تراثها يحاكي الأصالة وعمرانها يسلب الألباب

الوادي .. مدينة الألف قبة في انتظار مكتشفيها

الوادي .. مدينة الألف قبة في انتظار مكتشفيها
الوادي .. مدينة الألف قبة في انتظار مكتشفيها
  • القراءات: 13877
الوادي: أحلام محي الدين الوادي: أحلام محي الدين

يجد زائر ولاية الوادي نفسه أمام جمال فريد تطبعه الطبيعة الصحراوية الخلابة التي تحاكي فيها الرمال العسجدية والنخيل الباسق العين والنفس لتعطيه إحساسا بالراحة ورغبة في اكتشاف كل زواياها ومنازلها العريقة بشغف كبير، التي تحاكي الأصالة وتظهر عبقرية هندسية تميز بها السوفي، الذي استطاع أن يتأقلم مع قساوة الصحراء صيفا وشتاء من خلال النمط العمراني الفريد من نوعه الذي يعتمد على القباب والأقواس والادماس، علاوة على الغيطان، المكتنزة بالنخل والزيتون والتي تمد أيضا باقي ولايات الوطن بالخضر الغنية بالفيتامينات والمعادن نظرا لخصوصية المنطقة.

«المساء» زارت الوادي وحاولت نقل تفاصيل جمالياتها في هذا الربورتاج، خاصة وأن مدينة الألف قبة وقبة تفتح ذراعيها بكل حفاوة للزوار المحليين والأجانب من خلال المنشآت السياحية الموجودة وأخرى في طور الإنجاز، حسبما أكده مدير السياحة للوادي، عارضة تراثها الأصيل وجمالها العذري الذي حير الألمان والإيطاليين ممن بهروا بها حيث اجتمع فيها العرق والرق والغزال والفنك والتمر «البعلي» شهي المذاق الصحي بامتياز. 

توجد ولاية الوادي بالصحراء الوسطى وتضم منطقتين تاريخيتين هما وادي سوف ووادي ريغ وقد ثم إنشاء الولاية المنتدبة «المغير» بها في 2016. وتنفرد الوادي بجمالها وموقعها الجغرافي وجمال طبيعتها ومناخها المتميز بالصحراوي الجاف الذي يتميز باختلاف درجات الحرارة أثناء الليل وفي الشتاء والصيف، كما أن للمنطقة خاصية هبوب رياح حارة وجافة في الصيف والربيع، أما نسبة تساقط الأمطار فهي ضئيلة وتكون هامة خلال شهري أفريل وأكتوبر. والعرق الشرقي الكبير من أهم المواقع السياحية الطبيعية بها وهو الذي  يجذب السياح من كل مكان لأهميته الطبيعية  وكثبانه الرملية المدهشة التي يفوق علوها 100متر، كما أن مدينة الألف قبة وقبة شهيرة ببساتين النخيل المسماة بالغيطان والممتدة على مد البصر، حيث يشعر زائر المدينة وكأنها تحتضنه من كل مكان، وهي البساتين التي تلفها الكثبان الرملية المترامية الأطراف في العرق الشرقي الكبير، إضافة إلى وجود السبخات والشطوط والبحيرات وسواقي الماء. توجد بها حيوانات صحراوية متنوعة خاصة منها الفنك، الغزال، القط الوحشي، الحبار، العقارب ، الورن ومجموعة من الطيور على غرار الغربان.. كما أن البحيرات والسبخات تستقبل بعض الطيور المهاجرة منها النحام الوردي، البط البري ودجاج الماء.

ورغم المناخ الجاف، نجد الغطاء النباتي متنوعة أشكاله، به النباتات الرعوية، الشوكية والطبية من أهمها الرتم، الحلفاء، الطرفاء، الشيح، البشنة، إضافة إلى أشجار النخيل، الزيتون والفواكه.


قباب وأقواس المدينة جمال يحاكي البصر

يتميز الطابع المعماري للوادي بهندسته الفريدة، فهو مكون من القباب والأقواس والادماس، إذ أكد  السيد نبيل أوبيرة، رئيس مصلحة السياحة في حديث لـ«المساء» أنها نتاج عبقرية السوفي. ويقول «هذه الطبيعة الهندسية استمدها السوفي من الطبيعة تشكل توأمة مع الطبيعة، فالقباب صنعت لعدة أهداف أهمها تقسيم أشعة الشمس وعدم السماح للرمال والأمطار بالتكدس فوق سطح المنازل، كما أن القبة تساعد على تخفيف درجة الحرارة وتقلل من البرودة بطريقة آلية».

فيما يخص تسميتها بمدينة ألف قبة وقبة، قال محدثنا «هذا الاسم أطلقته عليها الكاتبة الفرنسية من أصل روسي إيزابيل ابرهاردث، التي استقرت وتزوجت من المنطقة، يشرح «عندما صعدت إلى منارة سيدي سالم وشاهدت المدينة رأت  مجموعة من القباب التي ظلت تنظر إليها طويلا وقد أسس للمدينة عيد يحتفى به كل سنة وهو في طبعته الرابعة والأربعون، فالقباب تعد بصمة أهل الوادي».

وردة الرمال عماد البيت السوفي

أشار السيد أوبيرة، في معرض حديثة إلى أن البيت السوفي التقليدي مصنوع من مواد طبيعية من المنطقة، وهي التي سمحت للبيوت القديمة بالبقاء إلى يومنا هذا ومنها ما مر على بنائه قرن ولم يتأثر بالعوامل الطبيعية، في حين تتصدع البيوت الجديدة بعد ستة أشهر من بنائها فقط، لعدم احتمالها حرارة الجو،  يقول «المواد الأساسية مستوحاة من الطبيعة فهي عبارة عن «اللوس» وهي  وردة الرمال والجبس التقليدى المستخرج من التربة وهي صديقة للبيئة، فوردة الرمال التي توجد تحت طبقة من الرمال وتأخذ أشكالا متعددة، حسب موقعها في الأرض، وتعتبر مادة أساسية لبناء المنزل السوفي، كما تستعمل في الزينة، تضاف إلى الجبس التقليدي، وهو عبارة عن صخور يتم تسخينها في درجة حرارة عالية لتكسر وتطحن وتمزج بالمياه لتتحول إلى جبس يطلق عليه اسم «التافزة». وعن خاصية المنازل السوفية القديمة، قال محدثنا إن بها حاوية تقليدية تسمى الخابية يحزن فيها التمر ويبقى على حاله لمدة عامين وفيها مسلك صغير في الأسفل يخرج منه لب التمر يقدم كتحلية للرضع.

غيطان النخيل ... 

أشار السيد أوبيرة، إلى أن غيطان وادي سوف فريدة من نوعها على مستوى العالم، حيث تعيش النخيل في تناسق لتضفي جمالا على مد البصر وتقاوم فيها  قساوة الطبيعة لتعيش وتثمر، وهي موجودة في عديد مناطق الولاية على غرار غيطان منطقة ميه باهي وواد العلندة، وكذا منطقة النخلة ووادي الترك الذي يعطي إحساسا بالسكون والأمان وسط العرق الشرقي الكبير، مؤكدا أن الغيطان قد صنفت كمعلم وتراث هندسي عالمي من طرف المنظمة العالمية للتغذية سنة 2011. وحيال كيفية إنشاء الغوط،قال محدثنا «العملية تخضع لحسابات هندسية معقدة جدا لتصبح النتيجة كالتالي: حتى إذا كانت الرياح عاتية، فإنها بدون أثر عند النزول إلى الغوط وحتى بوجود الحرارة في الصيف تكون الغيطان باردة وهو ما يجعل العائلات تقضي الصيف فيها، كما أن الغيطان صنفت كموروث مادي كمسطحات الفلبين والبيرو لاحتوائها على نماذج زراعية فريدة لا توجد في مناطق أخرى من العالم».

وأكد محدثنا أن السوفي اعتمد على الهرم المقلوب في هندسة الغيطان حتى يصل  الماء إلى النخلة لتشرب من الطبقة الجوفية، مضيفا أن التمور التي تنتجها النخيل تسمى بـ«البعلي»، وهي من النوعية الجيدة وتسوق لروسيا  وأمريكا اللاتينية لاعتبارها صحية»، يوضح «التمر البعلي يحتفظ بخاصيته لسنين من دون أن يفسد، أما التمور المسقية فلا تزيد عن 6 أشهر حتى داخل المبردات، حيث تصدر منها رائحة». 

الوادي منطقة عذراء

بالحديث عن السياحة، قال السيد أوبيرة، إن ولاية الوادي تقع في قطب امتياز جنوب شرق ضمن المخطط التوجيهي للتهيئة السياحية الذي أعدته وزارة السياحة، ومن مميزاتها أنها مازالت منطقة عذراء لم تستكشف بعد، مقارنة بالجهة الغربية كتاغيت وبشار ومازالت تستلهم وتستقطب السياح الإيطاليين  والألمان الذين يأتون إليها تكرارا، مضيفا أن هناك مناطق في العمق، أي بالحدود الشرقية ولم تستغل بعد ولم تلق الترويج الحقيقي للسياحة، تتميز بالطبيعة الخلابة فيها العرق والرق  والنباتات الصحراوية المحمية من الثلوت، علاوة على وجود الحيوانات الصحراوية بها بقوة كالغزلان والأفناك (ثعالب الصحراء)، هواءها نقي ويمكن مشاهدة النجوم في الليل يقول «وهذا ما يفسر  إمكانية مشاهدة سكان الوادي لهلال رمضان، فهذا راجع للموقع الفلكي، فهي مستكشفة،  فعند الذهاب إلى عمق الصحراء يمكن مشاهدة مختلف النجوم والكواكب بدون منظار، فهي مناطق عذراء ويوجد بها آبار من عام 1954 مازالت تتدفق منها المياه وتسقى منها الإبل، وهناك عدة ترتيبات لضمان الرفاهية السياحية، خاصة وأن الحراسة الأمنية موجودة وما يبقى هو  الاستغلال السياحي لهذه المناطق. مشيرا في السياق إلى استقبال الوادي مؤخرا لفوج من هونغ كونغ لزيارة الأماكن السياحية والتسوق والتعرف على الصناعة التقليدية بالمنطقة.


سوق الأعشاش وقهوة الزقاق...نكهة الأصالة

المتجول في مدينة وادي سوف، يلحظ حفاظ المدينة على طابعها المعماري الأصيل على غرار مدينة قمار العتيقة التي يوجد بها مطار المدينة الشهير بالقباب، فهي عبارة عن بنايات قديمة تنسجم فيها الأزقة العتيقة الضيقة  مع الشكل الصحراوي الأصيل، إذ تتميز بالقباب  والادماس ولا يبعد عنها مسجدا سيدي سعيد وضريحه  وسيدي مسعود، وهي مقاصد للسياح من داخل وخارج الوطن. كما أن المنازل التقليدية بهذه المنطقة لا زالت تحافظ على جمالها.

ويعد حي الأعشاش العتيق مقصدا لزوار المنطقة، فهو بمثابة نموذج للقصور الصحراوية العتيقة وأزقتها الضيقة،  يتواجد به سوق الوادي الكبير أو سوق الأعشاش، وهو يشبه إلى حد كبير الأسواق بالمشرق العربي، ويعود تاريخ الحي الذي يوجد به إلى نهاية القرن 16 والسوق إلى 1890، ويجد الزوار من قاصدي السوق الكثير من الأشياء التي يمكن الاحتفاظ بها كتذكار على غرار وردة الرمال والحرف التقليدية أو تناولها كالفول السوداني المحمص المرافق للشاي والتمر أو الفول الكبير المحمص والذي يتناوله أهل المنطقة في جلساتهم العائلية، كما توجد فيه مختلف التوابل التي تحتاجها ربات البيوت للطبخ، وعلى طول مسافة السوق يجتهد الباعة في عرض ما لديهم من خضر وفواكه وملابس، حيث يجد فيه الزبائن كل شئ وحتى «الشرشمان»، الذي يلقبه أهل المنطقة بحوت الصحراء، حيث يلتف طالبوه لطبخه فيما بعد وتناوله أو للعلاج به، حيث أكد العارفون أنه بمثابة «منشط جنسي طبيعي».   

مقهى زقاق البيرو... ملتقى محبي الأصالة

عند مخرج سوق الأعشاش، تتربع على اليمين أعرق  مقهى في المنطقة والتي يطلق عليها اسم «زقاق البيرو» التي تزينت بمختلف التحف التقليدية المستعملة في المنطقة من النحاس والحديد والطين وحتى أجهزة الراديو القديمة، وأشار صاحب المقهى السيد رزوق السعيد في حديثه لـ«المساء» أن المقهي موجودة منذ 1931 ويطلق عليها اسم السوق الصغير، لأنه كان يوجد بها في وقت مضى مكتب كاتب عمومي، أول مقر لحزب الشعب، محلان لتصليح الساعات وأجهزة الراديو  مؤكدا أنه ثم الاحتفاظ بطرازها القديم حفاظا على الأصالة.

الحرف التقليدية منتشرة بقوة

تنتشر حرفة السلالة بالوادي، حيث تزينت الشوارع المحاذية لمحلات بيع التحف التقليدية التي تقدم للزوار مجسمات رائعة تعكس البيئة الصحراوية بأنوع مختلفة من القفف والسلال وأطباق الخبز والتمر لتلبية متطلبات الحياة اليومية للعائلات، وتصنع من جريد النخل  والحلفاء، وأغلب الققف عليها رسومات بالصوف كتب عليها وادي سوف ورسمت عليها الجمال وأشجار النخيل كتثبيت للعلامة تعكس أنها من وادي سوف على غرار الجمال والنخيل.

كما تنتشر محلات بيع الفخار والمتمثل في الأواني المنزلية التي تستعملها ربات البيوت على غرار الطاجين، القلال، المزهريات والصحون.

الزاوية التجانية معلم ديني وتاريخي وسياحي

بدأ التصوف في منطقة وادي سوف ووادي ريغ عن طريق الزوايا الثلاث المعروفة في المغرب العربي وإفريقيا وهي الزاوية التجانية، الزاوية الرحمانية والزاوية القادرية.

ويعد سيدي أحمد التجاني، سيدي عبد القادر الجيلاني ، سيدي الشيخ العزوزي الآباء الروحين لهذه الطرق الصوفية.

وخلال تجولنا بالوادي، صادف دخولنا الزاوية التجانية بقمار بعد صلاة المغرب، حيث وجدنا عددا من حفظة القرآن في حلقة باشروا ترديد قصيدة البردة في أجواء روحانية، حيث أكد الشيوخ لـ«المساء» أنهم يحرصون على تحفيظ الصغار الذكر الحكيم. وقد أنشئت زاوية قمار سنة 1789 وهي تابعة للزاوية التجانية، وتعتبر أول ما بني من الزوايا في الجزائر، حيث زارتها وطافت في أرجائها الباحثة إيزابيل ابرهاردث سنة 1900،  وانبهرت بطابعها العمراني المميز، حيث تشد قبتها المزخرفة بالألوان الزاهية الانتباه، كما تعد معلما دينيا  وتاريخيا وسياحيا هاما تنفرد بجمال نقشه وزخارفه الجبسية، حيث صنف سنة 1982 كمعلم وطني».


الأعراس فرحة يشارك فيها الجميع

لازالت بعض العائلات في مدينة سوف تحافظ على تفاصيل العرس التقليدي،  الذي يتميز بنقل العروس في المحفل والجحفة، حيث تُركب على ظهر البعير الذي ينقلها إلى بيت الزوج، في حين تزف أخريات على الطريقة العصرية في "كورتاج" على أنغام الزرنة والبارود.

خلال اليوم الأول من الزفاف، تعم البيت أجواء من الحبور والفرح والابتهاج، تتم بـ”الزرنة" والبارود، تقدمها الفرق الفنية المشهورة في المنطقة التي ترتدي لباسا تقليديا وتحمس الشباب على الرقص الشعبي.

تختلف حركات أهل المنطقة في الرقص، إذ نجد منها رقصة "الزقايري" وهي خاصة بالرجال، تنتشر في منطقة قمار، تؤدى باستعمال البنادق التقليدية والطبل والغيطة في شكل دائري منسجم، وتميزها طلقات البارود في وقت واحد.  إلى جانب رقصة "الزنداني" وهو طابع غنائي معروف في الوطن له مقاطع موسيقة معينة، وما يميز "زنداني" وادي سوف أنه من نوع 2/4، بخلاف المناطق الأخرى التي تكون بـ6/8. بينما رقصة "الغيطة" التي تشتهر بها منطقة وادي ريغ، وتؤدى باستعمال الطبل وآلة الزرنة مع إيقاعات خفيفة وراقصة، فتبرز في الأعراس  مرفوقة باستعراضات للخيل والفرسان. كما تشتهر منطقة الوادي بالمديح والحضرة، وهو فن شعبي يمزج بين الشعر والغناء الذي موضوعه مدح الرسول الكريم، والحضرة لا تختلف عنه، فهي أداء إيقاعي يؤدى بآلة "البندير"  ويتميز بالخفة والتردد المستمر. أما في وادي ريغ، فيسمى هذا النوع سيدي عمار بوسنة، وتستعمل فيه آلة الزمار أيضا.


"الكسكسي" و"الشخشوخة" للأفراح

يتكون الأكل الأساسي للسوفيين من الحليب ومشتقاته، اللحوم والخضر والفواكه، الحبوب والتمور. ومن أهم الأطباق الشعبية؛ "الدوبارة" المتكونة من الحمص الطازج والفول والعديد من التوابل، خبز المطابيق المحشو بخليط من الطماطم، الفلفل، البصل والشحم، وهو ما يشبه "المحاجب" في بعض ولايات الوطن. إضافة إلى طبق "السفة" "العيش" و«الشخشوخة". أما الأعراس فتتزين موائدها بالكسكسي المزين باللحم ومرق "الكابويا" الذي يعشقه سكان الوادي.


سعيد خيراني مدير السياحة والصناعات التقليدية للوادي: استقبلنا 1000 أجنبي و5000 جزائري خلال هذا الموسم

أكد السيد سعيد خيراني، مدير السياحة والصناعات التقليدية بالوادي، أن الولاية استفادت من مشاريع سياحية كثيرة، منها ما دخل الاستغلال وتسعة منها ستنطلق قريبا، وهي في الشق المتعلق بإجراءات رخص البناء بطاقة استيعاب قدرها 1400 سرير، تغطي نسبة 70 بالمائة شهريا. كما عرفت المنطقة دخول 1000 سائح أجنبي و5 آلاف جزائري خلال الفترة الممتدة من أكتوبر 2017 إلى فيفري 2018.

أضاف مدير السياحة أن المشاريع التسعة في إجراءات رخص البناء ستنطلق قريبا، كما ذكّر بالمشاريع الثلاثة التي دخلت حيز الخدمة خلال السنة الفارطة،   ومشروعان سيدخلان الاستغلال قريبا بالنسبة للخواص. مشيرا في نفس الوقت إلى وجود حركة سياحية مقبولة، في ظل تشجيع وكالات السفر على بيع المنتوج الصحراوي الذي يمكن المنافسة به بقوة نظرا لخصائص الصحراء الجزائرية،   مؤكدا أن الولاية قدمت كل المساعدات للمستثمرين، والدليل زخم المشاريع.  موضحا إلى أن المستثمرين التمسوا مساعدة السلطات، كما أن قطاع السياحة مربح، منوها في نفس الوقت بالاستثمار الكبير لـ«الغزال الذهبي" الذي يستقطب السياح.

أشار السيد خيري إلى استقبال الوادي مؤخرا لفرق من 21 شخصا من هونغ كونغ، قاموا بجولة سياحية قادتهم إلى وادي سوف ورقلة إلى جانت، ثم عادوا إلى الوادي.

أشاد السيد خيري بتعليمة الوالي المتضمنة شروط تنظيم المراقد من حيث النظافة وتسهيل المبيت واستقطاب الأشخاص، خاصة الشباب، عددها 700 سرير ستقدم خدمات بأقل تكلفة للأشخاص.

أشار السيد خيري إلى أن فتح الخط الجوي من الوادي إلى باريس، ومنها إلى وهران، زاد من الحركة في المنطقة، علاوة على استفادة الولاية من رحلات يومية نحو العاصمة، وتضاعف في بعض الأحيان، متمنيا فتح خطوط محلية ودولية جديدة لتسهيل زيارة الولاية من داخل وخارج الوطن، لتصبح وجهة سياحية بامتياز .

قال السيد خيري للمستثمرين؛ "مرحبا بكم، أبواب الإدارة مفتوحة والجزائريون يرغبون في التعرف على بلادهم. كما أن السوفي نشيط والهياكل موجودة وستحقق الاكتفاء، كما ستكون هناك منافسة في السعر والخدمات".


محمود محمد العيد رئيس الديوان السياحي لقمار: متحف قمار للفنون ذاكرة المنطقة

يعد متحف الوادي من المعالم الثقافية والتاريخية التي يعرض فيها الموروث الثقافي والتقاليد في أبهى صورها، وقد صنف كأصغر متحف في العالم، يضم بين أركانه كل تفاصيل البيت السوفي من بئر و«خابية" و«صوابين"، علاوة على جوازات سفر قديمة من عهد المستعمر صدرت سنة 1873، وشهادات لفنانين من المنطقة، منها شهادات "عمر قاقا" مزين قبة قصر الشعب والبريد المركزي، حيث أكد السيد محمود محمد العيد، رئيس الديوان السياحي لقمار، أنه ذاكرة المنطقة ومستقطب السياح.

يكتنز المتحف المكون من ثلاثة أجنحة، كما معتبرا من المعروضات التي تعكس الحياة التقليدية بمنطقة الوادي، بداية من الباب الخشبي الكبير، إلى التحف المنزلية وما تحتاجه ربه البيت من أوان فخارية وأخرى مصنوعة من السعف وجريد النخيل، إلى جانب زينة المرأة السوفية الفضية المكون من القلائد والخلخال والخواتم، وكذا المصابيح والولاعات القديمة وأدوات القياس المستعملة في المنطقة قديما.

أشار السيد محمود محمد العيد، رئيس الديوان السياحي لقمار، في معرض حديثه، إلى أن المتحف يضم نماذج تقليدية، على غرار الخابية الموجودة في البيوت السوفية القديمة لحفظ التمور، والتي يمكن أن تبقى لحولين. مضيفا أنه  بعد سنين يصبح اسمه "القبوري"، أي القديم أو بمعنى التمر الفاسد بالفرنسية  "دات بوري"، وفي كل بيت يوجد "السباط" الذي تنسج فيه المرأة منتوجاتها، وفيه ما يسمى بالصوابين، مضيفا أن كل البيوت كانت تحوي أبارا تستخرج منها المياه، كما تستعمل لحفظ لحم الأضحية التي تعلق داخلها على بعد 60 سم  عن الماء لحفظها من القطط أيضا.

أضاف السيد العيد أن المتحف يحفظ أيضا الذاكرة الثورية، ففيه أسماء وشهادات لمجاهدين، إلى جانب العلماء، وكذا شهادات ابن المنطقة الفنان قاقا عمر الذي نحت قبة البريد المركزي وقصر الشعب. مشيرا إلى أن المتحف يعد نقطة ارتكاز سياحية بالولاية لأنه مقصد الزوار الأجانب والمحليين. 


المقاول مسعود كروش لـ"المساء": لدينا مشاريع تزحلق على الرمال ومخيمات "سفاري"

أكد المقاول مسعود كروش، ابن مدينة وادي سوف، أنه بصدد دراسة مشروع ترفيهي يتمثل في التزحلق على الرمال، إلى جانب مشاريع أخرى تتمثل في قرية سياحية سوفية لتعريف الأجانب بخاصية المنطقة.

أكد السيد كروش أن لعبة التزحلق على الرمال هي المفضلة عند السوفيين حين نزول المطر، وقد كبر عليها الكثيرون من أبناء المنطقة ويجدون فيها متعة كبيرة، وهو ما جعل المقاول الشاب يفكر في إنعاش هذه الرياضة وتطويرها للمنافسات الدولية. وعن هذا المشروع قال لـ”المساء"؛ "التزحلق على الرمال  رياضة للأبدان وترويج سياحي للمنطقة، تمارس في كل من بشار وتميمون، وبما  أن الوادي تزخر بالكثير من المساحات الرملية، على غرار حاسي خليفة ومنطقة القداش، فنحن بصدد دراسة المشروع الذي سيسلم للوالي". فيما يخص تفاصيل المشروع، قال: "بعد اختيار المنطقة، سأقوم بزيادة ارتفاع الكثبان الرملية، لأن الموجود منها في المنطقة غير مرتفع، مثل بشار، هذا الأمر ليس بالصعب ما دمت أعمل في عالم المقاولاتية، سيكون هذا ضمن المخيم الكبير الذي سننجزه في قلب الصحراء، حيث يمكن التزحلق على مستواه بالأرجل أو عن طريق السيارات رباعية الدفع. كما يتضمن المشروع بركة مائية اصطناعية لإكمال المتعة، إذ يمكن لهذا المشروع احتواء 2000 سائح".

أشار السيد كروش إلى أن بلدية النخلة في الوادي نظمت مؤخرا "سفاري" في قلب صحراء وادي سوف لصالح أزيد من 40 شابا من ولايات الوطن، بحضور مصالح الأمن والحماية المدنية، حيث دخلوا أعماق الصحراء واستفادوا من سهرات قمرية، ألعاب شعبية، تزحلق على الرمال وطرب وغناء فلكلوري، إلى جانب تناول الأكلات الشعبية المشهورة في المنطقة، على غرار "البسبوسة" و«الملة".

أكد السيد كروش أنه بصدد التحضير لتأسيس جمعية محلية تعنى بالحفاظ على النمط المعماري السوفي الأصيل الذي يتميز بالقباب والأقواس، والتي ستجوب المدارس والجامعات والأحياء بهدف تعريف الناس بكنز المنطقة المعماري الفريد، الذي يستوجب الحفاظ عليه لأنه إرث الأجداد.

من جهة أخرى، أكد السيد كروش أن أجندة مشاريعه تحمل أيضا قرية سياحية سوفية بالغوط، سيتم فيها استقبال من يود التعرف على المنطقة، إذ سيجد فيها  السائح إجابات لكل الأسئلة. كما سيقدم فيها الأكل التقليدي الخاص بالمنطقة.