المجاهد عبد الدائم عبد الدائم لـ»المساء»:

القاسمية معقل الدين وقلعة للثورة والنضال

القاسمية معقل الدين وقلعة للثورة والنضال
  • القراءات: 1431
 نسيمة زيداني نسيمة زيداني

الضابط المجاهد عبد الدائم عبد الدائم، من الأوائل الذين التحقوا بالثورة، كمسبل من 1956 إلى غاية سنة 1958، حيث انضم إلى صفوف جيش التحرير الوطني، إثر إعدام والده بطريق الجلفة، بعدما ألقي عليه القبض من قبل الخائن «بلونيس» الذي كان عميلا لفرنسا، التقته يومية «المساء» ببلدية الهامل في بوسعادة، بمركب المجاهد الذي أسسه، ووعدنا بحوار في العاصمة، فكان حديثا عن أحداث تاريخية وسياسية وحتى اقتصادية ، وساهم السيد عبد الدايم بالكثير في سبيل الحفاظ على مقومات الهامل وإرثها الكبير، جمع رفات ستين شهيدا من أبنائها، كانوا موزعين على مستوى ولايات الوطن، وشيد «روضة الشهيد» على نفقته الخاصة. لم يبخل أيضا في بناء مركب المجاهد الذي يعد المتحف الأول من نوعه في الوطن ككل، جمع فيه وثائق رسمية لجيش التحرير إبان الثورة، إضافة إلى رسائل من قادة المقاومات الشعبية، على غرار المقراني، الأمير عبد القادر، الحواس وغيرهم من الأبطال.

من هو عبد الدائم عبد الدائم؟

الضابط المجاهد عبد الدائم عبد الدائم من مواليد دائرة بوسعادة ولاية المسيلة، نلت شهادة الابتدائية سنة 1935 بالفرنسية، أكملت تعليمي بعدها لمدة عامين، إلى حين تعمد الاستعمار حرمان الجزائريين من التعليم والتعلم، عدا أبناء اليهود والفرنسيين وقتها.

والدي كان «خديم»، أو كما يقال آنذاك «وكيلا» بزاوية الهامل، وبعد إعدامه صعدت إلى الجبل في 04 ماي 1958 وبالضبط بالمنطقة التاسعة للولاية الخامسة، التي كان يقودها عبد الحفيظ بوصوف والرئيس المرحوم هواري بومدين، إلى جانب الضابط عمر إدريس، ليبدأ الكفاح المسلح.

ألقي عليّ القبض في الستينات في ناحية الجلفة، وكنت مجروحا وحكم علي بالإعدام مرتين في سنتي 1960 و1961، حيث تمكنت من الفرار من السجن بمساعدة الحارس، والتحقت بجبال الشريعة المنطقة الرابعة الولاية الثانية، وتم تعييني ملازما ثانيا ومسؤولا للمنطقة الثانية الولاية الرابعة إلى غاية الاستقلال.

ماذا عن مسيرتكم السياسية؟

بعد الاستقلال، التحقت بحزب جبهة التحرير الوطني، وبالضبط  في أكتوبر 1962، كنت مسؤولا عن الدائرة بقصر البخاري، ثم المدية، بوسعادة وسور الغزلان، وكلها استمرت لمدة عامين، وانتخبت أيضا في نفس السنة عضوا في المجلس الشعبي الوطني، ولم أتعد يومها 26 سنة واستمر ذلك إلى غاية أواخر سنة 1967، لأخوض بعدها غمار الحياة العملية، خاصة مع صدور قرار الرئيس الراحل هواري بومدين، المتمثل في منح قروض بنكية لضباط جيش التحرير، وقدر القرض وقتها بـ40 مليون، وبالفعل استفدت من هذا القرار، على غرار الضابط عمر رمضان، وهو الآن عضو بمجلس الأمة، والمرحوم إبراهيم الشاذلي، حيث اشتغلنا معا في البداية قبل أن يؤسس كل واحد منا عمله الخاص، كل حسب إمكانياته؟

كيف ترون مستقبل الشباب الجزائري وهل من كلمة موجهة لهم؟

حقيقة، شبابنا كغيرهم من شباب العالم، أثرت فيهم التكنولوجيا والأنترنت، لم نعد قادرين اليوم ـ لاسيما بعد التيارات الجديدة ـ التحكم فيهم، والإسلام وحده فقط كفيل بإرجاعهم إلى جادة الصواب، والإسلام وحده كفيل بتغيير ذهنياتهم. كما استطاع إبان الثورة توحيد كلمة الشعب والمسؤولين لهدف واحد، وللمساجد  مسؤولية كبيرة ودور أكبر، وأنا لا أتحدث عن الإسلام المتطرف والطوائف الدينية التي ظهرت مؤخرا، وتعد دخيلة على إسلامنا، دون أن أنسي أيضا دور الزوايا في الناحية الاجتماعية والدينية، وكيف بامكانها أن تحافظ على مقومات الشعب ومحاربة من يحاول المساس بسيادة الوطن.

تعتبرون من بين مؤسسي مركب «المجاهد بالهامل»، كيف ترون الدور الذي تقوم به؟

للأسف، الزاوية القاسمية معقل الدين وقلعة من قلاع الثورة والنضال، مع ذلك لم تتلق أي دعم من قبل الدولة، على غرار الزوايا الأخرى، رغم أن شيخ الزاوية عبد الخليل القاسمي عضو بالمجلس الإسلامي الأعلى، وعينه رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفيلقة مؤخرا، عضوا بمجلس حقوق الإنسان. فالزوايا كانت تعلب دورا دينيا واجتماعيا وحتى سياسيا، وزاوية الهامل لازالت تعمل بتلك المفاهيم إلى غاية الساعة، لكن هناك زوايا أخرى انتشر بسببها المفهوم الخاطئ عن الزوايا، بأنها تمارس طقوسا للشعوذة وأخرى كانت عميلة ومدعمة للاستعمار الفرنسي. كما أن هناك من يحاولون تشويه صورتها وطمس اللغة العربية، وهناك من يرغبون في عودة فرنسا، لأنها لم تهضم يوما فكرة «استقلال الجزائر».

فمنذ 05 سنوات، نظمت زاوية الهامل ندوة وطنية تحت عنوان؛ «دور الزوايا في الثورة»، حضر يومها سعيد عبادو، العقيد حسان ورئيس الحكومة الأسبق، حمروش، كلهم أشادوا بدور زاوية الهامل عندما كان يصعب على الجنود التنقل بحرية في جبال بوسعادة والجلفة أثناء الاستعمار.

كيف تنظرون إلى مستقبل الجزائر؟

قبل كل شيء، لا أوافق الدولة على الدعم الكلي الذي تمارسه  وتوزيع الأموال، لأن هذه القرارات شجعت على زرع روح الكسل، والدعم ـ للأسف ـ يحتاج إلى أموال كثيرة، مما جعلنا نقع في أزمة اقتصادية، كما أننا نعول في اقتصادنا على المحروقات دون غيرها، رغم ذلك، أنا متفائل بتحسن الأمور في المستقبل القريب، وعندي ثقة كبيرة في الشعب. فكما نهض بسيادته، سينهض مجددا باقتصاده،  والسياسة المنتهجة اليوم أراها فرصة جديدة للانطلاق نحو الرقي والازدهار.

 

 نسيمة زيداني