ظاهرة البنايات الفوضوية في إطار العقود العرفية بقسنطينة

الوالي يأمر بمتابعة المتورطين في القضية

الوالي يأمر بمتابعة المتورطين في القضية
  • القراءات: 3945
الزبير. ز الزبير. ز
أعطى والي قسنطينة، السيد حسين واضح، تعليمات صارمة للتحقيق في قضية البنايات الفوضوية المشيدة على الأراضي المسجلة في إطار العقود العرفية ومتابعة المتورطين فيها، داعيا إلى ضرورة إعادة الاعتبار للأراضي الفلاحية بالولاية وعدم تحويلها عن مهمتها الأساسية المتمثلة في إنتاج المحاصيل الزراعية (الخضر والفواكه والحبوب)، منتقدا ظاهرة غزو الإسمنت للعديد من الأراضي المخصصة للفلاحة.
وهدّد والي الولاية بالمناسبة، بمتابعة أصحاب هذه الأراضي الذين يقومون ببيعها وتقسيمها إلى حصص من أجل تشييد السكنات عليها، خاصة بعد انتقال الملكية إلى عدة أشخاص ما أصبح يرهن مستقبل القطاع الفلاحي بالمنطقة، مذكرا بأن المصالح المختصة سجلت بيع أحد الملاك لقطعة أرض قام بتقسيمها إلى 460 قطعة ببناء سكنات عليها دون الحصول على رخص خاصة بالبناء.
مساحات فلاحية مهددة بالأحياء القصديرية بصالح باي
وعرفت العديد من الأراضي الفلاحية عبر تراب ولاية قسنطينة عمليات بيع فوضوي في إطار ما يعرف بالعقد العرفي، حيث يستغل المشتري غفلة السلطات البلدية والمحلية، ليقوم بمباشرة أشغال البناء خلال الفترات المسائية وبالليل بعيدا عن أعين أعوان الرقابة وشرطة العمران.
وشجعت عمليات البيع الفوضوي للأراضي الفلاحية عددا كبيرا من الزبائن الذين يتهافتون عليها في ظل أزمة السكن والأسعار المغرية التي يعرضها أصحابها للبيع بعقود عرفية، حيث بلغ سعر المتر المربع الواحد على سبيل الذكر بمنطقة صالح باي (الغراب)، التي كانت تنتج أجود الفواكه والخضر بقسنطينة نظرا لخصوبة أراضيها ما بين 4500 و6000 دج، حيث قام ورثة إحدى العائلة المشهورة بهذه المنطقة، تملك مساحات شاسعة بالتصرف في هذه القطع الأرضية بعدما قطعوا الأشجار المثمرة وأحرقوا النباتات النامية على هذه الأرض، وشرعوا في تقسيمها بغرض بيعها، علما أن ذلك مسّ مناطق أثرية على غرار حمام الباي.
واغتنم الزبائن غفلة المصالح المختصة، رغم حرص مصالح الدرك الوطني على منع هذه الممارسات، للشروع في تشييد بنايات فوضوية على هذه الأراضي، وهو ما أضحى يهدد المنطقة في انتظار تدخل عاجل للجهات المعنية لوقف هذا النشاط غير القانوني الذي أصبح يشكل خطرا على الفلاحة بالمنطقة.
نفس الشيء بالنسبة لمنطقتي الجذور وبوالصوف
وعرفت منطقة الجذور بقسنطينة هي الأخرى نفس الممارسات، حيث تحولت بها الأراضي الفلاحية الخصبة التي كانت تنتج أجود أنواع الحبوب، إلى ورشات بناء فوضوية مفتوحة، ساهمت في القضاء على قطاع الفلاحة والزراعة بهذه المنطقة، حيث ارتفع سعر المربع الواحد بها خلال السنوات القليلة الماضية من 6000 إلى 12000 دينار للمتر المربع الواحد، وهو ما أصبح يدرّ أموالا طائلة على السماسرة والمتواطئين في عمليات البيع غير القانونية.
كما تعرف منطقة الباردة الواقعة أسفل حي جبل الوحش نفس الظاهرة، حيث اقتنى بها بعض الخواص قطعا أرضية شاسعة بمبالغ رمزية تراوحت بين 35 و50 مليون سنتيم للآر الواحد، ليتضاعف هذا الثمن إلى 10 مرات في ظل غياب الرقابة وصرامة الجهات المعنية، حيث أصبحت قطعة الأرض تباع بـ 500 مليون سنتيم في إطار عقود عرفية. وتوسّع هذا النشاط غير القانوني ليمس عدة أراض فلاحية بمناطق أخرى على غرار (سيساوي وزواغي وسركينة...).
هدم 40 بناية فوضوية والعملية ومتواصلة
وأمام هذا الوضع، وبعد سنوات من الغياب، تحركت السلطات الولائية بقسنطينة حيث وجه والي الولاية إنذارا واضحا لأصحاب هذه الأراضي وحتى الخواص الذين يشيّدون منازلهم فوق أراض بعقود عرفية، إذ أكد أن مصالحه بادرت بهدم 40 منزلا فوضويا بمنطقة بلخوان بحي عين الباي خلال الأيام الفارطة، مشيرا إلى أن هذه العملية ستتواصل عبر كامل مناطق الولاية، مضيفا بالمناسبة أنه يتعيّن على كل مالك لقطعة أرض التعجيل في تسوية وضعيتها القانونية وتهيئتها بشكل قانوني قبل بيعها على شرط أن تكون مدرجة ضمن النسيج العمراني، بعيدا عن النسيج الفلاحي، مذكرا في السياق، بأن الأرضي الفلاحية غير قابلة لتحويلها عن طبيعة استغلالها سواء كانت عمومية أو خاصة.
نحو إلغاء مخطط الهشاشة واسترجاع أكثر من 200 هكتار
ومواصلة للجهود الولائية الرامية إلى إعادة الاعتبار للأراضي الفلاحية والحفاظ على شروط استغلالها القانونية، في ظل قلة الجيوب العقارية المخصصة لمشاريع البناء، بادرت بلدية قسنطينة خلال أشغال الدورة العادية الأخيرة للمجلس الشعبي البلدي باقتراح تمت المصادقة عليه في انتظار أن يرفع إلى الوالي، يتعلق بإلغاء مخطط الهشاشة الذي تطبقه الولاية منذ سنوات والخاص بالمناطق الحمراء التي يمنع فيها البناء، والمقدر عددها بـ200 إلى 300 هكتار، حسبما كشف عنه رئيس البلدية السيد سيف الدين ريحاني الذي أوضح أنه من بين هذه المساحة 56 هكتارا تقع بحي سركينة و23 هكتارا بحي بو الصوف.
وعزّزت البلدية اقتراحها هذا بعد الدراسة التي قام بها المخبر الوطني لهندسة الزلازل الذي لا يرى بدوره أي خطر انزلاق يهدد هذه المناطق المصنفة في خانة المناطق الحمراء.