طباعة هذه الصفحة

انطباعات مواطنين ومختصين حول تمديد الحجر المنزلي

القرار مرتبط بمدى وعي الأفراد والتزامهم بالوقاية

القرار مرتبط بمدى وعي الأفراد والتزامهم بالوقاية
تمديد الحجر المنزلي
  • القراءات: 1544
استطلاع: رشيد كعبوب استطلاع: رشيد كعبوب

استبشر القائمون على قطاع الصحة، بالقرارات التي اتخذتها الدولة بشأن تمديد فترة الحجر المنزلي إلى نهاية الشهر الحالي، لاعتبارات  تراها منطقية وموضوعية، تتماشى ومدى وعي الناس والتزامهم بالقواعد الصحية في التعامل مع الوباء، لكن من جهة أخرى، يَعتبر بعض المواطنين، لاسيما التجار منهم، قرار التمديد استمرارا للضائقة المالية، والمشاكل الاجتماعية والنفسية المترتبة عن ذلك.

أكد مختصون في الشأن الصحي، أن الحكومة كانت صائبة في قرار تمديد فترة الحجر الصحي، إلى نهاية الشهر الحالي، لأن تصرفات وسلوكات المواطنين لم تتغير نحو الأحسن، وليست بالشكل المريح، الذي يضمن السماح برفع الحجر نهائيا وفتح المحلات التجارية.

الخروق وراء التمديد

يذكر من يرحبون بقرار التمديد، أن الدليل على ذلك هو ما حدث قبل أسبوعين، حينما سُمِح بممارسة بعض النشاطات التجارية، حيث تم تسجيل عدة تجاوزات وخروق، كانت نتيجتها ارتفاع عدد الإصابات بوباء ”كورونا”، وفي هذا السياق، قال مدير الوقاية بمديرية الصحة لولاية الجزائر، الدكتور بوجمعة آيت أوراس ”الحمد لله أن الدولة استجابت لمطالب القائمين على الصحة، واللجنة العلمية التي رجحت مواصلة الحجر المنزلي، لأنهم هم من يعرفون حقيقة انتشار المرض، وهم من يتعاملون مع الحالات المصابة”، مستطردا بالقول ”كنا نخشى أن ترجح السلطات العليا مطلب المجتمع برفع الحجر، والعودة إلى الحياة العادية، لأن ذلك كان سيعيد الأمور إلى نقطة الصفر”، مشيرا إلى أن رفع الحجر من عدمه مرتبط أولا بالنتائج المسجلة في الميدان، وما يترتب عن سلوكات المواطنين.

التمديد وقاية ورفعه في الوقت الحالي مغامرة

أما البروفيسور نورالدين اسماعيل، رئيس قسم الطب الوقائي وعلم الأوبئة بمستشفى ”مصطفى باشا”، فذكر لـ"المساء”، أن قرار تمديد فترة الحجر المنزلي وقاية كبيرة للأشخاص، ورفعه استجابة لمطالب الناس، يعد مغامرة غير محمودة العواقب، وأنه لو قررت السلطات العمومية رفع الحجر الصحي كليا، فإن ذلك سيجعل الناس يخرجون بكثرة ليلا نهار، لاسيما في شهر رمضان، وذلك مدعاة إلى نشر الوباء بنسبة كبيرة.

قال محدثنا، إن وضعية الوباء التي تظهر أنها مستقرة، تحققت بالحجر المنزلي، والتكفل الصحي من طرف الدولة، ومن خلال تعدد فروع معهد ”باستور” في مختلف مناطق الوطن، يضاف إليها التحاليل التي تقوم بها المستشفيات، والتي سمحت باكتشاف العديد من الحالات، وهو ما يفسر ارتفاع العدد المسجل هذه الأيام، ويوضح البروفيسور نورالدين أيضا، أن نسبة الوفيات التي باتت منخفضة مقارنة بعدد الإصابات، يعكس النسبة الحقيقية التي كانت تظهر أنها مرتفعة في البداية، لكن في الحقيقة، الأمر يتعلق بحجم التحاليل التي يتم إجراؤها، مشيرا إلى أن الجزائر تخلصت من كارثة صحية، كالتي حدثت في الدول الأوروبية، مثل إيطاليا، إسبانيا، فرنسا، ألمانيا، إنجلترا، والولايات المتحدة التي دفعت فاتورة ضخمة.

اقتراحات بتطبيق حجر شامل

كما أفاد مدير مستشفى بني مسوس، أحمد بوفاسة، أن تمديد الحجر طبيعي جدا، بل كان الأجدر أن تطبق الدولة حجرا شاملا لمدة أسبوعين، لتقضي بموجبه على هذا الفيروس القاتل، مثلما لجأت إليه بعض الدول، ومنها تونس الشقيقة، التي نجحت في خفض خطر الوباء، حيث نزل عدد الإصابات إلى صفر حالة، مشيرا إلى أن الحالات المسجلة عندنا لا زالت مرتفعة، حيث لا زالت التحاليل والاختبارات تكشف يوميا عشرات الحالات الجديدة، وفي رأي محدثنا، فإنه لولا الجهود المبذولة على مستوى المستشفيات والمخابر، وعمليات التحسيس في إجراء الحجر المفروض، لكانت النتائج كارثية، مثلما تم تسجيله في العديد من الدول التي تأخرت في فرض الإجراءات الوقائية.

مواطنون وتجار يشتكون

في المقابل، لم يخف بعض المواطنين قلقهم من وضعية الحجر التي طالت مدتها، حسبهم، وأثرت على عدة جوانب في حياة الناس، منها المالية، الاجتماعية والنفسية، ويذكر البعض ممن توقف نشاطهم التجاري بالخصوص، أنهم وقعوا في ورطة مالية غير مسبوقة، لم يجدوا إزاءها أي بصيص للحل.

يؤكد من سألتهم ”المساء” عن انطباعهم في إعادة تمديد فترة الحجر،  أنه رغم أهميته من الناحية الصحية، إلا أن آثاره الأخرى كان لها وقع كبير على حياة الناس الذين تعقدت أوضاعهم، وانقطعت أرزاقهم، ووضعتهم هذه الأزمة العالمية على المحك.

وما زاد في قلق بعض من لا يرحبون بتمديد الحجر الصحي، عدم وضوح الرؤية الصحية، ومعرفة وقت انتهاء هذه الأزمة، مما أخلط الأوراق.

أبدى مواطنون قلقهم من استمرار ”النكبة” الصحية والاقتصادية، التي أثبتت هشاشة التجارة التقليدية، واقتصاد الريع، حسب ما أكده أحد الأساتذة المتقاعدين، معتبرا أنه لولا راتب معاشه لكانت وضعيته الاجتماعية أكثر تعقيدا، مشيرا إلى أن الملايين من المواطنين فقدوا مناصب عملهم، ونشاطاتهم التجارية، وصاروا في قائمة المعوزين الذين ينتظرون منحة المليون التي لا تكفي وتغني من جوع.