويضا عن كساد الحركة التجارية باقي المواسم، غير أن الصورة بقيت نفسها لسنوات رغم بعض التفاؤل الذي ارتسم مؤخرا بفضل بعض أشغال التهيئة واحتضان الكورنيش للافتتاح الرسمي للموسم الصيفي سابقا. من جهته يشير صاحب محل بقالة بمركز المدينة الى نقائص أخرى كثيرة قال إنها أثرت سلبا على السياحة ببودواو البحري لعل أهمها غياب خطوط نقل لكبرى المدن خاصة عاصمة الولاية بومرداس، مؤكدا أن خط النقل المتوفر يربط بودواو البحري بمدينتي الرغاية أو بودواو.لكنه لم يغفل للإشارة فإنه أضيف خط أخر برسم الموسم الصيفي الجاري تضمنه "حافلات بومرداس" ما بين بودواو وبودواو البحري "ولكن هذا لا يكفي.. نريد مضاعفة خطوط النقل لضمان تنقل الزوار والسياح"، يضيف المتحدث ملحا كذلك على عامل الدعاية والإشهار لمدينة المامارين كأهم عوامل الجذب السياحي حتى تتمكن المامارين الخروج من قوقعتها.

حركة تجارية مشلولة وانعدام أهم الخدمات

ولا تقف النقائص بمدينة بودواو البحري عند هذا الحد، حيث ان زيارة "المساء" كانت بمثابة المتنفس لسكان المدينة الساحلية للتعبير عن سخطهم على السلطات المحلية التي قالوا إنها السبب في التدهور المزمن للمدينة. فلا وجود حسبهم- لمحطة برية أو محطة سيارات أجرة، بل هناك موقف حافلات بمدخل المدينة أمام المحلات المهنية يوجد مقابلها موقف عشوائي لسيارات "الكلوندستان" تضمن النقل الى بومرداس بـ600 دج، وإلى الرغاية بـ500دج والى بودواو بـ300دج أمام مرأى السلطات التي لم تحرك ساكنا. كذلك لا وجود لسوق يومي للخضر والفواكه..بل لا وجود لمحلات تجارية ولا حتى مطاعم ومحلات أكل سريع.." كل ما يوجد دكان واحد لبيع الخضر..مقهى وبيتزريا"، يقول أحدهم معددا كذلك غياب قاعة رياضة فالموجودة عبارة عن هيكل متداعي في بناية تعود للعهد الاستعماري.. كما أشار لارتفاع نسبة البطالة لغياب مصنع يشغل الشباب حتى في المجال الفلاحي بالنظر لطابع البلدية، ما جعله وغيره من المتحدثين يدعون السلطات الولائية للنظر بعين الاعتبار لهذه البلدية بتسجيل مشاريع تنموية وأخرى استثمارية تنشط الحياة اقتصاديا واجتماعيا.. محدثونا لم يخفوا حقيقة قيام السلطات المحلية ببعض أشغال التهيئة الخفيفة قبيل انطلاق كل موسم صيفي، رغم ان التحضير لهذا الحدث الاجتماعي والاقتصادي حسبهم- يتطلب أسابيع من التخطيط والتجسيد بشكل جيد وجدي!

شواطئ عذراء.. و إقبال محتشم حتى في عز الصيف

مثلما أشرنا إليه سابقا فان بلدية بودواو البحري تحصي 05 شواطئ تزاوج بين زرقة البحر واخضرار المحيط حيث أن البلدية فلاحية يطغى عليها لون الحياة. مصالح البلدية خصصت في السنوات الأخيرة مبالغ مالية متفاوتة من ميزانيات مختلفة لتهيئة الشواطئ وتهيئة الملعب الجواري وساحة للعب وتهيئة الطريق بالأرصفة ومساحة خضراء والإنارة العمومية المقتصدة للطاقة..بكل من شاطئي المامارين وبوزقزة شرق وكذا تهيئة حظائر السيارات..إلا أن الإقبال يبقى محتشما مقارنة بشواطئ قورصو المجاورة على سبيل المثال، يشير صاحب أحد الأكشاك التجارية القليلة بالشاطئ المركزي، داعيا الجهات المعنية إلى الاهتمام أكثر بهذه المدينة الساحلية بما ينشط الحياة اقتصاديا خلال أشهر الصيف ويعيد بالنفع على أبناء المنطقة، حيث يشير محدثنا إلى غياب التنسيق بين المصالح الإدارية مما سبب تأخيرا في صدور رخص فتح بعض الأكشاك التجارية ما تسبب في ضياع شهر كامل حسبه. وهو نفس ما أشار إليه صاحب كشك آخر أكد أنه لم يتمكن من الحصول على رخصة استغلال الكشك سوى قبيل ثلاثة أيام، متسائلا عن سبب تهاون الجهات المختصة في هذا الأمر مما سبب خسارة أسابيع عمل في موسم العطل يتم انتظاره بفارغ الصبر. بينما تساءل أحدهم عن سبب انعدام المياه في دورات المياه والمراحيض التي بقيت موصدة حتى في عز الصيف.. كما تساءل أيضا عن سبب استمرار غلق مطعم وحيد بمدخل الشاطئ المركزي تمت تهيئته مؤخرا..وكلها أسباب أكد محدثونا أنها تساهم بشكل كبير في تراجع الإقبال على هذه الشواطئ رغم جمالها وهدوئها.

البلدية تضم صوتها لصوت السكان..

في هذا السياق، تحدث رئيس بلدية بودواو البحري، عبد الحميد معمري، عن وضع هذا المطعم للمزايدة بعد أن حددت مصالح أملاك الدولة سعره الافتتاحي المحدد بـ280 ألف دينار للسنة يوضع الأسبوع المقبل للمزايدة. كما أشار في مقابلة مع "المساء" أنه تم نصب عدد من الأكشاك تنشيط الحياة التجارية، ناهيك عن كراء حظائر السيارات الخمس عن طريق المزايدة، مثلما تشير إليه القوانين المعمول بها في هذا الشأن. أما عن وضعية الميناء الذي يؤرق سكان المامارين، فقد ضم المسؤول صوته لهؤلاء مؤكدا أن مشروع إقامة ميناء نزهة وصيد تسبب في عرقلة الحياة السياحية بأهم الشواطئ بالمامارين، ملفتا إلى أن والي الولاية وخلال وقوفه على التحضيرات لاستقبال موسم الاصطياف 2022 بذات الشاطئ، أمر مصالح مديرية الأشغال العمومية أن تقوم برفع الأحجار المتناثرة ورميها بالبحر بشكل ممر وسط الأمواج مثلما كان الحال بشاطئ الواجهة البحرية لمدينة بومرداس. بينما أشار نفس المسؤول إلى أن قوارب الصيد والنزهة سيتم رفعها وتحويلها لشاطئ الصخور. أما عن نقص النقل فقال محدثنا إنه طرحت المسألة في اجتماع مع الوالي يحياتن بحضور مدير النقل درس خلاله مخطط النقل ببلدية بودواو البحري أضيفت بموجبه حافلات خلال موسم الاصطياف في انتظار مشاريع تنموية أخرى مستقبلا..